الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة (يزيد) في استوديوهات التاريخ

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 3 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بصرف النظر عن خلافات المسلمين حول استقامة ملوك الدولة الاموية ومدى التزامهم بالرسالة المحمدية، فقد اجمعت الطوائف والفرق الاسلامية كلها، بأستثناء فئة موالية لآل سفيان، على تقديم صورة واضحة الملامح، ومتفق عليها عن (يزيد بن معاوية)، الذي حكم ثلاث سنوات فقط، ارتكب فيها ثلاث مجازر قبحت وجه التاريخ، بمعدل مجزرة كارثية كل عام. وأكدت المراجع كلها انه كان مارقاً لا يرجع إلى اللّه، ولا إلى كتابه، ولا إلى رسوله، ولا يؤمن بالقيم السماوية، ولا بما جاء من عند اللّه، وذلك استنادا إلى الشهادات التاريخية التالية:-
اولا: شهادته هو على نفسه عندما أنشد هذه الابيات:-
لست من خندف إن لم أنتقم
من بني أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل
وقد ذكرها ابن تيمية، وذكرها تلميذه ابن كثير في معظم مؤلفاته. وتجدونها في العواصم من القواصم: 232. وتاريخ الطبري 10 / 60. لكن المؤسف له ان بعضهم (ومنذ زمن بعيد) انكر هذه الابيات، ونسبها لغيره. .
ثانيا: شهادة ابنه (معاوية الثاني)، الذي صعد المنبر بعد توليه العرش، وألقى خطبته الأولى في ذم أبيه (يزيد) أمام جمع غفير من الناس، فقال: (إنّ هذه الخلافة حبل اللّه، وإنّ أبي كان غير أهل له، ونازع ابن بنت رسول اللّه، فقصف عمره، وانبتر عقبه، وصار في قبره رهيناً بذنوبه). .
ثمّ بكى وقال: (إنّ من أعظم الأُمور علينا علمنا بسوء مصرعه وبئس منقلبه، وقد قتل عترة رسول اللّه (ص)، وأباح الخمر، وخرّب الكعبة، ولم أذق حلاوة الخلافة، فلا أتقلّد مرارتها، فشأنكم أمركم. واللّه لئن كانت الدنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، ولئن كانت شرّاً فكفى ذرّيّة أبي سفيان ما أصابوا منها). وهذه الخطبة موثقة في كتاب (الصواعق المحرقة) الصفحة 336. للأمام ابن حجر الهيتمي الشافعي. .
ثالثا: ارتكابه أبشع المجازر في السنة الاولى من حكمه بقتله ريحانة رسول الله (الحسين) واخوانه واصحابه وابناءه واحفاده، واسرف في قتلهم وإراقة دماءهم، ثم أمر عصاباته بقطع رؤوس الشهداء، وحملوها على أسنة الرماح. وطافوا بها في الأمصار. وذكر الطبري (ت 310 هـ) روايات عديدة عن سبي نساء أهل البيت في كربلاء، وذكر فيها النصوص الموجعة جداً. ثُمَّ إنهم أدخلوا النساء المسبيات عَلَى يَزِيد، فَقَالَتْ فاطمة بنت الْحُسَيْن، وكانت أكبر من سكينة: (أبنات رَسُول اللَّهِ سبايا يَا يَزِيد). لقد إستحضر (يزيد) في ذلك العام كل سيئات الجاهلية، ولم يرحم منهم أحد. .
رابعاً: في السنة الثانية من حكم (يزيد) ارتوت أرض المدينة المنورة بدماء الصحابة وأبنائهم في وقعة الحرّة، وقد ذكر المؤرخ خليفة بن خياط (ت 240 هـ) أسماء المئات ممن قُتلوا في هذه الوقعة من الأنصار وأبنائهم وبطونهم، ومن المهاجرين والقرشيين وأبنائهم وبطونهم وحلفائهم، وتتبُّع هذه الأسماء يكشف عن حجم القسوة والقوة المفرطة التي استخدمها (يزيد) في سفك دماء الأبرياء.، ثم استباح المدينة ثلاثة أيام، وجاء فى (معجم البلدان): أن جنوده استباحوا فروج النساء. وحملت منهم 800 حرة، وولدن، وكان يقال لأولئك الأولاد أولاد الحرّة، أما ابن الجوزى فروى عن طريق المدائنى أنه: ولدت ألف امرأة بعد الحرّة من غير زوج، وأخرج البيهقى فى (دلائل النبوة) ما يؤكد صحة على همجية (يزيد) وطغيانه. .
خامساً: وفي السنة الثالثة من حكم (يزيد) تحصن عبدالله ابن الزبير داخل الحرم المكي، فلم يكن لعصابة يزيد أي مانع من دكّ الكعبة إن لزم الأمر. قال الامام السيوطي عن هجوم يزيد على مكة: وأتوا مكة فحاصروا ابن الزبير، وقاتلوه ورموه بالمنجنيق، واحترقت مكة من شرارة نيرانهم، واندلعت النيران في أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به اسماعيل وكانا في السقف. ثم قتل الحجاج عبدالله ابن الزبير، وقطع رأسه، وعلق جثته في مكة. ثم قالت امه (اسماء بنت أبي بكر): أما آن لهذا الراكب أن ينزل. فبعث الحجاج فأنزل عن الجذع ودفن هناك. .
هذه صورة مختصرة من تاريخ (يزيد) على مدى ثلاث سنوات فقط. وهذا ما اتفق عليه المسلمون والمؤرخون من كافة الملل والنحل وعلى اختلاف مشاربهم. . لكنني وجدت نفسي مضطرا للكتابة عنه مرة اخرى بعدما تلقيت الردود المدافعة عنه من اصحاب العقول المشفرة، الذين يرون فيه رمزا من رموز الحكم العربي في الشام، والغريب بالأمر ان ردودهم تتجدد هذه الأيام بعد مضي عشرات القرون على موته، وعلى الرغم من شهادات السجلات التاريخية كلها. وربما اختارت بعض الفرق طريقا ملتويا ومراوغا، بقولهم: (نحن لا نحب يزيد ولا نسب يزيد). .
هل هذه الصورة التي سردتها الوقائع التاريخية كانت صورة كاذبة ؟. .
ختاما: مشكلتنا اننا حتى الآن لا نجد رأيا صريحاً وواضحاً بالإخفاقات التي نتعايش معها في العصر الراهن، فما بالك بالذي سطره فقهاء السلاطين عبر المراحل التاريخية المتقلبة، وما كتبه الذين لازالوا يكررون اقوالهم المتأرجحة بين الحق والباطل ؟. فيقولون: (سيدنا وحشي قتل سيدنا حمزة)، و(سيدنا خالد قتل سيدنا مالك بن نويرة)، وما الى ذلك من تدليس ونفاق مرفوض ومضلل ومستفز. .
وللحديث بقية. . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف