الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة حول التسامح ..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2023 / 1 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في كتابه المعنون "رسالة حول التسامح" .
يشرحُ لنا الفيلسوف الانكليزي "جون لوك" 1632 - 1704) كيف أنّ المُعتقد الدّيني هو مسألة اعتقادية إيمانية صرفة، تتعلق بالضمير الفردي وحسب،
وكيف أنّه يجب على الدّولة بكلِ مُؤسساتها ، أنْ تنأى بنفسها عنْ التدخّل في الأمور الدّينية للناس، و ألا تستخدم القوة لفرض المُعتقدات والتصورات الدّينية على مواطنيها ، أو التفتيش وراء ضمائرهم الدينية و الاعتقادية،
بل يجب أنْ تتركهم أحراراً في تكوين مُعتقداتهم الدينية، وتشكيل رؤاهم الروحية الخاصة .
لانّ الطبيعي أنْ يكون لدى البشر مُعتقدات ومذاهب دينية مختلفة، و من غير المنطقي ، أنْ نتوقع التزام جميع الناس بمذهب ديني واحد.
ثم أنّ تنوّع المُعتقدات والممارسات الدينية، هو أمرٌ حسن، من شأنه أنْ يؤدي إلى مجتمع أكثر تسامحًا واستنارة ، حيث يكون الناس فيه، أكثر ميلًا للانخراط في نقاش ومناقشة منطقيين ، بدلاً من اللجوء إلى العنف والاضطهاد.
ومن هنا، يرى لوك أن من واجب سلطات الدولة ، تعزيز سلطة القانون وحماية حقوق مواطنيها بحيادية تامّة ، وإشاعة نهج التسامح الديني بين مواطنيها ،
لأن التسامح الديني - في رأيه - له حسنات ومزايا جمّة :
- حيث يُعد عاملاً هاماً و ضرورياً للحفاظ على السلم الأهلي و حماية الحقوق الفردية.
- و يُؤدي إلى استقرار سياسي وازدهار أكبر ، لأنه سيمنع أنواع الصراعات الدينية والحروب ( كالتي ابتليت بها أوروبا لقرون عديدة.
- و يُعتبر وسيلة فعالة لتعزيز السلام والتفاهم بين الناس من مختلف المعتقدات الدينية ،
لكون ثقافة التسامح تزيد القناعة لديهم بأن العقل والتفاهم هما أفضل الطرق لحل الخلافات الدينية ، بدلاً من الإكراه والقوة.
- كما يُساعد على خلق مجتمع أكثر انسجامًا وتنظيمًا.
- و علاوةً على كلّ ذلك ، التسامح الديني يتماشى مع مبادئ القانون الطبيعي و قوانين العقل.
لقدْ ميّز لوك في هذا الكتاب بين التسامح الشكلي ، والتسامح الواقعي الموضوعي..الذي يجب ان تقوم بهما الدولة..
- حيث رأى أنّ التسامح الشكلي يحدث ...
عندما تمتنع مؤسسات الدولة من دعم ديناً بعينه أو اتخاذه مرجعية لها، وعندما يُسمح للأديان الاخرى، أنْ تمارس شعائرها وطقوسها كما تشاء . دون رهبة أو قسر أو إرغام من قبل أيّة سلطة.
- أما التسامح الموضوعي فهو يحدث
عند الاعتراف الحقيقي ، بأنّ الأديان المحتلفة والمذاهب الأخرى، هي أيضاً مقبولة تماماً، في أن تكون طرقاً ممكنة للعبادة والوصول الى الله . .
قصارى القول :
لقد تأثرتْ أفكار لوك حول التسامح بإيمانه العميق بمبدأ فصلِ السلطات والدور المحدود للحكومة.
لكن على الرغم من أنّ أفكار لوك حول التسامح الديني، كانت تقدمية نسبيًا بالنسبة لوقته، إلا أنّها بقيتْ محدودة بزمانٍ وفهمٍ مُعينين.
فهو على سبيل المثال:
- لم بجرؤ على الدفاع عن التسامح مع غير المتدينين ،
- و كان يعتقد أن للحكومة الحق في قمع بعض الممارسات الدينية التي يُنظر إليها هو ، على أنّها ضارّة أو مزعجة للمجتمع أو مهددة لاستقراره .
لكن رغم كل ما سبق ، لا يُمكن لعاقل أنْ ينكر حقيقة ، أنّ أفكار لوك حول التسامح الدّيني، كانتْ أفكاراً مُبتكرة في حينها، و مُؤثرة للغاية في مسار تطوير مفاهيم الديمقراطية الليبرالية الحديثة بشكل عام ، ومفهوم الحريات الدينية بشكل خاص.
zakariakurdi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات