الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة كيان الاحتلال مع التعديلات القضائية

عمار أسامة جبر
كاتب

(Ammar Jabr)

2023 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


ينتفض المجتمع داخل كيان الاحتلال بشكل متواصل للأسبوع الثاني عشر، بمظاهرات عارمة وصلت ذروتها مساء الأمس وصلت لكسر حواجز شرطة الاحتلال، للوصول الى بيت رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يحاول أن يفرض هو والكابينت الحاكم من اليمين بقوة على الحكومة والكنيست التعديلات القضائية والتي يأمل أن يتم التصديق النهائي عليها قبل الثاني من نيسان حيث أتمت القراءات الثلاث، ومنح التحالف اليميني فرصة لتعزيز صفوفه حيث سيدخل الكنيست في عطلة ربيعية حتى الثلاثين من الشهر نفسه، ومن شأن هذه التعديلات أن تضعف السلطة الثالثة ومن ضمنها صلاحيات المحكمة العليا وقضاتها على وجه الخصوص، في خطوة يرفضها المجتمع، والذي يرى في المحكمة العليا ملاذ أخير لحماية دولته الاحتلالية وكينونتها والحفاظ على وجودها، في ظل عدم وجود دستور للكيان المحتل والاستعاضة -بما يسمى- وثيقة الاستقلال، كوثيقة ذات مكانة دستورية، في مخالفة لكل الأنظمة السياسية في العالم، ولكنه في النهاية كيان احتلالي يرفض المألوف في كل مجال.


إن الخطورة الكامنة في التعديلات القضائية، هي محاولة لعب دور مشبوه في تعيين القضاة وفق المزاج اليميني المتطرف، والذي من شأنه أن يشكل خطراً قانونياً وفق مبداً تضارب المصالح، فالقضاة المعينون وفق أهواء هذا اليمين، سيصبحون بين مطرقة القضاء الذي يوجب عليهم كقضاة الالتزام بمبدأ الحياد، وسنديانة الطرف الثالث وهو في هذه الحالة اليمين المتطرف الذي ضغط وساهم بشكل مباشر في تعيينهم، ومن جهة أخرى يعزز وجود اليمين المتطرف داخل أروقة القضاء، إلى الانحياز لقوانين عنصرية فاشية تجاه الشعب الفلسطيني، والعمل على كسر صمود المجتمعات العربية التي تواجد تهميشاً متعمداً من سلطات الاحتلال وإسقاط استقلالية القضاء والمحكمة العليا التي يراها اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو-بن غفير-سيموتيرتش، جزء من اليسار، والذي يتوجب عليهم كقوى يمينية كسر هذا الجانب اليساري في المحكمة، والتي كما يدعون بأنها لا تمثل كافة شرائح مجتمع الاحتلال، والسلطة التي تتخذها المحكمة العليا كسيف مسلط عليهم قانونياً.


وبنظرة فاحصة الى أبرز التعديلات التي يرمي اليمين المتطرف الى تمريرها، نرى أن من أخطر التعديلات التي يُراد لها أن تنفذ سحب السلطة من أيدي قضاة المحكمة العليا بوصفها مراقباً على عمل الكنيست والحكومة، وسيؤدي هذا التعديل الى تشكيل جبهة مضادة تعمل عكس التيار، فبدلاً من أن تكون للمحكمة العليا، الكلمة العليا وكلمة الفصل، في تصديق القرارات أو ردها في ضوء عدم وجود الدستور وضبابية وثيقة الاستقلال وعدم شموليتها، سينعكس الحال وسيصبح للأغلبية البرلمانية دوران خطيران، الأول سن القوانين والثاني اقراراها، حيث ستملك الأغلبية في الكنيست قوة الرفض لقرارات المحكمة العليا، في حال رفضها لأي قانون مُرر لها، بعد الانتهاء بشكل طبيعي من القراءة التمهيدية والقرارات الثلاث وصولاً لرفعه للإقرار، وسيسعى اليمين أيضاً إلى إلغاء (حجة المعقولية) التي تنتهجها المحكمة العليا وتشكل هذه الحجة إحدى المعايير التي تعتمدها المحكمة لإقرار القوانين.


ورب ضارة نافعة، حيث ستقوض هذه التعديلات الموجهة للسلطة القضائية، استقلاليته وتغوص السلطات الثلاثة في دوامة عدم الفصل بين سلطاتها، والدخول في موجة الفوضى التي لن تتوقف، فجميع اللاعبين الرئيسيين في الساحة السياسية يود أن يأخذ نصيبه من هذه الفوضى التي خلقها اليمين، حيث يدعي الطرف الأخر أن فريق نتنياهو واليمين المتحالف معه يعمل على إقرار هذه التعديلات من أجل الغاء محاكمته بتهم الفساد أو على أقل تقدير التخفيف من آثارها، ولربما اقرار قوانين تعفي المتشددين المتدينين من الخدمة العسكرية ، وفي النهاية نتيجة لهذه الفوضى من الجهتين، واصرار نتنياهو وفريقه اليميني المتشدد على تنفيذ ما يريده، سيزيد ذلك من عزلة دولة الكيان وسينظر الى عدم استقلالية القضاء من وجهة نظر المجتمع الدولي، بشيء من الريبة وهذا يضعفها بلا شك أمام القانون الدولي والمحاكم الدولية، وفي خضم هذه التجاذبات، بين الائتلاف والمعارضة برز تهديد وزيرين لنتنياهو، الأول لوزير الدفاع غالانت، الذي يعارض التعديلات القضائية ويدعوا الى تعليقها، والذي أقيل الأحد في خطوة استباقية من نتنياهو، والثاني حليفه السياسي بن غفير الذي يهدد بالاستقالة في حال لم تمرر هذه التعديلات، مع التزامه بإبقاء التحالف بينهما.


إن استمرار هذه الاحتجاجات التي يشهدها الشارع، ستطيح أجلا أم عاجلاً، بالتيار اليميني والائتلاف الحاكم، والشارع سيقول كلمته قريباً فالفوضى العارمة التي أطاحت بوزير الدفاع، ورفض الاحتياطي التجنيد في وحدات الجيش، والصراع بين الحاخامات والدولة ورفض انضمام الحريديم للتجنيد، والعزلة الدولية التي بدأت منذ انضمام بن غفير والائتلاف للكابينت، ورفض العديد من المسؤولين الدوليين لقاء نظرائهم في دولة الاحتلال، كلها أسباب ستعجل في الانهيار الذي يؤرق دولة الاحتلال منذ اليوم الأول للاحتجاجات، ولعلها عدوى الربيع الذي يطرق بعنف أبوابهم ويهدد باقتلاعهم من مناصبهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر