الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديب محمود المسعدي تحت المجهر

عبد اللطيف بن سالم

2024 / 5 / 28
الادب والفن


المسعدي والوجود المأساوي .

قرا قراءة ةقدية في شخصية المسعدي الثقافية :

المعروف عن المفكر والأديب التونسي محمود المسعدي أنه القائل " الأدب مأساة أو لا يكون " في حين أن المأساة في الواقع ليست في الأدب من حيث هو وإنما هي في صاحب الأدب .
لقد قضى المسعدي سنوات طوالا يطوف في شوارع باريس مدينة الأنوار وكلياتها بحثا عن " الله "" الذي غمروه به منذ الصغر ولا يعرف عنه شيئا مقنعا لفكره النامي لكنه لم يجده في أي مكان من العالم وقيل له عنه أنه في عالم الغيب المعروف خارج الطبيعة في ال (ميتا فيزيكا ) كما يعبر عنه في اللغة اللاتينية فعاد أدراجه إلى بلاده يجر أذيال الخيبة مكسوف الخاطر مضروبة نفسه بالإحساس بالفشل ولا يدري ماذا سيقول لمعلمه السابق المؤدب الذي لقنه القرآن في طفولته دون فهم له ودون وعي به وبمقاصده العديدة ، هل سيقول له : لقد كنت تنورني أم يقول له لقد كنت تخدعني يا سيدي المؤدب الذي ما كنت قد علمتني أدبا أبدا رغم أن الناس قد سموك من زمان مؤدبا ..
.
وهكذا سنجد المسعدي في روايته الشهيرة " السد " إذن يستشعر وجوده العلوي ، روحانيته في جبل أخشب حزيز نباته كالإبر وأرضه ضمآى وسماؤه صفراء وتقوم في طريقه إليه عقبة كأداء لا يقدر على اقتحامها إلى الأبد فيبقى ذلك الجبل مرآة نفسه ولا يقدر على الوصول إليه أوالتواصل معه إلا في معاناة للوجود الفاشل ...ذلك الجبل في عقل المسعدي هو الأفق المنور الذي كان يسعى إلى إدراكه كما كان ذلك في اعتقاده السابق لكنه قد صار اليوم يراه على تلك الحال بعيد المآل صعب المنال وعليه أن يعود أدراجه إلى الأسفل رغم اعتقاده بأن ذلك الأسفل ليس هو بالواقع الأمثل .وما هو إلا صحراء قاحلة جدباء لا تعد بشيء بل تدعو هي أيضا إلى اليأس و السأم وتنذر بالخطر .
إن الشبيه يدرك الشبيه كما يقال في الفلسفة عادة أو يعيش حياته شبيها به فكما كان سيزيف اليوناني محكوما عليه أن يعيش طول حياته يصّعد بصخرة صفح جبل حتى إذا اقترب بها من القمة تدحرجت به إلى الأسفل فيعيد الكرة كل يوم رغم أن النتيجة هي هي دائما كان المسعدي يصّعد صفح جبل أخشب حزيز نباته كالإبر وأرضه ظمآى وسماءه صفراء حتى إذا ما اقترب منه قامت في طريقه عقبة كأداء يصعب اقتحامها فسيفكر إذن في العودة إلى الأسفل حيث الصحراء القاحلة الجدباء المسكونة بالفراغ الذي لا يعد بشيء وهكذا يبقى المسعدي متدحرجا أيضا مثل سيزيف لكن بين السماء والأرض يبحث بدون جدوى عن توازنه المطلوب ويصاب بالانفعال والتعبير عن حالته تلك بغريب الكلمات من مثل (هلهبا هلهبا صبحت صاهباء الملكة الربة إلى غير ذلك من الكلمات المتخيل لها من ا لمعاني الغريبة المبتكرة لمثل هذه الحالات الانفعالية الطارئة .
وهكذا كان رجل وامرأة في رواية " السد " يصعدان عقبة وتنتهي بهما هذه العقبة فيقفان ويوقفان البغل الذي كانا يجرانه معهما وتشتد بهما الحيرة فيلجآن إلى التحليق في الفضاء بين الأرض والسماء في رحلة مجهولة العواقب غير واضحة المسالك ينشدانها بعقليهما ولا يدركانها بحواسهما في حدودها الضيقة ولا يدريان شيئا عن نهايتها .
المسعدي إذن مثل سيزيف اليوناني مع وجود الفارق طبعا في الوضعية فهذا يعاني مصيره في الحياة صعودا ودحرجة بين قمة جبل وقاعه وهذا يعاني مصيره في الحياة محلقا في الفضاء بين السماء والأرض لا يعرف له بالضبط مكانا ثابتا يستقر فيه فيتأزم ويشتد انفعاله ويكون له نتيجة لكل ذلك " السد " و" حدث ابو هريرة قال " و" مولد النسيان "وغيرها من الأعمال الممتازة والمتميزة في الأدب الحديث ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أروى جودة بإطلالة مميزة في مهرجان القاهرة السينمائي


.. وزير الثقافة وحسين فهمي على ريد كاربت مهرجان القاهرة السينما




.. أحمد السقا يستقبل إسعاد يونس بالأحضان في افتتاح مهرجان القاه


.. بفستان الا?ميرات درة تتا?لق على ريد كاربت مهرجان القاهرة الس




.. خالد الصاوي على ريد كاربت مهرجان القاهرة السينماي?ي في دورته