الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرة 13 الارادة الانسانية

رياض قاسم حسن العلي

2024 / 7 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا الموضوع شغل المتكلمين منذ زمن بعيد والعديد من المشتغلين في المجال الديني، وهو هل الإنسان مسير أم مخير؟ ومن المؤكد أن لكل طرف أدلته وحججه وشبهاته وينظر إليه من زاوية عقيدته أو النصوص التي وصلت إليه أو منتهى علمه وثقافته، أو رأي السلطة التي يعمل عندها.
لكن لا بد لنا هنا أن نفرق بين حالتين: الأولى هي الأفعال التي يقوم بها الإنسان سواء عن طريق سبق الإصرار والترصد بحسب تعبير فقهاء القانون، أي أن يكون واعيًا ومدركًا بدوافعها وتتجه نيته إلى القيام بها، وبين الأفعال التي يقوم بها لكن رغماً عنه ولكن نتائجها حدثت بسبب فعله هو ولا توجد قصدية لإحداث الفعل ولا النتيجة. ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ثمة أشياء تحدث لا دخل للإنسان بها مثل الولادة والموت والمرض وعمل أجهزة الجسم وأحوال الطبيعة بشكل عام.
فالله سبحانه وتعالى وضع القوانين والسنن والضوابط والقواعد بحيث إذا تحققت حدثت النتيجة. فإذا أطلق أحدهم النار على الآخر وهو مدرك وواعٍ لما يقوم به واخترقت الرصاصة جسد إنسان آخر وأصابت جزءًا معينًا من جسده فإنه يموت بمعنى أن قانون الموت قانون عام وهو نتيجة لأسباب عديدة محكومة بقوانين وضوابط وقواعد لا يمكن التخلص منها. ، ومثال آخر، أن الإنسان الذي يقع في النهر أو أي مسطح مائي ويبقى فيه وقتًا معينًا دون وسائل مساعدة فإنه سيموت غرقًا تبعًا لقاعدة معروفة وهي انقطاع الأكسجين عن رئتيه. ، ومعنى المكتوب هو هذه القاعدة الثابتة، والقواعد الآلهية قواعد عامة مجردة، وحسب التعريف القانوني، وهذه القاعدة العامة والمجردة لا تكون موجهة لشخص معين بذاته أو أشخاص معينين، أو بواقعة معينة أو بوقائع معينة أو محددة بذاتها، وإنما تكون موجهة لعموم الناس وأيضًا على الوقائع التي تنطبق عليها الأوصاف والشروط المحددة في هذه القاعدة.
لذلك فإن كل أفعال الإنسان تقع بناءً على إرادته بغض النظر عن الدوافع التي أدت إلى هذا الفعل، فلا يوجد إجبار. ، والعلم الإلهي بصدور الفعل عن الإنسان هو العلم بالأسباب والنتائج من ناحية والعلم بالواقعة من باب أن كل ما حدث يعلمه الله لأنه ببساطة قد حدث ، لأن الله لا يحده زمان ولا مكان، فكل ما حدث ويحدث وسيحدث هو قد حدث ويعلمه الله. وللتقريب أكثر، فإن الأمر يشبه أن يشاهد من وضع قانون كرة القدم مباراة مسجلة وهو يعلم بنتيجتها وكل أحداثها ويعلم بالقانون الذي وضعه، لكنه لا يتدخل بتصرفات اللاعبين.
ربما طرح الأمثلة أفضل لتبيان الفكرة، لنفترض أن شخصًا ما يعمل خادمًا في بيت وأرسله صاحب البيت إلى الأسواق ليشتري حاجيات ما وتابع صاحب البيت خادمه عبر الكاميرات وهو يذهب إلى الأسواق ورأى كل ما يفعله ، فهنالك صاحب البيت علم ما فعله الخادم وفي نفس الوقت لم يجبره على فعل أي شيء، فقط أرسله إلى الأسواق ليجلب حاجيات معينة وربما مكتوبة ، وفي نفس الحالة وبعدم وجود الكاميرات فإن صاحب البيت يعرف أن الخادم حينما يذهب إلى الأسواق سيمشي من شارع ما وبالتأكيد سيعرج على صديقه الذي يعمل في الدكان المجاور وسيشتري سندويش شاورما من المطعم القريب، لكن صاحب البيت وهو يعلم بتصرفات الخادم لم يجبره على فعل شيء.
فكل شيء قد حدث في علم الله، وهذا العلم لا ينفي حرية الاختيار للإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جاكرتا : عاصمة جديدة للأناقة الإسلامية • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مرتديا القبعة التقليدية.. زهران ممداني يلتقي مع وفد من الجال




.. هل ظهر المسيح الدجال حقا ???‍??! .. وما سر الجساسة الكائن ال


.. اللهم اجعله طيبًا ومكرمًا في مماته محمد رمضان يبكي ويدعو ل




.. جمال عبدالجواد: ليس من المستبعد أن ينضم هانيبال القذافي إلى