الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيروت تنسى صور شهدائها

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 12 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بيروت تنسى صور شهدائها
وبغداد تدفن قتلاها .. بلا هوية

بين بيروت وبغداد مساحات واسعة من المشتركات..
في كلا العاصمتين انقسام سياسي ـ مذهبي، وفي كلا العاصمتين تدخل إقليمي ـ دولي..
وفي كلا العاصمتين تتداخل المعايير الوطنية مع المعايير الدينية والطائفية .. وتهرب الولاءات من عباءة الوطن لتغوص داخل حفر التمذهب الصفراء والمصالح الإقليمية والدولية .
بيروت عاشت حرباً أهلية دامت أكثر من خمسة عشر عاماً وانتهت على قاعدة لا غالب ولا مغلوب مع خسارة فاحشة تجاوزت المئة ألف قتيل بعد أن جلس الجميع في (الطائف) ليقولوا أن حربهم تلك كانت حرباً بلهاء لم ينتصر فيها سوى القتل والغول الطائفي الأتي من كهف يعج بأمراض تعصب المذاهب والأديان ومصالح أمراء الحرب وتجارها .. بينما الوطن كان قد خسر زهرة شبابه ..
وتصورنا أن بيروت تعلمت الدرس جيداً !!
بينما بغداد ما تزال في سنتها الأولى (ربما!!) من هذه الحرب.. لكنها فاقت بخسائرها كل ما هو معقول ومنطقي .. وتجاوزت الأسوأ في الذبح الطائفي ..
وتبدو اليوم بعد أن حفرت خنادق حربها وارتدت دروعها ورفع أمرائها رايات فيالقهم وجيوشهم أنها تعد العدة لحرب طويلة .. رغماً عن (عدّاد) الجثث المرعب الذي تجاوز المئة قتيل يومياً .
الأسبوع الماضي قدّمت بيروت شهيدها الأول (أحمد محمود) في مواجهات التبس فيها المعيار السياسي مع المعيار الطائفي .. وذكرني بشهيدها الأول (معروف سعد) عام 1975 ـ القائد النقابي العمالي ـ وكانت بيروت آنذاك تخطو أولى خطواتها نحو الحرب الأهلية .. مع أن معروف سعد قتل في تظاهرة عمالية !! إلا أن بيروت سبحت بدماء أبنائها على مدار خمسة عشرة سنة كتب خلالها مئات الآلاف من الصفحات التي تحلل و(تزيّن) الحرب على أنها حرباً وطنية وقومية .. وأنها حرب اليسار ضد اليمين .. وذهب البعض إلى حد اعتبارها حرباً طبقية !!
لكن الحرب وبكل معاييرها كانت حرباً طائفية بامتياز .
مؤلم أن تنسى بيروت صور شهدائها ..وكأنهم رحلوا بلا ثمن
ومؤلم أن تنسى بغداد هويتها وتغوص في مجازر الذبح الأعمى أبعد وأوحش .. لتستمر بدفن قتلاها جماعات دون هوية .
كينونة العاصمتين على محك الوجود أو عدم الوجود :
بيروت بكل تاريخها الحضاري: عروبة وعالمية.. وتنوعها الفسيفسائي الجميل دينياً ومذهبياً وعرقياً بوصفها أكثر العواصم العربية فكراً وسياسة وحريات عامة.. وثقافة عالمية.
وبغداد بكل تاريخها العروبي وتنوعها الطائفي والمذهبي والعرقي .. فضلاً عن أنها من أكثر العواصم العربية ثقلاً إقليمياً ودولياً .
وما يحل اليوم في بيروت وبغداد معاً يجعلنا نبدأ بالترحم على العروبة والحريات العامة والسلم الأهلي في كلا العاصمتين .. والأخطر أن تكونا مقدمةً لعواصم عربية أخرى مهيئةً لهذا الامتداد الدموي القبيح!!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد