الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنا و تمثيل الآخر / الثقافي

محمد سمير عبد السلام

2006 / 12 / 9
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن


هل يمكننا الخروج من حدود المفاهيم المغلقة للأنا في مواجهة الآخر ، خارج النص ، أو حالة تداخل التاريخ مع النص ، و النص مع تأويل الوجود الآن ؟
إننا بالفعل نحيا في مجموعة متشابكة من التداخلات التي حولت الهوية الثقافية ، و الفن ، و العالم الواقعي ، و التاريخ نفسه ضد ما كان يتوهم أنه يحدد مثل هذه العوالم سابقا ، و ذلك من خلال الممارسة المعاصرة الخارجة عن أي إطار ، و تقبل اللعب ، و ذوبان الآخر من داخل الحدود الوهمية .
لكننا مازلنا نعاني من أشباح الرؤى الشمولية التي تدعي المركزية المناهضة لحالة التداخل التي صارت واقعا لا شك فيه .
فنحن نعايش فضاء الإنترنت المتجدد ، و قد حقق تداخل المحلي و العالمي ، أو ما يطلق عليه إيهاب حسن Local / Global Context أي السياق المحلي العالمي ، و لكنه يزدوج بمحاولات البعض التجسس ، و تصدير الفيروسات الإلكترونية انطلاقا من مبدأ التحديد ، و المواجهة بين الأنا و الآخر .
إن حالة الخروج الكامل من الحدود الثقافية ، و اللغوية ، و التاريخية يصعب تصورها في شكل نقي ، و لكنها اتخذت مسارين أدائيين يتجاوزان وهم الحدود دون التبشير بخروج كامل من ادعاء العنف الموجه ، و هو ادعاء ؛ لأنه لا يستطيع القضاء على حالة التداخل التي – دون وعي – تبشر بها بنيته الافتراضية ، كما أنه مازال في حالة عمل تبدو في محاولات الإقصاء و التهميش ، و الحرب لإبادة الآخر / المختلف ، و إن كانت مثل هذه المحاولات تنطوي على تفكك ثقافي داخلي باتجاه الآخر من جهة ، و الكشف عن عبثية الأداء الموجه و ذلك بانتمائه للفعل اللاواعي الطبيعي ، أو شعور الحماسة المناهض لمنطقية الحدود و التوجهات من داخلها ، و قد كشف ليوتار عن كمون الحماسة في نقل الجزئي المختلف للفكر التصوري .
ما هذا الازدواج العنيف بين واقع ثقافي مفتوح ، و ادعاء متكرر للكليات الشمولية التي تفصل الهامش عن المركز تعسفيا ؟
و قد عاصرت عددا كبيرا من الكتابات التجريبية العربية التي حققت خروجا نصيا من حدود الأنا / الآخر الثقافي ، لكنها صاحبت دعوات متكررة بالحفاظ على الحدود بين الأنواع ، و محاكمتها وفق منطق ، يعترف أحيانا بانعدام الفهم كتهمة موجهة للكتابة كمفهوم تأويلي للوجود .
الكتابة الخارجة تتجه إلى تأويل بلا حدود ، و لا تعترف بالفهم الذي بني على تاريخ من الانغلاق في أحادية المدلول .
و من ثم فمازال أمامنا مساران للخروج غير النقي تماما من الحدود بين الأنا و الآخر هما :
1 – التفكيك :
يتجاوز التفكيك قراءة النصوص ، و الأحداث السياسية و الثقافية ضمن خطابها الخاص ، و يكشف عن تناقضات الحدث و ألعابه الذاتية ، التي تخرجه من حدوده الخاصة ، إنه يتجاوز سلطة الخطاب المعرفي في اتجاه الوفرة ، و اللعب ، و إنتاج المختلف من داخل تاريخ الميتافيزيقا ، فبودريار يقرأ الفوتوغرافيا بوصفها كشفا عن مبدأ يناهض مفهوم المبدأ أو الوجود المنعكس برمته ، بما يحمل من دلالات الأصالة و القوة ، و هو الاختفاء الذي هو وجود دون مركزية للوجود .
و جاك دريدا يرى الكتابة كأداء لوجود يخلف الأثر الذي يقبل الاستبدال دون الرجوع إلى أصل أو التخلي تماما عن وجوده لكنه يمارس حالة اللعب ، بين وجود المدلول و استبداله المتكرر بالآخر / المختلف .
إن التفكيك ممارسة ، تستعصي على القبض عليها ضمن التاريخ السابق للقراءة و الكتابة المحددة ، و من ثم فإنه يقاوم الخطاب من داخل سلطته و استمراريته ، و تاريخه الطويل .
إن الكتابة في رأيي تتجاوز الفن الموضوع في إطار أو نوع بعينه ، فهي تبدأ من تناقضات الأخير و تمتد في لعب الأثر الذي هو وجود متغير و متداخل .
2- التمثيل :
ارتبط التمثيل التأويلي المعاصر بالشك في قدرة الوعي على إنتاج معرفة محددة بالعوالم و الأشياء و لو كانت بسيطة ، ومن ثم كان التأويل عند بول ريكور عملا وجوديا يرتبط على نحو وثيق بالاستعارة و التمثيل السردي .
لقد صار الوجود البسيط تمثيليا بحد ذاته في التوجهات المتجاوزة لما بعد الحداثة أو ما يعرف ب After Post-modernism .
فالحياة صارت تأويلا أو فعلا تأويليا لا يخلو من الجانب التمثيلي للآخر الثقافي / المختلف ، فحدود الأنا هنا مرهونة بتمثيل الآخر .
لقد استخدم إيهاب حسن أسطورة أورفيوس لتمثيل الغناء رغم الصمت أو الموت في قراءته لصمويل بيكيت ، و كأن أورفيوس / الآخر دخل سياقا تأويليا جديدا ، مثل فيه تجاوز الكلام بصورة استعارية .
أما فرويد فقد أول إيروس / الحب ، و ثناتوس / التدمير أو الموت ، من خلال تناقضات الغرائز اللاواعية و تداخلها ، ثم اتخذت تمثيلاته كتحليل ثقافي للمجتمع عند ماركيوز .
هكذا تتحول المفاهيم القديمة إلى تمثيلات ثقافية جديدة وفق السياق المختلف ، و المتداخل في الوقت نفسه رغم ادعاء الحدود بين الأنا ، و الآخر الثقافي الكامن فيما يحدد الأنا ، و يكشف عنه التأويل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي