الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل الثالث- العضوية في البروليتكولت: مشكلة الطبقة في منظمة جماهيرية

لين مالي

2023 / 1 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




Mally, Lynn. Culture of the Future: The Proletkult Movement in Revolutionary Russia. Berkeley: University of California Press, 1990. http://ark.cdlib.org/ark:/13030/ft6m3nb4b2/

وعد البلاشفة بإقامة ديكتاتورية البروليتاريا في بلد يغلب عليه الفلاحون، وهي مهمة كانت صعبة. بالنسبة للبروليتكولت، حتى تأسيس مؤسسة بروليتارية طرح مشاكل لا يمكن تجاوزها. كان للحزب الشيوعي والنقابات العمالية، أقرب نقاط مرجعية للبروليتكولتيين، مهام أسهل. على الرغم من أن الحزب قدم نفسه على أنه طليعة البروليتاريا، إلا أنه لم يدعِ أبداً أن صفوفه مؤلفة حصراً من العمال. ضمنت النقابات العمالية، المتجذرة في المصانع، تكوين الطبقة العاملة. رأى قادة البروليتكولت منظمتهم على أنها مزيج من هذين الشكلين- طليعة من شأنها أن تكون بروليتارية حقاً. لكن ثبت أن هذا النوع صعب تحققه للغاية في المناخ الاجتماعي غير المستقر بسبب الحرب الأهلية.

وطالبت أيديولوجية البروليتكولت بأن يكون أتباعها من العمال. وبحسب قادة البروليتاريا الوطنيين، وحدها البروليتاريا الصناعية هي التي تستطيع التعبير عن روح الاشتراكية. كان لدى هؤلاء القادة اهتمامات تنظيمية أخرى في الوقت عينه: تبرير استقلالية البروليتكولت كوسيلة لحماية جوهر الحركة البروليتارية من تجاوزات الدولة. ولأن الهوية البروليتارية كانت مهمة للغاية، ابتكرت مجموعة كاملة من القواعد والقيود لمنع العناصر غير المرغوب فيها اجتماعياً. ومع ذلك، وعلى الرغم من الجهود المبذولة، اجتذبت البروليتكولت عضوية مختلطة من كافة الطبقات العاملة.

كانت الأسباب ديموغرافية بشكل جزئي. لم يشكل عمال المصانع أبداً مجموعة اجتماعية كبيرة في روسيا، وتضاءل حجمها خلال الحرب الأهلية. ولكن الأهم من ذلك أن البروليتكوت الوطنية كانت مفتقرة إلى القدرة على فرض رؤيتها للمنظمة على المنتسبين الإقليميين الذين رفضوا قواعدها الاجتماعية الضيقة. فتحت المنظمات المحلية أبوابها لقيام تحالفات أوسع من المحرومين، من بينهم الحرفيين والعمال ذوي الياقات البيضاء وأحياناً حتى الفلاحين. وهكذا مع تناميها خسرت البروليتكولت هويتها الطبقية النقية. مع ذلك، في هذا المسار، كسبت عدداً كبيراً من المؤيدين.

تحديد مكونات البروليتكولت

بالمعنى الأساسي، كانت العضوية المقصودة في البروليتكولت واضحة بالفعل من خلال اسمها- كان من المفترض أن تكون منظمة ثقافية للبروليتاريا. ولكن القضية لم تحل مع عنوان البروليتكولت لأن كلمة “بروليتاريا” كان مفهوماً مفتوحاً على العديد من التفسيرات. هل المقصود كل من عمل من أجل الحصول على لقمة العيش دون أن يملك وسيلة الانتاج؟ هل تشمل العمال الحرفيين الذين يوظفون عمالاً آخرين ويشرفون عليهم؟ هل تشمل كامل القوى العاملة في روسيا النصف مُدنية والنصف ريفية؟ كانت مشاكل التعريف هذه معقدة على نحو خاص بالنسبة للبروليتاريا الروسية لأن الخطوط الفاصلة بين الطبقة العاملة والفلاحين كانت صعبة دائماً. (1) أدى المسار الذي بدأته الثورة والحرب الأهلية إلى زيادة الصعوبة في وضع حدود واضحة. (2) حصل ذلك خلال تغيير اجتماعي سريع، حيث غادر العمال المصانع إلى الريف أو الجيش أو بيروقراطية الدولة، وتولت مجموعات جديدة مهمة العمل الصناعي.





قبل الثورة، عالج الماركسيون الروس، وخاصة البلاشفة، تعقيدات الطبقة العاملة من خلال التأكيد على الهرميات داخلها. على الرغم من أن البلاشفة قد أدركوا أنه كان صعباً جداً فصل البروليتاريا الصناعية عن الفلاحين، فإن العمال المهمين حقاً، هم أولئك من كانوا أكثر ميلاً إلى تطوير الوعي الثوري، أي الذين قطعوا روابطهم الريفية تماماً. (3) لم يعرّف البلاشفة البروليتاريا على نحو ضيق فحسب، إنما أصروا على أنه وحدها الطليعة من هذه الفئة يمكن أن تطور وعياً سياسياً قوياً. هذه الطليعة البروليتارية ستقودها الطليعة السياسية للحزب البلشفي.

شارك قادة البروليتكولت الوطنيون، الذين كانوا بلاشفة (أو في حالة بوغدانوف الذي كان بلشفياً سابقاً)، العديد من هذه الافتراضات. (4) إذا كان هناك من شيء، فإن العمال الذين اهتموا بشأنهم يشكلون حتى طليعة أقل عدداً. فقد بحثوا عن الطليعة السياسية والثقافية في البروليتاريا الصناعية. هذه القيم الإيجابية التي من المفترض أن تشكل الأساس لثقافة المستقبل جرى رعايتها عن طريق مسار القوى العاملة الصناعية. علّم المصنعُ العمالَ الحاجة إلى التعاون، والعمل الجماعي، والحلول الجماعية للمشاكل المشتركة. يمكن للأحياء البروليتارية والأسر المنتمية إليها أن تساعد في تشكيل نظرة بروليتارية للعالم، لكن أولئك الذين لم يدرسوا لمدة طويلة وبجد في مدرسة عمال المصانع لا يمكنهم الأمل في تطوير القيم اللازمة لتشكيل ثقافة بروليتارية. (5)

بعد ثورة تشرين الأول/أكتوبر، بدأ الحزب البلشفي بالتشديد على الحاجة لعقد تحالفات عابرة للطبقات، لا سيما مع الفلاحين الفقراء والمثقفين الذين هم على استعداد للتعاون مع النظام الجديد. على الرغم من أن قادة البروليتكولت قد فهموا أسباب هذه البرامج التصالحية، إلا أن معظمهم ما زالوا مصرين على نقاء الطبقة داخل المنظمة. لا يمكن إنشاء الثقافة البروليتارية من قبل ممثلين عن الفلاحين أو الجيش أو القوزاق، أو فقراء المدن الضيقي الأفق، بحسبما أعلنت هيئة تحرير مجلة الثقافة البروليتارية عام 1918. (6)

بالنسبة إلى قادة البروليتكولت، إن أخطر تهديد للوعي البروليتاري يكمن داخل الجماهير العمالية نفسها لأن العمال يخضعون بسهولة لتأثيرات البرجوازية الصغيرة. كان ليبيديف-بوليانسكي، الرئيس الأول للبروليتكولت، متحسساً جداً من هذه المخاطر. أحس أن المنظمة يجب أن تكون خالية من جميع العمال غير المهرة والعاطلين عن العمل، كما من العمال الحرفيين وفقراء المدن. كما إن البروليتاريين الذين لم يقطعوا صلاتهم بالريف كانوا كذلك حلفاء مشكوك بهم لأنهم قد يكونون متعاطفين جداً مع الفلاحين. (7) أولئك من ليس لديهم خبرة في المصانع مطلقاً لا مكان لهم في البروليتكولت. وضع ليبيديف-بوليانسكي كل المهنيين وعمال المتاجر والموظفين المأجورين مع البرجوازية الصغيرة وحرمهم بشكل جازم من الحق بالمشاركة في المنظمة. (8)

شكل الفلاحون خطراً محدداً على وعي البروليتاريا. بحسب ألكسندر بوغدانوف، المتحدث الأوضح بهذا الشأن، لا يهم أن كلاً من الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين قد تعرضتا للاستغلال في ظل الرأسمالية. ما دامتا منخرطتين في مسارات عمالية مختلفة تولد رؤيتين مختلفتين للعالم، طبقتين أيديولوجيتين متعارضتين. من خلال مسار عمالة المصانع، تطور البروليتاريا وعياً جماعياً. الفلاحون، مع ذلك، كانوا فرديين، وبطريركيين، ودينيين. بالتالي كانوا أقرب عاطفياً ونفسياً إلى البرجوازية منها إلى الطبقة العاملة. (9)





في بعض الأوقات كان أنصار النقاء الطبقي يأخذون موقفاً صاخباً مرتعباً. بدا أنهم يخشون أن تكون نفسية العمال هشة للغاية وأن تكون أيديولوجيتهم الطبقية غير مؤكدة حتى تمنع الإغراءات التي تشكلها المجموعات الاجتماعية الأخرى. بالتالي، الحل الوحيد هو العزلة. قدم ميخائيل غيراسيموف، الشاعر البروليتاري المشهور والعضو المؤسس في المنظمة، عرضاً حماسياً لهذه الآراء في مؤتمر البروليتكولت الوطني عام 1918، عبر استعمال التخيلات الصناعية التي كانت سائدة عند كتّاب البروليتكولت:

“نحن نعلم أن نفسية الفلاحين برجوازية صغيرة. يخفي [الفلاحون] حبوبهم ولن يسلموها إلى عمال المدن. إذا كان هناك الكثير من المواقف البرجوازية الصغيرة بين العمال اليوم، فما يمكننا القول عن حال الفلاحين؟… يجب أن نؤسس قصراً للعمال حيث تكون مصالح العمال مركزية دائماً. لا يمكننا التخلي عن البروليتكولت. إنها واحة حيث تتبلور مشيئة طبقتنا. إذا أردنا أن يشتعل فرننا، يجب إلقاء الفحم والفيول في النار، وليس ملح الفلاحين أو رقائق المثقفين. لا يأتينا منهم سوى الدخان. (10)

عكست قواعد عضوية المنظمة الوطنية هذه المفاهيم التقييدية للطبقة وللوعي الطبقي. حيث تضمنت بشكل لا لبس فيه أنه وحدهم العمال الصناعيين الأكثر وعياً والمتقدمين ثقافياً ينتمون إلى البروليتكولت. الحجة جرى تقديمها عبر مقارنة البروليتكولت بالحزب الشيوعي. من الواضح أن الحزب لا يستطيع ترك خطه السياسي يتحدد من قبل العمال الأقل وعياً لأن ذلك لن يكون أفضل تعبير عن مصالح الطبقة البروليتارية. إذا نزل الحزب إلى مستوى الأغلبية، فسيضعف دوره القيادي. وكذلك، لا يمكن للبروليتكولت أن تترك تحديد خطها الثقافي بيد العمال الأقل وعياً، لأنها ستفقد إدعائها الريادة في المجال الثقافي. كان ذلك من اختصاص الطليعة الثقافية في الطبقة العاملة. (11)

أثبتت هذه الرؤية لمكونات البروليتكولت أنه من الصعب للغاية وضعها موضع التطبيق لأن فئتها الاجتماعية تتناقض مع “لغات الطبقة” المحلية. (12) تظهر قواعد العضوية التي وضعتها المنظمات الإقليمية هذه التناقضات بشكل واضح. في بروليتكولت-بارفينيف، الواقعة في مقاطعة كوستروما، سمح نظامها الداخلي في مشاركة كل “الكادحين”، وهي كلمة عادة ما تستعمل من قبل الاشتراكيين الثوريين لتطبق على العمال والفلاحين على حد سواء. رفض البروليتكولتيون في تفير اقتراحاً بأن تقتصر العضوية فيها على العمال الصناعيين فقط، وبدلاً من ذلك وجهوا دعوة إلى كل “العمال والمستغلين”. (13) أمّن العديد من فروع المنظمة الخدمات لـ”المواطنين” المحليين، وهو مصطلح واسع بات شعبياً بعد ثورة شباط/فبراير. مع ذلك تجنب البعض الآخر التحديدات الطبقية وربطوا المشاركة في البروليتكولت بالحاجات الاجتماعية. كانت إحدى حلقات مصنع في إيكاتيرينبورغ مفتوحة أمام كل من أراد تحسين معارفه. (14)

كان الخلاف حول مفاهيم مختلفة جذرياً عن ما هو معنى البروليتاريا. الفروع المحلية التي رحّبت بالكادحين عرّفت الطبقة العاملة بشكل واسع، وضمّنتها كل الجماهير الكادحة. لم تشارك الفهم الماركسي الصارم للبروليتاريا الصناعية كطبقة متميزة وأكثر وعياً من بقية القوى العاملة. في الواقع، استعمل العديد من الناس عبارة “بروليتاريا” كمرادف لكلمة الشعب (النارود)، وهو ما كان شائعاً على نحو خاص في الشعر البروليتكولتي الإقليمي. (15) وبحسب هذا التصور للطبقة العاملة، يتحد العمال ضد أعدائهم المشتركين. قد يكون المثقفون والبرجوازية وأنصار النظام القديم هم الأوغاد، ولكنهم ليسوا كـ”تأثيرات البرجوازية الصغيرة” داخل الطبقات العاملة نفسها. بكل بساطة، تجاهلت المجموعات المحلية القيود المفروضة على الحرفيين وموظفي المكاتب والعمال غير المهرة وفقراء المدن. تعارض البعض بكل علانية مع التصريحات الرسمية حول الفلاحين.





هذه التصورات المتناقضة للطبقة أمنت للبروليتكولت عضوية متنوعة وكبيرة. كان ليبيديف-بوليانسكي مولعاً بمقارنة منظمته بالحزب الشيوعي، ولكنها كانت في الواقع مقارنة ركيكة جدا. (16) كانت تعني أن البروليتكولت أكثر تماسكاً وتنظيماً بشكل أفضل مما كان عليه الحال عليه في الواقع. على الرغم من أن الحزب كان لديه أساليب للإشراف على أعضائه (على الرغم من أن هذه الأساليب كانت غير فعالة في الكثير من الأحيان)، فمنظمة البروليتكولت المركزية كانت تتمتع بسلطة قليلة على فروعها. لم يكن هناك “بطاقات للبروليتكولت” مقرة مركزياً، (17) ولا فترات اختبارية للأعضاء للجدد، ولا أي طرق آمنة للتخلص من العناصر غير المرغوب فيها. كان على القيادة المركزية الاعتماد على المجموعات المحلية لفهم وتنفيذ رغباتها.

في الواقع، لم تكن منظمة البروليتكولت المركزية جامعة كفوءة للبيانات حيال شبكاتها المتوسعة. من الصعب التصريح بشأن الحجم المحدد لعضوية المنظمة. في شتاء عام 1920 ادعت المنظمة أن العضوية قد تراوحت بين 400 ألف و500 ألف، 80 ألف منهم في استديوهات النخبة الفنية. (18) هذه الأرقام إشكالية للغاية. من جهة، هي ليست مكتملة بالضرورة لأن هناك العديد من المنظمات المسجلة التي لم تقدم معلومات عن المشاركين فيها. (19) من جهة أخرى، لم تعطِ القيادة أبداً مصادر هذه التقديرات، ولم توضح بالضبط ما تعنيه العضوية، ما أفسح في المجال أمام المبالغات. لنأخذ مثلاً واحداً، أكد فرع البروليتكولت في بتروغراد أنه أشرف على أكثر من 120 نادٍ مع حوالي 500 مشارك في كل منها عام 1919. (20) من بين هؤلاء المقدر عددهم بستين ألف “عضو” كم هو عدد المشاهدين منهم، أو المسرحيين أو المحاضرين، كم هو عدد المشاركين النشطين المتوافقين مع أهداف المنظمة؟

سواء كانت تلك الأرقام دقيقة أو لا، فقد استغلت الحركة هذه الأرقام الكبيرة لعضويتها. فقد أتاحت للبروليتكولت أن تكون مرئية وقوية وأعطتها بعض المصادقية لادعاءاتها بأنها تتساوى تنظيمياً مع النقابات العمالية والحزب الشيوعي. بعض البروليتكولتيين ذهب إلى حد القول أن العضوية كانت بالكامل من الطبقة العاملة، الأمر الذي يضمن للحركة السيطرة على نسبة كبيرة من البروليتاريا القليلة العدد في روسيا السوفياتية. (21) لكن يمكن نقض هذه المبالغات بكل سهولة من خلال سجلات فروع المنظمة الإقليمية، والتي تظهر أعداداً كبيرة من غير العمال داخل صفوفها. كما تناقضها التعليقات الأكثر صراحة للقادة المركزيين أنفسهم، الذين كثيراً ما تأسفوا من التنوع الاجتماعي للمنظمة.

على الرغم من سرديتهم الغاضبة الموجهة إلى غير العمال، كان القادة الوطنيون في بعض الأوقات على استعداد تام لتوسيع قاعدة مبادئهم التوجيهية الدقيقة من أجل تأمين عضوية أكبر. على الرغم من وجود تبريرات أيديولوجية حيال الطهارة الطبقية، كذلك كان هناك أسباب تنظيمية للعضوية الكبيرة الحجم. حجم وانتشار البروليتكولت جعل من الصعب تجاهل أجندتها الثقافية. وبالتالي، ضمنت تصرفات الحلقات المحلية والتواطؤ الجزئي للقادة الوطنيين أن يجد العديد من المجموعات الاجتماعية المختلفة مكاناً لها تحت راية البروليتكولت.

الطبيعة العمالية





توسعت البروليتكولت مع تراجع البروليتاريا. فقد اكتسبت شعبية حيث أدت التعبئة والنقص بالغذاء وإقفال المصانع إلى انخفاض عدد العمال الروس بشكل كبير. لم ينخفض عدد العمال فحسب، إنما الحدود بين العمال الصناعيين والطبقات العمالية الأخرى- التي لم تكن واضحة أصلاً في أفضل الأحوال- بحيث باتت أكثر مرونة نتيجة الاضطرابات بسبب الحرب الأهلية. هذا المسار لم يكن ساعداً إنما كان مؤثراً على منظمة تستهدف الطبقة العاملة.

من الناحية العددية، كانت السنوات السوفياتية الأولى كارثية على البروليتاريا الصناعية. لاحظ العديد من الكتاب أن النتيجة المباشرة للثورة العمالية كان القضاء على الطبقة العاملة. (22) إن المسار الذي سماه لينين “نزع الطبقة” عن البروليتاريا كان قد بدأ بالفعل منذ الحرب العالمية الأولى. (23) حيث جرت تعبئة العمال ذوي الخبرة في الجيش وحل مكانهم العمال غير المهرة، سواء من أفراد عائلات العمال أو العمال الجدد في حياة المصنع من المدن والأرياف. مع اندلاع ثورة تشرين الأول/أكتوبر، والتي أدت إلى التسريح [من الخدمة العسكرية]، تحسن الوضع بحيث استعاد العمال أشغالهم. رغم ذلك، كانت بداية الحرب الأهلية بمثابة ضربة متجددة لحجم ونوعية القوى العاملة. الجوع والمرض وتدهور الصناعة وتجدد الاحتجاجات كانت من العوامل التي استنزفت صفوف العمال. (24) في السنوات الثلاث الأولى من السلطة السوفياتية، انخفضت القوى العاملة في الصناعة إلى أكثر من النصف. (25)

غادر العمال المدن بحثاً عن الطعام وانضموا إلى صفوف الفلاحين. كما انضموا طوعاً أو جرى تجنيدهم في الجيش الأحمر. وبالنتيجة، بات عدد كبير من العمال الجدد في المصانع من عديمي الخبرة. سكان المدن غير البروليتاريين الذين، على عكس العمال، لم يكن لديهم أقارب في الأرياف، دخلوا إلى المصانع المُدنية. وجدت المصانع في المناطق الريفية عمالة جديدة من بين الفلاحين المحليين. وبذلك، لم يتغير حجم الطبقة العاملة فحسب إنما كذلك تغيرت تركيبتها الاجتماعية.

مع انتشار البروليتكولت في جميع أنحاء الأراضي السوفياتية، فقد ضمنت انضمام أعضاء في أكثر المناطق المتقدمة صناعياً في البلاد. خلال الحرب الأهلية توسعت من بتروغراد، معقل صناعة المعادن، إلى المنطقة الصناعية الوسطى، في الأورال، وحتى إلى أجزاء من المناطق الصناعية في الجنوب التي كان الجيش الأبيض يسيطر عليها. يبدو أن عمال الصناعات التعدينية، النخبة التقليدية للطبقة العاملة والمطلوب بشدة استقطابها، كانوا منفتحين للغاية لرسالة المنظمة. (26) كان لدى العديد من المصانع المتعلقة بالهندسة والتعدين منظمات تابعة للبروليتكولت. من بين 10 مصانع خاصة كبيرة جرى تأميمها عام 1918 وجرى توحيدها لتشكل اتحاد لبناء الآلات سُمي غومز (GOMZ)، نصفها على الأقل كانت برعاية البروليتكولتيين. (27) افتتحت المصانع التعدينية في تولا منظمات للبروليتكولت، كما فعل العديد من المؤسسات الأخرى: مصنع الخرطوش في سيمبيرسك، ومصنع كوفروف للرشاشات، ومصنع بيجيتسك للأسلحة، ومصانع التعدين في إيجيفسك وبودولسك، ومصنع بوتيلوف في بتروغراد، ومصنع بوديمسكي في مقاطعة فياتكا. (28)

العديد من منظمي البروليتكولت الأوائل، فيدور كالينين، فلاديمير كوسيور، وأليكسي غاستيف، كانوا نشطين في نقابة عمال المعادن. (29) ربما بسبب هذا التأثير، أصبحت بعض فروع النقابات العمالية المحلية داعمة بشدة للبروليتكولت. تلقت المنظمات في إيجيفسك وريبينسك تمويلاها من النقابات. (30) كما وقفت نقابة عمال المعادن في موسكو إلى جانب البروليتكولت في نزاعها مع القسم التعليمي في المدينة. (31)





تمثّل عمال سكك الحديد، وهم قطاع نخبوي في الطبقة العاملة، كذلك بشكل جيد في البروليتكولت. كان هناك منظمات خاصة بهؤلاء العمال في أجزاء عديدة من روسيا، وكانت محطات سكك الحديد تحتوي على مراكز تزورها الحلقات المحلية بشكل دائم في المقاطعات. (32) كما هو الحال مع عمال المعادن أبدى اتحاد عمال السكك الحديدية اهتماماً كبيراً حيال أفكار البروليتكولت. في منتصف عام 1918، نظم القسم الثقافي للنقابة، الذي كان اسمه “تسيكولت” دروساً في موسكو للعمال في المجال الثقافي في المقاطعات. ومن بين المحاضرين كان ألكسندر بوغدانوف، الذي كان موضوع محاضرته “الثقافة والحياة”. (33)

مع ذلك، حتى هذه المجموعات البروليتارية الرئيسية عانت كثيراً من الحرب والثورة. أدى التوسع السريع للصناعة التعدينية خلال الحرب العالمية الأولى إلى دخول العمال الجدد وغير المهرة للقوى العاملة. خلال الحرب الأهلية، انتقلت أجزاء من الصناعة بعيداً عن المراكز المُدنية إلى المناطق التي كانت للطبقة العاملة صلات وثيقة جداً مع الفلاحين. (34) وهكذا لمجرد كون المرء عاملاً في قطاع المعادن لا يعني بالضرورة انتسابه إلى البروليتاريا، كما أنه لا يضمن أنه يمتلك أياً من تلك المميزات الخاصة: معرفة القراءة والكتابة، والخبرة الوظيفية، والانفصال المديد عن الريف، التي جذبت بشدة منظري البروليتكولت.

إضافة إلى ذلك، لم تكن البروليتكولت محصورة بأكثر شرائح الطبقة العاملة تقدماً. وجدت الحركة كذلك أنصاراً لها في الصناعات التي توظف بشكل أساسي العمالة غير الماهرة. كان عمال المنسوجات في إيفانوفو-فوزنيسنسك أول من أسسوا منظمات محلية. بحلول العام 1920، ضمت مجموعة البروليتكولت الإقليمية مجموعة من 26 مصنعاً إلى جانب بعض الفروع في المقاطعات مثل في شويا وكينيشما وفيشوغا ورودنيكي وسيريدا وتيبلوف. كان اتحاد عمال النسيج في إيفانوفو-فوزنيسنسك داعماً بشدة لكل شبكة في المدينة وفي المقاطعات. (35) في ساراتوي سيطرت البروليتكولت على الأنشطة الثقافية لاتحاد عمال التبغ. كما هو الحال في صناعة النسيج، كانت القوى العاملة في مصانع التبغ من العمال غير المهرة. حاول اتحاد عمال السكر الوطني توحيد كل حلقات المصانع الثقافية مع البروليتكولت. وبحسب النقابة، كان لعمال السكر حاجة خاصة بتنظيم نشاطات ثقافية جيدة لأن المصانع كانت موجودة في قرى صغيرة وبعيدة جداً عن المراكز الثقافية. (37)

بدلاً من محاولة عزل الطليعة الثقافية داخل البروليتاريا، بذلت الكثير من المجموعات المحلية جهوداً خاصة للوصول إلى العمال الأقل تقدماً والأقل تعليماً. يعتبر فرع كوستروما في البروليتكولت مثالاً ممتازاً على ذلك. في هذه المدينة التي تهيمن عليها تجارة المنسوجات، تكونت البروليتكولت بعد فشل الكثير من المحاولات الأخرى لتنظيم مشاريع التعليم للعمال. حددت لجنة واحدة، جرى تمويلها وتنظيمها من قبل قسم الناركومبروس المحلي، من خلال الدراسات الإحصائية والبيانات وجود 16 ألف عامل أمي أو شبه أمي في كوستروما، وأغلبهم من النساء. كما خلصت إلى أن استعداد العمال للاستفادة من العروض الثقافية انخفض مع انخفاض المستوى التعليمي. كان حل اللجنة البدء بالتحريض النشط بين العمال الأقل تعليماً. اقترحت فتح مدارس لمحو الأمية في أماكن العمل، تكون متخصصة بتعليم العاملات. (38) كما أشار أحد المفوضين، أنه لم يكن ممكناً خلق ثقافة بروليتارية من دون مشاركة أساسيات الثقافة مع أوسع جمهور ممكن من الطبقة العاملة. (39)





عندما بدأت بروليتكولت- كوستروما بالعمل، عكست اهتمامات الحلقات التعليمية التي سبقتها. فالعضو المؤسس، في. أ. نيفسكي، كان كذلك رئيساً لقسم الناركومبروس المحلي. كان يعتقد أن المنظمة الجديدة يجب ألا تتخلى عن الجماهير حاصرة نفسها في الاستديوهات. بدلاً من ذلك، يجب أن يحصل خلق ثقافة بروليتارية على يد الجماهير نفسها. (40) للتعبير عن التزامها بهذه الأهداف، استوعبت البروليتكولت لجنة محو الأمية ضمن هيكليتها التنظيمية.

إلى جانب العمال غير المهرة، انضم العديد من العمال الحرفيين إلى أنشطة البروليتكولت المحلية، على الرغم من التحذيرات المتكررة لكونهم يشكلون تهديداً للقيم البروليتارية الحقة. كما أظهرت دراسة حول الطبقة العاملة الروسية، كان الحرفيون منخرطين للغاية مع بروليتاريا المصنع، حتى أنهم شكلوا نسبة هامة من أولئك العاملين في المصانع الكبيرة. (41) في الواقع، قد يحاجج المرء أن الرمز الأكثر انتشاراً لإبداع البروليتكولت كان الحدّاد الذي يحمل مطرقته على السندان، كان في حد ذاته صورة لعامل حرفي. من المؤكد أنه لم يصور حياة عامل تنظمها وتيرة عمل الآلة. تكشف سجلات المنظمات التي جمعت بيانات مهنية دقيقة عن جميع الأعضاء الحرفيين، من بينهم الخياطين والخبازين ودهاني البيوت. (42)

لسوء الحظ، لم تحتفظ المنظمات المحلية بسجلات تفصيلية للوضع المهني للمشاركين فيها؛ إنما ميزت في أحسن الأحوال بين العمال وغير العمال. ولكن فئة العمال نفسها كانت وسيلة غير كافية للتحليل الاجتماعي في روسيا الثورية. فقد نقلت السلطة السياسية وشوهت الجماعات المحلية سجلاتها الرسمية في بعض الأحيان لجعل نفسها تبدو بروليتارية أكثر. (43) كما أن لها معنى مجازياً امتد ليشمل “الشعب” بأكمله. بهذا المعنى فقط يمكن فهم لماذا يمكن لمدرسة موسيقية في البروليتكولت أن تستقصي عن تلامذتها المكونين من أبناء الكهنة والفلاحين والحرفيين والبيروقراطيين الصغار، وأن تستنتج أن “الغالبية هم من العمال”. (44)

العمال ذوو الياقات البيضاء و”العمالة المثقفة”

وصلت البروليتكولت أبعد من الطبقة العمالية الصناعية لتشمل العمال في قطاع الخدمات- عمال المكاتب، ومساعدي المتاجر، وموظفي المبيعات. عكس وجودها في كل مكان سياسة الباب المفتوح التي اعتمدتها الكثير من المنظمات المحلية. رغم ذلك، وجدوا كذلك مكاناً لأن العديد من الموظفين اعتبروا أنفسهم، واعتبروا زملاءهم، أعضاء شرعيين في الطبقة العاملة. متدربان في متجر كانا قد أسسا استديو مسرح البروليتكولت في تامبوي سميا نفسيهما عاملين كذلك، كما فعل الكاتب الشاب الذي كان رئيس منظمة رجيف. (45)

قبل تشرين الأول/أكتوبر [1917]، أدت ظروف العمل السيئة بالكثير من الموظفين المأجورين إلى تشكيل تحالفات مع العمال الحرفيين والصناعيين. (46) على الرغم من العداوات الدائمة في المصانع بين العمال والعمال ذوي الياقات البيضاء خلال ثورة 1917، تشكلت تحالفات قوية بين العمال اليدويين و”العمال الذهنيين”. (47) مع تأميم الصناعة وتوسع البيروقراطية السوفياتية بات التمييز بين العمالة اليدوية والذهنية أقل وضوحاً. خلقت ظروف الحرب فرصاً جديدة للعمال لترك وظائفهم في المصانع وأن يصبحوا جزءاً من البيروقراطية في الدولة السوفياتية الجديدة. هذا وعلى الرغم من أن جزءاً من البروليتاريا قد نزعت صفة الطبقية عنها، إلا أن الجزء الآخر حصل العكس معه بحيث تقدم ضمن الهرمية في النقابات العمالية والمصانع والحكومة. ومن عمل في النظام البيروقراطي المتنامي لم يشعر أنه ترك طبقته. بدورها، أظهرت الدولة التزامها تجاه العمال من خلال تعيينهم في مناصب إدارية وحكومية مسؤولة. (48)





على جميع المستويات في هرمية البروليتكولت، شارك العمال غير اليدويين في الأنشطة الثقافية. وُصف المشاركون بأنهم من العمال ذوي الياقات البيضاء، أو “العمال المثقفين” أو “العمال الذين لم يعودوا يشاركون في الانتاج”. بدأ إدراج العمال ذوي الياقات البيضاء في بروليتكولتات المصانع، ضمن أدنى درجة في الهرمية التنظيمية. على الرغم من أن هذه المجموعات كان من الممكن أن تفيد بسهولة لناحية تفويض المركز خدمة البروليتاريا الصناعية حصراً، إلا أن العديد منها تكوّن في الواقع من مجتمع المصنع بمجمله، من بينهم موظفي مكاتب المصنع. ذكرت صحيفة البروليتكولت أنه في مصنع للنسيج في بوشكينو، مقاطعة موسكو، شارك العمال والموظفون ذوو الياقات البيضاء على حد سواء. كما في مصنع ستارو-غوركينسكي، جرى اختيار ربع الأعضاء من موظفي المكاتب. (49)

لا تتوقف مشاركة العمال ذوي الياقات البيضاء مع تقدم أحدهم في السلم الوظيفي. ففي الإحصاءات التي أرسلتها البروليتكولت المركزية عام 1921، أبلغت معظم منظمات المدن والمقاطعات عن نسب كبيرة من الموظفين ذوي الياقات البيضاء في صفوفها. 50 بالمئة من أعضاء الاستديو في مصنع مدينة ريبينسك، وهو أحد أنجح المنظمات في البروليتكولت، هم من العمال المثقفين. وحدها البروليتكولت في إيفانوفو-فوزنيسنسك ادعت أنها تتكون فقط من البروليتاريا، وذلك لأنها شكّلت استديواً مركزياً لنخبة طلاب الطبقة العاملة الأكثر تقدماً. في ورش العمل على المستوى الأدنى كان نصف الأعضاء من العمال، في حين كان البقية من موظفي المكاتب. (50)

كان بعض هؤلاء الموظفين من العمال السابقين، الذين انتقلوا إلى مناصب إدارية وبيروقراطية. في مؤتمر البروليتكولت الثاني عام 1921 قدم المندوبون معلومات شخصية مفصلة عن وضعهم الطبقي، من بينها خلفيتهم الاجتماعية وموقعهم الاجتماعي واختصاصهم ووظيفتهم الحالية. من بين 141 مندوباً، لم يكن العديد منهم من العمال على الإطلاق، في العديد من الأمثلة عمل العمال الصناعيون في وظائف خارج مصانعهم. العاملة ف.ف. موزر من بروليتكولت مصنع سوكولوفسكي على الآلة الكاتبة عام 1921 في لجنة مصنعها. ل. أي زايتسيف من بروليتكولت تولا كان عامل نسيج فترك مصنعه ليصبح منظماً نقابياً. أفاد مارك غريشينكو من منظمة يوريفسك أن خلفيته ووضعه الاجتماعي هي عمالية، وأنه تلقى تعليماً ابتدائياً فقط. عام 1921 بات يعمل كموظف في سكك الحديد. (51)

تسبب وجود العمال ذوي الياقات البيضاء بنشوب خلافات داخل المنظمات المحلية. هاجم عامل غاضب في سكك الحديد البروليتكولت في سمارة لسماحه غير العمال بالمشاركة. فرضت الأنظمة المنظمة للعضوية في تولا أن تكون نسبة موظفي المكاتب 13 بالمئة من مجمل الأعضاء وقبلت فقط بمن يؤيد السلطة السوفياتية. دافعت آنا دودونوفا، زعيمة منظمة موسكو، عن استقلالية البروليتكولت خلال لقاء مع لينين، مصرة على أنه من الضروري منع الموظفين من الاستيلاء على نوادي العمال. (52)

مع ذلك، إن الارتباك في الفئات الاجتماعية الذي سببته الثورة كان لصالح الموظفين ذوي الياقات البيضاء الذين أرادوا المشاركة في نشاطات البروليتكولت. وبما أنه تزايد عدد العمال الذين توظفوا في بيروقراطية الدولة والسوفيتات والنقابات والحزب، باتت الانقسامات المحددة بين الطبقة العاملة والعمال المثقفين أكثر صعوبة. وبات الارتباك أصعب بسبب استبعاد المنظمات المحلية للعمال ذوي الياقات البيضاء من صفوفها. (53) على الرغم من وجود معارضين لمغادرة العمال المصانع لأي سبب من الأسباب، خسر هذاالموقف التطهري في الواقع خلال النقاشات التنظيمية الداخلية. (54) بحلول الـ 1920ات، اعتبرت القيادة المركزية أن “العمال الذين لم يعودوا يشاركون في الانتاج” هم جزء من عضوية البروليتكولت. (55)





الفلاحون في البروليتكولت

من الواضح أن الحرفيين والموظفين ذوي الياقات البيضاء قد شكلوا منطقة رمادية لأولئك الذين حاولوا رسم حدود الطبقة العاملة. غالباً ما كان لهذه المجموعات علاقات وثيقة مع البروليتاريا الصناعية وربما الأفراد داخلها كانوا في يوم من الأيام عمالاً هم أنفسهم. مع ذلك، كانت مسألة الفلاحين أقل غموضاً. على الرغم من أن القادة المركزيين قد غيروا في نهاية الأمر من نظرتهم إلى العمال الذين انضموا إلى البيروقراطية، إلا أن موقفهم من الفلاحين كان ثابتاً دائماً. لم يكن للفلاحين أي مكان في منظمة بروليتارية. تقدمت اللجنة المركزية في البروليتكولت المركزي بطلب من سيرغي إيسينين لفتح قسم خاص بالأدب الفلاحي في البروليتكولت. (56) كما هددت بإغلاق المنظمات في المناطق حيث يوجد ما يدل على مشاركة الفلاحين على نطاق كبير. بالإضافة إلى ذلك، حذر أعضاؤها باستمرار من المخاطر التي يشكلها الفلاحون على الوعي الطبقي للبروليتاريا.

موقف البروليتكولت الرسمي حول هذه المسألة كان على نقيض من خط الحزب الشيوعي، الذي كان دعا إلى تحالف بين الفلاحين الفقراء والبروليتاريا. في الواقع، بدا أن بوغدانوف كان يحاجج مباشرة مع التكتل البلشفي عندما أصر على أن الفلاحين لا يمكنهم مشاركة وجهة نظر بروليتارية، بغض النظر عن مدى فقرهم. (57) مع ذلك، حدد العديد من المنظمات المحلية موقفاً أقرب من موقف الحزب، وهو ما بدا للكثيرين أنه يعكس حقيقة واضحة: تحت الرأسمالية يتعرض العمال والفلاحون، وخاصة الفلاحون الفقراء، إلى الاضطهاد وبالتالي من حقهم الاستفادة من الفوائد الثقافية للثورة. كتب أحد البروليتكولتيين من بلدة كلين الصغيرة في مقاطعة موسكو: “البروليتاريا هي طبقة مستغلة تناضل من أجل التحرر”، وأضاف: “لها شكلها الخاص من التعاون الرفاقي بشكل خاص. لكن أليست هذه المميزات متأصلة كذلك عند الفلاحين الفقراء؟ ألا تشكل كذلك طابع الفن المستقبلي لجماهير الفلاحين؟ بالطبع، لذلك هم كذلك. ويترتب على ذلك أن فن المستقبل سيكون هو نفسه للطرفين”. (58)

هذا التصور أن مصالح العمال والفلاحين متشابكة شجع على انتشار منظمات البروليتكولت في البلدات والقرى الصغيرة التي فيها عدد لا يذكر من الطبقة العاملة. هذه الظاهرة كانت منتشرة على نطاق واسع لدرجة أن مصير المنظمات “الفلاحية” “المختلطة اجتماعياً” كان موضوع نقاش متكرر للقادة المركزيين. على سبيل المثال، قدمت إحدى المنظمات في سمولينسك طلباً لتسجيل 58 دائرة جديدة من دوائر البروليتكولت في القرى الريفية الصغيرة خلال صيف عام 1919. استجابت البروليتكولت المركزية بإصدار قرار بتسليم هذه المنظمات ذات التكوين الفلاحي إل الناركومبروس. (59) في السنة التالية ادعى القادة الوطنيون أنهم أغلقوا كل الفروع غير البروليتارية وأعادوا تنظيم ما تبقى لتتلاءم مع مبادئها الموجهة. (60)

ولكن إذا كانت المنظمة المركزية تريد تطهير كل الفروع التي فيها أعضاء غير بروليتاريين، كان ذلك المسار غير مكتمل. وبحسب السجلات الوطنية استمر العديد من المنظمات في المناطق والقرى الريفية حتى مؤتمر عام 1920. (61) كانت البروليتكولت في كولوغريف، في مقاطعة كوستروما، مثالاً مثيراً للانتباه. فقد بدأت بداية في أيلول/سبتمبر عام 1918 بواسطة منظم من بروليتكولت في بتروغراد اسمه شومباروف-لوتشينسكي. (62) كانت كولوغريف مركزاً صغيراً للمقاطعة، عام 1977 كان عدد سكانها فقط 3350 نسمة، وعام 1920 تضاءل عددهم ليصبح 2700. أظهر الإحصاء في المدينة عام 1923 أنه أقل من 10 بالمئة من السكان كانوا من العمال. (63) ما زال سبب اختيار منظم بتروغراد هذه البلدة الصغيرة من أجل تحقيق مساعيه غير واضح، إلا أنه تابع مهمته بنشاط.





منذ تأسيسها وجهت بروليتكولت – كولوغريف نشاطاتها مباشرة حتى تشمل كل “الجماهير”، وهي عبارة شملت كذلك الفلاحين. شعر شومباروف-لوتشينسكي أن البروليتكولت يجب أن ترعى مدارس محو الأمية وحلقات القراءة للفلاحين، ومسارح الفلاحين في القرى المحيطة. (64) في نهاية عام 1919 تولى القيادة رجل محلي كان قد أنهى دورة في بروليتكولت بموسكو. بمساعدة موسكو أعلن عن نيته إعادة تنظيم البروليتكولت “وفق روحية المنظمة المركزية”. (65) أمل بوضع البروليتكولت – كولوغريف على السكة البروليتارية الصحيحة. مع ذلك، حتى القيادة الجديدة لا يمكنها تغيير البنية الاجتماعية في البلدة. وبحسب اللوائح التي أرسلت من كولوغريف إلى موسكو، فمن الواضح أن السكة البروليتارية في كولوغريف كان يسلكها بشكل أساسي غير العمال. كان في الاستديو الفني، مثلا، 59 طالباً، أغلبهم من الفلاحين والبرجوازية الصغيرة، مع عدد قليل من أصحاب الخلفية الكهنوتية. لم يُذكر العمال في اللوائح مطلقاً. (66)

على الرغم من الأدلة الكثيرة التي تظهر التكوين الاجتماعي المشكك فيه في منظمة كولوغريف، لم يبذل البروليتكولت أي جهد لإغلاقها. كان زوالها نتيجة أسباب أخرى. في آذار/مارس 1921، استولى الفرع المحلي للناركومبروس عليها، وأرسلت برقية قصيرة إلى البروليتكولت المركزية أن فرع البروليتكولت في كولوغريف لم يعد موجوداً. وبدلاً من الترحيب بنهاية هذا الفرع غير البروليتاري، احتجت المنظمة الوطنية على هذا الإجراء. (67)

إن إحجام المركز عن التخلي عن السيطرة على منظمة كولوغريف يسلط الضوء على توتر حقيقي في القيام بعملها. هل يجب الترويج على أنها حركة شعبية واسعة النطاق، أم يجب أن تحاول تحقيق التجانس الاجتماعي؟ من ناحية، كان البروليتكولتيون المخلصون يخافون إضعاف الجوهر البروليتاري للمنظمة بواسطة أتباع الفلاحين. من ناحية أخرى، كان رائعاً مشاهدة منظمتهم تتوسع باعتبارها “شجرة شابة قوية، تنبت في كل مكان عبر المساحات غير المحدودة لروسيا السوفياتية” (68) كان المشاركون في بتروغراد فخورين جداً بدورهم في الدعم الأساسي لمنظمة كولوغريف. أعلن محررو المجلة الراديكالية في بتروغراد، “المستقبل”، أن وجود البروليتكولت في هذه الزاوية البعيدة من روسيا أظهر حيوية الثقافة البروليتارية. (69)

حتى لو أغلقت كل الحلقات القروية أبوابها، فإن ذلك لن يخلص البروليتكولت من أعضائها الفلاحين. اعتمدت منظمات المصانع في المناطق الريفية جزئياً على العمالة الفلاحية، وبعضها قدم نشاطات ثقافية للجمهور الفلاحي بشكل عام. في مصنع لينين للسكر في مقاطعة كورسك رعى البروليتكولت صفوف محو الأمية إلى جانب مدرسة العمل المحلية. تألفت الجوقة من عمال المصنع والفلاحين على حد سواء، وحتى أن المسرح قرر بدء العروض المسائية لشباب القرية في مسعى منه للحد من سلوكهم المشاكس في الشوارع. (70) أصبحت هذه الممارسات سياسة رسمية في بروليتكولت-موسكو، التي ضمت 19 مجموعة محلية متعددة. قرر المندوبون في مؤتمر عام 1920 بذل جهود أكبر لضم السكان الفلاحين الذين يعيشون بالقرب من المصانع الريفية. وقد أوضحت قواعد العضوية ذلك بشكل صريح: كانت المنظمة مفتوحة للعمال والفلاحين الفقراء والعمال الفكريين في المصانع، وكل أعضاء الحزب. (71)





فتح تعاون البروليتكولت مع الجيش الأحمر المزيد من الأبواب أمام الفلاحين لأن الجنود كانوا بأغلبيتهم الساحقة من الأرياف. في مؤتمر البروليتكولت الأول عام 1918 كانت قضية الجنود الفلاحين موضوع نقاش ملتهب. طالب بعض المندوبين باعتبار الجنود جزءاً من البروليتاريا، وهو كان موقف الحزب. أراد آخرون إقصاءهم لأن عقلية الجنود الفلاحين “برجوازية صغيرة” وستقوّض ادعاءات البروليتكولت بأنها حركة بروليتارية صافية. كحل وسط، صوت المندوبون لفتح أندية خاصة بالجيش الأحمر، والتي ستكون مفصولة عن بقية أنشطة البروليتكولت. (72)

كما كان هو الحال مع الكثير من القرارات، لم تُلاحَق طريقة تطبيق القرار الأخير. ضم العديد من فروع البروليتكولت الجنود في أنشطتها؛ في بعضها شكل الجنود أغلبية الأعضاء. وبحسب تقرير محلي، 80 بالمئة من رجال منظمة أرشانجل هم من الجيش. (73) بعض المجموعات دمجت أجزاء من نشاطاتها مع أقسام الجيش الأحمر. (74) في بروليتكولت-بتومبوي كان للجنود الأسبقية على العمال خلال التعبئة عام 1919. وقد طغت التخيلات العسكرية بالكامل على استعارات المصنع الشائعة جداً في تصريحات البروليتكولت: “على الجبهة الحمراء، ورشاشاتنا بأيدينا سنتابع شق الطريق نحو ثقافة المستقبل”. (75)

عكس الموقف الرسمي للمنظمة من الفلاحين الرؤى الطليعية للبلاشفة قبل الثورة، الذين حددوا تطور وعي العمال تبعاً لبعدهم عن الريف. مع ذلك، أربكت الثورة والحرب الأهلية هذه المفاهيم السابقة وأعادت صياغة التشكيلات الطبقية بشكل تام. لقد كان تحولاً لاحظه بعض البروليتاريين الملتزمين بشكل واضح. كان بافيل أرسكي، زعيم في بتروغراد، وكاتب بروليتاري، جندي في الجيش الأحمر، متعاطفاً مع الفلاحين الروس. كتب عام 1919 قصيدة بعنوان “من عامل إلى فلاح”… أنا ابنكم، تركت حقلي الأصلي إلى مملكة الدخان والحديد والفولاذ”. تشدد القصيدة على المصالح المشتركة للمجموعتين ويختمها بالتالي: “معاً سنعيش كعائلة قريبة وسعيدة في روسيا الجديدة، المشعة والقوية”. (76)

الشباب

في أوصاف عضوية البروليتكولت المتنوعة، برز قاسم مشترك واحد- معدل أعمار أعضائها. نوه المراقبون بيفاعة المشاركين في البروليتكولت. كتب إيليا إهرينبورغ في مذكراته عن الحرب الأهلية: “الشباب، الذين وصلوا مؤخراً إلى المدن وجرفتهم موجة الأحداث، كانوا مستعدين لقبول الأفكار المبسطة من جذريي البروليتكولت. كثيراً ما سمعت ملاحظات موجهة لي: لماذا أنت على هذا التعقيد، كل ما تقوله هو هراء فكري”. (77)

حتى خلال سنوات السياسة الاقتصادية الجديدة، لم تطلب المنظمة معلومات مفصلة عن عمر أعضائها، ولكن العديد من المصادر المحلية تشهد على جاذبية البروليتكولت للمراهقين والشباب. في استديو نوفوتورسك الفني كان 80 بالمئة من المشاركين تحت سن الـ 20 سنة. كل أعضاء فرقة التمثيل في مسرح بروليتكولت في مقاطعة بريسنيا بموسكو، واحدة من أقدم الأجزاء البروليتارية في المدينة، كانوا من الشباب. لاحظ مراقب لاستديو فني أن كل الأعضاء كانت أعمارهم بين 16 و20. (78) كان المحاضرون والمعلمون يعلقون باستمرار على حماس (وجهل) تلاميذهم الشباب. (79) عندما نشرت منظمة البروليتكولت المركزية أخيراً إحصائيات الأعمار عام 1925، جرى توضيح الطبيعة الشابة لمكونات البروليتكولت: 65 بالمئة من الأعضاء كانوا دون سن 19.(80)





ليس مستغرباً أن تكون البروليتكولت مصدر حماس خيال الشباب. كانت المنظمات الشبابية التي تأسست في المراكز المُدنية خلال الثورة شديدة الاهتمام بالعمل الثقافي والتعليمي. كان مراهقو المدن متعلمين أكثر من أهاليهم أو أقرانهم الريفيين وكان لديهم وقت فراغ للدراسة وتحسين أنفسهم. لم يثقل العمال الشباب بالمسؤوليات العائلية، فقد جعلوا من الحلقات التعليمية والثقافية جزءاً من حياة شباب المدن الثقافية. (81) قدمت البروليتكولت، بواسطة عروضها الواسعة من الاستيوهات الثقافية والمحاضرات والأمسيات الاحتفالية، الشباب فرصاً كبيرة للتعلم والترفيه والتعايش.

انضم الشباب كذلك إلى البروليتكولت لأنه رُحِّب بهم هناك. فالعديد من المنظمات البروليتارية، مثل النقابات العمالية ولجان المصانع، حدّت قوانين العضوية فيها من انتساب من هم تحت الـ 18. (82) مع ذلك، لم يكن هذا هو الحال بالنسبة إلى البروليتكولت. على الرغم من أن القادة المركزيين قد فضلوا بشكل واضح العمال ذوي الخبرة والمهرة وبالنتيجة العمال البالغين، إلا أنهم لم يفرضوا قيوداً لها علاقة بالعمر. وضعت المجموعات المحلية قواعدها الخاصة، ولكن سن الانتساب كان منخفضاً في العادة. ففي حلقة قرية نوفوسيلسك كان سن الانتساب 15، وفي بروليتكولت- تولا كان 16 سنة. (83)

لقد جرى توثيق تفضيل الشباب الروسي للحلول الأكثر جذرية وتطرفاً للمشاكل الاجتماعية. خلال عام 1917، تحول العمال الشباب بسرعة أكبر لدعم البلاشفة أكثر من زملائهم الأكبر سناً. (84) وكنتيجة لذلك، كان معدل أعمار الأعضاء في الحزب البلشفي صغيراً، وكذلك في الحرس الأحمر، الوحدات الخاصة التي تشكلت للدفاع عن الثورة. من الواضح، أن سمعة البروليتكولت باعتبارها المنظمة الثقافية الأكثر ثورية ويوتوبية قد أكسبتها أصدقاء في نفس الدوائر. وبحسب كلمات ماكسيم شتراوخ، الذي انضم إلى بروليتكولت موسكو مراهقاً، وبات لاحقاً ممثلاً ومخرجاً مشهوراً: “نريد خدمة هذا النوع من الفن الذي من شأنه الاستجابة للروح النضالية للعصر، وسيكون ذلك سلاحاً في النضال الثوري، لهذا السبب انضمينا إلى البروليتكولت… اخترنا نحن الشباب هذا المكان لأننا كنا نشتعل رغبة في خدمة ليس الفن وحده، إنما الفن الجديد والثوري”. (86)

على المستوى المحلي، كان العديد من منظمات البروليتكولت على علاقة وطيدة مع الكومسومول، منظمة الشبيبة التابعة للحزب الشيوعي، والتي استقطبت أتباعاً من الشباب. في بلدة لوكينا، في مقاطعة تفير، ساعد زعيم البروليتكولت على تأسيس الفرع المحلي للكومسومول. كان نادي البروليتكولت على خط السكة الحديدية بين موسكو وكازان يخدم بشكل حصري أعضاء الكومسومول. في سمارة، كان للكومسومول والبروليتكولت قيادات مشتركة. (88)

من المؤكد أن العامل الجاذب هو حقيقة أن البروليتكولت تتيح للشباب تولي مراكز مسؤولية. تعطينا سجلات العام 1921 للمؤتمر الوطني العديد من الأمثلة لمراهقين في مراكز مسؤولية. كان إيكوف سميرنوف، مساعد رئيس قسم المسرح في إيفانوفو-فوزنيسنسك عام 1921، يبلغ من العمر فقط 18 سنة ولكنه كان منخرطاً في البروليتكولت منذ 3 سنوات. نينا بوليكوفا، 19 سنة، كانت رئيسة منظمة رجيف. بافيل كاربوف، 20 سنة، كان واحداً من القياديين المسؤولين عن منظمة ساراتوي. أناتولي ستيباهوي، عامل في الصناعة التعدينية وعضو في الكومسومول من رجيف، كان رئيساً للمنظمة المحلية وعمره 17 سنة. وعندما انضم إلى صفوف البروليتكولت كان عمره 14 سنة. (89)





كان منظمو البرولتيكولت يقدرون الشباب لأنهم كان ينظر إليهم على أنهم مستقبل الثورة. العمل مع المراهقين والأطفال أمّن بقاء الثقافة البروليتارية والبروليتكولت كمؤسسة. (90) على الرغم من أن الأصول الطبقية كانت موضوعاً مهيمناً على نقاشات العمال البالغين، إلا أن المعايير ذاتها لم تتطبق على الشباب. في السجلات المحلية والمركزية احتسب البروليتكولتيون أطفال العمال كجزء من البروليتاريا، بغض النظر عن مهنتهم الحالية. (91) وعلى العكس من البالغين، كان الشباب إلى حد ما “بلا طبقة”. في المؤتمر الوطني التأسيسي عام 1918 أصرت القائدة المركزية إي. ب. خيرسونسكايا على أنه على البروليتكولت اتخاذ خطوات أساسية لادماج المراهقين؛ كما ذهبت بعيداً بتوسيع الدعوة لتشمل أطفال المثقفين وأصحاب المتاجر والحرفيين. (92) نال هذا الاهتمام الجاد بدعم الشباب في البروليتكولت. لكن في الوقت عينه، أضعف الهوية البروليتارية للمنظمة.

من لم ينجذب إلى ضوئنا الصغير- أطفال، فتيات، شباب من المتاريس، مواطنون بلحية رمادية ومعطف منزلي وأحذية ريفية، شعراء لم يسمع بهم أي أحد الذين كتبوا قصائدهم كخربشة في الأقبية، في أمسيات البيوت الحجرية، أو مقاعد العمل، أو خلف المحراث. حتى وقتها لم أرَ في حياتي شخصيات وأزياء كتلك التي شاهدتها في البروليتكولت. (93)

هذا المقتطف اللطيف من مذكرات كتبها ألكسندر مغيبروف، مدرس مسرح في بروليتكولت بتروغراد، هو شهادة على الجاذبية الاجتماعية الكبيرة للحركة. من الواضح أن مغيبروف كان يستمتع بهذه العضوية المختلطة، ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين رأوا البروليتكولت كحركة بروليتارية صافية، كان ذلك يشكل تهديداً جدياً للمنظمة.

تكشف شعبية البروليتكولت مرونة- وعدم دقة- التصنيفات الطبقية في تلك الفترة من التغيير الاجتماعي السريع. لم تكن تسمية “بروليتارية” وصفاً طبقياً سلبياً: إنها تنقل السلطة السياسية والمشاعر الثورية. لم تكن هذه المؤسسة البروليتارية الوحيدة المزعومة التي واجهت أزمة هويتها الطبقية. في الحزب الشيوعي، المفترض أنه طليعة الطبقة العاملة، لم يعد العمال يشكلون الأغلبية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. (94) ولكن الحزب، على العكس من البروليتكولت، لم يعلن أبداً أنه يستهدف البروليتاريا فقط.

كانت إحدى نتائج التنوع في البروليتكولت إيجابية من دون شك. ساعد حجمها الكبير على جذب الاهتمام الوطني ونيل دعم المجموعات الثقافية المحلية. لم يكن لمحاولات البروليتكولتيين أن يكونوا على قدم المساواة مع النقابات العمالية والحزب بما خص الأمور البروليتارية أي صدى على الإطلاق، لو اقتصرت المنظمة على طليعة العمال الصناعيين. وعلى الرغم من قلق القادة الوطنيين من تنوع أعضاء المنظمة، لكنهم من دون شك كانوا مسؤولين جزئياً على تحويل التنظيم إلى منظمة جماهيرية.

مع ذلك، إن عضوية البروليتكولت كانت واسعة ومتنوعة شكلت تهديداً حقيقياً لاستمرار المنظمة. لقد حصل البروليتكولتيون بداية على دعم الناركومبروس خاصة لأنه كان من المفترض بهم القيام بما هو مختلف عن المؤسسات التربوية الحكومية. وكلما باتت البروليتكولت متنوعة اجتماعياً، كلما صارت الحجة أضعف. مع نهاية الحرب الأهلية سأل العمال التربويون في الناركومبروس بإلحاح عن سبب حاجة المنظمة التي تكرر برامج الدولة على الحفاظ على استقلاليتها. بالإضافة إلى ذلك، بات القادة يشككون في الحكمة من الإبقاء على منظمة جماهيرية تدافع بشدة عن استقلاليتها.





أدى عدم تجانس البروليتكولت إلى تعقيد الأعمال الداخلية. تخيل بوغدانوف وحلفاؤه أعضاءً متمرسين ومثقفين ومتطورين قادرين على العمل بمفردهم أو بأقل مساعدة من المثقفين. مع مثل هذه العضوية، اعتقدوا أنه لديهم الموارد البشرية اللازمة للتشكيك العلمي وخلق أشكال فنية فريدة.

مع ذلك، اجتذبت المنظمة جمهوراً واسعاً، الأمر الذي أدى إلى تغيير نطاق عملها. قدمت المجموعات المحلية حلقات أدبية لغير المتعلمين، وصفوف تعليم اللغة الفرنسية للباحثين عن “التأنق”، وأمسيات رقص لتسلية الشباب. بدلاً من التحقيق في طبيعة إبداع الطبقة العاملة، حاولت حلقات البروليتكولت إرضاء المطالب الثقافية الواسعة النطاق للطبقات الدنيا. أدى هذا الأمر إلى انحراف في تعريف الثقافة البروليتارية وقوض مفهوم القيادة الوطنية للمنظمة. لم تستطع المنظمة المركزية تشكيل جمهورها. إنما العكس هو الذي حصل، الجمهور هو الذي شكل البروليتكولت.

الهوامش:

[1] There is a vast literature on the problems of defining the Russian proletariat, particularly in relationship to the peasantry. See Victoria E. Bonnell, Roots of Rebellion (Berkeley, 1983); Laura Engelstein, Moscow, 1905: Working Class Organization and Political Conflict (Stanford, 1982); L. M. Ivanov, ed., Istoriia rabochego klassa Rossii, 1861–1900 gg . (Moscow, 1972); Leopold Haimson, “The Problem of Social Stability in Urban Russia, 1905–1917,” in The Structure of Russian History , ed. Michael Cherniavsky (New York, 1970); Robert E. Johnson, Peasant and Proletarian: The Working Class of Moscow in the Late Nineteenth Century (New Brunswick, N.J., 1979); and Reginald E. Zelnik, Labor and Society in Tsarist Russia (Stanford, 1971).

[2] See Leopold H. Haimson, “The Problem of Social Identities in Early Twentieth Century Russia,” Slavic Review , vol. 47, no. 1 (1988), pp. 1–28.

[3] These ideas are generally accepted in Soviet scholarship, but they have been disputed by many Western researchers. See Haimson, “The Problem of Social Stability,” for the classic rebuttal of these views.

[4] See Chapter 4 for an analysis of the national leadership.

[5] See A. A. Bogdanov, “O tendentsiakh proletarskoi kul’tury: Otvet A. Gastevu,” Proletarskaia kul’tura , no. 9/10 (1919), pp. 46–52, esp. p. 46.





[6] “Ot redaktsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), p. 36.

[7] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Polianskii, pseud.], “Pod znamia Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), pp. 3–7; idem, “Revoliutsiia i kul’turnye zadachi proletariata,” Protokoly pervoi Vserossiiskoi konferentsii proletarskikh kul’turno-prosvetitel’nykh organizatsii, 15–20 sentiabria, 1918 g. , ed. P. I. Lebedev-Polianskii (Moscow, 1918), p. 20; idem, “Nashi zadachi i puti,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8, (1919), p. 7; and idem, “Poeziia sovetskoi provintsii,” Proletarskaia kul’tura no. 7/8 (1919), pp. 44, 49–50.

[8] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Polianskii, pseud.], “Pod znamia Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), p. 6; see also “Plan organizatsii Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1919), p. 27.

[9] A. A. Bogdanov, “Nasha kritika,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), p. 13; see also P. Bessal’ko, “O poezii krest’ianskoi i proletarskoi,” Griadushchee , no. 7 (1918), pp. 12–14.

[10] Protokoly pervoi konferentsii , pp. 26–27.

[11] “Plan organizatsii Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1919), pp. 26–29.

[12] This term is from Gareth Stedman Jones, Languages of Class: Studies in English Working Class History, 1832–1982 (Cambridge, Eng., 1983). See especially pp. 7–8.

[13] Pervaia Tverskaia gubernskaia konferentsiia kul’turno-prosvetitel’nykh organizatsii: Protokoly zasedanii (Tver, 1919), p. 56.

[14] From a speech by the organization’s leader at a general meeting, October 27, 1920, Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv Literatury i Iskusstva [henceforth cited as TsGALI] f. 1230, op. 1, d. 1240, l.18.

[15] See, for example, Il’ia Il’in, “Proch byloe,” Molot , no. 1 (1920), p. 10.

[16] This comparison is also made by contemporary Western scholars. See Zenovia A. Sochor, Revolution and Culture (Ithaca, 1988), pp. 128–29.





[17] Some local organizations had cards that they administered themselves. See the records of the Lenin State Sugar Factory organization in Kursk province, July 7, 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1280, l. 12.

[18] Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), pp. 2, 5, 74. There is no source given for these figures, but presumably they were generated from the periodic questionnaires sent out to local affiliates. However, these questionnaires were most reliable in determining the number of participants in studio workshops, not the various other activities the Proletkult sponsored. See, for example, those from the Viatka province and Pudemskii factory organizations, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, l. 32; d. 430, l. 20 ob.

[19] In 1919 the center compiled a list of nineteen organizations it would no longer support because they had not answered requests for membership figures, “Spisok ne subsidirovannykh Proletkul’tov,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, ll.7–8.

[20] “Deiatel’nost’ Petrogradskogo Proletkul’ta,” Vneshkol’noe obrazovanie (Petrograd), no. 4/5 (1920), p. 70.

[21] When Lenin asked for specific information about Proletkult members in 1920, the central leaders Vladimir Faidysh and Vasilii Ignatov sent word that it united four hundred thousand proletarians. See V. I. Lenin o literature i iskusstve , 7th ed., ed. N. Krutikov (Moscow, 1986), p. 542.

[22] See D. A. Baevskii, Rabochii klass v pervye gody sovetskoi vlasti, 1917–1921 gg . (Moscow, 1974); Edward Hallett Carr, The Bolshevik Revolution, 1917–1923 (New York, 1952), vol. 2; E. G. Gimpel’son, Sovetskii rabochii klass, 1918–1920 gg . (Moscow, 1974); Diane Koenker, “Urbanization and Deurbanization in the Russian Revolution and Civil War,” Journal of Modern History , vol. 57, no. 3 (1985), pp. 424–50; V. M. Selunskaia, ed., Izmeneniia sotsiarnoi struktury sovetskogo obshchestva, Oktiabr’ 1917–1929 (Moscow, 1976); and William G. Rosenberg, “Russian Labor and Bolshevik Power after October,” Slavic Review , vol. 44, no. 2 (1985), pp. 213–38.

[23] V. I. Lenin, Polnoe sobranie sochinenii , 5th ed. (Moscow, 1970), vol. 43, p. 42, cited in Baevskii, Rabochii klass , pp. 260–61.

[24] Baevskii, Rabochii klass , pp. 244–49.





[25] Gimpel’son, Sovetskii rabochii klass , p. 80.

[26] Lebedev-Polianskii singled out metalworkers as the best candidates for the Proletkult. See V. Polianskii [pseud.], “Nashi zadachi i puti,” Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), p. 7.

[27] The Sormorskii, Brianskii, Tverskoi, Rybinskii, and Raditskii factories all had Proletkults. See Proletarskaia kul’tura , no. 11/12 (1919), p. 65; Proletkul’t (Tver), no. 1/2 (1919), p. 15; and local questionnaires in TsGALI f. 1230, op. 1, d. 121, l. 58 ob.; d. 117, ll. 5, 18.

[28] For the Simbirsk Proletkult see Proletarskaia kul’tura , no. 7/8 (1919), p. 69. For the remaining groups see the local questionnaires in TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1540, 1.6 and d. 1538, l.14 (Tula); d. 121, l. 56 (Kovrov); d. 121, l. 57 (Bezhetsk); d. 117, l. 58 (Izhevsk); d. 117, l. 63 (Podolsk); d. 121, l. 41 (Putilov plant); d. 430, l. 27 ob. (Pudemskii plant).

[29] On Fedor Kalinin see Sbornik pamiati F. I. Kalinina (Rostov on Don, 1920), p. 14; on Kossior see Protokoly pervoi konferentsii , p. 103; on Gastev see Kendall E. Bailes, “Alexei Gastev and the Controversy over Taylorism, 1918–1924,” Soviet Studies , vol. 29, no. 3 (1977), p. 374.

[30] Letter from the Izhevsk leadership to P. I. Lebedev-Polianskii, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1222, l. 16; see also the 1919 questionnaire filed by the Rybinsk organization, d. 117, l. 5 ob.

[31] “Vypiska iz protokola zasedaniia komiteta Moskovskogo raionnogo otdela soiuza metallistov,” October 15, 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, 1. 108.

[32] See the list of six operating railroad Proletkults in the records for the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 122, ll. 1–2. Moscow province’s local organizations were located on the railroad lines, Proletkul’tvorets , no. 1 (1920), p. 4.

[33] N.S. Zaichenko, ed., Organizatsionnye kursypo kul’turno- prosvetitel’nomu delu na zheleznykh dorogakh (Moscow, 1918), pp. 13–14, 20, 40.

[34] Selunskaia, Izmeneniia sotsial’noi struktury , p. 144; and Gimpel’son, Sovetskii rabochii klass , p. 122.





[35] 1922 report from the Ivanovo-Voznesensk organization, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1245, ll. 5–13.

[36] “Svedenie kasaiushchiesia deiatel’nosti Proletkul’ta,” Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv RSFSR f. 2306, op. 17, d. 9, l. 8.

[37] Meeting of the central committee presidium, September 25, 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 6, l. 82.

[38] I. P. Beliaev, “Komissiia fabrichno-zavodskikh predpriatii po kul’turno- prosvetitel’noi rabote sredi shirokikh mass,” Sbornik Kostromskogo Proletkul’ta , no. 1 (1919), p. 100.

[39] Ibid., p. 104.

[40] “Organizatsiia Kostromskogo Proletkul’ta,” ibid., pp. 106–7. [41] Bonnell, Roots of Rebellion , pp. 25–37, especially p. 30.

[42] See Tver and Archangel membership lists, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1525, ll. 66–69 and d. 1209, ll. 35 ob.–36.

[43] The Archangel Proletkult reported 90 percent worker participation in 1921, but a more detailed list, with members’ occupations specified, revealed that less than half of the members were workers. Compare TsGALI f. 1230, op. 1, d. 54, ll. 2–5 to d. 1209, l. 48.

[44] Report by Mariia Shipova, Kologriv Proletkult, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, l. 13.

[45] For Tambov see L. Granat and N. Varzin, Aktery-agitatory , boitsy (Moscow, 1970), pp. 123–24; for Rzhev see the delegate list for the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. l. d. 144, ll. 117–18.

[46] See Engelstein, Moscow, 1905 , p. 16, pp. 20–25.

[47] S. A. Smith, Red Petrograd (Cambridge, Eng., 1983), pp. 134–38.

[48] See Sheila Fitzpatrick, Education and Social Mobility in the Soviet Union, 1921–1934 (Cambridge, Eng., 1979), chapter 1; and Selunskaia, Izmeneniia sotsial’noi struktury , pp. 282, 298–99.





[49] Local questionnaires in TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, ll. 33, 61 ob.

[50] Reports on the activities of music, art, literature, and theater studios for provincial Proletkults at the 1921 congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 54, ll. 2–5. For the provincial organization in Ivanovo-Voznesensk see d. 117, l. 83 ob.

[51] List of delegates at the second national Proletkult congress, November 17, 1921, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144, ll. 124, 117, 118. Several other delegates who gave their background and social position as workers were currently occupying white-collar jobs; see ll. 122, 125, 126.

[52] D. I’lin, “Rzhavoe pero,” Zarevo zavodov , no. 2 (1919), pp. 65–66; “Ustav,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1536, l. 1; A. Dodonova, “Iz vospominanii o Proletkul’te,” in V. I. Lenin o literature i iskusstve , 7th ed., ed. N. Krutikov (Moscow, 1986), p. 501.

[53] See, for example, a debate on this issue in the Moscow Proletkult in 1918, “Khronika,” Gorn , no. 1 (1918), p. 91.

[54] See the discussion of professionalization in Chapter 5.

[55] See the 1922–1924 membership figures, “Sostav Proletkul’tov i rukovodiashchikh organov Proletkul’tov,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 121, l. 51.

[56] On Esenin’s application see Gordon McVay, Esenin: A Life (Ann Arbor, 1976), p. 105. At a meeting in October 1918 the central Proletkult decided to hand the issue over to the peasant section of the national soviet, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 2, 1. 4.

[57] A. A. Bogdanov, “Nasha kritika,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), p. 13.

[58] K. S., “Kul’tura proletariata i bedneishchago krest’ianstva,” Zori , no. 1 (1918), p. 3.

[59] Central Proletkult presidium meeting, July 18, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, l. 58. See also the discussions on March 4 and 19, 1919, in ibid., II. 26, 31.

[60] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Kunavin, pseud.], “Vserossiiskii s”ezd Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), p. 76.





[61] A late 1920 Proletkult list includes the Myshkin Proletkult, Iaroslavl province, the Mglinsk Proletkult near Chernigov, and the Odeev Proletkult in Tula province, all small volost’ organizations. See TsGALI f. 1230, op. 1, d. 56, l. 17.

[62] Questionnaire for the instructor’s division of the Proletkult in 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, l. 64.

[63] Narodnyi Komissariat Vnutrennikh Del, RSFSR. Goroda soiuzov SSSR (Moscow, 1927), p. 41.

[64] Zhizn’ iskusstv , no. 4 (1918), p. 7.

[65] Correspondence from the Kologriv organization to the center, September 13 and 23, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1278, ll. 41–42, 51– 51 ob., quotation l. 51.

[66] “Otchet o deiatel’nosti Kologrivskogo Proletkul’ta za vtoruiu polovinu 1919-ogo goda,” ibid., l. 11 ob.

[67] Correspondence between the Kologriv Politprosvet and the central organization, March 25 and April 16, 1921, ibid., ll. 84–84 ob.

[68] “Peredovaia,” Griadushchee , no. 7/8 (1919), p. 1. [69] Griadushchee , no. 10 (1918), pp. 22, 24.

[70] Meeting of the factory Proletkult, November 15, 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1280, ll. 16–16 ob., 18–18 ob.

[71] Proletkul’tvorets , no. 1 (1920), pp. 2–3. [72] Protokoly pervoi konferentsii , pp. 48–49.

[73] Letter from Proletkult president Leonid Tsinovskii, January 24, 1921, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1209, l. 35 ob.

[74] See the Tula Proletkult records for 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1537, l. 44.

[75] “Ot redaktsii,” Griadushchaia kul’tura , no. 6/7 (1919), p. 1.

[76] P. Arskii, “Rabochii krest’ianinu,” Mir i chelovek , no. 1 (1919), p. 5.

[77] Ilya Ehrenburg, First Years of Revolution, 1918–1921 , trans. Anna Bostock (London, 1962), p. 175.

[78] “Novotorskii Proletkul’t,” Proletkul’t (Tver), no. 1/2, p. 53; Gorn , no. 1 (1918), p. 94; and E. Lozovaia, “O raionnom Moskovskom Proletkul’te,” Vestnik zhizni , no. 6/7 (1919), p. 141.

[79] See Serge Wolkonsky, My Reminiscences , trans. A. E. Chamot (London, 1924), vol. 2, p. 220; and V. Mitiushin, “Tesnyi kontakt,” Gudki , no. 6 (1919), p. 16.

[80] “Sosrav Proletkul’tov,” Al’manakh Proletkurta (Moscow, 1925), p. 183.

[81] See Diane Koenker, “Urban Families, Working Class Youth Groups and the 1917 Revolution in Moscow,” in The Family in Imperial Russia , ed. David Ransel (Urbana, 1978), pp. 289–90, 294–97; and David Mandel, The Petrograd Workers and the Fall of the Old Regime (New York, 1983), pp. 40– 41.

[82] Isabelle A. Tirado, “The Socialist Youth Movement in Petrograd,” Russian Review , vol. 46, no. 2 (1987), pp. 139–41.

[83] “Novosel’skoe Prosvetitel’noe Obshchestvo ‘Proletkul’t, ” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 430, l. 73; “Ustav,” d. 1536, l. 1.

[84] Mandel, Petrograd Workers and the Fall of the Old Regime , p. 41; and Smith, Red Petrograd , pp. 197–200.

[85] Koenker, “Urban Families,” pp. 281, 300; and Rex A. Wade, Red Guards and Workers’ Militias in the Russian Revolution (Stanford, 1984), pp. 173–75.

[86] Quoted in G. A. Shakhov, Maksim Maksimovich Shtraukh (Moscow, 1964), p. 31.

[87] Proletarskaia kul’tura , no. 11/12 (1919), p. 66; and the 1919 questionnaire for the Perovskii raionnyi klub, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 430, l. 10.

[88] From a local questionnaire, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, l. 98 ob. See also reports for the Shchelkovo and Archangel organizations, d. 117, l. 70, d. 1209, l. 85.

[89] Delegate list for the 1921 national congress, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 144, ll. 114, 117, 124, 116.

[90] For a discussion of the issue of the Proletkult and young children see Chapter 6.

[91] See, for example, the records for the Novotorsk Proletkult in Tver province, Proletkul’t (Tver), no. 1/2 (1919), p. 53.

[92] E. P. Khersonskaia, “O rabote s iunoshestvom,” Protokoly pervoi konferentsii , pp. 66–67, 72.

[93] A. A. Mgebrov, Zhizn’ v teatre (Moscow and Leningrad, 1933), vol. 2, pp. 314–15.

[94] Official party figures show the working-class contingent declining from 60 percent to 41 percent in the years 1917 to 1921, T. H. Rigby, Communist Party Membership in the U.S.S.R . (Princeton, 1968), pp. 52, 85.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا