الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


30 يناير اغتيال - غاندى - : الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو لم يؤمن بها أحد

منى نوال حلمى

2023 / 1 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


-----------------------------------------------------------------------------------------

الكتابة عنه تحملنى الى آفاق ، تدهشنى ، تحيرنى ، وأتشكك هل مثل هذا الرجل
" الغريب " ، " العجيب " حقا مشى على هذه الأرض ، وتنفس هواءها مثلنا ؟؟.
ولماذا لا يكون غريبا ، وعجيبا ، وقد جاء من أرض الغرائب والعجائب والسِحر ، والمتناقضات ، والحكمة ، وعبق التاريخ ؟؟.
هو المهاتما " غاندى " 2 أكتوبر 1869 - 30 يناير 1948 ، الأب الروحى للهند ،
وزعيم " الساتياجراها " فلسفة الوصول الى الحق دون عنف .
الرجل الذى عاش ضد القتل باسم الآلهة ، يقتله هندوسى متعصب ، من أنصار القومية الهندوسية ، اسمه " ناتهورام غودسى " ، فى حديقة " بيت بيرلا " ، ظهر يوم 30 يناير 1948 وهو يصلى مع الحشود .
لم يعش " غاندى " ، ليرى ثمرة كفاحه ، المؤسس على المقاومة السلمية ، والعصيان المدنى ، ويكون شاهد عيان على وطنه " الهند " الذى أصر على النهضة والتقدم و دستور علمانى يوحد 500 مليون شخصا ، ينتمون الى عدد كبير من الديانات والأعراق والجنسيات والطوائف والمذاهب .
ألهمنى " غاندى " الحكمة والقدرة على تحويل العدو الى صديق . وكيف تكون روح المرح والسخرية سلاحا ضد الهزيمة أو اليأس . علمنى بساطة العيش ، وكراهية المظاهر المزخرفة الفاسدة .
آمنت بما آمن به " غاندى " ، أن الحقيقة تبقى حقيقة ، حتى ولو لم يرها أحد . والخطأ خطأ حتى لو اعتنقه الجميع . يعاودنى الأمل حين أتذكر مقولته : فى البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر " . كان يرتدى ما يعرى جسده أكثر مما يخفيه ، وحين سئل لماذا وهو من أسرة ميسورة ، قال : " أنا أمثل أمة من العراة والجائعين ، و لا أجرؤ على القاء خطبة عن الفقر وأنا أعيش حياة الأثرياء ... واذا أراد الله أن يؤمن به الناس فى الهند ، فعليه أن يظهر كرغيف من الخبز ".
أدرك " غاندى " ، أن بداية تحرير الهند ، هى تحرير الهنود أنفسهم ،من التفرقة الدينية، والطائفية المتعصبة.
ان الهندوكية ، تقسم المجتمع الهندى إلى نظام من الطوائف . على القمة طائفة "البراهما " هى الطبقة العليا ، لأنها تمثل اله الخلق والكون ، ويكونها القائمون على الدين والفكر. فى القاع طائفة " التشودرا "، حيث أصحاب المهن اليدوية المختلفة، وأصحاب الحرف العديدة . من طائفة القاع ، نشأت فئة «المنبوذين» ،التى تقوم ب أحط الأعمال .
ولا تزاوج ، بين طائفتين مختلفتين ، ولا يحق لانسان تغيير طائفته الى أن يموت . قام
" غاندى " بتزويج اثنين من طائفتين مختلفتين ، بل من أبعد الطوائف ، طائفة البراهما ، وطائفة التشودرا ، فى أول سابقة تاريخية ، وأطلق على " المنبوذين " اسم " هاريجان " أى أطفال الله.
فى 12 مارس 1930 ، بدأت مسيرة الملح الشهيرة . خرج «غاندى» من مدينته أحمد أباد، فى ولاية غوجارت ،سائراً على القدمين ،إلى قرية داندى، فى مقاطعة سوارت . بدأ السير مع تسعة وسبعين من أتباعه. وحين وصل إلى محيط العرب فى سوارت ، كان قد مشى يوماً كاملاً ،قاطعاً خمسمائة كيلو متر.وعلى طول الطريق، تحول الجمع الصغير المؤمن بالعصيان المدنى ،إلى الآلاف من الهنود فى المدن وفى القرى ، احتجاجاً ضد احتكار الانجليز الملح ، وفرض ضرائب باهظة على تداوله .
أدرك " غاندى " ، أن الاستقلال السياسى لن يتحقق ، طالما أن الهند تصدر انتاجها الزراعى كمادة خام ، ثم تشترى المنتجات الانجليزية الجاهزة . ولهذا دعا الهنود الى احياء الصناعات القديمة ، والحرف اليدوية التقليدية ، والعودة الى النول اليدوى ، والامتناع عن شراء الأقمشة الانجليزية .
وقعت الامبراطورية العريقة العتيدة ، ماذا تفعل مع ملايين الهنود ، الذين يحتشدون دون عنف ، يسلمون أنفسهم للسجن والتعذيب دون مقاومة ، ولا يشترون البضاعة الانجليزية ؟.
وفى 15 أغسطس 1947 ، نالت الهند استقلالها ، بفضل رجل آمن باللاعنف ، والتف حول وطنه ، لا حول السُلطة . وكل عام يحتفل الهنود بيوم اغتيال " الأب والروح العظيمة "،
ويعلنون التمسك بمبادئه النبيلة . وفى العام الماضى ، أقيمت جدارية له فى مدينة أحمد أباد .
يرتفع تمثال " غاندى " شامخا ، مترفعا ، فى ميدان البرلمان ، فى لندن ، عقر دار الامبراطورية التى اعتقلت " غاندى " أكثر من مرة ، و كانت جيوشها ، يقتلون الهنود العُزل المسالمين ، بالرصاص والعصا والكرابيج ، وهم متفاخرون بخيولهم وسطوتهم ؟؟.
هنيئا لأم " غاندى " السيدة " بتليباى " ، التى أنجبت للبشرية رجلا استثنائيا ، أصبح يوم ميلاده عطلة وطنية فى بلده ، واليوم العالمى لنبذ العنف . تُرى هل أدركت بقلب الأم أنها تحمل فى أحشائها ، جنينا هو خطر النبؤة والثورة ، ستغيران شكل الوطن والعالم ؟؟.
انهن الأمهات ، المنسيات دائما ، بفضلهن يستمر عطاء نهر الحياة ، متدفقا الى الأبد .
" غاندى " له مقولات كثيرة فى كل قضايا الحياة . أكثرها تأثيرا فى نفسى هى : " يمكنهم
أن يعتقلونى ، ويعذبونى ويدقون عظامى حتى الموت . لكن حينئذ سيحصلون على جسدى الميت ، لا طاعتى وخنوعى ".
شاهدت فيلم " غاندى " التحفة السينمائية المبهرة ، أكثر من مرة ، بطولة " بن كينغسلى " ، وأخرجه " ريتشارد أتنبره " واستحق عن جدارة 8 جوائز أوسكار ، منها أفضل ممثل وأفضل مخرج وأفضل فيلم . وهو مستوحى من قصة وتجارب " غاندى " هو شخصيا منْ قام بكتابتها وتأريخها .
غابت الشمس عن الامبراطورية التى لم تكن تغيب عنها الشمس . ولكنها لم ولن تغيب عن حياة ونضال وفلسفة ، رجل من أعظم الشخصيات التى مشت على تراب كوكب الأرض .

ختامه شِعر
------------
قبل ارتدائى الكفن ليس مقاسى
قبل رحيلى المفاجئ غير المبرر
عدينى يا حبيبة عمرى الضائع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المجد والخلود لذكرك يا غاندي
سمير أل طوق البحراني ( 2023 / 1 / 31 - 04:45 )
العظماء لا يموتون وان ماتوا فيسولوجيا فموتهم يكون ذهابا الى حياة اخرى وهي حياة لا موت فيها وهي ( الذكر المخلد).المجد والخلود له ولجميع من خدموا البشرية.

شكرا لك على هذه الاطلالة.

اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا