الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نسختى المرممة!

نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)

2024 / 9 / 4
الادب والفن


البطلة: لماذا لا تنهى حياتى وترفعى عنى هذا البلاء؟!
الكاتبة: لازلت أفكر فى نهاية تليق بك..
البطلة: تفكرين فى نهاية تليق بشخصية وهمية فى رواية؟!
الكاتبة:أنت لست وهما كما تظنين!
البطلة:كيف وانتى خالقتى؟!
الكاتبة:اصبرى قليلا ..لن تكون العاقبة إلا مثيرة!
البطلة:دعك من هذا كله ..انهي هذا العبث..لقت مللت الانتظار والترقب ..أنا أعانى ..ارجوكى.. ارحمينى ..اطلقى سراحى..خمس سنوات وأنا انتظر العاقبة..انتظر الحساب على أخطائى وجرائمى..انتظر العفو أو الرحمة الاستثنائية بعد السماع لحجتى..
اسجنينى أو انفينى ولكن لا تكممى فاهي، وتشلي حركاتى
انت بذلك ستمحينى دون أن تدري !!
الكاتبة: أنا الخالقة وبأمرى ستبقين للأبد.
البطلة: ألا تتذكرى (دنيا)؛ بطلة روايتك الأولى، ألم تكن هذه إحدى الشخصيات المحببة إلى قلبك ..ألم تذكرك بنفسك وقتها..بالصورة التى حلمتى أن تكونى عليها؟!
الكاتبة:ولكننى نضجت!
البطلة:ولذلك ألقيتى بمشروع روايتك فى سلة المهملات والذكريات المقبورة؟!
الكاتبة:نعم لأننى أدركت عند النهاية بأن تلك النسخة من نفسى سيئة..رديئة، لا تناسب مستوى عقلى وإدراكى!!
البطلة:ظللت سبع سنوات تكتبيها، وبالأخير محوتيها؟!
الكاتبة: نعم ..وماذا فى ذلك؟!
البطلة:بربك!! هل تعاني من اضطراب الشخصية الحدية، أم من وسواس قهرى..أم هى مثالية مفرطة؟!
الكاتبة:ربما ثلاثتهم معا.
البطلة:خالقة أنتى أم مضطربة نفسيا؟!
الكاتبة: هل تسأليننى حقا..أم تسخرين منى؟! أشعر أننى بدأت فى استثارة غيظك!
البطلة: ليس لى من أمرى شيئا..أنا شخصية من وهم وحبر!
الكاتبة: تريدين أن انشر رواية بطلتها ساذجة..فارغة مثلك..بلا إرادة حرة..بلا كيان حقيقى مستقل ..اجيبينى يا كتلة الوهم والسراب؟!
البطلة: انتى لست روايتك ولا أبطالها!
الكاتبة: بل أنا جزء أصيل منهما..إننى أرى فى كل نسخة فيهما نفسى المطورة..أو حتى المشوهة..إنهم أنا فى ظروف مختلفة وأكوان موازية. أرى مستقبلى وأحلامى التى لم ولن تتحقق .. مصائب وهزائم ..وربما انتصارات مؤجلة !!

البطلة: ماذا لو تغير إدراكك وبدأتى فى محوى أنا الأخرى قبل أن أولد وأتنعم بنظرات الناس وحفاوتهم بى؟!
الكاتبة: لن يحتفوا بك ..بل بى أنا..
أنا خالقتك!!

البطلة: لا..انتى واهمة..سيتعلقون حتما ببطلة الرواية ..ستنبض قلوبهم مع كل حدث يمر بى.سينجذبون لوصفك المستفيض عن شخصى ومظهرى..أما انتى؛ فلن تنالي سوى بعض كلمات المدح على أسلوب كتاباتك!!

الكاتبة: هراء..انتى مجرد عبث..يمكن أن أميتك فى الحال
إن فقط، أردت!!

البطلة: كفى غرور وتكبر..كفى استعلاء وتجبر
اسمعينى جيدا..لن أبقى أسيرة ورقك اللملعون هذا ..أنا البطلة، وأنا التى سيحبها الناس..أنا التى ستشتهر لا انتى..أنا التى ستظل فى مخيلاتهم لا انتى.. أنا مصدر إلهامهم..
أنا البطلة.
أنا..أنا!!
الكاتبة: غضبك يتفاقم وثورتك على الأبواب..
البطلة: أنا بطلة الرواية، وكل الحكاية!
الكاتبة: ألم تكونى منذ لحظات فائتة مجرد شخصية وهمية فى رواية؟! انتبادل الأدوار إذن يا "كل الحكاية"؟!
البطلة: لا تبادل ولا تنازل..هذا أنا ..أنا أولد رغما عنك وعن حبرك الأسير !!

الكاتبة: مادام الأمر كذلك...ستظلى حبيسة عقلى للأبد..لن يرى نورك غيرى..ولن يفرح أحدهم بمولدك!! سأنعى هوامشك قبل ميلادك..

البطلة: إياكى..إياكى أن ترحلى ..إياكى أن تتركينى الآن يا حمقاء ..اقبضى على هذا القلم فورا..اكتبى ما أملي عليكى من رغبات..لن تتمكنى من محوى بعد كل هذا الوقت..صارت حياتى معلقة منذ خمس سنوات بفضل عقلك العاجز !!
لن تتلامس حروفك بعد الآن إلا بصدى صوتي..صدى صوتي وحده ..اكتبى فى الحال وإلا جعلتك تتخبطين من الألم والحيرة والاكتئاب..سألعنك فى كل حين حتى تراودك الهلاوس وأنتى بين الناس..سأجعلهم يشيرون بأصابعهم قائلين: انظروا هذه المجنونة!
سأنهش فى عظام ثقتك حتى تتلاشي..افعلى ما أمليه عليكى وإلا ستحظي بنصيبك من الوعيد!!

الكاتبة:أخيرا فعلتها!! ...أخيرا !!
اصرخى..اصرخى يا أنا..امتعينى الآن بقولك لا..انعتينى بأبشع الصفات..اصرخى واصفعى..تطاولي وتمادي..قولى ما يخطر على بالك..تجسدى فى كيانى..اظهرى من خلال كلماتى..امنحى عفوك أو اغضبى وانقلبى على "خالقتك"
أين كنتى طيلة خمس سنوات؟!
أخيرااا انفصلتى عنى .
إنها رغباتك..عقلك..كيانك المتجسد الآن أمامى..كيان مستقل ...يتعارض معى..يناقشنى..يتشاجر معى ..يصارع من أجل بقاءه ..من أجل إثبات كينونته..هوية منفصلة عنى رغم اتصالها ..ها انتى ذا..ها انتى ذا..يا نسختى المرممة!

تضطرب الكاتبة وترتعش..يلتحم جفنها الأعلى بالأسفل رغما عنها..تكاد تفقد وعيها من شدة الإجهاد..والقلم لازال يسطر ويشطب ويضيف ويمحو..وهى تشهد فقط على عملية إبداع، لا يد لها فيها..تتابع الحروف والكلمات التى يمتلئ بها ورقها..تقرأها وكأنما تولد من رحم غيرها.. وعقل مغاير لعقلها .تتفاجأ مع كل حدث وكأنما هى مخلوقة لا خالقة..تتابع بشغف ..شاهدة على "معجزة خلق" لا تدري مكمنها ولا مآلها..تتحدث بلسان أعجمى وقلب مخضب بالإثم والشغف..
بداية من عندها كانت،
ونهاية لا تعلم إلى أين ستؤول؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نجوم الفن يقدمون واجب العزاء فى وفاة والد الفنانة ياسمين عبد


.. على وقع الأغاني والموسيقى.. ترمب يصل الكابيتول وان أرينا لمخ




.. المغنية كيري أندروود تتجاوز خللاً فنّياً وتغني بدون موسيقى خ


.. وصول الأسيرة الشاعرة إسراء بري لجنين عقب الإفراج عنها




.. صباح العربية | رحلة مريم شريف من -السوشيال- لبطولة سينمائية