الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد الذبح الظلامي .. ونهاية التاريخ

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 11 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بغداد الذبح الظلامي ..
ونهاية التاريخ..
حين كتب فوكوياما مقاله الشهير (نهاية التاريخ) هوجم الرجل من أقطاب الدنيا الأربعة.. الماركسيين، القوميين، الأنظمة الشمولية، التيارات السياسية ـ الدينية.. هؤلاء المختلفين عقائدياً وفكرياً وتطلعات نحو مستقبل العالم ،اتفقوا بلحظة واحدة على مهاجمة فوكوياما بوصفه (نبياً) كاذباً.. ولكل أسبابه المختلفة عن الآخر!!.
وإن كنت لست في معرض الدفاع عن (فوكوياما) لكن من المفيد التنويه إلى أن الرجل لم يقل أكثر من أن الإنسان الليبرالي.. انتصر على كل خصومه.. وبما تعنيه المنظومة الفكرية الليبرالية من علمانية وحريات عامة وسيادة القانون والديمقراطية تحت لواء مفهوم (المواطنة) الحقيقية..
بما معناه أن التيارات الشمولية فشلت في قيادتها الأمم والدول..وأودت بمجتمعاتها نحو صراعات ما قبل قومية: عرقية، طائفية، مذهبية.. والأهم عادت بالإنسان من فرديته الحرة إلى (جماعيته) القهرية القائمة على اضطهاد الأيديولوجيا للفكرة والحلم الوطني المتعانق أممياً في فضاءات العالم أجمع..
ربما لم يبتعد فوكوياما عن ذهني منذ سقوط بغداد..
ورغم ما كتبه (هنتغتون) وبريجنسكي إلا أن فوكوياما ظل أكثرهم وضوحاً وشفافية في طرح أفكاره..
وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الاحتلال في بغداد و(بازار) التيارات والعقائد والأيديولوجيات السياسية والدينية.. وبعد أكثر من نصف مليون قتيل عراقي راح معظمهم بأيد عراقية وسط أمواج الذبح المذهبي..
وبعد اقتتال (الإخوة) الفتحاويين والحماسيين..
وبعد عودة أجواء الحرب الأهلية إلى شوارع بيروت وغيومها الرمادية لتغطي مساحاتنا المشرقية..
يعود فوكوياما ليذكرنا بالإنسان الليبرالي.. الحر، تحت لافتة واسعة تدعى العلمانية والمواطنة..
رب قائل إن فوكوياما هو النظري الألمع للإدارة المحافظة في البيت الأبيض.. تلك الإدارة الغارقة إلى ما فوق أذنيها في مأساتنا الشرق أوسطية إن كان في القدس أو بيروت أو بغداد..
ولا شك أنه اعتراض صحيح..
لكننا بالمقابل نرى نهاية التاريخ تزحف نحو عالمنا بكل ما يحمله من عقائد وأفكار وعمليات سياسية جارية..
ولا أدري إن كان هناك نهاية للتاريخ في عالمنا أفظع من رؤية القدس وهي تنهار مذبحة تلو مذبحة، مرة بأيدي الإسرائيليين وأخرى بأيدي أهل البلد (المقاومين)!!..
وأن نرى بيروت بكل عظمة الحرية والثقافة والشعر والأنوثة التي ميزت شوارعها تعود إليها جحافل الميليشيات وأجواء الحرب الأهلية المرعبة..
والأفظع أن ترى بغداد ينهشها الغزاة من اليمين الإمبريالي إلى اليمين السلفي في حين تخوض شوارعها بدماء أبنائها..القتلى بخناجر (أبنائها) ورصاصهم..
مأساة سقوط بغداد عام 2003 أعادتنا إلى مأساة سقوطها عام 1258..
وكفر الذبح الطائفي في شوارع بغداد اليوم أعادنا إلى كفر الذبح الظلامي حين كانت تعلق الرؤوس على البوابات وتقطع الأعضاء بشفرات التكفير الهمجي..
نهاية تاريخ الأيديولوجيات والعقائد أوضح من شرحها..
فقط حين يسقط الوطن والمواطن ينتهي التاريخ..
ليبدأ آخر.. والآخر ما زال غامضاً..
وحدها الإرادة الشعبية العراقية المستقلة عن العمائم والجلابيب والتدخلات الإقليمية والاحتلال الأميركي وحدها هذه الإرادة قادرة على كتابة تاريخ آخر لأجيالنا القادمة .. بعيداً عن دهاليز الموت والأنظمة الديكتاتورية والتعصبات الطائفية والمذهبية والعرقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد