الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لازلت متمسكاً بأخلاق القرية

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 3 / 14
سيرة ذاتية


إعتدتُ منذ طفولتي على احترام الناس (كل الناس) بصرف النظر عن هويتهم، وإعتدتُ على نبذ المعايير الطائفية والعرقية والمناطقية واللونية في التعامل معهم، ولا حدود لثقتي بهم وبلا استثناء. من هنا كنت انخدع بسرعة عندما أراهم يلبسون رداء الورع والتقوى، فارفعهم إلى اعلى مراتب التقدير والاحترام، لأني كنت أرى فيهم الاستقامة والكياسة والوقار. .
انا شخصيا نشأت وترعرعت في بيئة فلاحية، وسط القرى والأرياف والمناطق النائية، ثم انتقلت للعمل في عرض البحر لسنوات وسنوات، ولم تكن لديَّ الخبرة في تقييم الناس، فكنت اتصرف بعفوية مطلقة مع الجميع، ولم يخطر ببالي ان اتفرغ لتحليل سلوكهم، أو التشكيك بأفعالهم، أو التعرف على دوافعهم. كلهم في نظري سواسية في الطيبة والتسامح والتواد. حتى جاء اليوم الذي تسلقت فيه السلم الوظيفي نحو المناصب العليا، فكنت مديراً ناجحاً بشهادة الجميع، وكانت مشاريعي كلها تصب في منفعة الناس وتسعى لخدمتهم. لكنني، وبمرور الأيام، تعرضت لصدمات متوالية بسبب عدوانية البعض وتطلعاتهم الانتهازية. وشيئا فشيئا تعاظمت ضراوة الوخزات والطعنات الموجهة ضدي من الناس الذين كنت من اقوى الداعمين لهم. .
لم أكن أصدق توجهاتهم النفعية في بادئ الأمر، ولم أكن ادرك ابعاد خططهم الوصولية، ولا مآربهم الدنيئة. ولا مصالحهم الضيقة. .
ولم تمض بضعة سنوات حتى اكتشفت انني كنت ساذجاً إلى ابعد الحدود، وبخاصة عندما تأكد لي ان بعضهم كانوا يتآمرون ضدي، ويسعون لتشويه صورتي في الوقت الذي كنت اذود عنهم واطالب باسترداد حقوقهم. .
اذكر ان احدهم كلفني بفض النزاع بينه وبين شركاءه، فحزمت أمري وتوجهت مع شقيقه الى المكان المتفق عليه، وحالفني الحظ في الحفاظ على حصته، ولم يخطر ببالي ان شقيقه كان يصورني خلسة في خضم الدفاع عنه. ومرت سنوات بعد ذلك الموقف الذي كنت فيه بطلا مغوارا. ثم ساءت علاقته بهم، وشرع بالهجوم عليهم، لكنه كان يعرض صورتي معهم بقصد ابتزازي والاساءة لي. .
قبل ان اصل إلى الخاتمة تذكرت كلباً تعرفت عليه عن طريق الصدفة. كان يرتجف من شدة البرد، فاشفقت عليه، ووفرت له الدفء والطعام، وكنت اصطحبه معي اثناء ممارسة رياضة المشي. فكان يحرسني، ويتودد لي، ويتقافز امامي بحركاته البهلوانية. لم اعرف اسمه، فاطلقت عليه اسم (واوي) ثم تعرضت للاصابة بالكورونا، ورقدت في البيت تحت العلاج لبضعة اشهر. تعافيت بعدها والحمد لله، وعدت لمزاولة رياضة المشي، وما ان رآني (واوي) حتى قفز من مكانه، وكاد يطير من الفرح. كان (واوي) وفياً مخلصاً لا يعرف الغدر وعلى أتم الاستعداد للتضحية من أجلي. وكان أوفى بكثير من الضباع البشرية الغادرة. فالتاريخ مليء بالأحداث التي أثبتت فيها الكلاب وفائها على خلاف بعض البشر. .
أما أنا فلا زلت مسلحاً بأخلاق القرية لكنني تحررت من قرويتي القديمة. .
اعذروني - فقد اخترت لكم هذه المقالة من كتابي الجديد: (وجوه زئبقية)، وهو تحت الطبع. .
وللحديث بقية. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا