الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقه التكسب

جمال الهنداوي

2024 / 9 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يكاد يصم الاذان هو كل ذلك الضجيج المنبعث من سوق الفتاوى هذه الايام ونحن نقترب من الموسم الرمضاني..هتاف وزعيق وصفق وكل ينادي على بضاعته املا في بيع المزيد مما قدره الله عليه متصيدين رفعة وغنى ومكانة الزبائن المحتملين في هذه الايام التي يكثر الطلب فيها على ما بطن من كلمة السماء ..
فتاوى ينادى عليها باعلى الصوت وفي اكثر وسائل الاعلام انتشارا وتحسن وتنمق وتعرض بضاعة مزجية تحرص على موائمة المزاج السائد في مجتمعاتنا ويروج لها حسب وزن وثقل الفقيه في عالم الافتاء..
فتاوى تعرض في واجهات الدكاكين الفقهية دون الالتفات الى الرفوف الخلفية التي ما زالت تحتوي على ما تقادم به العهد وتطاول عليه الزمان وبطلت سوقه ولم يعد مما يتماشى مع ذائقة اهل هذا الزمان..رفوف مليئة بما كساه الغبار ومجه الناس واصابه الكساد..الا انه ما زال محفوظا ليوم كريهة قد يكون له فيها فائدة ما.. والفائدة هنا تتعاظم اذا توصل المرء لفتوى او رأي تأخذ حظا من الرضا والقبول من مراكز المال والقرار فهذا مما يدفع باصحابها فورا الى صدر عناوين الصحف وعلى منصات الخطابة.. ولكنها بالتأكيد لن تقوى عن رفع صاحبها في نظر الجمهور الذي لن يراها الا نوع من فقه التكسب السياسي ومناورة معتادة من فقهاء السلاطين لدعم توجهات سياسية لاولي الامر والنعمة تجاه انظمة اخرى قد تناظرها في الاستبداد ولكنها تخالفها في الاسلوب والهدف والممارسات..
فلا يكفي ان ينادي العالم الجليل بحق المسلمين في أن يسيروا المسيرات وينشئوا المظاهرات في احدى البلدان..باعتبارها تعبيرا عن مطالبهم المشروعة وتبليغا بحاجاتهم إلى أولي الأمر وصنّاع القرار..وتحريمها على اقوام اخرى لانهم لم يستحصلوا على رضا وقبول من يملأ قصاع الفقيه بالثريد ويملأ جيبه بعملات الكفار الخضراء..وتكون اقرب الى الضحك على الذقون عندما يوصم نفس الشخص ابناء بلده المنادين بالاصلاح والحق في التعبير عن آرائهم بالفتنة والخروج عن المعلوم من الدين ومنازعة السلطان ما قمصه الله من ملك..
قرون وهذه الفتاوى توضع في مصاف المقدس الذي لا يمس ولا يمس معه من قال بها ومن افتاها ومن كتبها ومن شرح ما كتب عنها ومن شرح الشرح ودون الحواشي على جوانبه..
فتاوى كان مجرد ورودها في كتاب او صحيح او مسند او مستدرك كافيا لكي يكون وكاتبه في خانة من لا ينطق عن الهوى وفي مقام النص الذي لا يصح معه اجتهاد ويحيل فورا من يناقشه او يستفهم منه الى خانة الزندقة والتبدع والاتيان بما يهز اركان العرش ولا يعرف له اصل في الايمان..
وهذا ما يرتب على الفقيه الذي يحاول ان يرتدي ثوب المصلح الديني ويريد ان يضع نفسه ومعرفته في خدمة تطلعات ومستقبل الشعوب يجب ان يوجه سهامه الى اصل المشكلة اولا ويعلن ان الحصانة التي منحت للسلطان لم تكن من الدين في شئ .. كما ان الفقيه الذي يفتي بحق الشعوب في الحرية والعيش بكرامة..يفقد مصداقيته تماما عندما ينتقي من يمنحه هذا الحق حسب خيارات الحاكم السياسية او انتمائاته الايديولوجية..
ان الجهد الحقيقي يجب ان يتوجه الى اعادة الاعتبار الى الحقيقة..وتقليب النظر فيما لوثته قرون الاستبداد من الفقه الاسلامي واعادة قراءة النصوص ضمن معطياتها التاريخية والسياسية ومحاولة تقديم فهم جديد للفقه مبني على روح الاديان ومتبنياتها في حماية الانسان واعلاء حريته وامنه وسلامته وادامة سبل حياته الحرة الكريمة..
وما دون ذلك لا يعد الفقيه الافردا ضمن جوق اعلامي بائس لا يطرب احدا في الحي ولم يعد احدا يريد ان يسمعه.. حتى لو كان في رمضان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يحضر صلاة في واشنطن ويستمع إلى الأذان وعظة، فكيف كان ر


.. ترامب يستمع للأذان في كاتدرائية ويحضر عظة لم تعجبه.. ماذا حد




.. في إندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة: جزيرة فلوريس، -منجم- كهنة


.. شاب يرفع الأذان من وسط ركام مسجد مدمر في غزة




.. وزير الداخلية: جماعة الإخوان تسعى لتوسيع أنشطتها وجهودنا نجح