الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمين الاسرائيلي واليمين الفلسطيني وجهان لعملة واحدة

اسماعيل شاكر الرفاعي

2023 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


اليمين الاسرائيلي واليمين الفلسطيني وجهان لعملة واحدة

لا تريد اسرائيل وليس بامكانها ان ارادت : ان تنهي النزاع بينها وبين الفلسطينيين بمعركة واحدة حاسمة .
وليس بامكان المحيط العربي الذي نجحت الصهيونية العالمية في استيطانه ، باستعادة فلسطين منها بمعركة واحدة حاسمة …

حين انسحب الاستعمار الاوربي من الشرق الاوسط ، خَلّفَ وراءه بركاناً دائم التفجر ومشكلة عويصة وعصيّة على الحلّ . وقد تبيَّنَ لاحقاً ان ورثته من العرب والاسرائيليين لا يملكون القدرة على مقاربة الواقع برؤية واقعية : ينظر فيها كل منهما الى امكاناته الحقيقية ، ويعترف علناً بعجزه - في عصر العولمة وتشابك المصالح والاقتصادات العالمية - عن الحاق الهزيمة بالآخر ومحوه من الوجود ، لكن الطرفين ظلا عالقان باهداب موروثها الديني : العبري والاسلامي : وتمسكا بما كان يدعوا اليه دينيهما من سحق الآخر وتصفيته مادياً ، وتجلى ذلك واضحا في الشعار الدموي الذي يرفعه العرب والذي يقول بأن : صراعنا مع اسرائيل صراع وجود لا صراع حدود ، وهدا الشعار هو الوجه الآخر للشعار الصهيوني : من النيل الى الفرات …

طالما ظلّت الشعوب العربية بغالبيتها العظمى ترفض التطبيع مع إسرائيل ، فلن تحصل اسرائيل على شرعية الوجود من محيطها الاقليمي ابداً . لم تستشرف الصهيونية العالمية ردود افعال شعوب المنطقة بشكل صحيح ، وهي تحوّل فلسطين : كل فلسطين الى مستوطنة يهودية ، وتحول العرب الى مواطنين من الدرجة العاشرة ، ولم تأخذ مراكز الرأسمال العالمي المتحالفة مع الصهيونية رفض شعوب المنطقة للتطبيع مأخذَ الجد : فلم تحلله تحليلاً صائباً ، ولم تستنتج منه مواقفها ، واستمرت تطرح سؤالها البليد : لماذا يكرهوننا ؟

لقد فشل اتفاق السلام بين اسرائيل وبين فتح بقيادة ياسر عرفات في جعل التطبيع والتعايش الاسرائيلي الفلسطيني حقيقة واقعة على الارض ، وقبلها فشلت اتفاقيات السلام مع مصر ثم مع سوريا والاردن في منح اسرائيل جواز مرور الى عقول وقلوب الملايين ، ولم تسعف اسرائيل اتفاقياتها الجديدة مع بعض دول الخليج العربي تحت خرافة نسل ابراهيم ، وخرافة حوار الاديان الابراهيمية : من تحقيق هذه الشرعية …

لم يمر في خلد المكاتب السياسية لمنظمات ( التحرير ) الفلسطينية : ان الظلم الذي توقعه اسرائيل بالشعب الفلسطيني يومياً : سيصل ان يوم الى رفض حالة الانتظار واتخاذ قرار الانفصال عنها ، وتبني الدفاع عن كرامته المهدورة بنفسه : عن طريق ممارسة مقاومة من نوع جديد ، باستقلال تام عن بيروقراطية منظمات ( تحريره ) ، وترهل احزابه ، متجاوزاً استراتيجيتها العسكرية القائمة على بناء منظومات صاروخية لتحقيق الردع وليس التحرير ، وهي استراتيجية مستعارة من فترة الحرب الباردة التي تجاوزها الزمن ...

العمليات الاخيرة التي نفذها الشباب الفلسطيني باستقلال عن المنظمات الهرمة : تُعد ابتكاراً نضالياً جديداً لا يقوم على : ترديد كليشيهات فقهاء حماس ومنظمة الجهاد عن : جهاد العين والجهاد الكفائي ..الخ ، بل يقوم على الانفصال عن الموروث الجهادي برمته : القديم منه الذي يستلهم فقه غزو بدو الجزيرة العربية للشرق الاوسط ، والحديث الذي قدم ويقدم آلاف الضحايا دون جدوى …

العقل النضالي للشباب الفلسطيني ، وليس جهاد الشباب الفلسطيني ، يسترشد بمسلمتبن اساسيتين ، الاولى : ترهل المنظمات والاحزاب الفلسطينية ( ويمكن تعميم هذه المسلمة عربياً ) وشيوع الفساد في اركان مراتبيتها المقيتة ، والمسلمة الثانية تتمثل بقيام الشباب الفلسطيني بتنفيذ عملياتهم النضالية ، وعدم الالتفات الى اصحاب ( الخبرة النضالية ) .
وحتى لو لم تدرك معظم الجماهير الفلسطينية والعربية : المعنى العميق للقيام بعمليات فدائية وانتفاضات باستقلال تام عن رأي المكاتب السياسية للمنظمات : فأنّ تأييدها الواسع لعملية القدس والتي جاءت رداً على مجازر الامن الاسرائيلي في جنين هو استفتاء شعبي فلسطيني وعربي على تأييد الانعتاق من اقفاص المنظمات العتيقة التي تراكم على مكاتبها الصدأْ .
لقد تحدى الشباب الفلسطيني رقابة ثلاث سلطات قمعية وهو ينفذ عملياته : سلطة الاحتلال في تل ابيب ، وسلطة الاقطاع السياسي في الضفة الغربية ، وسلطة قمع العقل والحداثة والتنوير في غزة . ونجاح عمليات الشباب يدل على ان الشباب الفلسطيني قد باشر بالفعل استخدام مناهج التفكير والعلوم الحديثة ، وحقق استقلالاً ناجزاً عن اللامعقول السياسي الذي لم يحرر شب اً واحداً من الارض ، وتحوّل الى دول مساعدة للاستيطان في قمع الشباب الفلسطيني …

لم يكن الخارج الاستعماري وحده السبب في تثبيت وجود اسرائيل بعد تقسيم عام 1947 ، وانتصارها في حروبها اللاحقة ، انما يوجد سبب آخر لا يقل اهمية : ويتمثل بنجاح اسرائيل في تبيئة الحضارة الصناعية اسرائيلياً : اذ قامت باجراء انتخابات لاول مرة في تاريخ المنطقة ، فكسبت رأي المجتمعات التي تتداول السلطة سلمياً وليس عن طريق الحروب الاهلية او الانقلابات العسكرية ( والتداول السلمي للسلطة يدل على نضوج المجتمع الذي يمارسه وعلى بلوغه سن الرشد ) وكسبته مرة اخرى وهي تحقق انجازات غير مسبوقة في الشرق الاوسط على مستوى : التسليح المتطور وصناعة اقتصاد متقدم تكنولوجياً ، وتأسيس مجتمع متحرر من يهوديته ( اي من روحية الغيتو ، والادعاء الفارغ بالعيش رغماً على انف التاريخ " ماركس في المسألة اليهودية " ) اما اليمين الاسرائيلي الذي يطالب بدولة يهودية فانه لا يختلف عن اليمين العربي المطالب بدول اسلامية : فكلاهما ذاهب لا محالة الى مزبلة التاريخ …








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار