الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو ثقافة عربية شرق أوسطية جديدة

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2023 / 1 / 31
العولمة وتطورات العالم المعاصر


أحد أشهر تعريفات الثقافة أنها خصائص ومعرفة مجموعة معينة من الناس ، وبذلك فالثقافة تشمل الدين وطقوسه واللغة وطريقة تناولها والطعام وكيفية طبخه وأكله والملابس وطريقة ارتدائها والزواج وقواعده بالإضافة إلى الفنون والموسيقى التى هى أصل مفهوم الثقافة لدى الكثير من الناس ، وبالطبع ستختلف الثقافة باختلاف المجتمعات والدول حول العالم ببعد مكانى وتختلف أيضا عبر العصور ببعد زمانى.
ومنذ مطلع التسعينيات بدأت تنتبه العديد من دول شرق آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين ومعهم الهند إلى أن تيار العولمة الحديثة المتمثل فى الانترنت والفضائيات بدأ يجرف العالم نحو الثقافة الغربية لتكون هى النموذج الذى يحتذى به لكل العالم وترغب الولايات المتحدة ومعها الدول الأوروبية فى أن يكون هو النموذج العالمى ، ومع هذا الانتباه بدأت تلك الدول تتبنى ثقافة جديدة نابعة من أصول محلية يمكن تقديمها عالميا لتقابل النموذج الغربى ، وبدا ذلك واضحا فى الفنون مثل السينما والتليفزيون والمسرح وأفلام الرسوم المتحركة ( الأنيميشن) ثم الموسيقى والأغانى والاستعراضات بل وتطور الأمر إلى تقديم الأدب والشعر مثل شعر الهايكو اليابانى إلى العالم إلى أن تفوقت السينما الهندية ثم اليابانية والكورية والصينية ونجحت فى غزو دول العالم بعيدا عن أعين الأوسكار الغربى ومهرجانات الغرب.
وللأسف لم تستطع منطقة الشرق الأوسط مجاراة تلك التغيرات لأسباب يصعب ذكرها ولكنها تتمحور حول حالة إنسداد ثقافى لم يواكب عصر " ثقافة العولمة" و " عولمة الثقافة" برغم وجود أدوات ثقافية مميزة مثل التى تتوفر فى الهند ودول شرق آسيا لدى بعض الدول مثل مصر وإيران والعراق وسوريا ولبنان وتونس والمغرب.
إن تراث الشرق الأوسط - التراث العربى والفارسى بصفة خاصة- أثرت فيه أديان اليهودية والمسيحية والإسلام ومذاهبهم ليقدم عبر أكثر من ألفيتين من الزمان تراثا تبنته نصف الإنسانية الحالية ، ولكن هذا التراث العميق لم يستطع مجاراة عصر العولمة كما فعل قديما حين اجتاحت المسيحية أوروبا واجتاح الإسلام منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية وشمال أفريقيا فغير ثقافة دول العالم القديم فى غرب آسيا وأوروبا وأفريقيا .
نحن كأمة عربية وأمم شرق أوسطية نمتلك بالفعل ثقافات يمكن أن تظهرها للعالم فيها كل أبعاد الثقافة المعروفة من مذاهب وعقائد متنوعة بطريقة فريدة ومن طرق عجيبة للأكل والشرب وطبيعة أعجب للمأكولات والمشروبات وحتى الملابس وطرق التجميل الطبيعية وقواعد الزواج والأفراح والأعياد التى تتفق مع الفطرة السليمة ، ناهيك عن ميزة عالمية بالفعل فى الموسيقى والأدب والشعر والقصة بدأت من التأثر بالثقافة الهندية مع كتاب كليلة ودمنة وترجمته الفارسية والعربية ثم التأثر الشديد بالثقافات الفارسية والعراقية والشامية والمصرية وحتى الأمازيغية والأفريقية عبر العصور لتظهر فى العديد من الكتابات والفنون التى انتشرت منذ القرن الأول الهجرى وحتى عصر النهضة الأوروبية الحديثة .
نحن نحتاج فقط إلى سياسة ثقافية جديدة لها خلفية تكنولوجية يمكن أن تساعد وتساهم فى نشر الثقافة العربية الشرق أوسطية لباقى العالم لنتحول من طريق المتلقى فقط إلى طريق ذى اتجاهين لانتشار الثقافة بحيث نتأثر بثقافات العالم ونؤثر أيضا فى العالم بثقافتنا الموجودة بالفعل ولكنها تحتاج إلى من يكسوها بثوب تكنولوجى زاهى جديد كما فعلت اليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند.
نحن نحتاج إلى ثقافة عربية شرق أوسطية جديدة مدعومة بالتكنولوجيا والعلم والإبداع وهى ليست ببعيدة عن أيدينا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى التى تفتح الباب لكل الثقافات دون تمييز تقريبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قبل التكنولوجيا هناك حاجة لبلورة وتحرير ثقافتنا
د. لبيب سلطان ( 2023 / 1 / 31 - 05:35 )
استاذنا الفاضل
الثقافة هي مرآة المجتمع بعين وعقل منتجي الاعمال الثقافية و مجتمعاتنا غنية بثقافاتها وتراثها وتقاليدها وهي قادرة على اغناء الثقافة العالمية، وبهذه النقطة اتفق معكم، ولكنها كي تكون قادرة على ذلك لابد ان تحل مشاكلها الداخلية وأولها التخلص من التعصب والتأدلج المتغرب بالمقولة الاقتصادية او القومية او السلفي بالمقولة الدينية ، أي اللتخلص من المصطنع المؤدلج والتوجه الى العقل الوطني المتحرر الذي يمكن الابداع من اكتشاف القيم والمفاهيم والتقاليد الحياتية الثمينة التي تثري مجتمعاتنا وتعمل على توحيد انتمائها واغناء وبناء التالف الاجتماعي المشترك داخل وبين شعوبنا الشرقاوسطية .. وهي قضية اجتماعية لابد من مجتمعاتنا من حلها بروح وطنية تعلو
على الايديولوجيات كي تستطيع من الانتقال الى اكتشاف الذات بعيدا عن الادلجة البناء على هذا الكم الهائل الغني لحضاراتنا وبالطبع دور التكنولوجيا سيكون هاما ولكنه سيكون اكثر عطاء لو حلت مجتمعاتنا قضية تحررها من التعصب والايديولوجيات ذات العين الواحدة
مع الشكر لمقالتكم


2 - ثقافتنا رجعية تحرم الفنون
منير كريم ( 2023 / 1 / 31 - 11:07 )
الاستاذ المحترم مجدي عبد الحميد السيد
ثقافتنا رجعية تحرم وتجرم الفنون ومعادية للمراة وحقوق الانسان والحرية والابداع
فكيف لنا ان نطور ثقافة خاصة بديلة للثقافة الغربية ؟
الفنون والثقافات في الهند وجنوب شرق اسيا ليست بديلا او نقيضا لثقافة الغرب وانما هي مكمل لثقافة الغرب
على اي حال ثقافة الغرب اصبحت ثقافة عالمية ومن لايندمج بهذه الثقافة يبقى في خانة التخلف والرجعية
شكرا


3 - نقطه هامه
على سالم ( 2023 / 1 / 31 - 21:55 )
الثقافه العروبيه بشكل عام بها عوار كبير وفاشله ولايمكن ابدا اصلاحها وتجديدها , انها ثقافه اسلاميه بدويه جامده انتشرت وتجذرت بين الشعوب الجاهله بفعل وراثه دين الاسلام واعراف الصحراء القاحله والعادات والتقليد الباليه ومن هنا يجب علينا التفكر ومراجعه موروثاتنا الدينيه


4 - الدين انحطاط وليس ثقافه وبالتاءكيد ليس العنصرالاول
المتابع ( 2023 / 1 / 31 - 23:34 )
في الثقافة الانسانية-الدين محاوله اوليه -قبل الاف السنين-من قبل الانسان-بعد ان ملاء معدته راح يحاول تفسير كينونته والطبيعة التي حوله-وهكذا توالت تلك-المحاولات التي سميت دينا وشريعة واخذت تترى الى ان انتهت في منطقتنا البائسه الشرق الاوسط الى الديانات الثلاث وللعلاقة القويه بين افكارها العتيقه سميت بالابراهيمية-الان وخصوصا منذ الانتصار شبه الكامل للانسان على الطبيعة-اي بداية القرن العشرين وتبلور الحضارة الانسانية العصرية الجديده وعاصمتها اوربا العربية واميركا الشمالية وبالصفة المميزة لها وهو استنادها الى العلم الصحيح والى الصناعه كاسلوب ديناميكي لاشباع حاجات البشر والدمقراطية كطريقة للتنظيم الاجتماعي في الدول وتجماعاتها وبين الناس-اقول منذ هذه اللحظة خصوصا يكف الدين-بصفته مجموعة من الخرافات والعفونات القديمه ان يكون شرعيا في حياة الناس والمجتمعات ويتطلب الامر بانهاء وجود الدين في حياة الناس بالعلم والثقافة والدمقراطية -تحياتي


5 - لسنا أمة عربية ، و لسنا منكم .
محمد بن زكري ( 2023 / 2 / 1 - 12:46 )
لسنا أمة عربية ، بل نحن شعوب عربفونية (ناطقة بالعربية) . وفي بلاد شمال أفريقيا (ليبيا ، تونس ، تزاير ، موراكوش) ، كل عناصر الثقافة - عدا لغة قبيلة قريش ودينها ، الذين فرضهما الاستعماريون السراسنة - تختلف عن نظيراتها في جزيرة العرب - وبوادي الشام والعراق - اختلافا تاما . فالعادات والتقاليد الاجتماعية (الشعبية) بما فيها الميراث الأمومي ، وأنواع وتقاليد الطعام (الكسكسي و الرشتا / مثلا) ، وتقاليد وطقوس الزواج ، وأنواع فنون الموسيقى والغناء ؛ ليس لها من صلة بالثقافة الشرق أوسطية . ويبلغ الاختلاف أقصى درجاته في اللباس ، فاللباس في بلاد شمال أفريقيا يختلف كليّاً عن لباس العرب ، سواء في أزياء النساء أم أزياء الرجال ؛ فالزي الشعبي - في ليبيا مثلا - يختلف في جميع عناصره ومكوناته عن الأزياء العربية ، والزي الرجالي الليبي شبيه - إلى حد التطابق - بأزياء شعوب البحر المتوسط . فنحن أقرب ثقافيا وجغرافيا إلى أوربا . ومع الاحتفاظ باللغة الأمازيغية ، فاللهجة الدارجة العربية ، في موراكوش مثلا ، لا يمكن لعربي أن يفهم منها شيئا نظرا لانطباع مفرداتها و بنيتها بطابع اللغة الأمازيغية . ودينكم هو سبب نكبتنا .

اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا