الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتزاع الآيات القرآنية من سياقاتها !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 9 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتدثر مترشحون كُثُر، في كل موسم انتخابي تقريبًا، بالآية الكريمة رقم 26 في سورة القصص:( قالت إحداهما يا أبتِ استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين). في تفسير الآية، (قالت إحداهما)، أي إحدى ابنتي الرجل صاحب الأغنام. (يا أبتِ استأجره)، بمعنى اجعله أجيرًا عندنا يرعى الغنم ويسقيها. (إن خير من استأجرت القوي الأمين). في تفسير السعدي، إنه، أي النبي موسى، أولى من استؤجر، لأنه جمع القوة والقدرة والأمانة. ومن تتوفر فيه هذه الصفات، جدير بتولي العمل بإجازة أو غيرها. فالخلل لا يكون إلا بفقدها، أو فقد إحداها، وأما اجتماعها ، فبه يتم العمل ويكمُلُ. قالت الفتاة ذلك، لما شاهدته من موسى عند السقي لهما، هي وأختها. في تفسير الطبري، أن أباها قال لها: وما علمك بقوته وأمانته؟ فقالت: أما قوته فإنه كشف الصخرة التي على بئر آل فلان، وكان لا يكشفها دون سبعة نفر. وأما أمانته، فإني لما جئت أدعوه قال: كوني خلف ظهري. وأشيري لي إلى منزلك، فعرفت أن ذلك منه أمانة. وفي رواية ثانية، قال أن امشي خلفي، لئلا يرى منها شيئًا يكره، فزاده ذلك فيه رغبة".
عمدنا إلى الإضاءة على تفسير الآية، وفي العمد قصد. الآية، في سياقها التاريخي، تتحدث عن زمن غبر، زمن الرعي الموغِل في القِدَم وأنماط التفكير البدائية. هنا، نأتي إلى المشكلة المزمنة في أنماط تفكيرنا، على صعيد التعامل مع النصوص الدينية بشكل خاص. ونعني انتزاعها من سياقاتها التاريخية، وتوظيفها في حاضر مختلف بكل شيء. أما أسوأ التداعيات والإرتدادات، فنجدها أولًا في التمحل الفكري والتصحر الثقافي، وهو المتوقع نتيجة صرف العقل إلى زمن النص. التمحور حول النص الديني، يعني تكريس إقحام الديني في شؤون الدنيوي، وهي اشكالية ما يزال وعينا الجمعي يتخبط بها ويدفع ثمنها دون بني البشر أجمعين. فالدين مطلق ثابت، والحياة نسبي متحرك. وأي محاولة لتقييد النسبي المتحرك بالمطلق الثابت، لن تكون نتيجتها سوى تأزيم الواقع وتهيئته لصدام ينتظر اللحظة المناسبة للإنفجار.
يظن المترشح أن توظيف النصوص الدينية لا بد سيضمن له "هبرة محرزة" من الأصوات، وهو مخطئ على ما نرى ونسمع ونتابع، من أي النواحي أتينا أسلوبه هذا. والذين نراه أن هذا النوع من التوظيف لم يعد ينطلي إلا على قليلين، ناهيك به دليلَ فقرٍ في الرؤية (رؤية المترشح) ومؤشرَ جدبٍ في خياله. فالتدثر بالنص الديني، واستخدامه قناعًا، ليس لهما سوى معنى واحد: الهروب من تحديات الحاضر ومشكلاته، وإدارة الظهر للمنطق القائم على البرهان والمنطلق من الخبرة والتجربة الإنسانيتين، في التعامل معها.
تتغير الأحكام بتغير الأزمان، ولكل مرحلة مشكلاتها وتحدياتها. وإلى المستحيل أقرب، مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين بالعدة الفكرية لأزمنة غَبَرَت.
يكفي لهوجة...يكفي ترقيعًا...يكفي هدرًا للوقت في اللغو الفارغ من دون أية مضامين. نحن في ذيل الأمم...متخلفون نحن بمعايير العصر في الديمقراطية، وفي العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة.
مشكلات الحاضر وتحدياته تُواجه وتُعالج بمعايير الحاضر وأدواته، وأهمها على الإطلاق، إعمال العقل في كل شيء، بما في ذلك النصوص الدينية، واستخدام أدوات العلم المعاصر في التحليل واستنتاج الحلول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -داعية الرولكس- التحقيق مع داعية سلفي ألماني من أصل مغربي مت


.. -داعية الرولكس- التحقيق مع داعية سلفي ألماني من أصل مغربي مت




.. غارة إسرائيلية على حي الجامع في منطقة رياق بالبقاع اللبناني


.. 96-Al-Aanaam




.. وسائل إعلام أميركية: صورة لهاريس مع رجل دين من أصل إيراني تث