الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فراشة في مستنقع التماسيح

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 3 / 13
سيرة ذاتية


استهدفوه لأنه مستقل، ولأنه جاءهم من أقصى القرى الجنوبية الفقيرة، ولأنهم وجدوا في بعض ازلامهم من يعينهم عليه، وينتقم لهم منه. .
كانوا بحاجة إلى ضحية فاكتشفوا انه الأضعف بين الوزراء، والأضعف بين النواب، والأضعف بين أصحاب الأقلام الحرة، ولا يسانده أحد من اللاعبين الأقوياء تحت خيمة السيرك السياسي، بل هم الذين وقع اختيارهم عليه منذ عام 2017، ونسجوا حوله الحكايات المفبركة لتشويه صورته، وتقديمه قرباناً لكل خطاياهم، فكان هو المتهم الدائم الذي تطارده الاحكام ومذكرات القبض. .
ظل أسمه يتصدر الأخبار المرئية في كل الفضائيات وبلا انقطاع على الرغم من تفشي جائحة كورونا، وظل يتصدر عناوين الصحف ومنصات التواصل في الوقت الذي سقطت فيه محافظة ذي قار بيد المتظاهرين، وفي الوقت الذي اقتحم الصدريون البرلمان، فكانت الفضائيات تتحدث عن مساوئه المزعومة، متجاهلة القصف الذي تتعرض له المنطقة الخضراء بالصواريخ. .
كان هو المادة الرئيسة في الأخبار حتى عندما تصاعد العمود الملحي في شط العرب، وحتى عندما تعرض مطار بغداد لهجوم الطائرات المسيرة، وحتى عندما تدهورت اسعار صرف الدولار، وحتى عندما تصاعدت حدة الصراعات السياسية بين التيار والاطار. .
كان هو المادة الاخبارية الثابتة المتكررة من دون ان تكون له أي علاقة في كل الأحداث. ثم تفجرت فضيحة سرقة القرن، واعترف المتهمون بنهب المليارات من أمانات الضريبة، لكن الفضائيات العراقية تجاهلتهم، وواصلت هجومها عليه، وتلتها أحداث داخلية وخارجية شغلت العالم كله في الوقت الذي ظلت فيه وسائل الاعلام تواصل حملاتها التسقيطية ضد هذا المتهم الدائم. .
من المفارقات العجيبة انه في اليوم الذي تحركت فيه قوة ملثمة لالقاء القبض على المفكر (ابراهيم الصميدعي) ظلما وعدوانا، كانت هناك قوة أخرى تبحث عن صاحبنا في الأحياء الفقيرة لكي تودعه السجن عقاباً على الجرائم الوهمية التي ارتكبها. والأغرب من ذلك ان حصانته النيابية لم تشفع له في الافلات من مكائدهم، بل ان بعض زملاءه النواب في الدورتين (الرابعة والخامسة) هم الذين تطوعوا لتحريك الدعاوى الكيدية للنيل منه نزولا عند رغبات اللاعبين الكبار. .
لا أريد ذكر اسمه، فباستطاعتكم التعرف عليه الآن بمجرد النظر إلى الاخبار المرئية على شاشات القنوات المتفننة بنشر ثقافة التفاهة، والمتخصصة باستهداف الشخصيات الوطنية. وتنتظره الآن عشرات الأحكام بالسجن المشدد لأنه كتب هامشا ذات يوم يقول فيه: (موافق وحسب الضوابط والتعليمات) على طلب لتشييد مجمع علمي افتتحه رئيس الوزراء بنفسه بموجب قانون بيع وايجار أملاك الدولة، وأحكام أخرى لانه وافق على انتقال ادارة المحافظة إلى بناية جديدة بعد احتراق بنايتها القديمة، وأحكام أخرى لأنه ارسل مجموعة من البحريين للتدريب في لندن، وارسل مجموعة من الشباب للتدريب على الطيران في اليونان. ولأنه وقف وقفته المشهودة في الذود عن حقوق المتقاعدين القسريين، ولأنه أول المبادرين لتفعيل مشروع إسكان الموظفين الذي تكلل بتوزيع 22000 قطعة أرض في عموم العراق. .
لا شك ان السبب الحقيقي وراء مطاردة هذا الرجل هو رفضه الخضوع لإرادتهم، وعدم استجابته لرغباتهم، ورفضه التعامل مع دكاكينهم الاقتصادية، لكن المؤسف له انه لم يجد من يعينه من ابناء جلدته. ولم يسعفه الذين وقف معهم في احلك الظروف، فاصبح هو المتهم الأول في العراق على الرغم من أمراض الشيخوخة التي بدأت تداهمه وهو بعمر 72 سنة. ولسان حاله يقول:
لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ
حسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرمُ
لم يبقَ عندي كفاءَ الحادثاتِ أسى
ولا كفاءَ جراحاتٍ تضجُّ دمُ
كانت هذه صورة واقعية لشحنات البغض والكراهية في مستنقع تماسيح المحاصصة. حيث لا مكان بينهم للأحرار، ولا مكان للمبدعين والناجحين. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب إسرائيل وإيران... مع من ستقف الدول العربية؟ | ببساطة مع


.. توضيحات من الرئيس الإيراني من الهجوم على إسرائيل




.. مجلس النواب الأمريكي يصوت على مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرا


.. حماس توافق على نزع سلاحها مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود




.. -مقامرة- رفح الكبرى.. أميركا عاجزة عن ردع نتنياهو| #الظهيرة