الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاعرة تونسية فذة منبجسة من ضلوع ولاية الكاف الشامخة.. تنتصر للكاتب الصحفي والناقد محمد المحسن..وتشدّ آزره في محنته -الإغريقية-

محمد المحسن
كاتب

2023 / 2 / 10
الادب والفن


الشعر ينبع من الذات،ليصوغ العالم موضوعيا..ولعلّ أجمل القصائد تلك التي داعبت الذائقة الفنية للمتلقي،دغدغت أحاسيسه وحلّقت بمشاعره إلى الآقاصي..
وبما أني مصنّف-بتواضع شديد وبمنآى عن النرجسية المرَضية-ضمن النقاد الموضوعيين أو بالأحرى الكتاب العضوييين (مع الإعتذار لغرامشي) فإنّي لا أرمي الورود جزافا على هذا المبدع..أو ذاك ولا أتناول منجزات المبدعين بمختلف كتاباتهم الإبداعية (شعر،نثر،قصة، رواية..إلخ ) بأنامل الرحمة بقدّر ما أسلّط عليها مناهج النقد الحديثة في سياق مقارباتي النقدية،بهدف استنطاقها موضوعيا وسبر أغوارها نقديا بمنآى عن النقد الإنطباعي..والمجاملات المفلسة..
إلا أنّي وجدت نفسي منبهرا بقصائد شعرية صيغت بحبر الروح ودم القصيدة للشاعرة التونسية السامقة التي أنجبتها ولاية الكاف الحالمة ذات زمن موغل في الدياجير نعيمة مناعي هذي التي سألتها ذات يوم عن مقاصد الشعر فقالت :"الشعر الحقيقى لا يستعمِل الألفاظ إلا كوحدات بنائية لتشكيلات لغوية جديدة شكلا وإيقاعا،حالة كونها تعلن حركية ‏الجدل‏ ‏الحركى ‏الولافى ‏بين‏ ‏الظاهرة‏ ‏الإنسانية الوجودية‏ ‏الأعمق وبين الواقع المتجدد بالفعل الخلاق،‏ فى الشعر ‏تتفجر‏ ‏علاقات‏ ‏وتركيبات‏ ‏جديدة‏، ‏تحيل‏ ‏التشكيل‏ ‏اللغوى ‏السابق‏ ‏‏العاجز‏ ‏عن‏ ‏استيعاب الجارى إلى تشكيل أكثر قدرة وأجمل إيقاعا وأطوع مرونة وأدق تصويرا. ينشأ الشعر، بل يلزم،‏حين‏ ‏ترفض‏ ‏الظاهرة‏ المعيشة ‏أن‏ ‏تـُسجن فى قوالب ألفاظ أعجز عن احتوائها، إذْ ‏ترفض‏ ‏أن‏ ‏تنحشر‏ ‏‏ ‏فى ‏تركيب‏ لغوى ‏‏جاهز.‏ فالشعر- إذن - هو‏ ‏عملية‏ ‏إعادة‏ ‏تخليق‏ ‏الكيان‏ ‏اللغوى ‏فى ‏محاولة‏ ‏تشكيل ‏أقرب‏ ‏ما‏ ‏يشير‏ ‏إلى ‏الخبرة‏ ‏الوجودية‏ ‏المنبثقة‏،تشكيل يجمع بين اللغة والصورة والإيقاع فى تناسق جديد مخترق".
تستخرج الشاعرة التونسية- نعيمة مناعي- في أشعارها المتعددة كل عواطفها دفعة واحدة وبنفس واحد،كأنها في عجلة من قصيدتها أن تتوقف فجأة،فلا تستطيع العودة إلى الكتابة مجدداً.
كتابة يمكن وصفها بالدرجة الأولى تجارب حياتية أثقلت كاهل كاتبتها وجعلتها عرضة ذكريات محبوسة عنوانها العريض (الرومانسية) التي امتزجت بنقاء ذهنية متقدة و طهارة مخيلة مستغرقة بتفاصيل خاصة و غامضة سرعان ما تغدو عوالمها الحياتية وعوالم يعيشها جيلها ممن تلطخت قلوبهم بدماء الحب والهجران و الفراق والألم بسبب الواقع العربي المترجرج،لتقع الشاعرة في مصيدة الشعر الوجودي الذي أصبح على ما يبدو سمة من سمات الشعرية الواعدة في تونس،شعرية تسأل عن معنى الوجود و معنى الذات والجدوى من الألم والأمل ضمن فكرة واحدة لا تتجزأ ولا تنفصل عن مكنونات الشاعر من أحاسيسه و خيباته واختباراته اليومية التي لا تنتهي عند إجابة عابرة أو صورة تتضح عبر رصف الكلمات وتجميلها..
شاعر القصيدة الوجودية يُطالب بإفصاحات متكررة عن تأثيره في الحاضر والمستقبل معاً،مُلاحق من ذاكرته الصورية والذهنية أن ينتج طرقاً جديدة للتعبير واحتمالات التغيير المستمرة التي لا تتوقف عند كتابة قلقة وملحة..
وللعودة إلى قصائدها ( نعيمة مناعي) أكتشف دوما نصوصا أكثر تمسكاً بطرح إشكالية الوجود وثقافة الأنا و أسئلة القلق والرفض ما شابه ..
لقد إستطاعت الشاعرة التونسية المتألقة- نعيمة مناعي-بفضل موهبتها الفنية،وثقافتها الواسعة ومقدرتها اللغوية وبأسلوبها الأصيل والمتميز أن تصقل وتطور أدواتها الشعرية الفنية،وتسمو بها نحو الإبداع والتجديد ليلائم مقتضيات التطور والحداثة في المسيرة الشعرية المعاصرة.
لها مني باقة من التحايا..المفعَمَة بعطر الإبداع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في