الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجاسوسان

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2023 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


كما أشرنا فى مقال الجاسوس قبل نحو ثلاثة أشهر ، نحن فقط نفكر بصوت عال ، دعونا نفكر بصوت عال مرة أخرى هنا فى هذا المقال ، ودعونا نعيد ترتيب الإحتمالات ونربط كل مسارات القصة مرة أخرى ، فالقصة لم تنتهى بعد ، أو قل أن المأساة لم تنتهى بعد ، والسؤال الذى سوف أطرحه هنا ، هل هناك جاسوس واحد أم جاسوسان ، ومن الجاسوس الأكبر ومن الجاسوس الأصغر ، ومن ذا الذى يحرك الآخر ، السيسى أم بن زايد؟
لقد إستبعدت فى مقالى السابق ، الجاسوس ، أن يكون محمد بن زايد هو الذى جند السيسى أثناء مفاوضات سد النهضة السرية فى أبوظبى سنة 2015 ، وذلك بسبب ظهور جمال مبارك فى عزاء الراحل خليفة بن زايد ، فى صورة ودية للغاية مع محمد بن زايد ، مما بدا وكأنه إنقلاب واضح على السيسى خاصة فى ظل ماتردد عن دعم قطاعات من الجيش المصرى لرئاسة جمال مبارك ، بدعم أطراف إقليمية نافذة فى مصر كالإمارت طبعاً ، لقد أبعد هذا الحدث ، الغامض نوعاً ما ، محمد بن زايد عن دائرة الشبهة مؤقتاً على أنه ضابط الإتصال الذ يحرك السيسى فى كل الإتجاهات ، لكن الأحداث التالية سرعان ماأفسدت هذا الترتيب وعادت لتضع محمد بن زايد على رأس محركى الجاسوس الطفل عبدالفتاح السيسى ، خاصة فى ظل عرض الإمارات الأخير شراء حصة كبيرة من أصول قناة السويس ، والذى تراجعت عنه مؤقتاً بسبب غضبة الرأى العام المصرى ،،،
لقد رجحت فى مقالى السابق أن الجاسوس عبد الفتاح السيسى صناعة أمه مليكة تيتانى المغربية اليهودية وأبيه تاجر الأنتيكات سعيد السيسى، إبن عم عباس السيسى ، زعيم إخوان البحيرة، وأنه لم يكن فى حاجة لبن زايد لكى يصنع منه جاسوساً ، ولا للموساد لكى تعيد تجنده سنة 2016 ، كما زعم الكاتب المصرى الراحل أمين المهدى ، ورغم أن ذلك قد يكون منطقياً فعلاً ، إلا أنه وفى نفس الوقت لايتعارض مع أن يكون ضابط إتصاله ومحرك سياساته هو الجاسوس الأكبر محمد بن زايد ، فى ظل عمل تآمرى متكامل يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتدمير مصر، راعى كامب ديفيد وحل الدولتين ، و تهميش السعودية راعى مبادرة السلام العربية ، والإستيلاء على المنطقة ، وتسليمها إلى اليمين الأمريكى الإنجيلى اليهودى بفرض صلح إبرهام وصفقة القرن عليها ، بدلاً من كامب ديفيد ومبادرة السلام العربية ، وسأحاول هنا إثبات ذلك بربط كل الأحداث المحلية والإقليمية والدولية ، والتى يمكن أن تقودنا إلى هذه النتيجة فى النهاية ،،،
نحن نعلم أن من أولى دوافع الإمارات لعقد صلح إبرهام مع إسرائيل كان إنشاء قناة بديلة عن قناة السويس ، تبدأ من الإمارات على الخليج وتنتهى بإسرائيل على المتوسط ، وكان هناك كثير من السيناريوهات التى فصلتها على صفحتى هنا فى الحوار المتمدن فى مقالى، تطبيع الإمارات بين السلام والعدوان ، وفى محاضرة على قناة هايد بارك بعنوان الإمارات وإسرائيل ، تطبيع أم خيانة؟ ، ولكن أى من تلك السيناريوهات لم يتحقق ، ربما لصعوباتها الفنية أو المادية أو ربما لعدم رغبة الطرف السعودى المشاركة فيها ، ومن ثم عادت الإمارات إلى الوسيلة المباشرة ، أى محاولة شراء أصول قناة السويس المصرية ، وتوجيه الجاسوس عبدالفتاح السيسى لتهيئة الرأى العام المصرى لذلك ،،،
وصل السيسى إلى منصب وزير الدفاع فى عهد حكومة مرسى قصيرة العمر، بسبب قرابة أبيه سعيد السيسى للإخوانجى الكبير عباس السيسى ، فلاشك أن مرسى قد إستدعاه للمنصب بسبب هذه القرابة وليس أكثر، ثم إنقلب السيسى عليه وعلى كل الشعب فى ثورة يونيو، كما هو معروف ، ووجد فرصته الكبيرة فى السلطة المطلقة التى ستمكنه من أدار الدور التدميرى لمصر والذى تدرب عليه منذ نعومة أظفاره ، ذلك الدور الذى دعمه الجاسوس الأكبر محمد بن زايد ، ومع وضوح الجزء الأخير من هذه المسيرة السريعة فسنظل لانعرف كيف وصل شاب قليل الذكاء متواضع الثقافة مزدوج الجنسية إلى منصب رئيس المخابرات الحربية الخطير قبل أن يستدعيه مرسى لمنصب وزير الدفاع الحاسم ، من الذى دعمه للوصول إلى هذا المنصب ، الإخوان ، السى آى إيه ، الموساد ، آل نهيان ، سنترك للتاريخ الإجابة ،،،
فى سنة 2014 إلتقى السيسى ببن زايد فى القاهرة لأول مرة أثناء مشاركة الأخير فى حفل تنصيب السيسى رئيساً، وبعد ذلك مباشرة طلب السيسى التوسط فى ملف سد النهضة ، وكما يشير محمد دحلان فى مقال النيوزويك الخاص بالمفاوضات السرية لسد النهضة أن السيسى هو الذى بدأ الإتصال بدحلان وطلب منه التوسط فى ملف سد النهضة ، وكان دحلان يعمل مستشاراً لبن زايد فى ذلك الوقت ، والذى سمح له بذلك، وبالفعل بدأت المفاوضات السرية برئاسة رئيس المخابرات المصرية فى ذلك الوقت خالد فوزى ، وبين الرئيس الإثيوبى ديسالجين ووزير خارجيته تادروس أدانوم ، ووساطة دحلان حتى إنتهى الأمر بالتوقيع على الإتفاقية الكارثية فى مارس 2015 فى الخرطوم بين السيسى والبشير وديسالجين ، كل ذلك دون الإشارة إلى أى لقاء مباشرمتعلق بتلك المفاوضات بين السيسى وبن زايد، وحوالى نفس السنة 2015-2016 تم توقيع إتفاقيات إنشاء العاصمة الإدارية المصرية الجديدة بين بعض شركات الجيش المصرى وشركة إعمار الإماراتية، والتى إنسحبت منها الشركة الإماراتية فيما بعد ، لكن المشروع إستمر ومعه بدأت مسيرة إستنزاف السيولة التى أدت إلى الوضع الإقتصادى الكارثى التى تعيشه مصر اليوم ، تبعاُ لتقرير صندوق التقد الدولى ، ضربتان قاتلتان مرة واحدة ، فقدان النيل بلا داعى و هدر السيولة بلا ضرورة ، بعد ذلك بدأت لقاءات السيسى وبن زايد تظهر فى العلن، حتى وصل عدد مرات لقائهما إلى أكثر من أربعين لقاء حتى وقت قريب ، وهو عدد لقاءات غير مسبوق بين رئيسين فى تاريخ المنطقة، وربما فى تاريخ العالم ، كما بدأت الإمارات سياسة دعم مصر المالية فى منح وقروض متوالية مقابل وراثة الدور المصرى فى المنطقة وتوجيه سياستها وفقاً لمصالحها حتى توقفت فجأة فى السنتين الأخيرتين وبدأت سياسة شراء الأصول المصرية بدلاً من القروض والودائع ، فبدأت بشراء الأصول المصرية الرابحة ومنها بعض أسهم حقول الغاز فى المتوسط ، حصة من البنك التجارى الدولى وشركة فورى لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإليكترونية وشركات أبوقير للأسمدة وموبكو للأسمدة والإسكندرية للحاويات وبنك هرمس الإستثمارى وسوديك للتطوير العقارى وآمون للأدوية وتفاوضت حتى على إستثمار حديقة الحيوان بالجيزة ، حتى العرض الأخير بشراء حوالى نصف أسهم قناة السويس ، وهى القشة التى قضمت ظهر الجمل ونبهت المصريين أخيراً للخطر المحدق ببلادهم ،،،
لم يكن مسار الإستحواذ على مصر من قبل الإمارات هو كل شىء ، فبعد وصول دونالد ترامب إلى الحكم فى أمريكا سنة 2017 ومعه مشروعه العدوانى ضد العالم بالتحالف مع صديقه بوتين، ومشروعه الشرق أوسطى الخاص الذى عرف بصفقة القرن ، بدأ المسار الخاص بالجاسوس الأكبر محمد بن زايد ، الطامح إالى السيطرة والنفوذ بأى ثمن ، والذى فاجأ العالم بما عرف بصلح إبراهام المفاجىء مع حزب نتنياهو المتداعى سنة 2020 ، متجاوزاً بذلك ميراث كامب ديفيد وحل الدولتين ، وميراث مبادرة السلام العربية السعودية للسلام الشامل فى الشرق الأوسط ،،،
فى هذه الصورة العريضة يمكن فقط أن ترى مهمة السيسى وبن زايد بوضوح ، العمل لصالح تيار اليمين الأمريكى الإنجيلى اليهودى ، الذى تزعمه دونالد ترامب وإبن زوجته سمسار العقارات اليهودى ، جاريد كوشنر ، مع اليمين الإسرائيلى بزعامة نتنياهو ، للسيطرة على الشرق الأوسط ، من خلال تجاوز الإرادة الدولية ومشاريع السلام العلمانية السابقة ، وتهجير الفلسطينين من الضفة الغربية إلى سيناء المصرية ، تحقيقاً لحلم إسرائيل التوراتية ، من البحر للبحر ، وهو ما تطلب ، إضعاف مصر إلى أقصى درجة ممكنة، بالإستيلاء التام على السلطة فيها وتدمير مؤسساتها المدنية وعزل جيشها وتدجينه ،والإستيلاء على إقتصادها وثرواتها بواسطة شركات الجيش والصناديق السيادية الخاضعة للرئيس ، الإستمرار فى سياسات إهدار المال العام بحجة تجديد البنية التحتية وتجنب المشروعات الإنتاجية ، خفض العملة المتوالى وتجويع الشعب وإهمال التعليم والصحة ، وإنتزاع سيناء منها وربما تفتيتها وقتل أكبر عدد ممكن من أهلها تجويعاً وسجناً ، مع الإهمال المتعمد لمشروع غار شرق المتوسط حتى لايمثل مخرجاً لمصر ، كما تطلب هدم موروثها الثقافى و تدمير مدنها التاريخية القاهرة والإسكندرية ، وترويع نخبتها ، وتصدير السفهاء للمشهد الثقافى والإعلامى ، وباقى القصة المعروفة التى أنجز السيسى معظمها وكان إستيلاء جيش السيسى على سيناء وفصلها عن سلطة مجلس الوزراء آخر حلقاتها ، تمهيداً للحظة التى يمكن تهجير الفلسطينين إليها ،،،
ولم يكن ذلك كافياً أيضاً ، فقد كان يتطلب إخضاع السعودية لصلح إبراهام وإجبارها عن التخلى عن مبادرة السلام العربية الشاملة وهو مافشل فيه ترامب وكوشنر ، ذلك الموقف الذى خدمته الظروف بخسارة ترامب للإنتخابات وتحرر السعودية من ضغطه الثقيل عليها ، حتى الآن على الأقل ، ولم يكن ذلك كافياً أيضاً ، فقد كان يجب القضاء على تيار السلام والديموقراطية الإسرائيلى، العدو الداخلى الأكثر خطراً على نتنياهو وحزب اليمين الإسرائيلى المتطرف ، لكن الفشل كان حليف نتنياهو أيضاً كما كان حليف ترامب وكوشنر مع السعودية ، رغم كل ماقدمته له الإمارات من دعم وإستثمارات لتجعل منه بطلاً فى مواجهة تيار السلام ، فقد إستطاع هذا التيار البطولى الصغير - ضمير الشرق الأوسط - إسقاط نتنياهو وتكوين حكومة حكومة بينيت لابيد سنة 2021 والتى لم تستطع أن تعيش طويلاً بسبب تشرزمها وأغلبيتها الضعيفة ليعود نتنياهو مرة أخرى اليوم ويبدأ التحرك على نفس المحاور وبنفس روح الهوس الدينى والقومى ، لتنفيذ صفقة القرن وتحقيق حلم إسرائيل التوراتية الكبرى ، محاولاً إستخدام الورقة الإيرانية للضغط على السعودية بالإنضمام إلى مسيرة صلح إبراهام الغير ملزم بالحل الإقليمى الشامل ، والقضاء على سلطات المحكمة العليا الإسرائيلية ، الداعمة لتيار السلام والديموقراطية ، والتى يمكنها أن تعوق خططه فى أى لحظة ، إن كل الحجج التى يقدمها نتنياهو للإسرائليين والعالم من أجل تحجيم وإضعاف المحكمة العليا الإسرائيلية هى حجج واهية ، إن نتنياهو يريد أن يزيح المحكمة من طريقه حتى لايعترضه معترض إذا مابدأ فى تنفيذ جريمة صفقة القرن بتهجير الفلسطينين إلى سيناء عندما تسمح الظروف بذلك ، ومع ذلك فقد يفشل هذه المرة أيضاً ، كما فشل فى المرة السابقة ، فالسعودية مازلت ترفض الخضوع لصلح إبراهام وتتمسك بمبادرة السلام العربية ، كما أن تيار السلام والديموقراطية الإسرائيلى مستمر فى المقاومة وقد إنضم إليه أخيراً عدد كبير من المثقفين الإسرائيليين ، المقيمين داخل إسرائيل وخارجها ، منهم مائة مؤرخ كتبوا خطاب دعم موحد موجها للرأى العالم الإسرائيلى يطالب بعزل نتنياهو لخطورة وجوده على الأمن القومى الإسرائيلى ، ويبدو أن المحكمة العليا الإسرائيلية قد قبلت التحدى وأمرت بطرد وزير الداخلية والصحة فى حكومة نتنياهو ، أرييه درعى ، زعيم حزب شاس الدينى المتطرف ، بسبب تهربه من الضرائب ، وليس من المستبعد أن تأمر حتى بإبعاد نتنياهو نفسه الذى لم يعد يملك عملياً سوى ورقة الجاسوسين السيسى وبن زايد ، والمستعدين للذهاب حتى نهاية العالم من أجل دعمه ودعم حزبه الدينى القومى المتطرف ، أحدهما يلعب على المكشوف لايخشى أحد ، والثانى خبيث ، يخادع الجميع مستمراً فى تدمير بلاده بلا توقف ،،،
الخلاصة ، السيسى جاسوس فتاك مدمر ، تم زراعته طفلاً وتأهيله وإيصاله للسلطة ، وفى سنة 2014- 2015 تم تسليمه لمحمد بن زايد ، الجاسوس الأكبر ، أى بفارق بسيط عن تقدير أمين المهدى بتجنيد الموساد له سنة 2016 ، وبمساعدة محمد بن زايد وقع إتفاقية المبادىء الخاصة ببناء سد النهضة مع إثيوبيا ، والتى فصلت النيل عن المصب وأعطت للإمارات نفوذاً كبيراً فى مصرومهدت للإستيلاء عليها ووراثة دورها فى المنطقة، وحوالى نفس السنة وجه الضربة القاتلة الثانية ووضع حجر الأساس للعاصمة الإدارية التى إيتعلت جزءً كبيراً من الإقتصاد المصرى ، وبدأ بذلك رحلة تدمير مصر، كما أسلفنا، لصالح تيار اليمين الأمريكى الإنجيلى اليهودى ، المنافس ، لتيار الإخوان والشيعة فى صراع الإستيلاء على الشرق الأوسط ،،،
مصر اليوم فى خطر عظيم ، ومعها كل الشرق الأوسط ، بسبب مؤامرات الفناء التى يقودها الجاسوسان ، محمد بن زايد وعبدالفتاح السيسى ،،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سيره البلد
احمد عزمى ( 2023 / 2 / 1 - 18:33 )
الاستاذ عبد الجواد , مؤسف جدا اننا ننتمى الى مصر الفاشله الفاسده المتخلفه الفضيحه , اصبحت مجرد سيره مصر تجلب القرف والغثيان والحزن , مصر اصبحت كابوس للمصريين ولاشك فى هذا


2 - الرد على الأستاذ أحمد عزمى تعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2023 / 2 / 1 - 23:53 )
طبعاً نحن نكتب مثل هذا الكلام ونحن نتألم ولكن لابد من مواجهة الواقع هذه هى الحقيقة المؤلمة ا مصر فى أسوء حالاتها إالا أن هذا لايمنع وجود الأمل فى التغيير والنهضة مرة أخرى ، كذلك يجب أن ندرك أننا لسنا إستثناء فكل المنطقة تقريباً فى حالة سيئة مع الأسف مع إختلاف الظروف فى كل بلد مع ذلك الخطورة فى مصر هى شخص عبدالفتاح السيسى ، لابد من عزله فوراً وأنا واثق أن الأمور ستتحسن برحيله ، شكراً على مروركم الكريم ، ولاتحزن غدا دائما أفضل ، التحية والت

اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران