الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب والدولار-3-

شفان شيخ علو

2023 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الشعب والدولار -3-
ورقة الدولار لا قيمة لها ، لكن قيمتها في مكانتها، وفي الاهتمام بها، أي في قوتها. وحين يأتي الناس على ذكرها، أو على اسم الدولار، حتى الإنسان الذي لا يعرف عملة من يكون هذا الدولار، فهذا يعني أن هناك قوة ومكانة وقيمة له. حين يفكر الإنسان العادي نفسه، في أمر الدولار، وماذا يساوي أجره اليومي، إذا كان عاملاً، وكم يمكنه شاراء مواد غذائية وغيرها، وما المبلغ الذي يكفيه في أدنى حد، والدولار هو الميزان، فإنه ينظر إلى عملته التي يرتبط بها مصيره: الدينار، حزيناً وغضباناً، ويعرف دون أن يفسّر له أي كان، ودون أن يسمع من يتحدث عن سعر الصرف، وأين حل الدولار، وماذا حل بالدينار، يعرف أن وضعه صعب. يعرف الإنسان العادي أن الدينار الذي يتحدد به مصيره: فرحاً أو حزناً، نوماً مستقراَ أو عدم القدرة على النوم، لأن الدولار يواصل الارتفاع في سعره، أي إن ضغط هذا الإنسان العادي بدوره يزداد.. يعرف كل ذلك لأن يعيش هذه الحالة البائسة، ولا يعرف ماذا يفعل. وهذا الإنسان العادي يمثل نسبة كبيرة من شعبنا، الذين بالكاد يستطيعون تأمين الحد الأدنى من العيش أو الكفاف، وهذا الإنسان الذي يظهر حائراً، هو نفسه الذي يمثّل أمل بلدنا، قوته، أمانه، ضعفه، ويأسه، ومستقبله كذلك. لأنه مشدود إلى ترابه، إلى وطنه، إلى أهله، إلى أفراد عائلته، ومخلص لكل هؤلاء، مخلص للذين يمثّلون في البلد: للذين يقودون البلد.
لكل هذه الأسباب، ألا يحتاج إلى الاهتمام، إلى النظر في أمره، إلى تقدير وضعه، وسماع صوته المجروح، والنظر إليه وهو يمشي ثقيلاً في خطواته، ووجهه منقبض؟
أليس من الواجب على ساستنا التفكير في هذه النسبة الكبيرة من أبناء بلدنا الطيبين، البسيطين، الفقراء والعفيفين كذلك، والذين رغم فقرهم، يحبّون وطنهم، ويعطفون على بعضهم بعضاً، ولكن الوضع المادي حين يصبح صعباً، ومع هجمة الدولار الشرسة، لا يعودون كما هم، لأنهم سيفكرون في كيفية معايشة الحالة الجديدة، أي كيف يمكنهم أن يحافظوا على وضعهم، وليس في يديهم أي قوة، ليس لديهم قدرة على التصرف: لوقف الدولار عند حده، والتعامل مع الدينار عملتهم، باحترام، لأنهم حين يجدون ما يستجيب لحاجاتهم اليومية والبسيطة، لا يعودون ينظرون بعيداً، لا يحلمون بعالم جميل ويوفّر لهم كل شيء، إنما ما يسترهم، وما يبعد عنهم شبح الفقر والحرمان من أبسط متطلبات الحياة: القوت اليومي. هذا القوت الذي بات تأمينه صعباً، وهذه الصعوبة تزداد، لتزيد أبناء شعبنا بؤساً وقهراً.
الدولار الذي أصبح حديث الساعة للجميع، ودون استثناء، إنما مع فارق كبير: الذي يجد فيه وبه فرصته ليزداد غناه، ممن يملكون الملايين، ويستغلون أبناء شعبهم حتى أقرب المقربين منهم، مقابل هؤلاء الذين لا يريدون لدينارهم الذي بين يديه أن تنقص قيمته أكثر مما هو عليها، وأنهم حين يفكرون في الدولار، فهذا يعني أنهم قد أصبحوا في وضع صعب جداً، وقد زاد وجعهم كثيراً.
ساستنا في مثل هذا الوضع، أمام تحد صعب، وأعتقد أنهم يملكون الكثير لضبط الوضع، أن يعطوا اعتباراً لأبناء شعبهم، للدينار" البائس " بين أيديهم، ولا بد أنهم سيكون محل تقدير واحترام من جهتهم.
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساعدات بملياري دولار للسودان خلال مؤتمر باريس.. ودعوات لوقف


.. العثور على حقيبة أحد التلاميذ الذين حاصرتهم السيول الجارفة ب




.. كيربي: إيران هُزمت ولم تحقق أهدافها وإسرائيل والتحالف دمروا


.. الاحتلال يستهدف 3 بينهم طفلان بمُسيرة بالنصيرات في غزة




.. تفاصيل محاولة اغتيال سلمان رشدي