الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجمع الصناعي العسكري هو المحرك الرئيسي للتراكم الرأسمالي/ بقلم ليونارد زورفاس* / ترجمة مرتضى العبيدي

مرتضى العبيدي

2023 / 5 / 1
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


توضح الأحداث المأساوية التي وقعت في الساعات الأولى من يوم 3 أكتوبر 2015 في قندوز بأفغانستان الطبيعة الوحشية واللاإنسانية للإمبريالية في شكلها الحالي. لم تكن الغارة الجوية التي دمرت مستشفى منظمة أطباء بلا حدود وقتلت ما لا يقل عن 42 شخصًا، بمن فيهم المرضى والطاقم الطبي، مجرد حادث مؤسف، ولكنها تعبير عن المنطق الوحشي لرأس المال المالي. وقد وقع الحدث بعد "الانسحاب" الشهير للجيش الأمريكي من أفغانستان.
غالبًا ما ترتبط الإمبريالية بالاحتلال العسكري والتوسع الإقليمي. ومع ذلك، فإن هذا الفهم التقليدي يعجز عن فهم جوهر الإمبريالية المعاصرة، التي تتميز بهيمنة رأس المال المالي على الاقتصادات والمجتمعات، منذ الإطاحة بالاتحاد السوفيتي، في العالم بأسره تقريبًا. كما لاحظ لينين قبل قرن من الزمان، فإن الإمبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية، حيث لم يعد تراكم رأس المال محصوراً داخل الحدود الوطنية بل يمتد إلى العالم بأسره من خلال السيطرة على التمويل والتكنولوجيا والموارد.
إن قصف مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز هو نتيجة مأساوية لهذا النظام العالمي من الاستغلال والسيطرة. لم يكن حدثًا منعزلاً بل كان جزءًا من نمط أكبر من العدوان والتدخل العسكري الذي يخدم مصالح المجمع الصناعي ـ العسكري ومساهميه. وكما أوضح الباحث الشهير المختص في دراسة الإمبريالية، ديفيد هارفي، فإن المجمع الصناعي ـ العسكري هو المحرك الرئيسي للتراكم الرأسمالي، لأنه يستهلك كميات كبيرة من رأس المال الزائد ويولد أرباحًا من خلال إنتاج وبيع الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى (" الإمبريالية الجديدة "، 2005).
فوفقًا لتقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، بلغ الإنفاق العسكري العالمي 1.8 تريليون دولار في عام 2018، وكانت الولايات المتحدة هي المُنفق الأكبر، حيث تمثل 36 ٪ من الإجمالي. إن هذه النفقات الضخمة ليست مدفوعة باحتياجات أمنية حقيقية أو مشاغل ذات بُعد إنساني، بل هي مدفوعة بمتطلبات تراكم رأس المال والسعي وراء الأرباح.
وهذا ما تؤكده حقيقة أن الجيش الأمريكي أنفق أكثر من 700 مليار دولار على الأسلحة والحرب في عام 2019، وهو ما يمثل أكثر من نصف الميزانية التقديرية الفيدرالية. إذ يجب على الجيش الأمريكي، بصفته المنفذ الرئيسي للمجال الإمبريالي الغربي، أن يبرر باستمرار وجوده ويوسع نفوذه من خلال التدخلات العسكرية والحروب، بغض النظر عن تكلفتها البشرية وعواقبها السياسية.
يجب النظر إلى قصف مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز في سياق العنف الإمبريالي والنهب. كان المستشفى منارة للأمل والتضامن في بلد مزقته الحرب، حيث قدم الرعاية الطبية الحيوية والدعم للشعب الأفغاني. ولم يكن تدميره مجرد صدفة بل كان عملاً عدوانيًا متعمدًا ضد قيم الكرامة البشرية والمواساة. وكما قالت رئيسة منظمة أطباء بلا حدود جوان ليو، "لم يكن مجرد هجوم على مستشفانا، لقد كان هجوما على اتفاقيات جنيف، ولا يمكن التسامح مع هذا.»
لذلك، فإن النضال ضد الإمبريالية ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا ضرورة سياسية لتحرير البشرية من قيود الاستغلال والسيطرة. يتطلب هذا النضال وحدة وتضامن جميع الطبقات والأمم المضطهدة والمستغلة، بما في ذلك العمال والفلاحين والطلاب والمثقفين والحركات المناهضة للاستعمار. كما قال لينين بشكل جيد: "الإمبريالية هي عشية الثورة الاشتراكية".
وقد أشار المؤرخ إريك هوبسباوم إلى أن النظام الإمبريالي بطبيعته غير مستقر وعرضة للأزمات، مما يوفر فرصًا للتغيير الثوري ("عصر الإمبراطورية"، 1989). تمثل أزمة الإمبريالية اليوم، التي تتميز بتزايد عدم المساواة والدمار البيئي والاضطراب السياسي، لحظة تاريخية للطبقة العاملة للاستيلاء على السلطة وبناء مجتمع جديد قائم على مبادئ الاشتراكية.
إن قصف مستشفى قندوز هو تذكير صارخ بوحشية ولا إنسانية الإمبريالية في شكلها الحالي. إنها لم تعد مجرد احتلال عسكري، ولكنها متجذرة في المصالح الاقتصادية لرأس المال المالي، الذي يسعى للسيطرة على الدول الضعيفة واستغلالها. إن الكفاح ضد الإمبريالية يتطلب فضح ومهاجمة جذور النظام في هيمنة رأس المال المالي وبناء بديل اشتراكي يقوم على التضامن دفاعا عن الكرامة البشرية.

*مراسل "ريد فينيكس"، نيو جيرسي
19 أفريل 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024