الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية انعدام الاحكام والاثار المترتب عنها

سالم روضان الموسوي

2024 / 6 / 1
دراسات وابحاث قانونية


أولا: تمهيد

ان من ثمار الاجتهاد القضائي هو اثارة النقاش العلمي بين اهل الاختصاص، من اجل الوقوف على ما ورد في الاحكام القضائية لانها هي التي تكون محلاً للتطبيق، وما سبقها او ما يليها من أفكار واراء يطرحها فقهاء القانون وغيرهم، تبقى في اطارها النظري غير الملزم، وتحليل الاحكام القضائية الصادرة عن المحاكم العليا بدرجاتها في سلم التقاضي، لان أهميتها تكمن في ترسيخها المبادئ القضائية التي تقدم فائدة ثمينة وعظيمة للفقه القانوني، وتسمح بادراك كيفية تطور العلاقات القانونية، كما ندرك من خلالها خطورة أي جهاز قانوني والموقع الذي يشغله في سوح المعاملات القانونية، وبواسطة القضاء يمكن ادراك وظائف هذه الأجهزة القانونية، ولا يستطيع احد ان يفهم القاعدة القانونية فهماً جيداً ولا ان يعرف مدى خطورتها ما لم يتحقق من القرارات التي تصدر بمناسبة تطبيقها، الا من خلال تحليلها وابداء الملاحظة تجاه الفقرة الحكمية واسبابها، وهذا ما أشار اليه الفقيه الفرنسي الكبير هنري كابيتان "Henri Capitant"، الذي يرى بان الواجب الملقى على رجال القانون من الفقهاء يتجلى في مهمة تحليل الاحكام القضائية، ويرى كابيتان بان الفقيه لا يستطيع ان يفخر بمعرفة القانون، الا اذا اكمل وأحيا دراسة النصوص من خلال دراسة احكام القضاء، ويقول ايضاً، بان الدراسات النقدية المستندة الى حكم العقل، تعد قطاعاً جوهرياً من قطاعات التربية القانونية[1]

وهذا ما يدعونا بين الحين والأخر الى استعراض ما صدر من احكام من المحاكم التي تمثل جهات مرجعية للقضاء سواء كان قضاء إعتيادياً او إداريا او دستورياً، ويدور في هذه الأيام نقاش واسع من المختصين في علم القانون بجميع صنوفه، والمختصين في فن القضاء تجاه قرار للهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية بالعدد 4/هيئة عامة/2024 في 29/5/2024 الذي قضى بتصديق قرار لجنة شؤون القضاة في مجلس القضاء الأعلى بعدم قبول طلب احد السادة القضاة بالإحالة الى التقاعد بعد ان أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها العدد 102/اتحادية/2024 في 15/4/2024، عندما قضت بعدم دستورية جزء من نص المادة (35/رابعاً/آ/4) من قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014 ،

وما جاء في أسباب رفض طلب الإحالة الى ان نص المادة (35/رابعاً/آ/4) من قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014 مازال سارياً، وترى الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية ان قرار المحكمة الاتحادية العليا (يكون معدوماً) ،

وقبل الخوض في عرض وجهة النظر تجاه انعدام الاحكام اود ان أوضح ان كلال القرارين الصادرين من المحكمة الاتحادية العليا والهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية محترمان وصادرين عن محكمتين موقرتين، الا ان التعارض بين الاجتهادين هو من اثار النقاش العلمي وهذا يحسب للاحكام القضائية التي تكون سبباً لإغناء الفكر القانوني واثراء الخزين المعرفي لكل المشتغلين في الشأن القانوني،



ثانيا: ماهية انعدام الحكم القضائي:

1. ان لكل حكم قضائي حجية وقوة تنفيذية تسمى (حجية الامر المقضي فيه) وهذا المصطلح او ما يسمى احياناً (حجية الشيء المحكوم به)، قد تعددت مذاهب فقهاء وشراح القانون في تكييفه، منهم من قال ان حجية الشيء المحكوم به تعد قاعدة قانونية موضوعية، لان المشرع عندما يقرر حجية للحكم القضائي فهو مثلما يقرر قاعدة موضوعية فانه يقرر الحقيقة التي أثبتها الحكم القضائي وتعتبر هي الحقيقة الواقعية وهذا يقود الى اعتبار حجية الحكم القضائي بمثابة قاعدة قانونية، لان حجية هذا الحكم لا تدحض، بينما يرى جانب آخر من الفقه إن حجية الحكم القضائي هي قرينة قانونية قاطعة لا تهدم ولا يثبت عكسها لأنها تقوم على اعتبارات تتصل بالمصلحة العامة فيبقى الحكم قرينة قاطعة على ما قضيَّ به ولو اقر المحكوم له بان الحكم خاطئ[2]، لكن لا تعتبر حجية الحكم القضائي قرينة قانونية، إلا بنص قانوني صريح وهذا سبب تسميتها بالقرينة القانونية على عكس القرينة القضائية التي يستنبطها القاضي من الوقائع وتكون قابلة لإثبات العكس ، وتعتبر حجية الحكم القضائي هي الحصانة القانونية التي تحيط به من لحظة صدوره، ويرى اغلب شراح القانون بان المشرع هو وحده الذي يملك زمام القواعد الموضوعية والقران القانونية[3]، فإذا رأى المشرع إن حجية الحكم القضائي (حجية الشيء المقضي به) قرينة قانونية فإنها تأخذ صفة القرينة القانونية أو يقرر لها صفة القاعدة القانونية الموضوعية فتتصف بها ولا يجوز للقاضي أن يقرر ذلك لان المشرع وحده يكيف هذا الأمر[4]، وفيما يتعلق بالقانون العراقي فانه جعل حجية الأحكام من القرائن القانونية القاطعة حيث افرد لها قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 في الفرع الثالث من الفصل الخامس في المواد (105، 106، 107) لكن اشترط القانون عدة شروط لاعتبار الحكم القضائي ذو حجية قانونية،

2. ان أحكام المحكمة الاتحادية العليا تمتع بهذه الحجية، لان قراراتها باتة ونهائية على وفق ما جاء في نص المادة (94) من الدستور العراقي لعام 2005 التي جاء فيها الآتي (قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة)، وكذلك في نص الفقرة (ثانياً) من المادة (5) من قانون المحكمة الاتحادية العدد (30) لسنة 2005 التي جاء فيها الآتي (الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا باتة) وفي نص المادة (36) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2022،

وبذلك فان حجية الحكم او القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا يكون منذ لحظة صدوره بات وله حجية الأمر المقضي به ويكون حجة على الكافة وانه يعد من القرائن القانونية القاطعة على وفق ما تقدم ذكره، لان قانون الإثبات العراقي اخذ بمبدأ اعتبار حجية الأحكام بمثابة قرينة قانونية قاطعة،

3. اما عن القرارات الذي تصدرها دون مرافعة، فان المحكمة الاتحادية العليا لها صلاحية إصدار الأحكام القضائية في الدعاوى التي تنظرها بحضور أطراف الدعوى ولها أيضاً أن تصدر قرارات لتفسير النصوص الدستورية بناء على طلب ودون حضور أي طرف، وكلا النوعين من القرارات له حجية الشيء المحكوم به،

والقرار القضائي كما تقدم ذكره هو القرار الذي يصدر بناء على طلب احد الأشخاص الذين يجوز لهم طلب الاستفسار ولا يشترط فيه حضور صاحب الطلب وعلى وفق ما تقدم ذكره و حجية ذلك القرار التفسيري للدستور والصادر عن المحكمة الاتحادية العليا يحوز حجيته المطلقة على الكافة على وفق ما جاء في المادة (94) من الدستور التي جاء فيها الآتي (قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة) والذي أكدته في قرارها العدد 45/ت.ق/2014 في 11/8/2014 الذي جاء لتأكيد حجية وإلزامية قرارها التفسيري العدد 25/اتحادية/2010 في 25/3/2010،

كما اصبح لها الصلاحية في البت بالدعوى وإصدار الحكم الفاصل فيها دون مرافعة وعلى وفق ما ورد في المادة (21/ثالثاً) من النظام الداخلي رقم 1 لسنة 2022،

4. ينفذ قرار المحكمة الاتحادية العليا باعتباره ملزم لما له من حجية الامر المقضي به، على وفق ما رسمته القواعد العامة في المنظومة القانونية العراقية والأحكام القضائية التي منحها المشرع الحجية، فمتى صدر الحكم امتنع على الذي أصدره أن يعدله أو يرجع عنه، ولا يملك المحكوم علية التخلص منه ولا يجوز لأي محكمة أن تعيد النظر فيه بل يفرض تطبيقه على السلطة التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية[5]،

وهذا يعني إن الحكم بمجرد النطق به في جلسة علنية يكون نافذ ويرتب أثره من لحظة النطق به سواء كان الحكم قضى بإنشاء حق أو قرر حق للمدعي كان محل خصومة ونزاع وتسري أثار ذلك الحكم من لحظة صدوره وهذا محل استقرار فقه المرافعات وأكد عليه أكثر من كاتب حيث قالوا بان الحكم تلحق به حجيته من يوم النطق به[6]،

5. إن الحكم الذي تصدره المحاكم الدستورية عند النظر في الدعوى الدستورية، إما يودي إلى إلغاء قوة النص القانوني، فيصبح معدوماً من الناحية القانونية ويسقط التشريع، أو يودي فقط إلى الامتناع عن تطبيق هذا النص، ويرى عدد من الكتاب بأن الحكم بعدم الدستورية يؤدي إلى الامتناع عن تطبيق النص من دون إلغائه فقط، أي يقتصر أثر هذا الحكم على عدم جواز تطبيق النص على الوقائع والمراكز القانونية التي يحكمها، فالمحكمة تقرر عدم الدستورية فقط وتكتفي، ولا تصدر حكما بإلغاء القانون المحكوم بعدم دستوريته، ويبقى القانون من الناحية النظرية المجردة قائماً حتى يلغيه المشرع[7]، ولا يكون بوسع أية جهة تطبيق النص المحكوم بعدم دستوريته خلافاً لحكم المحكمة الصادر بعدم الدستورية[8]، في حين ذهب البعض الآخر إلى أن الحكم بعدم الدستورية يلغي النص التشريعي ويبطله، ويفقد النص قوته التشريعية، وبالتالي لا يمكن للمحاكم أن تطبقه ، فالحكم يهدر القاعدة القانونية في كل ما نشأ عن تطبيقها من آثار[9]، وفي الدستور النافذ ورد نص لم يكن بين المواد الدستورية التي تنظم الرقابة الدستورية على القوانين عندما افرد فصل للمحكمة الاتحادية التي من مهامها النظر في دستورية القوانين، وهذا النص وجد في الفقرة (ثانياً) من المادة (13) من الدستور حيث اعتبر كل نص في دساتير الأقاليم أو كل نص قانوني يعد باطلاً إذا تعارض مع الدستور وعلى وفق الآتي (لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نصٍ يرد في دساتير الأقاليم، أو أي نصٍ قانونيٍ آخر يتعارض معه) حيث اعتبر الدستور هو الأسمى في هرم التشريعات العراقية، وبموجب هذا النص فان اثر الحكم الصادر بعدم الدستورية يجعل القانون المحكوم بعدم دستوريته باطلاً

ثالثاً: أسباب انعدام الحكم القضائي:

1. يشير أحد شراح القانون إلى أن أركان الحكم القضائي اثنان، الركن الاول هو صدور الحكم من محكمة في حدود ولايتها القضائية، والركن الثاني ان يصدر بموجب خصومة بالشكل المقرر قانوناً للأحكام وعناصره المنطوق والأسباب[10] ويضيف بعض الشراح ركن ثالث: يتعلق بتشكيل المحكمة من القضاة وأن تشكل المحكمة التي تصدر الحكم من القضاة فقط[11].

2. وعند امعان النظر في قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز نجد انها اعتبرت قرار المحكمة الاتحادية محل البحث قد صدر خارج ولايتها القضائية، وخارج اختصاصها، كما ذكرت سبباً اخر يتعلق بعدم دعوة مجلس القضاء الأعلى للدخول في الدعوى والوقوف على الرأي لانه هو من يتولى النظر في تقاعد السادة القضاة،

3. وحيث ان اصل الدعوى التي صدر فيها قرار الحكم من المحكمة الاتحادية كان ينصب على الحكم بعدم دستورية عبارة (في القضاء والادعاء العام) الواردة في نص المادة (35/رابعاً/آ/4) من قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014، فإنها دعوى دستورية على وفق اختصاصها الوارد في الفقرة (1) من المادة (93) من الدستور والفقرة (1) من المادة (4/أولا) من قانون المحكمة الاتحادية رقم 30 لسنة 2005 المعدل، وليست دوى تتعلق بالفصل في نزاع بين شخصين من اشخاص القانون الخاص التي تختص بها أيضا المحكمة الاتحادية العليا او في بقية الاختصاصات الواردة في المادة (93) من الدستور،

4. والحكم الصادر بعدم الدستورية هو من صلب اختصاص المحكمة الاتحادية المتعلق بالاختصاص الدستوري لان المحكمة الاتحادية العليا ليس بمحكمة دستورية وانما محكمة تفصل بالنزاع بين شخصين انيط بها اختصاص الرقابة الدستورية وتفسير الدستور، وبذلك فان ما صدر في قرارها محل النظر هو اختصاص اصلي وحصري لها،

5. ان النتيجة المتحصلة من العرض أعلاه نجد ان قرار المحكمة الاتحادية العليا لم يتخلف عنه أي من اركان الحكم القضائي التي تم عرضها سلفاً، ويكون قد صدر على وفق ولايتها القضائية،

6. لكن قد يكون قرار الحكم الصادر قد فقد شرط من شروطه وهي تختلف عن اركان الحكم وشروط الحكم القضائي التي وردت في المادة (159) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل وهي (1- أسباب الحكم ، 2- منطوق الحكم) ، وبذلك فان الحكم الصادر عن محكمة مشكلة تشكيل صحيح ومستوفي لشروطه ومن ضمن ولايتها هو الذي يحوز الحجية وتلك الحجية تنحصر فقط في منطوقه والأسباب المكملة له وليس الأسباب التي تفسر المنطوق،

7. اما اذا تخلف أي من أسباب الحكم او منطوقه فان الحكم لا يعد منعدماً وانما باطلاً، وعادة ان أسباب البطلان تكون بسبب الخلل في الإجراءات التالية لبدء الخصومة، فاذا كانت الخصومى صحيحة وان المحكمة مختصة بالنظر فيها، الا ان خللا قد حصل في الإجراءات التي تتعلق بشروط وعناصر الحكم القضائي، فان العوار الذي يلحق به هو البطلان وليس الانعدام[12]، ومن ثم يكون ذلك الحكم له الحجية حتى يتم الطعن فيه على وفق الطعن الواردة في القانون، وحيث ان قرار الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا بات وملزم وغير قابل للطعن فان الخلل اذا ما أصابه بالبطلان لا يؤثر على حجيته ووجوب الالتزام به،

8. لكن فيما اذا كان قرار الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية قد تراه محكمة التمييز الاتحادية او أي محكمة أخرى، بل حتى الجهات التنفيذية بانه حكم معدوم، فإنها تمتنع عن الالتزام بالفقرة الحكمية الواردة فيه، ولا تقضي بانعدامه، لكن السؤال الذي ينهض من هي الجهة التي تختص في بيان انعدام الحكم،؟ وهذا ليس بجديد على الفقه القانوني ، بل حتى على مستوى الاجتهاد القضائي، حيث يرى بعض فقهاء القانون ومنهم الدكتور احمد أبو الوفا بان المحكمة التي أصدرت الحكم هي المختصة بالكشف عن انعدامه ، لانها لا تستنفذ ولايتها على النظر في الدعوى، لان الانعدام يجعل من الحكم غير ذي وجود ويعود الحال الى ما قبل صدوره عند السير في الدعوى، ويبرر هذا الرأي بقوله (ان سلامة التنظيم القضائي تتطلب ان تفصل في الدعوى بانعدام الحكم ذات المحكمة التي أصدرته، حتى لا تمكن محكمة من الاشراف على قضاء صادر من محكمة اعلى درجة منها)[13]

9. ويرى فقه القانون الدستوري ان الدستور حينما اقر للمحاكم العليا حق الرقابة على دستورية القوانين فانه قد اعتبر هذه المحاكم القاضي الطبيعي للنظر في دستورية القوانين لانها وردت في الدستور بموجب نصوص واضحة وهي التي يتعين ترجيحها اذا تعارضت مع أي قاعدة قانونية أخرى عملا بسمو الدستور، ويقول المستشار الدكتور محمد علي سويلم (يجب ان لا تعاق المحكمة الدستورية بقرار من محكمة موضوع عن مباشرتها ولايتها القضائية التي لا يجوز ان تتخلى عنها والا عد ذلك تحريفاً لاختصاصها واهدار لموقعها في البنيان القانوني للنظام القضائي)[14]



الخلاصة:

1. ان العرض المقتضب المتقدم يوضح لنا ان الاحكام تكون معدومة اذا صدرت من محكمة غير مختصة ولا تملك الصلاحية والولاية القضائية للنظر في موضوع الدعوى أصلا، او انها مشكلة تشكيل غير صحيح، كان يكون بنقص في عدد القضاة الذين اشترط القانون عددهم حصراً،

2. إذا كان الحكم قد صدر من محكمة مختصة ومشكلة تشكيل صحيح الا ان خللا قد حصل في إجراءات التقاضي بعد ابتداء الخصومة الصحيحة فانه يكون حكماً شابه عوار البطلان، وهو حكم صحيح من حيث الكيان والتكوين الا ان فقرته الحكمية باطلة، وهذا يخضع لطرق الطعن المقررة قانوناً لإصلاح ذلك العوار وازالة سبب البطلان، ومن ثم اصدار الحكم مجدداً،

3. اما إذا وجدت محكمةٌ ما سواءً كانت محكمة بداءة او محكمة قضاء اداري او محكمة التمييز او أي محكمة من المحاكم المشكلة تشكيل صحيحة، بان هذا الحكم تشوبه شبه الانعدام، فإنها لا تقضي بانعدامه من تلقاء نفسها، وانما لها ان لا تعتد بأثاره تجاه النزاع المعروض امامها، ويبقى الحكم قائما حتى يتم الكشف عن انعدامه.

4. ان للدعوى الدستورية طبيعة خاصة تختلف عن الدعوى الاعتيادية ومنها صفة العموم وكون الخصم فيها هو النص المطعون بعدم دستوريته، فان أي محكمة من الواجب ان تلتزم بمنطوق الحكم الوارد في الحكم الصادر بموجبها، لان اغلب فقهاء القانون عند التعرض الى البطلان والانعدام كان على وفق الاحكام التي تنظم الدعاوى التي تكون بين شخصين طبيعيين او معنويين، وليس التي يكون الخصم فيها القانون المطعون فيه، فضلا عن الخصوصية التي لم تتوفر في أي موع من أنواع الدعاوى الأخرى والذي يتمثل بحق المحكمة الدستورية التصدي لاي نص عند عرض الطعن في قانون ما حتى لو لم يكن الطعن منصب عليه، على خلاف الدعوى الاعتيادية حيث تكون المحكمة أسيرة طلبات المدعي وليس لها ان تحكم بأكثر مما طلبه المدعي ، والمادة (204) من قانون المرافعات المدنية قد اعتبرت الحكم باكثر ما يطلب المدعي بمثابة الخطأ الجوهري الذي يوجب نقض الحكم.



سالم روضان الموسوي

قاضٍ متقاعد
الهوامش=========================

[1] نقلا عن الدكتور عباس حسن الصراف ـ ترجمة مقدمة كتاب الاحكام الكبرى في القضاء المدني للفقيه الفرنسي هنري كابيتان “Henri Capitant” ـ مقال منشور في مجلة القضاء العدد الثاني في اذار عام 1957 ـ السنة الخامسة عشر ـ ص 214

[2] الدكتور احمد ابو الوفا ـ نظرية الأحكام في قانون المرافعات ـ منشورات دار المطبوعات الجامعية في الإسكندرية ـ طبعة عام 2007ـ ص752

[3] الدكتور احمد نشأت ـ رسالة في الاثبات ـ طبعة عام 2008 ـ ج2ـ ص186

[4] الدكتور احمد ابو الوفا ـ مرجع سابق ـ ص753

[5] القاضي عبدالرحمن العلام ـ شرح قانون المرافعات المدنية ـ توزيع المكتبة القانونية في بغداد ـ ط2 عام 2008 ـ ج3 ـ ص162

[6] الدكتور احمد ابو الوفا ـ مرجع سابق ـ ص757

[7] الدكتور محسن خليل ـ القانون الدستوري والنظم السياسية منشورات منشأة المعارف في الإسكندرية طبعة عام 1987ـ ص172

[8] الدكتورة نبيلة عبد الحليم كامل ـ الرقابة القضائية على دستورية القوانين ـ دار النهضة العربية طبعة عام 1993 ـ ص44

[9] الدكتور شعبان احمد رمضان ـ ضوابط وآثار الرقابة على دستورية القوانين ـ منشورات دار النهضة العربية ـ طبعة عام 2000 ـ ص61

[10] للمزيد انظر محمد سعيد عبدالرحمن ـ الحكم القضائي وأركانه ـ منشورات الحلبي الحقوقية في بيروت ـ ط1 عام 2011 ـ ص 21

[11] الدكتور محمد سعيد عبدالرحمن ـ مرجع سابق ـ ص37

[12] المستشار أنور طلبة ـ بطلان الأحكام وانعدامها ـ منشورات المكتب الجامعي الحديث في الإسكندرية ـ طبعة عام 2006 ـ ص409

[13] الدكتور احمد ابو الوفا ـ مرجع سابق ـ ص 351

[14] الدكتور المستشار محمد علي سويلم ـ القضاء الدستوري دراسة مقارنة ـ توزيع الدار المصرية للنشر والتوزيع ـ الطبعة الأولى عام 2019 ـ ص659








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزراء خارجية عرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة


.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو أمر بقصف الضاحية الجنوبية قبل بدء خط




.. وفود تغادر قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة مع بدء كلمة نتن


.. Civilians always pay the price during conflict




.. عطش رئيس هايتي في الأمم المتحدة