الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير بيكر هاملتون عراقيا وأمريكيا

جليل البصري

2006 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


قبل كل شيء يجب أن نثبت أن تقرير بيكر هاملتون هو تقرير استشاري قدمه فريق عمل أمريكي مكلف من قبل الإدارة الأمريكية لإعادة تقييم الوضع في العراق وإعادة تقييم السياسة الأمريكية تجاهه .. لذلك فهو يحمل شقين شق أمريكي داخلي لأنه يتعلق بسياسة الولايات المتحدة تجاه العراق باعتبارها المسؤولة عن التغيير الذي حصل فيه والتطورات اللاحقة ... وهذا الشق يعني أيضا أن التقرير أو أجزاءه المختلفة لن تصبح ذات أهمية حقيقية تجاه العراقيين ساسة وشعبا إلا بعد أن تأخذ الإدارة الأمريكية بها وتقوم بتعديل سياستها تجاه الوضع في هذا البلد ، وهو ما يعني أن التقرير غير ملزم لهذه الإدارة ، لكن الإدارة بحاجة إلى تغيير سياستها للخروج من دوامة العنف المتصاعد وتحقيق نجاحات على الأرض وإلا ما كانت هناك حاجة إلى إرسال بيكر إلى العراق والمنطقة لانجاز هذه الدراسة .. أما الشق الثاني فهو عراقي ، إذ ترتبط الأوضاع في العراق ومواقف ومواقع القوى السياسية المتحالفة والمتناحرة فيها ، بما تضع هذه الإدارة من سياسات لنفسها في التعامل مع البلد وقواه .. لذلك فان هناك موقفين مستقلين ومترابطين بشكل يؤثر بعضها في الآخر بشكل كبير جدا أن لم نقل حاسم .
(( الوضع في العراق متدهور وينذر بالخطر )) هذا ما حددته لجنة بيكر هاملتون .. فميليشيات جيش المهدي وصلت إلى 60 آلف رجل والميلشيات السنية تضم أكثر من هذا العدد والجيش كما قال التقرير ( لم يحقق تقدما يذكر في اتجاه أن يصبح قوة مقاتلة تتسم بالانضباط ويمكن الاعتماد عليها وقوات الشرطة العراقية أكثر سوءا من الجيش ) وهذا ما جعل كل الخطط الأمنية حبرا على ورق كما ان برنامج الحكومة لحل الميلشيات يفتقد اولا للقوة المنفذة قبل الإدارة ، إذ ليس هناك طوعية في تطبيق هذا البرنامج .. وهذا الواقع يجعل فكرة تحويل مهام الجيش الامريكي من قتالية الى تدريبية فكرة صعبة التطبيق اذ لم تسفر كل التدريبات والدورات في الداخل والخارج عن تشكيل جيش وشرطة منضبطة ومحايدة الولاء أي تدين للدولة بولائها .. وإذا أخذنا واقع انقسام الدولة والبرلمان وتحول الادارات الى مقرات حزبية وميليشياتية أحيانا ... فان هذه المهمة ستصبح اصعب ... وان اعادة بناء القوات المسلحة العراقية تحتاج الى ظروف أكثر هدوءا واقل توترا وصراعا مما يعني ان تحسين الوضع الامني سيساعد على اعادة بنائها وهو ما يدعو التقرير الى القيام به عن طريق إقليمي بمشاركة كل من سوريا وايران اللتين تتدخلان بشكل مباشر في دفع عجلة الصراع نحو التصعيد عن طريق دعم طرفي الصراع نفسه .. لكن كيف تستطيع الولايات المتحدة جلب ايران وسوريا الى طاولة المفاوضات ، للكف عن التدخل وتأجيج الصراع الطائفي ؟ وهما دولتان تناصبهما الولايات المتحدة العداء وتعمل على تغيير النظام السياسي فيهما بكل الوسائل ؟ وكيف تأمل الولايات المتحدة من ايران وسوريا المساعدة دون ضغوط حقيقية ؟ ان سوريا وايران تعتقدان جازمتين مثلهما مثل الاطراف العراقية المتحاربة ان الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من العراق ، لان لديها مخاوف من ان مجرد الاعلان عن جدولة الانسحاب سيشجع الارهاب ويؤجج نيران الحرب الطائفية في العراق والمنطقة : وهي مخاوف قد تتحقق او لا تتحقق .. فالانسحاب الامريكي من العراق سيؤدي الى تدهور الوضع فيه اكثر ، لكن الى متى سيجري هذا ؟.. في الواقع ان وجود القوات الامريكية يوفر ارضية تدور فيها الحرب وتشجع بعض الاطراف على تقديم شروط تعجيزية لانهاء الصراع ، لانها تدرك ان الولايات المتحدة لن تسمح بانفلات الاوضاع عن السيطرة .. لذلك فان هذه الاطراف تراهن على استخدام مديات اخرى من العنف للحصول على المزيد من السلطة والمكاسب على حساب الاطراف الاخرى .. اذا فان فكرة استمرار هذه القوى على العنف وتطوير النزاع قد تتراجع اذا ما ادركت انها ستتحمل لوحدها العواقب في غياب القوات الامريكية ، وهذا يعني ان وجود هذه القوات هو عامل مزدوج يساعد في السيطرة على الموقف من ناحية ويؤدي الى مزيد من العنف المضاد لها والعنف الطائفي الداخلي ... وبالتأكيد فان ايران وسوريا وغيرها من الدول تنظر بارتياح الى الفوضى والعنف في العراق باعتباره درس لشعوبها المتطلعة للحرية والديمقراطية وتعمل على نشر صور العنف في قنواتها الفضائية ـ لكن ايران وسوريا تدركان ان عدم بقاء القوات الامريكية في العراق يعني دخولهما بشكل مباشر او نيابة في الصراع ويعني ان هذا التحالف والاتفاق على دعم العنف في العراق بوجودها سينفرط وسيؤدي الى تحاربهما وهذا سيجبر الدولتين على العمل على التوصل الى تسوية .. اذا فان قناعة اكيدة بنية الولايات المتحدة على التوصل الى شل بما فيه استخدام الانسحاب كسلاح سيشكل ضغطا على الدولتين بجلبهما الى مائدة المفاوضات للمشاركة في إيقاف العنف عن طريق حجب منابع الدعم .. اخيرا فان التقرير قد اثار قلقا واقعيا لدى الاطراف العراقية من أمكانية تراجع الولايات المتحدة عن تقديم التزام مفتوح بالابقاء على قواتها في العراق وتأييد خطوات تتعارض مع الدستور العراقي مثلما اثار مخاوف اطراف لبنانية وسورية معارضة من امكانية التوصل الى اتفاق مع سوريا مما يعني ان امام الإدارة الأمريكية متسع لاستخدام المزيد من الاوراق الجادة للضغط على الاطراف الداخلية والإقليمية للتوصل الى حل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر