الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عن : أثر دين التصوف فى التركيب الاجتماعي فى مصر المملوكية : مدخل / الطرق الصوفية والأولياء
أحمد صبحى منصور
2024 / 7 / 23العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عن : أثر دين التصوف فى التركيب الاجتماعي فى مصر المملوكية : مدخل / الطرق الصوفية والأولياء
كتاب : أثر التصوف الثقافى والمعمارى والاجتماعى فى مصر المملوكية
الفصل الثالث : أثرالتصوف فى الحياة الاجتماعية فى مصر المملوكية
أثر التصوف فى التركيب الاجتماعي فى مصر المملوكية :
مدخل / الطرق الصوفية والأولياء
مدخل :ــ
1ــ مع ولع بعض المتصوفة بالعزلة المؤقتة إلا ان مبدأ العزلة أثر على بعض الناس في العصر خارج نطاق الصوفية فمارسوا العزلة دلالة على قوة تأثير التصوف وولع الآخرين بتقليدهم . والمقريزي ليس صوفيا ومع ذلك وصف بملازمة بيته حتى عتب عليه الرؤساء انقطاعه) وهرب عزالدين ابن جماعة من الاختلاط حتى انه لم يتزوج وقيل في علم الدين الكناني (فيه الإنجماع عن الناس وملازمته للاشتغال) ،أي انه استعاض عن الاختلاط بالناس بالانكباب على العلم ، و(انقطع) الأخميمي (عن الناس ) ولم يكن صوفيا كسابقيه . وبعضهم أثر السكوت مع قلة الاجتماع بالأخرين مثل كاتب السر ابن مجلي وفي القرن التاسع عرف بالعزلة نفر كثيرون كما في( الضوء اللامع ) وقال المثل الشعبي المصرى متأثرا بذلك (الوحدة عبادة ) ....
2ــ والصوفية في داخل مملكتهم مارسوا نوعا اخر من التفكك بالعزلة بتأسيس الطرق الصوفية المختلفة ، مع عدم وجود فارق هام بينها إلا اذا عٌدّت الأوراد وألوان الرقع فوارق خطيرة ، يقول الشاذلي عن حزب البر (من قرأ حزبنا فله ما لنا وله ما علينا ) ، بل أنه في داخل الطريقة الصوفية الواحدة كان نوع التفكك بين الفروع المختلفة يظهر في لهجة عبدالصمد الأحمدى عن صوفي أحمدى قال عنه (يرفع صوته بلهجة السطوحية ) .. ويقول زكي مبارك (والألفاظ الأحمدية غير الألفاظ الشاذلية ، واذا كان ذلك لأن الأحمدية طال عهدها بصحبة الفقراء المصرية ، أما الشاذلية فألفاظهم في الأصل مغربية ) .
والواقع ان العامل السياسي كان وراء تغلغل دعاة البدوي في انحاء مصر وقوة نفوذ اتباعه من بعده في داخل البلاد ، وهو الذي مكن لهم بين المصريين، خاصة وأن الطريقة تمصرت تماما بعد موت البدوي...
3ــ مع هذا التفكك فإن التصوف المملوكي أسهم في إضافة طوائف جديدة او اظهرها في الحياة الاجتماعية ، وهي إما طوائف صوفية كالطرق الصوفية وطبقة الأولياء والأشياخ الصوفية والمجاذيب ، أو طبقة نمت بانتشار التصوف كطبقة الأشراف ، أو طوائف مهنية استفادت بالتصوف إقتصاديا كالجعيدية والفقراء الطوافين والذاكرين ومشايخ الزيارة والزوالق .
ونعطى بعض التفصيلات :
الطرق الصوفية
1 ــ تكونت الطرق الصوفية وتفرعت وانتشرت في هذا العصر وتغلغلت في أوساط الشعب والخاصة على السواء وتعددت أسماؤها واعترفت بها الدولة . ولكل طريقة قواعدها الخاصة بها ولكنها كلها تتفق في التنافس على إجتذاب المريدين والمعتقدين ، وتعطى العهود بمراسم مختلفة ، بها ينخرط المريدون والأتباع فى تلك الطرق ، مع الرقص والذكر والزى الخاص بكل طريقة لتتميز عن الأخرى . وبدخول العوام فى التصوف شيوخا ومريدين وتكوينهم طرقا صوفية كانت المبالغة في الشعوذة ودعاوى الكرامات وفى إضفاء صفات التقديس والتأليه على الشيخ الصوفى بقدر ما اهملوا التصوف النظرى الفلسفى .
2ــ والانقسام والتفكك أهم ما يميز الطرق الصوفية ، وكل منها اعتمدت على السلاسل الصوفية التي تربطها بالرواد الأوائل ، ومنهم الى الامام على بن ابى طالب الى النبى ثم الى جبريل ثم رب العزة ــ بزعمهم . وعلى هامش الطرق الصوفية والصراع بين الأشياخ الصوفية حول النذور ظهرت الكتابة فى المناقب الصوفية.
3 ـووصلت الطرق الصوفية في انتشارها إلى كل قرية ومدينة ، وأصبحت مؤثرة فى الثقافة الشعبية ، وظهر هذا فى الأمثال الشعبية ، فقيل : (كل شيخ وله طريقة ) ، (اللى مالوش شيخ شيخه الشيطان )، ( ما دام مانتاش رفاعي تمسك التعبان ليه ) .
3 ـ ونعرض لأهم الطرق الصوفية بإيجاز...
أهم الطرق الصوفية :ـــ
1ــ الطريقة القادرية نسبة لعبد القادر الجيلاني (ت561) ويوجد لها بمصر فرعان القادرية القاسمية والقادرية الفارضية..
2ــ الطريقة الرفاعية نسبة لأحمد الرفاعى العراقى الموطن والذى لم يزر مصر ، وكان من أعمدة التنظيم السرى الذى كان يعمل لاسترجاع الحكم الشيعى فى مصر متسترا بالتصوف ، والذى اسفر عن مجىء البدوى لمصر ـ على نحو ما شرحناه فى كتابنا ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ). وكان ممثل الرفاعى فى مصر الشيخ أبو الفتح الواسطى ت 580 . وبعد فشل التنظيم تحول الأتباع الى طريقة صوفية تشتهر بالأعمال السحرية والتعامل مع الثعابين على أنها كراماتهم التخصصية . وكالعادة انقسمت الرفاعية الى طوائف وطرق متعددة .
3ــ الطريقة الأحمدية نسبة لأحمد البدوي الذى قاد سرا التنظيم الشيعى لاسقاط الدولة الأيوبية فى مصر ، ولكن تغلب مماليك الأيوبيين على الحكم وتثبيت أقدامهم فيه وإنتصارهم على حملة لويس التاسع والمغول والأعراب ـ وقوة شكيمتهم ـ كل ذلك أطاح بأحلام البدوى ، وأحس بالخطر يقترب منه فتظاهر بالتصوف الى النهاية وأرجأ مخططه السرى . وإضطر أتباعه ــ الذين رباهم على سطح داره والذين انتشروا دُعاة فى مصر ( السطوحية ) ــ الى تحويل نشاطهم الى التصوف العلنى فأصبحت الأحمدية السطوحية أكبر الطرق الصوفية ، بدءا من عبدالعال تلميذ البدوى وخليفته من بعده . وانتشرت هذه الطريقة وتفرعت في مصر إلى فرعين كبيرين ، البيت الكبير ويضم الطرق المرازقة والكناسية والامبابية والمنايفة والسلامية ، ويضم البيت الصغير ــ الحلبية والشعيبية والتسيقياتية والحمودية والزاهدية . وهناك طرق أخرى كالشناوية والسطوحية والبيومية ....
4ــ الطريقة البرهامية نسبة لإبراهيم الدسوقي، رفيق أحمد البدوى فى التنظيم السرى الشيعى ، وقد تحول أتباعه الى طريقة صوفية متآخية مع الطريقة الأحمدية ، ومعاصرة لها . وعلى هامشها تكونت طرق فرعية أهمها : الشهاوية والشرنوبية والسعيدية الشرنوبية..
5ــ الطريقة الشاذلية . كان الشاذلى هو الآخر رفيقا للبدوى فى دعوته ، ولهذا إنتقل من المغرب الى مصر . وتكونت الطريقة الشاذلية فى مصر ،ومنها إلى أقطار أخرى . وتفرع منها طرق صوفية كثيرة ، منها : القاسمية ــ المدنية السلامية ــ الحندوسية ــ القاوقجية ــ العفيفية الهاشمية و الادريسيةـ الجوهرية ــ الوفائية ــ الحامدية ــ العزمية ــ المحمدمية ــ الفيضية ــ الهاشمية المدينة .
6 ــ وهناك طرق أخرى كالرحيمية والخليلية . ثم ظهرت في اخر العصر الطريقة الخلوتية ..
طبقة الأولياء
توارث الولاية
1ــ كان أبناء الولي وأحفاده يسيرون على نهجه ويرثون مكانته ونفوذه ومريديه و( الفتوحات ) أى الموارد المالية التى ترد اليه من نذور ونقوط . وبكثرة الأولياء وبمرور الزمن كثرت عائلتهم والمنتسبون إليهم فكونوا طبقة تتوارث الولاية فيما بينهما. يولد ابن الولى طفلا يتبول على نفسه ولكن يكون وليا ، وتصاحبه الولاية فى مراهقته ، وحوله مريدو أبيه يروّجون لولايته وكراماته ، وعندما يموت الأب يصير وليا مكانه ، وإذا كانوا أكثر من ولد فلا بأس ، يتوارثون ولاية أبيهم أيضا . والمريدون يشاركون فى الانتفاع بهذا الميراث ، فلهم نصيب فى المكانة ، وفى ( الفتوحات ) أيضا .
2ــ ونعطى مثلا في العصر المملوكي بذرية عبد الرحيم القنائى الذي ينتمي نفسه إلى العصر الأيوبي ، فالحسن بن عبدالرحيم القنائي ( كان من كبار الصوفية أرباب الأحوال والكرامات (ت655) ، وتولى محمد بن جعفر بن عبدالرحيم القنائي مشيخة خانقاه أرسلان (ت782) ، وكان جعفر بن عبدالرحيم (ت696) من كبار الصوفية ، قالوا انه ( جمع بين الشريعة والحقيقة ) أى بين الفقه والتصوف ، أو ( التصوف السنى ). ونقلت كرامات ومكاشفات محمد بن حسن بن عبدالرحيم القنائي (ت692) ، ومثله أحمد ابن إبراهيم بن الحسن بن عبدالرحيم (ت728) ومحمد بن هارون القنائي ابن اخت الشيخ محمد بن الحسن بن عبدالرحيم .وهناك قبور للأولياء من ذية عبدالرحيم القنائي كمزارات ...) .
3 ــ وكالقنائي عرفت ذرية أبى الحجاج الأقصري وابن الصباغ بالولاية في العصر المملوكي ، فأحمد بن النجم بن الحجاج الأقصري ( كانت له العديد من المكاشفات ) ومثله ابنه جمال الدين بن احمد (ت696) ، وهناك ضريح للإمام يوسف بن محمد الذي دفن بجرجا في أعقاب القرن السابع . وهناك مقبرة أولاد أبى الحجاج الأقصري في قرافة مصر (وهم جماعة من اهل العلم والخير ) .
4 ــ ولما مات ابن الصباغ أجلس الفقراء مكانه صاحبه وزوج ابنته الشيخ القنائي ، وتخرج عليه جماعة تنسب إليهم كرامات ومكاشفات كأبي عبدالله الأسواني وأبي الطاهر المراغي وزين الدين بن شيخه ابن الصباغ .
5 ـ وفى الطريقة الشاذلية : تصوف ابن عرام سبط أبي الحسن الشاذلي ، وذكرت عنه كرامات ) ونشأ ابن محمد وفا على طريقة أبيه فاشتهر ودفن في مشيخة الوفائية وهكذا تتابعت الذرية من بعده ،
6 ـ ونفس الحال : كان لمحمد ابن الشيخ الحنفي شهرة ومحبة وقيل في ترجمة عبدالهادي السطامي اجتمع عليه أتباع أبيه فتمشيخ فيهم وراج امره ) واشتهر إبراهيم الفاوي بالكرامات وقيل عن ابنه محمد (عليه مدار البلد من بعده ) ، وقد تزوج القزويني باخت الشيخ ابي عبدالله الأسواني فولدت له صدر الدين (فنشأ في صلاح وله كرامات وكان ابوه صوفيا لبس الخرقة من السهرودى . وكان الدسوقي من الأولياء وأمه بنت ولي آخر ) ، وقدم إبراهيم الأندلسي مصر وتزوج فولد له ولد صار وليا ، وقبره مع والديه ، وتُستجاب الدعوة بينهما ) ويقول السخاوي عن يوسف العجمي( وله ذرية باقية الى الآن ) . وكان من العادة أن يتبع الولد أباه في التصوف فقيل عن إبراهيم ابن احمد الطنتدائي (لم يسلك طريق والده ) أي أنه خالف المألوف..
ابن الولى لا يفلح
1ــ هذا مع أن الصوفية أنفسهم اعترفوا بأن ابن الولي لا يفلح غالبا ، ويقول الصوفى محمد بن أبي جمرة معترفا بالواقع : ( ثلاثة لا يفلحون في الغالب : ابن الشيخ وزوجته وخادمه. أمّا ابنه فإنه يفتح عينيه على تقبيل المريدين يده بالتبرك به فتكبر نفسه فلا يؤثر فيه وعظ واعظ ويتجرأ على الأكابر ...) ويقول الخواص نفس المعنى تقريبا عن ابن الشيخ الصوفى : أنه (يتربى في الدلال على والده مع مساعدة أمه ، ويكتفي بتعظيم الناس له بحكم التبع لأبيه ، فلا يصير عنده داعية لاكتساب الفضائل ) ، وقد عد الشعراني من المنن فلاح ابنه عبد الرحمن وامتثاله لأمر والده، وقال أنه : ( قلّ ان يقع هذا من ولد فقير) ( أى ولى صوفى ). وقال الشعرانى : ( ولم يزل الفقراء يتجرعون الغصص من جهة أولادهم لما يرونه منهم من قلة سلوك طريق القوم ) ..اى يفترض الشعرانى أن ( القوم ) يعنى شيوخ التصوف كانوا على السلوك القويم,!
4ــ ومع هذا .. اكتسبت طبقة الأولياء امتيازات دينية خلعها عليهم المريدون، فعد الشعراني من المنن انه لا يتزوج أرملة ولي ، وكان الخواص ينكر على من يتزوج نساء الأولياء خوف العطب ) ، أى التعرض لانتقام زوجها الولى صاحب الكرامات ، فى زعمهم . بل امتد ذلك الحكم ليشمل بنات الشيخ ، فعد الشعراني من المنن عدم تزوجه لابنة شيخه محمد الشناوي إجلالا له ، ولما تزوج ياقوت القرشي ابنة شيخه المرسي لم يقربها حياء من أبيها ، وفارقها بالموت وهي بكر....) ..فهل أرضى بذلك إبنة شيخه ؟! تبّا له ثم ..تبّا تبّا ..!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 93-Al-Aanaam
.. البابا فرانسيس يستقبل زيلينسكي في الفاتيكان لمناقشة سبل السل
.. قوات الاحتلال تعتدي على مصلين حاولوا الوصول إلى المسجد الأقص
.. أسوياء مع مصطفى حسني - نفسي فداك يا رسول الله ..وتعرض أبو بك
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها