الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قصيدة قالها مؤمن فنعتوه بالكفر
كاظم فنجان الحمامي
2023 / 3 / 9دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
سأضع بين أيديكم بضعة أبيات مقتبسة من قصيدة قالها رجل من قريش قبل الهجرة للتعبير عن حبه لرسول الله، وعن إيمانه برسالته، واترك لكم الحكم على ثباته وقوة ايمانه. وهذه القصيدة ذكرها البخاري بسند صحيح في روايتين: مرة عن عبد الله بن عمر، وأخرى لعبد الله بن دينار. وقال عنها ابن هشام صاحب السيرة: أنها من جزيل الشعر، وقال ابن كثير: أنها بليغة جداً ولا يستطيع أن يقولها إلاّ من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى. ثم رواها
واستشهد بها النحويون والأدباء والمؤرّخون والمفسّرون. .
وهذه هي الابيات المختارة:-
أعوذ برب الناس من كل طاعن
علينا بسوء, أو ملح بباطل
وبالبيتِ رُكنِ البيتِ من بطنِ مكَّة
وباللَّهِ إنَّ اللهَ ليس بغافلِ
وبالحَجَرِ المُسْودِّ إذ يَمْسَحونَهُ
إذا اكْتَنَفوهُ بالضُّحى والأصائلِ
ومَوطِىء إبراهيمَ في الصَخرِ رَطَبة
على قَدميهِ حافياً غيرَ ناعلِ
وأَشواطِ بَينَ المَرْوَتَينِ إلى الصَّفا
وما فيهما من صورة ٍ وتَماثِلِ
ومن حجَّ بيتَ اللَّهِ من كلِّ راكبٍ
ومِن كلِّ ذي نَذْرٍ ومِن كلِّ راجلِ
وبالمَشْعَرِ الأقصى إذا عَمدوا لهُ
إلالٍ إلى مَفْضَى الشِّراج القوابلِ
لقد أنشد هذا الرجل قصيدته بهذه المفردات الايمانية الجزلة، وكان من أقوى المدافعين عن الرسول (ص)، ولم يتخل عنه أبدا، وكان يذود عنه في الحصار الذي فرضه ابو سفيان وجماعته على بني هاشم. فقال في ذلك اليوم:
نصرتُ الرسولَ رسولَ المليكِ
بِبِيضٍ تلألأُ لَمعَ البُروق
أذبُّ وأحمـي رسولَ الإلـهِ
حِمايةَ حـامٍ عليهِ شَفِيـق
لكن الغارقين في رواسب الدولة الاموية، ومستنقعاتها الدموية، والمناصرين لهند بنت عتبه اتفقوا على تكفيره، لأنه عميد الهاشميين، ولأنه عم الرسول، ولأنه جد الحسن والحسين. .
هل عرفتموه ؟، انه: ابو طالب. ولا أدري كيف انطلت أكاذيب وعّاظ السلاطين على الأمة ؟، وكيف وصل بهم الغباء إلى تكفيره، وهو الذي ضحى بكل شيء من أجل الرسالة المحمدية، وكان يحث الرسول على الثبات والصمود بوجه المنافقين. .
من يقرأ لامية (ابو طالب) الآن يشعر بالرهبة أمام عظمة هذا الرجل وبسالته، ويدرك لؤم العداوات الاموية الموروثة ضد آل بيت النبوة الاطهار، فقد شوهوا صورة هذا الرجل العملاق، وذلك على الرغم من تأكيدات البخاري ومسلم وابن هشام. ولازال سفهاء الامة يصرون على ان (ابو طالب) مات على الكفر، وهو الذي أبى خذلان رسول الله، وكفله وظل يرعاه، ودافع عنه بكل ما يستطيع برغم شيخوخته. .
وبصرف النظر عن الاحاديث الملفقة ضده، فان أي عاقل يعيد قراءة اللامية بضمير حي وقلب سليم سيستدل بما لا يقبل الشك والتأويل على ايمان (ابو طالب)، فإنما إيمانه بإحاطة علم الله وعموم مشيئته وشمول قدرته، وربوبيته لكل ما في الكون، وإن كل ما يحدث في الوجود إنما يتم بناء على ترتيب أو تصميم سابق، وتدبير قدير، وتقدير عزيز عليم. وهذا الذي جاءت به القصيدة بكل معانيها ومفرداتها وابعادها البلاغية. . .
وليس أجمل من هذا البيت الذي يستعين فيه بالله الواحد الأحد لدرء وخزات المسيئين والمبغضين :-
أَعوذُ برب الناسِ مِن كُلِّ طاعِنٍ عَلَينا بِسوءٍ أَو مُلِحٍّ بِباطِلِ. وَمِن كاشِحٍ يَسعَى لَنا بِمعيبَةٍ وَمِن مُلحِقٍ في الدينِ ما لَم نُحاوِلِ. .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراض فلسطينية في الأغوار من
.. إسرائيل تغلق معبر الملك حسين مع الأردن بعد عملية إطلاق نار ق
.. تركيا: مواجهة انتخابية جديدة على رئاسة البلديات، ماذا يريد ا
.. نتنياهو يوافق على إرسال وفد إسرائيلي لواشنطن لبحث الهجوم الب
.. قصف عنيف وغارات ومعارك محتدمة قرب مدينة غزة وفي خان يونس