الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا جاء بلينكن إلى فلسطين المحتلة؟

عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)

2023 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة إلى القاهرة، وفلسطين المحتلة، ورام الله، لا تحملُ جديدا للقضية الفلسطينية، سوى المزيد من النفاق والدّعم الأمريكي لإسرائيل، والالتزام الشديد بأمنها وحمايتها، والضغط أكثر على العرب لزيادة التطبيع مع المُحتل الإسرائيلي.. وتكرار ذات العبارات المُمِلّة عن حل الدولتين، وعدم اللجوء إلى العُنف، وعدم توسيع المستوطنات.. وكل هذا الكلام المُستهلَك..
ولا تحملُ جديدا للمنطقة سوى زيادة التحريض والفُرقة والانقسامات، وتأجيج الصراعات، وصبّ الزيت على النار، خدمة لمصالح أمريكا..
لم تكُن واشنطن في يوم من الأيام، صادقة وجادّة في تعاملها مع القضية الفلسطينية، وكانت دوما جزءا من المُشكلة، وتغطّي وتحمي إسرائيل في الأمم المتحدة، في كل أفعالها العدوانية وممارساتها الوحشية بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وتتّهمهم بـ (الإرهاب) ، بينما الإرهابي الحقيقي يقتل ويُدمِّر، ويهدم البيوت فوق ساكنيها، كما حصل أخيرا في القدس الشرقية، ويرمي الناس في العراء..
قبل جولة بلينكن إلى المنطقة أصدرت وزارة خارجيتهِ بيانا، قالت فيه:
(أن بلينكن سيسافر إلى مصر وإسرائيل والضفة الغربية من 29 حتى 31 كانون ثاني / يناير 2023 للتشاور بشأن قضايا بينها العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية وأزمة أوكرانيا وملف إيران .. كما يتوجه بلينكن، بعد القاهرة، إلى القدس ورام الله ...الخ..).
وقد وصل بلينكن فعلا إلى القاهرة والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، وهناك بحث في مسائل ليبيا والسودان وإيران وسورية والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، وبعثَ برسالة إلى وزير خارجية روسيا، عبْر وزير خارجية مصر، يدعوه فيها إلى وقف القتال في أوكرانيا، كما صرّح لافروف..
ثم التقى في فلسطين المحتلة برئيس وزراء إسرائيل، والقيادات الإسرائيلية، وأكد المؤكّد عن حرص الولايات المتحدة على أمن إسرائيل، وطمأنها أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن أمنها، كما يصرح دوما قادةُ البيت الأبيض.. وانتقل بعدها للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولِيمارس على الجانب الفلسطيني ذات سياسة الكذب والنفاق والخِداع والمماطلة والضغط، وعلى الوعد يا كمُّون، في حل الدولتين، دون أي فعل أمريكي ملموس وجدّي وحقيقي في هذا الإطار سوى الوعود الكاذبة، التي ما زالت تتكرر منذ اتفاق أوسلو الكارثي عام 1993 ..
بالمُحصِّلة، لم تأتي هذه الجولة للوزير الأمريكي بجديد، وهذا كان متوقعا بالطبع.. وإن كان هناك من جديد فهو زيادة التوتر في المنطقة..
وتستمر المأساة، ويستمر الاحتلال والاستيطان والقتل والاعتقال، والاقتحام، والتهجير ومصادرة الأراضي والبيوت، مع كل حكومة إسرائيلية، وجميعها تتنافس مع بعضها في تطرفها، وفي شدة فتكها بالشعب العربي الفلسطيني، مُعبِّرة بذلك عن مشاعر كل أبناء إسرائيل، الذين ينتخبون هذه الحكومات، وفي كل مرّة يرسلون برسالة جديدة للشعب الفلسطيني وللعرب والعالم، أن هذه الحكومات المتطرفة تُمثلنا، وتعبّر عن تطلعاتنا كشعب إسرائيلي، وآخرها أكثر حكومة تطرفا، وهي حكومة نتنياهو الأخيرة..
**
لا يكفي أن يوقِف السيد محمود عباس التنسيق الأمني مع إسرائيل لبعض الوقت، كردّة فعلٍ مؤقّتةٍ، ثمّ يتراجع ويعود للتنسيق الأمني أمام الضغوط الأمريكية والأوروبية، وحتى العربية..
لا يكفي أن تقوم المنظمات الفلسطينية المقاوِمة، بعملٍ هنا أو هناك بين الفينة والأخرى، كردّة فعلٍ على عدوانٍ إسرائيلي..
إسرائيل لن تفهم إلا بمقاومةٍ ثابتةٍ ودائمةٍ ومستمرةٍ، وعلى مدى الساعة، من داخلِ فلسطين، ومن جبهة الجولان، وجنوب لبنان، تزعزعُ أمنها وتجعل أبناؤها يعيشون بشكلٍ دائمٍ في بيوتهم وخارج بيوتهم، الخوف والرُعب والشعور الدائم أن حياتهم عُرضةً للخطر والموت في أي لحظة، ونرى كل يوم والآخر عملية فدائية جديدة في وجه الاحتلال..
الإسرائيلي الموجود في أي مُستعمَرة إسرائيلية (ويقولون مُستَوطَنة، والأصح مُستعمَرة) هو مُحتلّا، سواء كان مدنيا أم عسكريا..
**
بالمقابل، ماذا يفعل العرب؟.
المزيد من الخنوع والاستكانة والتطبيع.. ولن أتحدث طويلا هنا، وإنما سوف أشيرُ فقط إلى مقابلة لوزير الداخلية الإسرائيلي، وزعيم حزب (شاس) الحاخام أرييه درعي، مع موقع (هيدابروت) الإسرائيلي، وقال فيها:
(حكام العرب يصلحون للركوب فقط لأنهم دواب موسى .. ويجب أن يزور الحكام العرب بلادنا لخدمة اليهود ولا يجدر بنا أن نستقبلهم كشركاء.. هم دواب موسى ويجب علينا فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائية، فشراء سرج جديد وعلف جديد للدابة من واجب صاحبها ولكن يجب أن ينظر صاحبها إليها كوسيلة للركوب فحسب، ومكان الدابّة هو الإسطبل ولا أحدا يذهب بها إلى غرفة استقبال بيته. إن المسلمين سيبقون أعداء لليهود ما دام القرآن كتابهم، والعرب هم أبناء هاجَر أمَة إبراهيم لذلك يجب أن يكونوا عبيدا لليهود. الشعب اليهودي شعب الله المختار وهو الشعب الحامل للرسالة وليس لغيره الحق في ذلك ، وكل من يدّعي ذلك يستحق العذاب)..
إذا هذا ما قالهُ حاخام إسرائيلي، ورئيس حزب إسرائيلي، وعضوا في الكنيست الإسرائيلي، ولهُ قاعدتهُ الشعبية، وذلك عن العرب..
كلام في منتهى العنصرية والحقد والبغضاء والكراهية والازدراء والإهانة للعرب..
فهل بالغَ هذا الحاخام بنظرتهِ للعرب؟. للأسف هُم من جعلوا هذا الصهيوني المتطرف أن يقول عنهم هذا الكلام المهين جدا، والمؤلِم والمُحزِن جدا، لشدّة استكانتهم واستمرائهم للذل والهوان، غير المسبوق في التاريخ.
**
للأسف الشعوب العربية، على العموم، فقدت ثقتها واحترامها للحكام العرب، أيضا على العموم (كي لا يكون الكلامُ شاملا) وهي تراهم خانعون أمام الإسرائيلي، وهمّهم الوحيد العروش والكروش، والقصور، وحياة الرفاهية والترف..
ويحضرني هنا قولٌ لولي عهد الأردن السابق الأمير، الحسن بن طلال، يقولُ فيه: مشكلة العرب بثلاث (الطُغاة والغُلاة والغُزاة)..
فهل أفصح من هذا الكلام في وصفِ أحوال العرب..
فالحمدُ لله، لدينا الطُغاة (على العموم كي لا يكون الكلامُ شاملا) ولدينا الغُلاة والمتطرفين في الدين، على المستوى الإسلامي عموما، العربي وغير العربي، الذين هدرُ دماء المسلمين أسهلُ عندهم من سكبِ المياه أثناء الوضوء، وآخرها الجريمة النكراء التي وقعت في مدينة بيشاور الباكستانية شمال باكستان في أحد المساجد وأثناء صلاة العصر، وراح ضحيتها مائة شخص..
ولدينا الغُزاة من كلِّ حدبٍ وصوب..
**
رحم الله نزار قباني:
وإذا أصبح المُفكِّر بوقا ــ يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ
ماركسيُّون والجماهير تشقى ــ فلماذا لا يشبع الفقراء؟
قُرشيون لو رأتهُم قريشٌ ــ لاستجارت من رملها البيداءُ
لا يمينٌ يُجيرنا أو يسارٌ ــ تحت حدّ السكّين نحن سواء
لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القدسُ ــ وضاعت من قبلها الحمراءُ
يا فلسطين لا تنادي عليهم ــ قد تساوى الأمواتُ والأحياءُ
قتلَ النفطُ ما بهِم من سجايا ــ ولقد يقتلُ الثريَّ الثراءُ
لا تنادي الرجال من عبد شمسٍ ــ لا تنادي لم يبق إلا النساء
ذروةُ الموت أن تموت المروءات ــ ويمشي إلى الوراء الوراءُ
**
نعم نحن نعيش ذروة الذل في تاريخنا.. ماتت المروءات والكرامات، وحينما تموتُ هذه، فماذا يتبقّى من الأمة؟. بل حينما تموتُ هذه داخل الإنسان كفردٍ، فماذا يتبقّى منهُ كإنسان؟.
فهل من أملٍ بنهوض هذه الأمة؟. كيف ومتى؟.
سنبقى محكومون بالأمل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة