الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرة 14 الدين والأخلاق

رياض قاسم حسن العلي

2024 / 8 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وهذا من المواضيع التي اختلف فيها المشتغلون بالحقل الكلامي والفلسفي والعقائدي على حد سواء، وهو: هل الدين منشئ أم كاشف للأخلاق؟

وما هي الأخلاق؟
ربما أن مفهوم الأخلاق ذو بعد مطاطي واسع لا يستقر على نظرية ثابتة إلا في مجال أن الأخلاق تعني الأفعال الإنسانية الجالبة للخير له وللمجتمع والطبيعة، فالقتل والسرقة والخيانة هي أفعال شريرة لكنها في نفس الوقت يمكن أن تتحول إلى أفعال خير إذا كان لها دافع معين ، فمثلًا أن القتل إذا كان دفاعًا عن النفس والمال والعرض فهو فعل خير وليس شر والسرقة إذا كان الهدف منها رد الحق إلى أهله أو سد رمق الجوع في حدود معينة فهو فعل خير ، الخيانة إذا كانت في سبيل غاية سامية فهي فعل خير، ولهذا فإن مفهوم الأخلاق يرتبط بالدوافع والغايات وكذلك بالمكان والزمان.
النصوص القانونية والشرعية تهدف إلى ضبط السلوك البشري، والأفعال البشرية المنهي عنها هي ما تسالمت عليه الإنسانية بشكل عام من خلال استقراء أفعال البشر ونتائجها، وكذلك وصايا الأنبياء والرسل على مر التاريخ، في الذكر الحكيم دائمًا نقرأ (الذين آمنوا وعملوا الصالحات)، والعمل الصالح هو الأخلاق. وحينما يذكر الله أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا يعني أن الصلاة التي يسبقها ويعقبها قول وفعل الفحش والمنكر ليست بصلاة، ومجرد حركات رياضية غير روحانية ، فالإيمان كاشف عن الفعل الصالح وليس منشأ له، فيمكن للإنسان الملحد أو اللاديني أن يكون صالحًا، ويمكن للإنسان المؤمن أن يكون غير صالح، غير أن الإيمان يمكن أن يساعد الإنسان على اكتشاف العمل الصالح إذا لم يكن يعرفه، ويمكن للعمل الصالح أن يؤدي إلى الإيمان إذا اتضحت الرؤية.
لذلك تحاول بعض الحكومات رسم سياسة عامة للأخلاق تُربّي عليها الأجيال. وهذه السياسة تتبع سوق العمل والأفكار الفلسفية والاتجاهات السياسية ، دعم الأنظمة الأوروبية للمثلية هو لضرب النظم الأخلاقية لدى الشعوب الأخرى بعد أن ضربت من قبل كل اقتصادياتها وخيراتها، فالأفكار الفلسفية المادية والنفعية الغاية منها خلق أجيال بلا هدف وتكون تحت طوع الأنظمة الحاكمة. ، لذلك نجد أن أوروبا خلقت أكبر حربين في التاريخ العالمي في قرن واحد، في أكبر ضربة للنظم الأخلاقية. ومن ثم سوقت الولايات المتحدة للنموذج الأمريكي للمعيشة، وعماده هو الاستهلاك المفرط وفوضى الحرية، بمقابل شيطنة الآخر غير المنسجم مع الرؤية الأوروبية والأمريكية.
فالأخلاق بشكل عام هي ما ينسجم مع المصلحة الإنسانية، لكن ليس بضوابط المصلحة الغربية، فالنظم الأخلاقية الغربية ليست هي المقياس والمعيار والنموذج الذي علينا أن نقتدي به.
وإذا كان لا بد من التميز، فأقول إن لكل مجتمع قيمه ونظمه الأخلاقية التي لا تشبه بالضرورة قيم ونظم مجتمع آخر، فما يراه الإنسان الأوروبي أو الأمريكي أنه حسن لا يمكن فرضه على المجتمع الياباني أو الهندي أو العربي، والعكس صحيح.

-------------
فائدة :
يذكر عبد الجواد يس في مقال نشر في موقع مركز المسبار للدراسات والبحوث في 2018/5/18 :
اعتبر سقراط أن الإيمان مكمل للأخلاق، لكن الأخلاق لا ترتكز عليه. مصدر الأخلاق هو الحكمة، التي تؤدي إلى الفضيلة بوصفها الطريق الموصل إلى السعادة، وهي الغاية النهائية للإنسان. وجعل أفلاطون للدين مكانة في الأخلاق أكثر مما فعل سقراط، فالفضيلة لا ترجع إلى الحكمة بل إلى بصيرة ملهمة مشربة بنفس ديني. وقف أفلاطون على فكرة الحساب الأخروي، حيث يقضي الإنسان ألف سنة في العالم الآخر منعمًا أو معذبًا جزاء ما قدمه من خير أو شر. ومع ذلك ظلت الأخلاق عند أفلاطون تقوم – كما عند سقراط- على فكرة استهداف السعادة، وليس إرضاء الآلهة.
أما أرسطو فقدم تأصيلًا عقليًا خالصًا للأخلاق لا يتكئ على الدين رغم إلمامه بالمفهوم الإلهي. السعادة هي الخير المطلق، أو الخير النهائي المطلوب لذاته، ونحن نطلب الفضائل من أجلها. تستطيع الفضائل تحقيق السعادة بما هي التوازن الذي يهيئ لقيام الإنسان بوظيفته ككائن بيولوجي اجتماعي عقلي معًا. بوجه عام لم يكن الدين في السياق اليوناني بعيدًا عن الأخلاق، ولكنها ظلت مبحثًا ومطلوبًا اجتماعيًا يصدر عن العقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرتديا القبعة التقليدية.. زهران ممداني يلتقي مع وفد من الجال


.. هل ظهر المسيح الدجال حقا ???‍??! .. وما سر الجساسة الكائن ال




.. اللهم اجعله طيبًا ومكرمًا في مماته محمد رمضان يبكي ويدعو ل


.. جمال عبدالجواد: ليس من المستبعد أن ينضم هانيبال القذافي إلى




.. بابا الفاتيكان يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس