الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هو صدام حسين

سامان نديم الداوودي

2006 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


هل هو جدار برلين الشرق الاوسط الذي انهار مفسحا في المجال أمام بروز مرحلة سياسية جديدة مقبلة في المنطقة على حساب مرحلة بائدة أو في طريقها للانقراض ؟
هكذا على الاقل ، تصور صدام حسين عشرات الدراسات والبرامج التلفزيونية الغربية ، وبخاصة الامريكية ، والتي تصفه بأنه الوريث الأمين والشرعي ( لستالين) ذي النظرة الشمولية للحكم ، والذي يقتل خصومه ومناوئيه بالسهولة نفسها التي ينفث بها دخان سيجارة !!.
... أم انه الرجل الذي انتجه مجتمع تكريت ، المدينة التاريخية القديمة التي عاشت مطالع القرن الماضي ، وهي مرحلة طفولة صدام حسين فيها ، ظروف البؤس والقسوة والتناقض الحاد بين عصبيات جهوية داخلها ، كانت تدفع اهلها دائما للتوصل الى حل خلافاتهم عن طريق الغلبة والحروب الاستتباعية .
ان تكريت القاسية والمتصارعة والمثخن جسدها الاجتماعي بالمؤامرات والدسائس ، هي ((الحمض النووي)) لجينات صدام حسين الانسانية والثقافية والاجتماعية .. هكذا ، تقدم الدراسات الغربية عن صدام حسين ، وتبلغ هذه الصور ذروتها الخبيثة ، حينما تغمز من قناة ان تكريت هي صورة مصغرة عن حياة العرب التاريخية والمعاصرة التي يسعى الامريكيون أنهم يسعون الى تحريرهم واخراجهم من اطارها ليدخلوا صورة محاكاة نيويورك والحياة الحديثة !؟
.. جوانب اخرى اساسية تركز عليها ايضا معاهد التفكير الامريكي في مجال اجابتها عن سؤال القرن الجديد ، من هو صدام حسين ؟ اهمها انه نصب وثني لحزب البعث العربي الاشتراكي ، المسؤول عن اعاقة الديموقراطية في هذه المنطقة لنحو قرن من الزمن والذي يتحمل المسؤولية امام الشعوب العربية ، عن زرع غدد اليأس والاحباط في نفوسهم ، ما جعلهم يبحثون في ظل تطبيق حزب البعث المشوه للعلمانية ، عن ملاذ سياسي بديل ، وجدوه في التطرف الاسلامي الذي اسس لفقه ثقافي سياسي ديني عن احداث 11 ايلول / سبتمبر ؟!.
ويتم ايضا دفع صورة صدام حسين من قبل العقل الدعائي السياسي الامريكي ، الى زاوية ايحائية اخرى من المعاني ، مفادها فشل الدول النفطية العربية في بناء المجتمع المدني المتسامح والديموقراطي ، والحل لهذه المعضلة هي جعل هذه الدول تعيش فترة ثلاثةاجيال مقبلة من الانتداب الثقافي والسياسي والاقتصادي الامريكي !
يقول نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني (( ان موارد العراق النفطية التي تعد اهم اكبر الموارد النفطية في العالم ، ستشكل عاملا مهما في بناء الديموقراطية )) . ان هذه العبارة تتردد الان كثيرا في اوساط الادارة الامريكية وخارجها في الغرب ، وتقول مسوغاتها ان النفط – كغيره من الموارد الطبيعية الاخرى ، لا يساعد على ايجاد الرأسمالية او المجتمع المدني ، وبالتالي الديموقراطية . انه يعمل في الحقيقة على عرقلة هذه العملية ، فالدول التي يحتوي ترابها على كنوز لا تحتاج الى وضع أطر لقوانين والسياسات التي تحقق النمو الاقتصادي مما يؤدي بالتالي لخلق الطبقة الوسطى الحيوية المتنورة ، فهذه الدول تقوم ببساطة ، بحفر الارض لاستخراج الذهب الاسود ، وكونها تملك ارصدة الامان لا تعمل من اجل بناء اقتصادها ، وهي بالتالي لاتتطور اقتصاديا وسياسيا ، والثروة النفطية السهلة تعني في نهاية المطاف ان الدول لاتحتاج الى فرض الضرائب على مواطنيها ، ورغم ان هذا الامر يبدو جيدا للوهلة الاولى الا ان الحكومات التي لاتفرض الضرائب على شعوبها ، تقوم بالمقابل ، بمطالبة هذه الشعوب بدفع ثمن مقابل ، مثل عدم مسألةالحاكم في مواضيع الشفافية والديموقراطية!! وتصل هذه المقولة الى ذروتها عندما تقول ان المعادلة بين الضرائب والتمثيل السياسي تأتي في صلب الليبرالية الغربية التي تريد واشنطن في هذا العصر الجديد تعميمها على العالم العربي بالاقناع أو بالقوة !!
ان مأساة صدام حسين لجهة الصورة التي يتم استخراجها له في هذه المرحلة ، تبدو محدودة ،قياسا بالصورة التي يتم الآن استخراجها للعرب ولتاريخهم ،استنادا على انها استنساخ لصورة صدام حسين؟!
والواقع ، انه لايبدو ان هناك هوامش واسعة للدفاع عن سيرة صدام حسين السياسية ، فهي شخصية أفرطت في العنف للدفاع عن السلطة التي بحوزتها ، ولكن في المقابل ،شهدت سيرته ،باعتراف معارضيه ،مراحل ذهبية في بعض مراحلهافخلال الفترة الحزبية ، بدا صدام حسين محاورا وجديا ومسؤولا ومتفرغا للنضال الحزبي ، وخلال فترة السبعينات ، كان ينظر اليه من قبل كافة القوى العراقية ، بما فيها الاكراد والشيوعيون ، على انه الرجل المنفذ والذي يمكن الثقة به ، وبالمقابل هناك ايضا صفحات سوداء قاتمة في سيرته يحتاج الكثير لسرده .
وبغض النظر عن حقيقة أن صدام حسين في النهاية هو حالة فردية اجتماعية تسلطية ، فكما تقصد رعاة البقرمن أن يجعلوا من ادانة هتلر(النازي) ، هي ادانة لألمانيا . فهل يريدون أن يجعلوا من ادانة صدام حسين(العفلقي) ، هي ادانة لكل العرب ؟! .


الهوامش

اسرارمن بغداد / محمد حسين بزي / دارالامير- بيروت - الطبعة الاولى - 2005م
من الذاكرة سيرة حياة / صالح دكلة / دار المدى- دمشق- الطبعة الاولى- 2000م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام