الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص متوسطة

أحمد عبد العظيم طه

2023 / 2 / 1
الادب والفن


شخص

بالثانية ودقيقتين بعد منتصف الليل, كان كل ما يستميل هوى نفس "عمران" بعد نظرة مطيلة إلى ساعة يده تصحبها بعض التمتمة, هو فصل الساعة عن الوقت، أو فصل الوقت من الساعة.
كيف يعني؟..
هكذا تساءل في نفسه ثم أجابها: لابد أن لهذا اللون من الفكر مثيرًا قد زوبع بعقلي فأثار الفكرة من مكمنها. هي لابد كانت نائمة فاستيقظت ولم تنبت من عدم. لا شيء من العدم ينبثق. فالعدم عدم, وسيط, محيط. والوجود وجود, مقصود, مريد.
كانت هذه هي قناعاته المُستقر عليها منذ زمن, وهو لا يريد أن يناقشه بها أحد. إذن ليتحول السؤال في نفسه إلى: ما المثير الذي زوبع بعقلي يا ترى؟. وعلى الرغم من أنه يتذكر حقيقة تلك الشرارة البدئية, إلا أنه استطرد بنفسه: ليس يهم الآن يا نفسي.. الجذور تأخذنا إلى المتاهة.. الأهم هو الثمرة.. فصل الساعة عن الوقت.. فصل الوقت من الساعة.. فكرة عبثية/ قد تكون.. ممكنة/ بل شديدة الإمكان, فما عليك إلا إيقاف ساعتك.. ماذا تريد؟/ تعطيل المفهوم الشمولي لحساب الوقت.. زد إيضاحًا/ إحساس الإنسان بالوقت قبل اختراع الساعة.. نهار, ليل, ظلام, ضوء!/ شمس, قمر, غيم, مطر!.. نعم/ لا...........
طرقات هامسة على باب الغرفة, ودخلت جيلان بحياء وخفة, سلمت على أبيها وابتسمت في وجهه سائلة عن الصحة والأحوال، ثم: كنت عايزه ادفع مصاريف الكليه بكره عشان الكتب.. و... إيه رأيك يا حاج؟..
أعطاها ما سألتْ بلا كلمات كثيرة, وحتى دون أن يرد عليها ابتسامتها قال: اقفلي الباب ورائك ومتخليش حد من اخواتك يجيلي دلوقتي... أومأت برأسها ولكنها قبل أن تخرج التفتت بحرصٍ كمن استجمعت شتات أمر محير، قالت: عاصم بردو كان عايز يروح درس الكيمياء بكره بعد المدرسه علطول وحضرتك بتبقى نايم... قال: "كام"...... ثم عاود الاستلقاء زافرًا بهواءٍ يجعل بعضًا من كريستال النجفة يهتز خفيفاً بفراغ الغرفة.
تبًا لأول الشهر, لقد انقطع حبل من التفكير الثمين على أثر ما يدعى بالقبض/ الماهية/ المرتب/ زفت... وليس كل يوم تأتي هذه الحالة المزاجية التي لا يعرف من أين تهب, فقط تجيء بين الحين والآخر. لكن هذا خطأه عندما لم يغادر غرفته منذ صحيانه بالساعة التاسعة مساءً – غريبة هي مواعيد النوم خاصته – وإذن تلك هي ضريبة التكاسل عن ارتياد المقهى قد حقت عليه بهيئة أفكار عابثة ربما, فارغة من الجائز، لكن ما يهم أنها – كأفكار – قد أتتْ تمامًا من النوع العزيز إلى نفسه. وعلى أية حال سيكون النوم خيارًا جيدًا إذا عاد الآن, حبذا إن لم تأت نجلاء من غرفة البنات, وأكملت هناك إلى الصباح...
في الصباح سيرتدي ملابسه بشغف ويخرج بلا شاي, لم يكن متأخرًا عن موعد العمل, فقط كان هو يريد أن يتحرك في شمس السابعة صباحًا, هذه المحتملة عما يعقبها من ساعات, ولكنها أتت مع ذلك فائرة بلهيب لاسع, وتنذر بيوم قائظ الاشتعال.
طريق العمل, شارع العمل, بوابة العمل, العمل. ما العمل؟. عمل/ وجود/ وقت. ساعة. ساعتان. كم الساعة؟. لا يرتدي ساعة. نسي هاتفه عمدًا. لن يسأل أحد. لا أحد. نهاية العمل.




سكن

بعز الظهر، توقفت سيارة فارهة أمام بوابة "استقبال" إحدى المستشفيات العامة – بمدينة أقل ما يقال عنها أنها صغيرة. وكان أن هبطت منها أجنبية شقراء، في لباس كاشف وضيق. وهي بلهفة قطعت انتباه ثلاثة أفراد الأمن المتغامزين قائلة: where is the doctor?..
استبق أحدهم الإجابة بفم شديد الابتسام وأشار إلى بناء مجاور:the doctor in the sakan. .. قالت: Any -dir-ection please?..
تقدم آخر خطوة باتجاهها مجيبًا: "صباحك زا سكن". ثم أدار ظهره ليفرغ ضحكة صاخبة في وجه زميليه.
التفتتْ إلى سيارتها بنظرة خاطفة، قلقة، ثم قالت: do you mean the Second Floor?..
قال الأخير بوجه جاد لكأنه ينهي المسألة ويردع الجميع: "yes yes".




الغنيمة

لم يشأ قتلة عريان الخباز أن يواروا جثته في التراب، فبالإضافة إلى أن تلك المواراة ستأخذ جهدًا غير قليل لنقله إلى مكان به تراب، أيضًا هم يعرفون في حقائق أنفسهم أنهم ليسوا من الفئة المعنية بإسداء خدمة كهذه لصديق ميت. وعلى الرغم من ذلك فلا يجوز القطع بأنه لم تطرأ لمحة إنسانية على قسماتهم وهم ينظرون إليه مجندلاً على الأرض بثلاث رصاصات في الرأس والعنق والصدر، لكن شديد الصياد (وهو أكبرهم سنًا) قد قضى على تلك اللمحة مبكرًا، عندما قال لشريكيه: "الخاين ملِهش كرامة عند حد"، وهو ما قضى على ترددهما غير المعلن حيال الأمر، وجعلهما يتقافزان وراءه فوق البارز من الصخور دون التفات إلى نداء الجثة.
بعد عام بالضبط على مرور الواقعة، التقى ثلاثتهم بمنزل شديد الصياد، والذي ابتعث امرأته وعياله منها إلى أهلها منذ صبيحة اليوم، مفضيًا المجال لهذا اللقاء الهام، ومرتبًا أفكاره وحسابه في رأسه. قال عبد الهادي الكُلا وهو يشرب الشاي: أن السنة قد عدت عليه كعشرين سنة، وأمَّن عليه ابن عم أبيه جاد المُولى السنان بقول: أنها ليست عشرينًا بل أربعين، في وقتٍ كان شديد الصياد يتفنن في الصمت: بانهماكه في ضبط مياه الجوزة وتجريبها مرات عدة قبل أن يضع أول حجر..
"اتغديتم وللا نجيب غدا؟" "الساعة اربعة يا صياد.. مفيش حد ما أكلشي" "عبهادي عايز يحلي علطول يا صياد.. هئ هئ هئ"
كان جاد المُولى السنان هو أصغرهم سنًا، وأكثرهم مزاحًا، وقد حاول بمكر قروي قح أن يضفي على القعدة جوًا من البهجة، عل ذلك يُسرع بجرجرة مضيفهما إلى الكلام، وبالطبيعة فإن أي كلام سيقوله سيعقبه الكلام الذي وابن بن عمه يريدان سماعه. قطع شديد الصياد ضحك شريكيه بحنجرة عبَّأها الدخان وجعل الصوت الصادر عنها مضخمًا بضعفين على الأقل، قال: أنه لن يضيع وقتًا وسيدخل إلى صلب الموضوع، كيلا يظنا أنه يثقل عليهما بصمته اللذان لا يعرفان سببه الحقيقي، ولكن أولاً ليقرأ ثلاثتهم "الفاتحة" على الخائن والظالم وابن الحرام. فلما أتموها قال: "نقرأها على روح عريان الخباز"، ورد جاد المُولى السنان: "ما انت في اللي فاتت قلت الخاين.. يعني زمانِتها وصلته.. وبعدين دا مسيحي هئ هئ هئ"، لكن شديد الصياد لم يضحك للمفارقة وأصر على ما قال، فلما أتموها أمرهما بالصعود خلفه إلى سطح الدار..
كان السطح مكنوسًا جيدًا، مما دعا عبد الهادي الكُلا إلى الثناء على نظافة ربة الدار، وتمنيه لأن تكون امرأته في نصف نظافتها. ومن السطح بدت "سبطانة" في عيونهم كعالم مألوف، لكنه أمسى عالمًا مريبًا، إذ أن حركة المزارعين العائدين إلى دورهم (في مشهد تاريخي يتكرر منذ آلاف الأعوام) قد خلقت وسطًا لا يلائم بالمرة كم ما ينتوون قسمته من مال. كلم عبد الهادي الكُلا مضيفه متعجبًا: "بس معقولة تكون خافي الفلوس فوق السطح يا صياد!"، وأجاب الأخير: بأن المهم الآن ليس أين كان يخفيها، وإنما المهم الآن هو كيف سيصرفونها.
قال جاد المُولى السنان وهو يبحلق في الشفق بنشوة: "أني حشتري حتة أرض مباني في المركز، وارمي قواعد محلات.. منين؟.. ورثِنا من امي وصلنا.. الفِدن اللي في "ميت يعيش غربية" انتم طبعًا عارفين حكايتهم! هئ هئ هئ.. القضية بقدرة قادر اتحكم فيها واتراضينا انا وعيال خالاتي كلهيتم.. وعيال اخوالي اتنقطم من الحكم يا عيني.. دا وصلت ان واحد فيهم قالي رجليك دي متطبش ميت يعيش تاني هئ هئ هئ..
وقال عبد الهادي الكُلا محاولاً تقليد ابن عم أبيه في جاهزيته البلاغية: "أني بجا حبيع البيت بالجيراط اللي عليه وحأجر في المركز برضك.. وخلي اللي يغني يغني لما يشبع.. ليه؟.. عشان اني ما بقتش طايق النسوان ومشاكل النسوان كل شويه.. الوليه مع سلايفها زي الجاز مع الولعه ياخي.. وبعدين حدفع بتاع تمانين واسفر محسن ابني إيطاليا.. تأشيرة سياحة ويزوغ هناك زي الناس ما بتعمل.. عم الوليه مستنيه هناك طبعًا.. بقاله سبعطاشر سنة قاعد هناك هو وعياله.. حيقعد عنده وحيشغله.. واني وسيد وعبد الله حنفتح بالفلوس الباجيه سوبر ماركت.. وكل شويه السوبر ماركت يكبر يكبر يكبر لحد ما يبجا جُمله.. منين؟.. محسن بيبعت فلوس من إيطاليا.. فلوس كتير.. كتير خالص خالص يا ناس".
نظر شديد الصياد في وجهيهما مليًا، قبل أن يعلن اطمئنانه لما قالاه عبر إيماءه بالإيجاب مصحوبًا بضحكة خشنة مجلجلة، ثم قوله بأنه: صراحة يحسدهما على تلك الأفكار والترتيبات المحكمة، فهو لا يدري إلى اليوم ماذا يمكنه أن يفعل بكل هذه الفلوس، وهو الذي لا يستطيع أن يرث أو يبيع أي شيء. أشار لهما بالتوجه إلى أقصى يمين السطح، حيث تقبع على التوالي ثلاث "عشش فراخ" كبيرة، فلما فتح قفل أوسطها كانت خالية إلا من برميل بلاستيكي أزرق أُحكِم غلقه بغطاء أسود، وكان براز فراخ طازج يدمغ الأرضية الرطبة في كل موضع، كذلك البرميل، لكن الغريب أن واحدًا من عبد الهادي الكُلا أو جاد المُولى السنان لم يقرف، بينما أيديهما وأجزاء كبيرة من جلبابيهما تنعك في القرف، وهما يكدان في حمل البرميل بأعين بارقة ذاهلة فيما يبين صافيًا من لونه الأزرق، ويتبعان شديد الصياد المبتسم إلى أسفل...




غريب

أن تشعرذلك الشعور المرير بالغربة, فأنت شخص جيد تمامًا من ناحية الإحساس بمعناه الإنساني المثالي, هذا أن عمران – والذي يعد نفسه واقعيًا صميمًا – قد خبر هذا الأحساس مرارًا, رغم أنه نادرًا ما يغادر نطاق مدينته البعيدة. لقد بات يمارس إحساسه بالاغتراب كعادة يومية مزمنة. يغترب من الناس, المكان, الطقس, من كامل عالمه كان عمران غريبًا.




المفقود

كانت مياسين عويضة وتُدعى أيضًا ب"أم بطرس" ذاهبة إلى الكنيسة، امرأة غيداء العنق، بارعة المُحيا، ولها بذقنها دقة حسن تسر من يرى، وجسد تتفتق عنه عين الأنوثة، وكان الرجال الساكنين في شارع جودة بمركز كفر الخواصين البحرية حيث تسكن، ينظرون لها نظرات اشتهاء عارمة، وحتى الفتيان في سن البلوغ كانوا ينظرون ذات النظرة ذلك أنهم يعلمون ظروفها من كلام ذويهم، أما نساء الشارع فكن يكرهنها جدًا ويطلقن عليها اسم "الحايكة"، ككلمة ذات وجهين، أولهما حسن يدل على امتهانها للحياكة، وثانيهما سيء يوحي بالفجور، أما فتيات الشارع بدءًا من اللواتي لم يحضن إلى اللائي لم يتزوجن بعد، فقد كن رغم فرط غيرتهن من شدة جمالها، يسعين إلى تقليدها في كل شيء، خفر عينيها لما ينظر لها أحد، عقصة شعرها التي أحيانًا تميل عنقها قسرًا إلى الخلف، مشيتها التي من العجيب أن تكون طبيعية ومن المستحيل أنها تجيء مصطنعة، كل شيء..
عندما دخلتْ من باب الكنيسة رمقها الخفير حامد أبو مبروك بابتسامة ضبع، وقد رفع يده وألقى بالتحية فرفعتْ يدها ووجهها وتمتمت بوهن.
تلقاها القس عبد الملاك يوآنس عند آخر الدرج المؤدي إلى قاعة الكنيسة، وأفضت أمامه كيسًا أسودًا كانت تحمله فوق أحد المقاعد، كان يحتوي مريلة ترجال لصبية في المرحلة الإعدادية وبلوفرين صوفيين لصبي، وقالت مياسين عويضة للقس: أنها لا تريد سوى نصف المبلغ الذي أخرجه فقط، وأنه ثمن القماش والصوف، لكنها تريد منه أن يصلي لها الآن.
أثنى القس عبد الملاك على صنعتها وسماحتها وقد بدا مبسوطاً لقلة ما دفعه من فلوس، ثم تقدمها إلى المذبح الأوسط وأمرها بالتوجه إلى صورة البانطوكراتور، وقد صلى لها صلاة وافية ورش عليها مياهًا مصلية كذلك، وعندما دعا الرب بأن يعيد لها زوجها الغائب من الغيب بكت مياسين عويضة بكاءً غزيرًا، فربت على كتفها وواساها بما يفيد: أن الإله حتمًا لا يرد مطالب عياله الطائعين، وهو يراها الآن ويدرك ما تعانيه من ألم وفقد. أومأت له وقد خفت بكاءها شيئًا، فباركها، وأعطاها كعكة قربان وأتبع بسيلوفانة شفافة تحتوي بخورًا كنسيًا يشبه الفحم، وانصرفت مياسين عويضة بوجه هادئ، وقلب تَرَسَهُ القنوط.




العائد

فجرًا – عندما أطلق الحاج محرز إبراهيم كذا طلقة متعاقبة من بارودته المرخصة، وجودت الحاجة نادرة الطاروطي بالزغاريد قدر ما استطاعت رئتيها؛ علم أهل سبطانة جميعًا أن حسنًا أبا محرز قد عاد من البحر سالمًا. فتوافد الناس على الدار الفرحة من الصباح إلى ما بعد العِشاء بقليل. وكانت التهاني قد خلفت كمًا كبيرًا من زجاجات شربات الورد البلاستيكية، وأقراص وأكياس العجوة والفروطة والنادلر، إضافة إلى كمية باذخة من مواعيد ضربها حسن أبا محرز لأصدقائه، وقوله لآحادهم بأنه حتمًا مُجالسهم وحاكٍ لهم ما جرى كالمرات الفائتة. لكنه في قرارة نفسه كان يعرف أنه الذي لن يفي بموعد، ولن يحكي شيئًا لأحد. المرة الفائتة كانت المرة لا يعرف الكم بعد العشرين التي يرجع فيها من البحر ويتكلم للناس (الذين يبتعدون عمن كانوا في كل مرة) بحياة يعرفون عنها، لكنهم لا يوقنون بوجودها سوى عبر وجوده، حتى أنه عندما هرف ذات مرة عن أرخبيل مهجور يعج بعرائس البحر لم يجد فيهم من يقول له: صه بلغوك هذا بعيدًا عنا، أو يحدجه بنظرة لائمة...
قالت له الحاجة نادرة الطاروطي: غيرك البحر يا حسن.. خلاك تزهج مننا من تاني يوم.. إلاك عايز تفوتنا وتولي جبل لسبوعين ما يخلصم يا بَه؟! منه لله الكان السبب...
أوسد رأسه إلى فخذها، ومدد رجليه مبتسمًا لها بمسقط رأسي معكوس بينما يتمطى. لقد كان آخر ما يهفو إليه في يومه هذا هو العودة إلى البحر، لكنه الذي مضطر إلى ذلك ذات حين، عندما لن تجعله الذكريات الرجراجة ينام، وتضربه الأشواق في قلبه، فيقفِلُ أوابًا إلى حيث قمرته. فلما ورد الحاج محرز إبراهيم مجلسه وأمه اعتدل من نومته قائلاً: تعبناك وسهرناك الليله يا حاج.
ضحك الحاج محرز إبراهيم قائلاً: خلاص.. يبجا متاجيش هنا تاني..
كشرت الحاجة نادرة الطاورطي قائلة: تف من بُجك يا حاج.. ديًا سبطانه كلها تزول من الدنيا وحسن ابني حسه اللي يملا الدنيا..
جرى حوار أسري رائق بين ثلاثتهم، طمأن فيه حسن أبويه على سير حياته، واختصر لهما تفاصيل انضمامه إلى طاقم ملاحي جديد على ظهر سفينة ركاب فاخرة، بدلاً عن ظهر سفينة الشحن التي كان يعمل على متنها، وأن هذا قد جاء متوافقًا مع ما بذله من عرق السنين – كتقدير منتظر من شركة الملاحة التي يتبعها.
ذهب كلاهما إلى النوم، وبقي هو وحيدًا فوق سطح المنزل، بعد تأكيده لهما أنه لن يطيل السهر وسيذهب للنوم عما قليل.
ممددًا على ثُلة الشلت رأى حسن في السماء نجمة ساهرة، وكانت فاجرة الضوء، قال لها: يا نجمة الليلة، بما أنكِ أنثى، أريد أن أسألك سؤالاً.
قالت: تفضل.
قال: هل تعرفين جالا؟
قالت: أعرف كل إناث الكون.
قال: هل تحبني؟
قالت: هي لا تعرفك أساسًا!.
قال: أنا أعرفها.. أنا أحبها..
قالت: قلبها عمران.
قال: ولو...
في الصباح أيقظته قطة الطاروطي – خالته التي في مثل سنه – بقولة توووت صارخة في أذنه، ثم سخرت منه أيما سخرية على يقظته المخضوضة، وهو قام فزعًا مغتاظًا يجري ورائها على السلم النازل إلى المضيفة، وحين كاد يمسكها كانت قد التقطت صغيرها الباكي من الأرض وشرعته فيما بينهما قائلة: اضربني جدامه بجا.. خليه يكرهك...



عقرب

نظر عمران بساعته الـ "ORIENT" مليًا, وكانت الفكرة لا تزال عاملة برأسه كبعوضة بمنخار نمروذ, جذب الزر الجانبي إلى الخارج فتوقفت العقارب. ها قد توقف "الوقت" عن العمل, لقد فصله عن الساعة. "لقد فصلت الساعة عن الوقت/ فصلت الساعة عن الوقت..."، "الأمر بسيط جدًا إذن! من الذي جعله معقدًا؟".
طفق ينتشي بسعادة ساخرة قد حلت على قلبه جراء إحساسه النامي بأنه يُؤكِّل نفسه العبث بالعقل, فهو إذا وثق بهذه النتيجة المتهافتة سيكون – على أقصى تقدير – قد أبدع نكتة جيدة؛ من النوع الذي يُشرك السامع في التحضير للضحك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال