الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول استغلال الثروات الوطنية النفطية والغازية

سعد السعيدي

2023 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


تتتابع علينا هذه الايام الاخبار المقلقة حول تصرفات حكومة السوداني الذي لا تبدو عليه ارادة الاستماع لما نقوله نحن وآخرين له. للتذكير فقد شددنا في مقالات سابقة على اهمية الاعتماد على الجهد الوطني لا الاجنبي في مد انابيب الغاز من المواقع النفطية لتغذية المحطات الكهربائية. وقد ايدنا في هذا التوجه خبير النفط الوطني الاستاذ احمد موسى جياد. وكنا قد ابدينا ايضا في عدة مقالات سابقة اعتراضنا على اتفاقيات المشاركة بالانتاج مع شركة توتال انرجيز واية شركة او رأسمال خاص آخران. فهذه الاتفاقيات تخرق الدستور الذي منع مشاركة اية جهة خارجية للشعب العراقي في ملكيته لثرواته الوطنية كالنفط والغاز. فلماذا نرى السوداني وقد ذهب متعجلا الى فرنسا ليوقع على هذه الاتفاقيات مع هذه الشركة ؟ ننتظر إذن شروع المواطنين الشرفاء بإبطال هذه الاتفاقيات في المحكمة الاتحادية.

في نفس سياق السماح للآخرين المشاركة بثرواتنا الوطنية قد وجدنا السوداني يستخدم كلمة (استثمار) كثيرا دون ان يتكرم علينا بتوضيح. ومن كثر استخدام السوداني لهذه الكلمة في تصريحاته المقتضبة قد صارت تتسبب لدينا باطلاق صفارات الانذار في رؤوسنا. لحسن الحظ تكرم علينا السوداني اخيرا بالتوضيح المرتجى عندما قام بالاعلان عن جريمة التوقيع على جولة التراخيص الخامسة هذا الشهر. إن هذه التراخيص هي برمتها غير مشروعة كونها قد جرت وفق عقود المشاركة بالانتاج الآنفة التي تخرق الدستور. انه من غير المعقول ان نعيد تكرار رفضنا لهذا الامر في كل مرة يأتي متفذلك جديد الى رئاسة الوزراء. ويمكن مراجعة مقالة نفس خبير النفط احمد موسى جياد للشهر الحالي بعنوان (السوداني يتبنى عقود جولات التراخيص الخامسة غير الدستورية) لمعرفة مقدار الحقول النفطية والغازية الممنوحة الى الشركات الاجنبية منها من كانت على القائمة السوداء بسبب عملها في الاقليم. إننا نكرر على السوداني ما قلناه في السابق من انه ككل رؤوساء الحكومات قبله مؤتمن على ادارة الثروات الوطنية النفطية والغازية لصالح الشعب مالكها، لا التصرف بها كما يشتهي وكأنها ملكه الشخصي، وإلا فإننا هنا بازاء سرقة في وضح النهار. فهل ان السوداني قد اصابه العمى والطرش ام كيف ؟ إن ما نريد رؤية حصوله هو عقود الخدمة في كل هذه المشاريع وإلغاء عقود المشاركة بالانتاج هذه. فعقود الخدمة هي احسن ما يحقق مصالحنا الوطنية. وثرواتنا الوطنية هي لخدمة مصالح مالكيها نحن لا مصالح الآخرين. إن لم نسمع من السوداني الاعلان على إلغائه لهذه العقود غير المشروعة فسنعتبره قد حنث باليمين الدستورية وخان الامانة. ويتوجب على هذا اطلاق الدعاوى القضائية لالغاء هذه العقود وسوق السوداني نفسه الى القضاء. طبعا في السياق نتساءل عن سبب صمت رئيس الجمهورية حامي الدستور عن هذه الخروقات ؟

ايضا في سياق امر استغلال الحقول النفطية لخدمة مصالح شخصية قد انتبهنا الى استخدام وزارة النفط في آخر تصريحاتها جملة الحقول المتضررة من داعش. والمقصود هو الحقول النفطية في الشمال. هل نفهم من هذه الحيلة المبتكرة انه يراد مرة اخرى إدخال الشركات الاجنبية في شراكة الثروات الوطنية في خرق آخر للدستور ؟ إن العوبة الاستناد على قصة تضرر المنشآت هي ما جرى اللجوء اليها في السابق لتبرير التوجه نحو خصخصة معامل القطاع العام. فهل نرى هنا ذريعة جديدة لادخال شركات النفط الاجنبية في عقود جديدة للمشاركة في الانتاج وللتنازل لها عن حصص اكبر في الحقول النفطية ؟ إن صح هذا فيكون امرا خطيرا لن يفهم منه إلا تنازل من السوداني للحصول على دعم دولي لشخصه ولتأهيل اطاره الداعم للبقاء في السلطة. اي انه يستخدم ما لا يملك للحصول على ما لا يستحق. ويكون الاستنتاج الاخر هو ان السوداني وداعميه يتوجسان من نشوء تحرك معاد كأن يكون ثورة او انتفاضة شعبية ممكن ان تطيح بهم وبحكومتهم. والمعروف بان كل من يبحث عن الدعم السياسي في الخارج إنما يريد التنبيه الى شدة افتقاره لهذا الدعم في بلده. ويكون السوداني واطاره على هذا في وضع سياسي ضعيف جدا.

كذلك فاننا نلاحظ تخبطا واضحا للحكومة فيما تريد القيام به. فهي قد اضافت امور استغلال مكامن الغاز الى توجهاتها الاصلية السابقة في استغلال مكامن النفط. وهو تطور جيد غير اننا نشدد على وجوب تحديد الاولويات اولا ، اي الاختيار بين النفط او الغاز. فلا يمكن الجمع بين الاثنين بوقت واحد حاليا. هذا التخبط الذي سيكلف الدولة اموالا طائلة سيستخدم كذريعة لاستقدام شركات اجنبية لاستغلال (او استثمار) المكامن بحجة عدم توفر الاموال لدى الدولة. وهو، اي هذا الاستقدام هو مما لا نريد رؤية حدوثه. فهو يعني استغلال للثروات لاغراض سياسية وحزبية وشخصية غير وطنية كما اسلفنا. إن من الضروري تركيز الجهود على استغلال الغاز اولا لحاجتنا فقط للمحطات الكهربائية وبالجهد الوطني من دون جولات منحه هو وحقول نفطية للآخرين. وهذه الجولات هي ما جرى حدوثه مع ذلك على الرغم مما نطالب به في تأكيد كما اسلفنا بشأن عقود التراخيص الخامسة غير المشروعة. إن هذا التخبط هو ما تسبب لنا من بين امور اخرى بعجز في الموازنة. ايضا نعيد التأكيد على ما قلناه سابقا باننا لا نريد استكشافات نفطية جديدة مما اطلعنا عليه مؤخرا عن اكتشاف مكمن نفطي جديد في صحراء السماوة. وهذا مع عمليات حفر مستمرة لمكامن نفطية اخرى في كافة انحاء البلد كما في البصرة وذي قار وشرق بغداد والانبار. إذ لدينا ما يكفي من الآبار النفطية في العراق وجميعها منتجة وتدر مواردا للبلد. ان التوسع في حفر آبار النفط يجري مرة اخرى وفقا لرغبات ومصالح دولية لا مصالحنا نحن. وهو الثمن الذي يريد السوداني تحقيقه لارضاء الامريكيين تحديدا. اننا نشدد بالابتعاد عن مشكلتهم في تعويض نفوط الآخرين ممن فرضوا عليهم العقوبات كونها ليست مشكلتنا مع وجوب الانتباه من الا تصبح كذلك ايضا. فاننا يجب ان نكون اسياد انفسنا لا اتباع هذا وذاك لتنفيذ رغباته. وهذا هو اثبات آخر اضافي على رغبة السوداني في القيام بالعكس، اي بالانبطاح امام رغبات هؤلاء لتأمين وضعه السياسي غير المضمون.

ان من الضروري اظهار موقف شعبي الآن لايقاف هذا الاستهتار بالناس وبمصالح البلد مما نراه منذ سنوات ونرى استمراره في ظل الحكومة الحالية. وهو ما يؤكد ما قلناه في السابق من اننا لم نستفد كشعب من اموال ثرواتنا النفطية والغازية التي تعود الينا. فموارد ثرواتنا هذه تذهب كلها للفاسدين واصدقائهم الدوليين، ولابد لهذا الوضع ان ينتهي. إذ لا يمكن ان يستمر هذا الحال حيث تقوم الدولة بوهب الآخرين اصول البلاد الاقتصادية وتهدر المال العام لتعود لاستجداء المال من نفس هؤلاء بصيغة منح وقروض. وننتظر ظهور هذا الموقف الشعبي الضروري بموازاة اللجوء الى المحكمة الاتحادية للحفاظ على ثرواتنا الوطنية وللدفاع عنها من الهدر والفساد والسرقة والتفريط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست