الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة تاريخية مصرية !!

حسن مدبولى

2023 / 2 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إسماعيل باشا راغب (1819 - 1884) هو ضابط سابق بالجيش المصرى فى عصر أسرة محمد على ، تولى رئاسة مجلس النواب المصرى خلال الفترة (من 25 نوفمبر 1866 إلى 24 يناير 1867) ثم تولى وزارة الداخلية عام 1867 ثم وزيرا للزراعة والتجارة عام 1875.،،
ثم شغل منصب وزير المالية في وزارة محمد شريف باشا الأولى عام 1879،
ثم تولى منصب رئيس وزراء مصر عام 1882 ،،،

هذا الشخص صاحب كل هذا النفوذ القوى فى التاريخ المصرى كانت اصوله غامضة وهويته غير معلومة إذ انه لم يكن مصريا،فقد ولد السيد إسماعيل راغب يوم 18 أغسطس 1819 ببلدة تسمى ( خيوس) تابعة لمقاطعة (المورة ) وهي منطقة في اليونان في 18 أغسطس 1819،ولا يوجد مايؤكد أن إسماعيل هو إسمه الحقيقى، فإسمه أو ديانته الاصلية غير معلومان على وجه التأكيد ،

درس( راغب ) أساسيات العلوم واللغات فى اليونان ، قبل أن يتوجه منها إلى الأناضول بحجة استكمال دراسته ، لكنه كما قيل ونشر، تعرض للإختطاف فى الاناضول وتم بيعه هناك كعبد ورقيق !
ثم جاء بعد كل ذلك إلى مصر في عام 1830( عبدا ) مملوكاً لإبراهيم باشا ابن محمد على !!!
الغريب إنه وعقب وصوله لمصر إلتحق بالمكتب الأميري ( الحكومة ) كما نال الشهادة العليا عام 1834، بعدها رقاه محمد علي إلى رتبة الملازم أول، عام 1836.وتدرج حتى وصل لرتبة أميرلاى ( عميد) عام1846، ثم بدا يتولى مهام مدنية رسمية متعددة ،،

وبرز دور ( إسماعيل راغب ) ولمع إسمه عندما قامت فى مصر حركة ثورية وطنية تسمى حركة "اللائحة الوطنية " كانت تطالب بعزل وزارة نوبار باشا الأرمينى الأصل الذى كان لديه وزيران أجنبيان فى وزارته ، وظل رجال واعضاء تلك اللجنة الوطنية يناضلون سلميا حتى تم اسقاط تلك الحكومة عام 1878 وتعيين شخص آخر يدعى رياض باشا مواليا للاجانب أيضا ، لذا ثار المصريون و بدأت على الفور بوادر الثورة العرابية التى طالب أنصارها بإسقاط نظارة( وزارة) رياض باشا (28 أغسطس 1878 - 23 فبراير 1879) والتى حلت محل وزارة نوبار باعتبار أن الوزارتين عميلتين للخارج، وفى هذه الأثناء تسلل إسماعيل راغب وسط الثوار والوطنيين لدرجة إنه إستضاف بعض اجتماعات حركة اللائحة الوطنية فى منزله الفخم ، كما شارك فى الحوار الوطنى وساهم فى صياغة المطالب الخاصة باسقاط نظارة نوبار ونظامه الموالى للأجانب، ثم
ظل اسماعيل راغب قريبا من الجميع حتى اسفرت الضغوط الوطنية عن عزل وزارة رياض باشا أيضا وإسناد تشكيل الوزارة الى الوطنى الدستورى السيد محمد شريف باشا،
بل و تم تعيين إسماعيل راغب ناظراً( وزيرا) للمالية نتيجة لظهوره الدائم وسط الحركة الوطنية وإدعائه دعمها ومساندة مطالبها ،
ولم يكن مفاجئا أن تتعرض وزارة شريف باشا المستقلة للضغوط من (الدولة العميقة )و(النفوذ الأجنبي) (ومؤامرات رجال اسماعيل راغب نفسه ) فاستقالت فى نهاية الأمر ،
لكن رجال القصر الملكى وجدوا أن الموجة الثورية والمد الوطني عالى جدا ، فسارعوا بتكليف الشاعر والثائر الوطنى محمود سامى البارودى أحد اهم رجال الثورة العرابية مع أحمد عرابى بتشكيل الوزارة لإمتصاص الغضب العام ، ولحرق وتشويه رجال الثورة العرابية واثبات عدم جدارتهم بتولى السلطة،،
و على الفور أيضا بدأت مؤامرات الخديوى وأذرعه وجواسيسه بالتحالف مع انجلترا وفرنسا لاسقاط تلك الوزارة الوطنية الثورية ومحاصرتها وممارسة الضغوط السياسية والتهديدات العسكرية الخارجية ضدها حتى إنهارت وسقطت فى النهاية وسط حزن وطني عام،،

وفور إسقاط الوزارة الوطنية برئاسة الشاعر الثورى محمود سامى البارودى ، ظهر الدور الخيانى لإسماعيل راغب فتم اسناد رئاسة الوزراء إليه من 17 يونيو 1882 - 21 وذلك لمواجهة رجال الثورة والتنكيل بهم ، لكنه مع ذلك إضطر للإحتفاظ بأحمد عرابى وزيرا للدفاع بتلك الوزارة خوفا من نفوذه داخل الجيش خاصة فى حامية الاسكندرية ،،
لكن عرابى وأنصاره أعلنوا التمرد والثورة على الخديوى،
فبادرهم رئيس الوزراء اسماعيل باشا وأعلن لهم انه يؤيد مطالبهم ، كما نصح العرابيين بضرورة التخلص من الخديوى توفيق فى أقرب فرصة ،فإطمئن له احمد عرابى ورجاله ولم يعزلوه ، لكن إسماعيل راغب وفور نزول طلائع قوات الاحتلال الانجليزى الى الإسكندرية في 11 يوليو 1882 سارع بإبلاغ (سيمور) قائد الأسطول الإنجليزي بالإسكندرية في 17 يوليو 1882 بمخالفة عرابي لأوامر الخديوي فيما يقوم به من دفاع عن البلاد وإستخدامه للعنف ضد قوات الانجليز ،
ومن المخزى أن السيد اسماعيل راغب ( رئيس وزراء مصر) قام بإخطار قادة الإحتلال عن عزمه وعزم الخديوي القيام بعزل عرابى من منصبه ، بشرط حمايته هو شخصيا وحماية الخديوى ورجاله بواسطة جنود المحتل،وهو الأمر الذى ساهم فى هزيمة الثورة العرابية واندحارها ومهد لدخول قوات الإحتلال الى القاهرة ،

كون إسماعيل باشا راغب ثروة طائلة قدرت بحوالى( ثلاثة عشر ألف فدان) بالإضافة إلى 230 ألف جنيه( ذهب ) مودعة في البنوك الأجنبية ،،
وقد ورث ثروته الطائلة تلك إبنه الوحيد( إدريس باشا راغب ) الذى تصادف بعد ذلك إنه أنشا وترأس المحافل الماسونية فى مصر ، كما كان (الراعى الرئيسى) لتمويل عملية إنشاء أحد الأندية المصرية فى ابريل عام 1907 ، وذلك للتغطية على كارثة وفضيحة مذبحة دنشواى التى وقعت فى ديسمبر 1906 وحماية الإنجليز من توابعها الدولية والشعبية وما واكبها من نشاط سياسى وشعور وطنى جارف بقيادة الزعيم مصطفى كامل والفنان سيد درويش وغيرهما وذلك للمطالبة بجلاء الإنجليز عن مصر ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س