الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضطراب الفيسبوكسيا Faceboxia

محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)

2023 / 3 / 27
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


همسة رمضانية (4): اضطراب الفيسبوكسيا Faceboxia

بقلم: د/ محمود محمد سيد عبدالله (أستاذ جامعي وكاتب مصري)

يعتبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" واحدًا من أشهر المواقع على شبكة الإنترنت، حيث يتم استخدامه للتواصل والتفاعل بين الأصدقاء والعائلة والمجتمع.. ومع ذلك، فإن بعض المرضى النفسيين يستخدمون هذا الموقع بطرق غير صحية، وينقلون مشاعرهم السلبية للآخرين!
هذا، ويستخدم بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية ونفسية (مثل الهوس والفصام والاكتئاب والقلق والشخصية النرجسية وغيرها) مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن مشاعرهم (السلبية) وإظهار ساديتهم وسوء تكيفهم ومعاداتهم للمجتمع المحيط، حتى أن البعض منهم يستخدمون هذه المنصات للتعبير عن الغضب والحقد والكراهية والتدني الأخلاقي والسلوكي بهدف التخلص من الضغوط النفسية التي يعانون منها.

ومن أبرز الأعمال السلبية التي يمارسها المرضى النفسيون على "فيسبوك"، هي نشر الإشاعات والأكاذيب والترويج للباطل، وسب الناس وقذفهم وقدحهم باستمرار والتلسين عليهم. وقد ينشرون معلومات خاطئة عن شخص ما، أو ينشرون صورًا مهينة لأشخاص آخرين، وهذا يؤدي إلى تعرض الأفراد للإهانة والتشويه والتدمير..

وهذا يقودنا إلى التعرض لأحد اضطرابات الشخصية (الفيسبوكسيا) Faceboxia disorder، وهو اضطراب حديث النشأة انتشر مع تزايد استخدام موقع (تطبيق) "الفيسبوك" في حياتنا..ويتحد أحيانا مع حالات مرضية أخرى معروفة مثل "النرجسية" و"جنون العظمة" و"الهيستريا" و"السادية" و"الهوس الجنسي" و"الخيالات"..وأحد مظاهره المهمة الإدمان الشديد على الفيسبوك، وقضاء الفرد لأوقات طويلة جدا على الموقع (التطبيق)..وهذا يتضمن شعوره "الزائف" بأن الفيسبوك هو عالمه وحده لا يجب أن ينازعه عليه أحد..أضف إلى ذلك أن مريض "الفيسبوكسيا" يمارس الحيل الدفاعية المختلفة - خاصة الإسقاط (النفسي) لتقليل اضطرابه والتخلص من قلقه وتوتره - ويفرغ مشاعره السلبية والعدوانية (من نقص وغيرة وحقد وحسد...الخ) من خلال تطبيق الفيسبوك..وأهم أعراض هذا الإضطراب:

1- الأسلوب المتعالي (المنفوخ) في الكتابة، والتسفيه من الآخرين، والسخرية الشديدة منهم والنقد اللاذع لكل شيء لا يعجبه..

2- مراقبة صفحات الآخرين باستمرار، والتجسس عليهم للرد على كل صغيرة وكبيرة يكتبونها (بغض النظر عن مدى صلته بالأمر المطروح)..

3- الإحساس بأنه المقصود من وراء كل ما يكتبه الآخرون (اللي على راسه بطحه.....)، وكل ردوده تؤكد أن ما يقال عنه صحيح تماما - وإلا فلماذا يرد من الأساس؟!

4- الإستخدام (الشاذ) المبالغ فيه لعلامات الترقيم (والأقواس) - خاصة في الردح وتلقيح الكلام..

5- التعليق على أي شيء ينشره أعداؤه (أو كل من يختلف معهم) - مهما كان المحتوى إيجابيا أو بناءً ومفيدا..

6- شعوره السيكوباتي (المرضي) بأنه من حقه الهجوم على الآخرين وتجريحهم دون أن يستخدموا حقهم في الرد..

7- السعي إلى تهكير حسابات الآخرين وإنشاء حسابات أخرى وهمية؛ فقد يقوم "الذكر" مثلا بإنشاء حساب باسم "أنثى" ويضع صورا خليعة..وقد يرتبط هذا بالإحساس بالنقص وإضطرابات الهوية كأحد الإضرابات النفسية (الجنسية) الشائعة!

8- السلوك الشاذ (غير الناضج) في استخدام الفيسبوك - خاصة عندما يصل الأمر إلى اقحام الآخرين في مشاكل وصراعات وسجالات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وحثهم على التعليق (السلبي) على كل من يختلف معه، والتصفيق له، والسخرية من الآخرين!

9- التركيز دائما على الأخطاء اللغوية (الإملائية..النحوية..الخ) لدى الآخرين بطريقة تنم عن السطحية والتفكير الشاذ والجمود، وعدم الإعتراف بالأخطاء العفوية التي قد تترتب على استخدام لوحة المفاتيح (مثل إبدال حرف مكان حرف أو نسيان الهمزات، إلخ)..

10- فرض الرأي (البلطجة الفكرية)، وعدم التحلي بالكياسة والمرونة، بما في ذلك من عدم تقدير لوجهات النظر الأخرى (المختلفة)، مما يجعله في حالة صراع مستمر مع الجميع!

11- التفاهة والتصرفات الطفولية والصبيانية الواضحة (مين علق على مين؟ ومين عمل لايك لفلان؟ ومين شير بوست لعلان؟...إلخ) التي تنم عن الفراغ والتفاهة والتدني الأخلاقي والسلوكي والإفتقار إلى التربية وضبط النفس..

12- الأسلوب الهجومي الشاذ الي يتسم بسوء الخلق (وعدم النضج) وسلاطة اللسان والضغط على الآخرين!

13- تقليد الآخرين في أشياء كثيرة - حتى في طريقة كتابة العناوين - وإتهامه الدائم للآخرين بتقليده..

14- متابعة الفضائح ونشرها وإفشاء الأسرار وفضح كل من يختلف معه - حتى لو أدى الأمر إلى تشويه صورة المؤسسة التي يعمل بها وينتمي إليها..

15- التقرب من السلطة وعدم قدرته على مهاجمة كل من يتمتع بعلاقات ونفوذ (خاصة مع الجهات الأمنية) - مهما بلغت أخطاؤهم الإملائية والنحوية والفكرية في كتاباتهم على الفيسبوك! ولا يجرؤ حتى على مجرد التلميح (خاصة مع هؤلاء الذين تربطه بهم المصالح)..

16- المبالغة الشديدة في كل شيء واختلاق القصص والحكايات والمواقف التي تدعم رأيه - مما يجعله في حالة تناقض شديد جدا يلمسها كل من يتابع منشوراته!

17- تتميز منشوراته "بجر الشكل" لأنه لا يشعر بالأمن النفسي ، وبالتالي لا يقدر على العيش بدون سجالات ومشاحنات وصراعات مع الآخرين..فهذه الشخصية - كما يصفها البعض - "تتغذى على المشكلات والصراعات"..ودائما ما تسمع الآخرين يعلقون على تصرفاته قائلين: "طيب وهو ماله؟؟ ده عاوزله فريق كامل من الأطباء النفسيين علشان يعالج حالته المستعصية دي!!"

18- تصيد الأخطاء والزلات للآخرين واتهامهم باستمرار "بالخلل النفسي" أو الإدمان (وهذا "إسقاط" نفسي بكل تأكيد)..

يجب على المرضى النفسيين أن يتوقفوا عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل غير صحيح، وأن يعملوا على علاج حالتهم النفسية. ومن المهم أن يتلقوا الدعم اللازم من أصدقائهم وعائلاتهم والمجتمع للتعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية..
عافانا الله وإياكم من كل اضطراب ومرض...
تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع