الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهد التهجير /26

حسام جاسم

2023 / 1 / 31
الادب والفن


كيف يمكن أن تتجزأ؟
تقسم ذاتك إلى ثلاث او اربع وربما عشر !!!

في الصداقة نفقد ذواتنا، نغامر بكل شيء وأن كان غير قابل للاستهتار والمقامرة.
تشعر حتى عند الخطأ بالرضا.
كل شيء يستقر عند الصداقة، فيحتاجها الإنسان قبل الحب وفي اثنائه وبعده.
لكن في الوقت نفسه تجد انك تفقد الكثير في ظل تلك الصداقة تفقد جزءًا من عقلك وجسدك وذاتك، كأنك دخلت إلى قاع البئر المظلم بإرادتك المنفردة الحرة وسعيدًا بذلك!!
قد يدفعنا الاحتياج او احساسنا بالاحتياج إلى ارتكاب اثم الصداقة.
تدخل شخصًا جديدًا إلى محيطك الحياتي، تتكشف أمامه كل الأمور ويرافقك وترافقه بلا عقد انتهاء الا بعد زيادة الوعي بأن الصداقة كأي شيء آخر من نتائج الاستهلاك.
الفرق بينهما هو الصدق والتشابه هو الاحتياج!!!
نحتاج السلع لأجل استهلاكها.
لكننا لا نحتاج السلع لأجل الصدق.
نحتاج الصدق لأجل الصداقة.
ونحتاج الصداقة لأجل الاحتياج.
فتكون النتيجة أن الصداقة تساوي الاستهلاك.

لا نصل لقمة الوعي سوى بالوحدة والاستغناء، تملك ذاتك بذاتك ولا تستهلك منها شيئا وان استهلكت جزءًا منها في صداقة ما أو علاقة ما، فستكون مجرد رفقة عابرة لا تدمرك معها ماديًا او معنويًا.
تمسك صولجان الحكم الذاتي وتضع الإله والحاكم والمفتي وراءك.
لا أحد يستعطفك او يذلك بشيء تحت مسميات قصوى تحدد شكل الحياة او الموت او الكون.
تنطلق بمفردك عابرًا معتبرًا، كيانًا منفردًا ذو جوهر واكتمال.

قد تكون فكرة الكمال قريبة من البشر بعد الاستغناء عن اي استهلاك واستعطاف ونبذ المسميات الخيالية التي خلقها الدماغ وكون حولها رادع ان لا تنكسر في المحيط الاجتماعي.

- حبيبي.....حبيبي....اين انت بعد غيابك الشمس غافية، للللووو ااااااااوووووه!!!

- ما هذه الاغاني المقرفة يا صهوهو الغرازيه؟

- مطرب الشعب سارق قلوب العذارى ومعذب النهدين (حرموس بن معروه).

- وهل تبدين كعذراء يا مطلقة؟

- الطلاق من الإله وليس مني فهو من كتبه على البشر ولكل امرأة وقتها القادم وسيتم طلاقها ان شاء الإله.

- الرد على التفاهة يؤذي الدماغ، متى ستساعديني في الطبخ؟

- بعد انتهاء الوصلة الغنائية لحرموس.

يحتاج الجسد احيانًا إلى التخريب أو إلى فعل عضلي يؤدي به إلى النشوة بدافع الخراب.
الخراب شيء صحي يجعلك لا تكتمل، ولا يمكن لك أن تكون شيئا قائمًا بذاتك، انه يذكرك دائما بالمصير المحتوم.
فالترتيب الرتيب الممل لم يعد يرضي أحداً في التهميش والعدم.
فكل شيء هنا ينطق بالخراب بدوافع تافهة او لمجرد رغبة عارمة لتحقيق الذات ووجودها خارج أسوار الإله والحاكم والمفتي لكنها بنفس النسق والتوقيت تتماشى مع الإله والحاكم والمفتي بل انها تدور في فلكهم وتطحن في رحاهم.
لكن الفرد لا يدرك ذلك عندما يفتعل فعل التخريب فكل ما يشعر به هو التنفس عبر الفعل والتعبير عن كبته بشيء من الحرية وان كانت غير مسؤولة او مجهولة النهاية!!!

تلجأ الطبقة المهمشة إلى تخريب الأراضي الزراعية واقتلاع الطين من جذور النباتات ردًا على الظلم والفساد الحكومي.
هذه الطريقة تجنب المواطنين من الاعتراض او الغضب، فالغضب هنا موجه نحو ساعات العمل الطويلة لأجل ثمن علبه طعام عفن او قطعة من الخبز اليابس وفي نفس الوقت يتم تفريغه بتخريب الأراضي الزراعية وتلويثها أو حتى حرقها دون أن يستدل على الفاعل!!!

اما الطبقة المتوسطة يكون الغضب فيها موجه نحو الزوجات يلطمها وتلطمه ويتقلبان بشكل دائري متشابك على الأرض إلى أن يضرب الباب رأسيهما وتنتهي المشاجرة.

وفيما يخص الطبقة العليا فأن الغضب لديها يكون موجه نحو الشعب فعندما يحدث التخاصم مع الزوجة أو أفراد الحاشية يقوم الحاكم بإصدار أوامر الحرب والقتال بين الطوائف، ويقوم المفتي بإصدار فتاوى الدمار والتشديد على النساء وتحركاتهن بل الحث على حبسهن وقتلهن، ويقوم الإله عند غضبه بإلقاء البصاق على وجه مريديه بشكل مطر او يخنقهم بعواصف الغبار ولكنهم يحسبونه الرضا والعطف والإحسان!!!!!

كيف يختفي وجودي دون أن اموت او اتخفى؟
أسير وانام واكل دون أن يشعر بي أحد!!
وكأنني سطرٌ ممحى فوق ورقة قديمة ممزعه.
هل يشعر المجتمع باختفائي؟
هل الشعور بالفقد هو من يحدد وجودنا؟
ان كان لا أحد يفتقد غيابك فما غاية وجودك؟
هل تشعر بوجودك بوجود الآخرين ام ان وجوديتك قائمة بذاتها؟
وان كنت موجودًا لأنك الوحيد الذي تشعر بوجودك دون أحد آخر غيرك، هل هذا يعني أن مشاعرك تخرج لتعود إليك، هلاوسك تخرج من دماغك لترجع إليه دون أن يستقبلها أحد.....لا أحد !!!
الكل بحاجة إلى الارتداد، شيئا ما يستجيب لك وتتفاعل معه وبه وله!!!!
وهل غياب وجودك من المجتمع سببه المجتمع ام تم تغييبك؟!!
هل هناك غياب إجباري وتغييب اختياري؟
ما فائدة كل شيء تفعله بمفردك، والصادم ان ما تفعله لا يؤثر على حياة الآخرين لا يبعث صدى في الحياة.
لأنك شبح، لعلهم يتخيلون الشبح يومًا ما في عقولهم.
هل انت الوحيد من وقع عليه ذلك ام هناك كثر دخلوا بتلك الدوامة من النسيان والتناسي، حاله من الركود، مستنقع من الضحالة بلا حدود!!!!
هل كل ما يحدث غير حقيقي؟
من يثبت انك مخفي لربما كل شيء من شعورك الداخلي ودماغك.....انها هلاوسك تقول لك ذلك فتصدقها.
هل انا مجنون فعلاً ام بوجودي معنى؟
وان لم يكن له معنى لا أهتم اريد فقط ان اتفاعل ويتفاعل معي شيئا ما لربما شجرة او حيوان صغير
مللت البشر لأنهم لم يستطيعوا مشاهدتي، عيونهم موجودة في المحاجر لكنها لا تبصرني، وبالمثل فعلت معهم تركتهم جميعًا وكما غيبت في وجودي قمت بتغييب وجودهم.
أصبحت باردًا ..... لا أهتم بشيء سوى النوم والاكل، عندما اجوع اتذكر أنني موجود وان جسدي ثابت على الأرض، لست هواءً ولست شبحا او خيالاً في دماغ أحدهم.
لم اصل لمرتبة الخيال في دماغ أحدهم ههههههه حتى الخيال أصبح له كينونة وجودية وانا لا!!!
لا اشعر بالفرح او الحزن على ذلك ....... أصبحت عاديًا، سائرًا في أرض التهميش والعدم بلا حدود.
الفائدة الوحيدة من ذلك التغييب هو الحرية المطلقة ان لا تضع اسسًا فلا سواك يسير عليها وبكامل ارادتك.
ما يقلقني هو الوحدة، ان تكون وحيدًا فهذا أمر مقلق لوجوديتك.
اين أعدائي ..... لا اعداء لي!!
فمن لا اعداء له مصيبته أعظم في هذه الحياة.
وجود الأعداء ضرورة لك في الحياة تدفعك نحو الإصرار والمقاومة.
يداعبك الاشتياق واللذة لكل شيء يخبرك انك موجود، حتى المشاكل والخراب والدمار ......ما دامت تضعك هنا ...... انا هنا........انا موجود.
فكل زوبعة تخبرهم بوجودك ستكون مفيدة لك.

-صهوهو.......صهوهو!!!!!!

- نعم.

- تنعمت عظامك يا بومه البرك.

- وهل تعيش البومه في البركة؟!!!

- هل تم إكمال الطبخ؟

- سأبقى للخامسة عصرًا ان لم تساعديني.

عندما تتوالى النكبات، يهجرها الشغف، لا يهضمها الدماغ، لا تعالجها الأحاسيس...... تسقط في العدم.
تعتاد عليها العيون وتبتسم لها الجفون ولا يُسمع لها صدى.
تتشابه الوجوه حول الموت والمرض والفقر والجهل والطاعة، الا الإله، يبقى معلقًا يتمرجح كالبندول يضع ساقه على السماء وتلامس أقدامه القذرة ذات الروائح الكريهة أنوف البشر، لكنهم رغم ذلك يعتبرونها هبة وتفسيرًا منطقيا يدل على التلوث البيئي!!!
حتى التلوث البيئي أصبحت له مبررات إلهية فكيف إذن بالمطالبة بحق من مات دون سبب؟!!!!
الأكثر إيلامًا هو الشعور بالنقص والعار دون أن تفصح عنه، تكبته فيك حتى يتراكم طبقة وراء الطبقة ويغدو جبلاً او كومة من التيه والفقدان.

ولماذا دائمًا نحتاج إلى رمي اللوم والفشل على الآلهة؟
من صنعها ومن وضع قدسيتها؟!!!
من اوجدها من العدم واخفاها بالعدم؟!!!
من صاغ قوانينها ومن ادخلها للدماغ والعلم والطب والفيزياء والكيمياء والفلسفة والاقتصاد....الخ؟!!!
من وضعها وصيه على أجساد البشر؟!!

المضحك المبكي، أن الآلهة تتغير كل بعضه الآلاف من السنين، تنتسى وتظهر غيرها جديده وبإسماء جديدة، حيث تصبح الآلهة القديمة اساطير وخرافات اما الجديدة ستكون مقدسة وحاكمة.
والشعوب تتناسى جذورها الشعبية والفلكلورية حتى أن بقيت في الوجدان ستكون مجرد تسليه وترفيه ولا يمكن منحها مكانتها الاصلية السابقة في ظل الإله الجديد.
وسيمحى الإله الجديد كما غيره وسيظهر غيره وغيره ويبتسم الشعب مستقبلاً وهو يقرأ عن منطقة التهميش والعدم في كتب الأساطير والخرافات المنهجية وسيزاول اساطير وخرافات جديدة تناسبه وتناسب زمانه وتنسب الى الإله الجديد!!!!
وستكون انت وانتِ، مجرد غوغاء همج دفعا أرواحهما في سبيل الوهم والخرف.
ولكن عملية التغيير هذه تسير ببطء شديد لا يمكن ملاحظته.
حيث وجدان الشعوب القادمة واللاحقة في منطقة التهميش والعدم يتحدد بالحكم السياسي لا بمخزونه من التقدم المعرفي والصناعي والتجاري.

عملية الانقلاب السياسي ان حدثت دائمًا ترافقها عملية انقلاب ديني وتغيير شامل لصورة الإله وطريقة كلامه واسلوبه وقوانين جديده تظهر للسطح وتفرض على المواطنين.
فأن كنت مضطهد في القديم ستصفق للجديد لا محاله، خصوصًا اذا كانت كلمتك غير مسموعة قديمًا وحديثًا، لذا فأن نفسك تدفعك نحو الجديد دائمًا، تجعله يزهو في ناظريك يرتدي الثوب الأبيض لا تشوبه شائبة، في حين عند استتباب الحكم ستلاحظ الثقوب في الثوب الأبيض وقطع الطين والمخاط عليها.
وبرغم ذلك ستبقى صامتًا فلا رأي لك في الموافقة أو الرفض فلقد جاء الحاكم الجديد حاملاً بيده الإله الجديد لحكم سياسي طويل الأمد، قد تكون انت المحظوظ الوحيد الذي شاهد عملية الانقلاب السياسي تلك في بلدك ورافقت عملية الانتقال السلطوي، فهذه العملية نادرة في منطقة التهميش والعدم ولا تحدث الا كل مئة الف عام أو أكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في