الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف يحدد مجال الاشتغال على الذاكرة بفجيج

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

2023 / 6 / 1
حقوق الانسان


احتضنت إحدى قاعات جمعية النهضة بقصر زناكة [بالكاف المعطشة]، بفجيج افتتاح أشغال محفل الذكرى الخمسين لأحداث شهر مارس (آذار) من العام 1973، مساء يوم الجمعة 26 من شهر مايو (أيار) من العام 2023، وهو محفل دام إلى وقت متأخر من مساء يوم السبت 27 من مايو (آيار)، أي اليوم الموالي. استغرق المحفل ثلاث جلسات معرفية تخللتها أشواط من المراء، فضلا عن الجلسة الافتتاحية. وضمن برنامج المحفل فقرات لزيارة منازل ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بقصر زناكة، ولقطات في الذاكرة نحو الوقفة الصامتة بالشموع برحاب مدرسة أحمد بن عبد ربه الأندلسي. ولغزارة المادة، وكثافة البرنامج وتنوعه سيجري تجذيذ وقائع المحفل إلى فقرات تركز على مواقف وجب تسجيلها لصلتها بالذاكرة الجماعية لواحة فجيج. لماذا أريد لهذه الواحة المضايقة والتبكيت؟ ورد في ملف اللجنة التنظيمية للمحفل ورقة عنوانها «نبذة عن واحة فجيج».
إنها «إحدى أعرق واحات الهامش الشمالي للصحراء الإفريقية الكبرى». وتتميز واحة فجيج ببصماتها إن «في تاريخ شمال أفريقيا القديم» أو في العصر الوسيط، وواجهت بقوة «مجريات الفترة الاستعمارية وما بعدها». ففي البدء توفق أهل فجيج «من صد تقدم الاكتساح العثماني لمعظم تراب» بلاد المغارب. وللإشارة فقد «وصل نفوذ الأتراك إلى الواحة في أواخر القرن السادس عشر، دون المكوث فيها ودون ضمها نهائيا» لمجال الإمبراطورية العثمانية. ولما أنشأ الاستعمار يهتم بالأرض الأهالة بالسكان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ التوسع الفرنسي يستهدف التراب المغربي، لما تبين من ضعف المخزن، مستغلا هفوات معاهدة لالة مغنية في مارس من العام 1845. هنالك واجه سكان واحة فجيج «تحرشات الجيش الاستعماري الفرنسي»، لا سيما وأن فرنسا، التي تنوي مد خط السكة الحديدية نحو غرب أفريقيا تواجه «إكراهات طبيعية تتمثل في بحر الرمال»، وما كان لها إلا احتلال جزء من تراب فجيج درءا لخطر العرق الغربي الكبير. رفض سكان الواحة «المشروع»، ورغم ذلك عبر خط السكة الحديدية هامش الواحة وبنيت «محطة القطار بجوار قصر بني ونيف، زهو أحد قصور فجيج»، خارج المجموعة القروية المكونة من سبعة قصور. ودون تفصيل القول في مضايقة المستعمر الفرنسي للواحة والتي جعلها منطقة طرد لسكانها، فشلت الواحة في «كسب قاعدة اقتصادية محلية قوية» لمحدودية الموارد المائية، وللتهميش الذي حاق بها.
أحاطت كلمة السيد حسن كمون رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف بما تستلزمه المرحلة، وما ينبغي فعله في الحال وفي المآل. سجل، في البدء، أن «لاتزال ذاكرة المنتدى منتشة بحفاوة الاستقبال الكبير الذي خصت به واحة فجيج ومدينتها المناضلة، القافلة التي سبق للمنتدى أن نظمها. أجدد الشكر والامتنان لأهل فجيج باسم كل من شارك في القافلة السابقة»، لم يذكر تاريخها، بقدر ما هو حريص لتجديد الشكر «لتجدد الاحتفاء بالمنتدى وضيوفه وضيوف الجمعية الطبية وجمعية النهضة»، والتي مقرها بفجيج، وهي ذات اهتمام بالذاكرة وحقوق الإنسان. ولكثافة العناية والاستقبال أضاف الأستاذ حسن كمون: «لن نوفيكم حق الشكر على هذه الحفاوة الكبيرة»، وذلك ما حصل بالفعل.
«لقد تجدد اللقاء بفجيج والوقوف على حقيقة الانتهاكات التي طالتها بمناسبة أحداث 03 مارس، لا يستهدف فقط المساهمة في رد الاعتبار للضحايا وخاصة الضحايا الجانبيين للأحداث المذكورة، بل يستهدف، كما سبق وأن قلت، في ذلك النشاط الأخير الذي نظمناه بخنيفرة، يستهدف تأكيد الحاجة الملحة إلى إرساء القواعد النهائية والقارة لتدبير النزاعات السياسية والاجتماعية»، يضيف الأستاذ حسن.
وبالفعل «لم يتوقف النقاش داخل المنتدى وعلى مستوى الحركة الحقوقية عموما حول موقع الحقيقة في تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب. والواقع أن الحقيقة في هذا المسار عرفت تطورا كميا ونوعيا هاما، غير أن نتائج هذا التطور اعترتها بعض النقائص يمكن حصرها على الأقل في نقطتين»، أولاهما «تتعلق بالخصاص المستمر في جوانب الحقيقة وهي جوانب ضرورية لاستغلال تمتيع الضحايا وعائلاتهم بالحق في معرفة الحقيقة، جوانب تطال تحديد المسؤوليات الفردية التي شكل تغييبها جزءا من التسوية التي جرت من أجل إطلاق النسخة الثانية التصحيحية لمسار طي صفحة الماضي وتشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة وتطال بعض حالات الاختفاء القسري كالحسين المنوزي والمهدي بن بركة»، وهي حالات عالقة، فضلا «عن عدم رضى بعض العائلات عن النتائج التي قدمت لهم في شكل مآل أقربائهم، وعدم تقديم كافة نتائج الحمض النووي المتعلق بالضحايا التي أخذت عينات منهم وهي حالات جرى التفصيل فيها في المذكرة المنجزة مؤخرا من لدن المنتدى بدعم من حلفائه والتي تتحدث بإسهاب عن موضوع الحقيقة»، وثانيهما «لا يشكل الحق في معرفة الحقيقة، على إطلاقية وجوهها، هذا في حد ذاته»، بما هي مجتمعات «الانتقاد تلجأ إلى تفعيل هذا الحق في إطار مسار رمى إلى وضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولأسبابها والقطع عن الإفلات من العقاب على ارتكابها. والحال أن عددا من الوقائع مما تعتبره مجمل مكونات الحركة الحقوقية في مصاف العود، يدفعنا إلى الحذر من احتمال ارتكاب الفعل المعكوس»، وهو تخوف وجيه.
واستدرك الأستاذ حسن، وانثنى إلى أن «الحقيقة التي تهمنا في هذا المقام هي حقيقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والتي يجري إبرازها والكشف عنها في سياق تجربة العدالة الانتقالية بواسطة لجنة حقيقة تستعمل كافة أدوات التحري شبه القضائية وتقيد نتائجها في محررات رسمية تتسم بالطابع الرسمي والقانوني. وفي حالتنا يتعلق الأمر بهيئة الإنصاف والمصالحة التي أصدرت عددا من المقررات التحكيمة تقدم بواسطتها حقائق تهم بالأساس الأفراد، كما أصدرت تقريرا ختاميا ضم الحقيقة الوطنية العامة حول الانتهاكات، والذي نعتبره في المنتدى وثيقة وطنية ملزمة يضاف إلى ذلك ما صدر عن المجلس الاستشاري ثم المجلس الوطني» يقصد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان «بشأن القضايا التي ظلت مفتوحة لدى الهيئة حال انتهاء أشغالها والتي كلف بإتمام أشغالها عمل جرى إصداره بواسطة تقرير رئيسي نهاية سنة 2009، وينتظر أن ينضاف إلى ذلك التقرير الذي أعلن عن التهييء لتقديمه منذ سنة 2016، والذي لم يصدر إلى حد الآن». وإن ما أشير إليه، إن هي إلا مثبطات «على المستوى الوطني والمدمرة للحقيقة التي نحن بصدد الحديث عنها، وهي الحقيقة المقيدة بالنصوص القانونية المؤطرة لإصدارها»، ومن تلك النصوص «المذكرة التي قدمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بشأن إنشاء هيئة الإنصاف وتغيير النظام الداخلي للمجلس، ووضع النظام الداخلي للهيئة واختيار أعضائها، وهي نصوص حددت مكونات الحقيقة التي يمكن توفيرها والتي يحتاجها المغرب من أجل طي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وأقصد، من كل ذلك، أن زمان الكشف عن الحقيقة يتعلق حصرا بزمان اشتغال هيئة الإنصاف والمصالحة. وإذا ما ظهرت الحاجة إلى مزيد من الكشف عن الحقيقة من أجل توفير المزيد من الطاقة الضرورية من أجل إرساء ضمانات عدم التكرار وهذا هو الهدف الأسمى لتجربة العدالة الانتقالية وهو سبب الحاجة إلى إطلاق الكشف عن الحقيقة فإن تحقيق هذا المزيد لا يحصل إلا بواسطة نفس المسطرة».
وأعرب الأستاذ حسن كمون إلى أن «مداومة المنتدى وباقي مكونات الحركة الحقوقية توصلت إلى ضرورة العمل من أجل تمكين عدد من عائلات الاختفاء القصري بالخصوص، من إشباع كافٍ لحقها في معرفة ما جرى بشأن أقربائها، فقد أوصت في ندوة مراكش بإنشاء آلية وطنية لاستكمال التحري بشأن الحالات العالقة بهذا الخصوص وهو مقترح رمى إلى إيجاد صيغة رسمية للتثمين ولا يهم ما جادت هيئة الحقيقة الاعتيادية المتعلقة بالخصوص ببلورة عناصر أسس عدم التكرار لأن هذا جرى إنجازه من لدن هيئة الإنصاف والمصالحة، أي أن الاقتراح في معناه ومبناه لا ينبغي إعادة المسلسل برمته بل يرمي حصرا، وأكرر ذلك، حصرا، إلى البناء على المنجز في مجال الحقيقة من أجل تمكين العائلات المعنية بالحالات العالقة من التمتع بحقها الكامل في الحقيقة». وسطر الأستاذ حسن كمون أن «باقي مخرجات العدالة الانتقالية المغربية وخاصة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، و(ضمنها) توصيات الإصلاح المؤسساتي الصادرة عن هيئة الإنصاف، يجب أن تكون موضوع أعمال وإعمال. وهل من الضروري إنشاء مثل هذه الهيئة؟ إنها ليست شرط وجوب، بل مجهود اقتراحي محترم رهين بجاهزية مختلف الفرقاء، وعلى مسار إعمال التوصيات ليجري ويستمر. وفي كل الأحوال فإن الحاجة قائمة من أجل تقييم هذا المقترح ومدى مقبوليته من لدن الفاعلين وبالتالي، ولماذا فاعليته؟ أقدم هذه التوضيحات لأرفع اللبس عن الموقف الرسمي للمنتدى من أجل الحقيقة بشأن الآلية الوطنية لاستكمال التحري، وخاصة بعد سوء الفهم الكبير الذي نتج بعد صدور المذكرة الخاصة بالموضوع». ولأن سؤال الحقيقة متصل بقوة بزمان العدالة الانتقالية المغربية، بين الأستاذ حسن كمون ما يلي:
«إن سؤال الكشف عن الحقيقة يقودنا إلى سؤال أشمل ويتعلق بزمان العدالة الانتقالية هل لانزال نعيش زمان العدالة الانتقالية أم نعيش زمان تنفيذ مخرجات العدالة الانتقالية، أي: تنفيذ كافة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وبالأخص التوصيات الخاصة بالإصلاحات المؤسساتية ومن ضمنها مأسسة حفظ الذاكرة وبلورة إستراتيجية التي من شأنها ضمان عدم التكرار. إلى هنا أجدني أنتقل بدوري إلى الموضوع الثاني الذي أبتغي أن أقدمه لكم في كلمتي هذه. تعلمون بدون شك أن تنظيمات هذا النشاط يأتي في سياق إعداد المنتدى لتنظيم مؤتمره السادس والذي قطعت أشواطا مهمة للتحضير له، خاصة في المستوى الأدبي، والذي تضمن العديد من المقترحات التي من شأنها رفع الآداء النضالي للمنتدى بموازاة مع تفعيل توصيات المؤتمر الأخير، والتي حالت الجائحة دون تنزيلها في الوقت المناسب ومنها الانفتاح على طاقات نضالية متشبعة بحقوق الإنسان قادرة على أن تشكل إضافة نوعية للمشهد الحقوقي ببلادنا كما أنه انخرط في تفعيل توصيات النظام على وجهة الحقوق المدنية والسياسية أمام توالي الانتهاكات في حق عدد من النشطاء الاعلاميين والاجتماعيين والمدونين مما تصنفه مختلف مكونات الحركات الحقوقية في نطاق العود. ومن المؤكد أن على المنتدى أن يجدد نفسه إذا عزم في الاستمرار ليتلاءم مع زمان ما بعد العدالة الانتقالية. إننا ملزمون أمام المؤتمر القادم تقديم المزيد من المقترحات لتحقيق ذلك وفي الأخير فقافلة فجيج تحت بشعارها حتى لا ننسى، فجيج الحقيقة والذاكرة. وبالانخراط القوي للفعاليات الحقوقية فيها تعطي الأمل للمنتدى ولعائلات الضحايا في الكشف الكامل عن الحقيقة والقطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان». رسمت كلمة المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف مجالا لممارسة أشغال محفل الذاكرة الذي احتضنته فجيج يوم 26 من شهر مايو من العام 2023 و27 منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد


.. أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى -حماس- يغلقون طريقاً سريعاً في




.. غضب عربي بعد -الفيتو- الأميركي ضد العضوية الكاملة لفلسطين با


.. اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق




.. أربك الشرطة بقنابل وهمية.. اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية ب