الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد ماركسية الكنائس: الإنطلاق من فكر ماركس لتجاوزه ودون القطع معه.

أحمد زوبدي

2023 / 3 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



الماركسية منهج في التفكير ( وفي الممارسة) ولا يضاهيها أي فكر اليوم (التأكيد مني ) من خلال المادية الجدلية والمادية التاريخية وهي معروفة ولا داعي لصبر أغوارها هنا مع العلم أنها مدعوة لأخذ في الاعتبار طبيعة وشكل التحولات لإغنائها.
السؤال المركزي اليوم هو كيف يمكن تمرير النضال من خلال أدبيات الماركسية كالبروليتاريا والطبقة العاملة على أساس أن الصراع وصراع المصالح ( الإقتصادية) الطبقية وتوظيف الأيديولوجية هي القاعدة ؟ بعبارة أخرى، ما هي ظروف وشروط التواصل مع هذه الطبقة أي البروليتاريا، كأداة للتغيير، إن كانت موجودة هي وحزبها بالشكل الذي مكن ماركس من كتابة أطروحاته، في وضع تغير رأس على عقب أي في شروط أصبح فيها الإنسان بضاعة أو قل بالضبط أصبحت السلعة هي الأداة المسيطرة في المجتمع ؟
كيف يرى اليوم فكر ماركس التقليدي التحول الكبير في المجتمع من خلال تأثير الثورة الرقمية والتكنولوجية ؟
كيف يمكن التعامل مع التقدم التقني الذي غير شكل العمل وقوة العمل و الذي تحدث، في ضوء هذا التحول العميق، أندري غورز André Gorz عن نهاية العمل ؟ غورز لا يقول أن العمل انتهى بل يقول أن الثورة التكنولوجية أدت الى تحولات ( métamorphoses) كبيرة في بنية العمل بكل مكوناته : مرونة العمل، تفكيك النقابات من خلال إرشائها، التحول الآلي في ظل الروبوهات الذي حول البروليتاريا إلى كونيطاريا ( cognitariat )، الديموغرافيا، نمط الإنتاج، نمط الاستهلاك، الإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة، خوصصة المرفق العام، موقف الناس من السياسة، تمييع العمل النقابي والسياسي، انهيار النماذج الديموقراطية، انهيار التجارب الإشتراكية ( وليس انهيار الإشتراكية)، هيمنة فكر ما بعد الحداثي في ظل هيمنة النيوليبرالية، إلخ.
كيف التفكير في مسألة السلطة على أساس أن ماركس لم تكن لدية نظرية في هذا الباب بصرف النظر عن (جهاز) البروليتاريا المفروض أنها هي التي تقوم بتسيير المجتمع ؟ اكتفى ماركس بالوجه "السلبي" للدولة كجهاز للقمع، لكن نكوس بولانتزاس ( Nicos Poulantzas)، حتى لا أذكر إلا هذا المفكر اليوناني الكبير، ساهم بشكل قوي في وضغ نظرية ماركسية للدولة مشيرا أن الدولة الرأسمالية ليس فقط جهاز لقمع الطبقة الفقيرة/ الطبقة العاملة لصالح الطبقة المسيطرة أو البورجوازية بل أنها لها دور " إيجابي" من خلال مساهمتها في مد البنيات التحتية ومنها الأجور والتغطية الإجتماعية، مما يسمح للطبقة الأولى بالاستمرار وبالطبع استمرار الرأسمالية ومعها الإستغلال.
هناك الكثير من الأسئلة التي لا يمكن أن تجيب عليها الماركسية التقليدية أو قل فكر ماركس إلا بالبحث عن أدوات جديدة لفهم الواقع المتغير باستمرار وبالتالي تجاوز منظومة ماركس لا يعني التشطيب على المادية التاريخية والمادية الجدلية أو التشطيب على البروليتاريا أو الصراع الطبقي. الصراع الطبقي مثلا في دول الجنوب يقتضي الوعي بالموقع الطبقي سواء لمالك وسائل الإنتاج أو لنقيضه. وهنا يبدو المفهوم في حاجة إلى تمحيص وإلى إعادة تركيب. هناك الكثير من المفاهيم أو قل المنظومة المفاهيمية الماركسية برمتها، في ما يخص نمط الإنتاج الكولونيالي بالمعنى الذي يعطيه له غرامشي العرب، المفكر الأممي الشهيد مهدي عامل، يجب إعادة النظر في بنيتها. تجاوز فكر ماركس وليس القطع معه يستدعي تجديد المفاهيم وتطويرها من خلال إعطائها نفسا جديدا لتجيب على مشاكل روح العصر.
قولة ماركس " ما أعرفه أني لست ماركسيا " " ce que je sais, c est que ne suis pas marxiste ". هذه المقولة نفسها ليست مقولة أبدية أو مقولة غير قابلة للنقد، وهذا هو كنه فكر ماركس أي رفض الجمود. ماركس بشر، ولو أنه مفكر رسولي، وبالتالي من حق القارىء أو الباحث أن يقرأ الفكر كيف يشاء دون تشويهه طبعا. مثال ماركس يقول أن البديل هو تجاوز الرأسمالية في حين أن الإشتراكيين التحريفيين أو قل الإشتراكيون الديموقراطيون يتبنون إصلاح الرأسمالية. هنا طبعا خروج عن الماركسية. أو من يزيح الثورة من فكر ماركس، حين تنضج شروطها، هو طبعا تشويه لفكر ماركس. لكن تجاوز الفكر الماركسي ونحث بناء نظري جديد يمكن من احتواء المتغير والثابت للإجابة على الأسئلة الحارقة، يعتبر بديلا يساعد على تجاوز موت فكر ماركس نفسه بل يساهم في إنقاده من الزوال. ماركس لم يأتي بفكر جاهز أو آلة لفك رموز المجتمعات بل أكد على أن الفكر هو الممارسة وبالتالي أن التغيير يقتضي تبني المعارك دون هوادة.
في النهاية، أعتقد أن ماركسيي الكنائس يقومون بالترثرة باسم فكر ماركس ولا يضيفون له إلا شطحات فلكلورية من قبيل الماركسية علم، علم الماركسية، العلوم الماركسية، الماركسية سلاح النقد، الماركسية نقد السلاح، الماركسية كذا، دون إنتاج العلم والمعرفة. وهذا الشكل من الماركسية هو الوجه الأصولي لفكر صاحب مؤلف " رأس المال"، وهي هرطقة في الفكر وما الهرطقة في الفكر إلا خروج عن منهج ماركس وبالتالي فالخروج عن المنهج هو ردة في فكر ماركس وفي الماركسية على حد سواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا