الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أبرز حقائق حروب ما بعد طوفان الأقصى !

نزار فجر بعريني

2024 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مساء الخير،
قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة في مواجهة عواقب هجوم طوفان الأقصى، كان السقف السياسي لحروب الرد الإسرائيلية على هجمات حماس وحزب الله طيلة العقود الثلاثة السابقة محدودا بسقف مصالح وسياسات الولايات المتّحدة.... المرتبطة بشبكة من العلاقات التشاركية مع النظام الإيراني... السوري، وقد شكّلت تاريخيّا سياسات "التهدئة" الأمريكية "قواعد اشتباك"، وفّرت موضوعيا، في ضوء موازين قوى الحرب التي تميل لصالح جيش العدو الإسرائيلي، "مظلّة حماية" للحزب والحركة، وجعلت مجرّد الوصول إلى "اتفاق وقف إطلاق النار" انتصارا، بغضّ النظر عن الثمن والجدوى، وقيادات الصف الأوّل تتجاهل حقيقية موازين القوى التي تبيّن استحالة الانتصار في حرب ضد إسرائيل، عندما تتجاوز سياسات حكومتها سقف سياسات واشنطن، وتتّجرّأ على كسر قواعد الاشتباك الأمريكية.
النظام الإيراني بدوره كان يُدرك أنّ طبيعة العلاقات التشاركية مع الولايات المتّحدة هي التي تعطيه اليد الطولى في الإقليم، وهي التي تحكم سقف المواجهات المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل.
هي بعض تعبيرات الوعي السياسي المؤدلج التي منعت قيادة حماس وحزب الله وإيران، الذين خططوا ونفذوا "الهجوم النوعي" في السابع من أكتوبر، من رؤية طبيعة "الفارق النوعي" الذي قد تحمله آليات تنفيذ ونتائج هجوم طوفان الأقصى!!
فلأنّ هجوم طوفان الأقصى كان ناجحا من حيث النتائج الأولية في تهديد الأمن القومي الإسرائيلي كما أراد قادة محور المقاومة، فقد شكّل في نفس الوقت بالنسبة لحكومة اليمين لحظة تاريخية مختلفة، عملت على تجييرها لكسر قواعد الاشتباك الأمريكة السابقة، وتصعيد مستويات مواجهة سياسات ومصالح حليفها الاستراتيجي الأمريكي؛ وقد عجزت قيادة المحور، المنتشية في انتصاراتها التاريخية، عن تقدير تلك الإمكانية، وما قد يترتّب عليها من عواقب "نوعية"!!
في ضوء تلك الحقائق، و إدراكنا لطبيعة أهداف الحرب الإسرائيلية العدوانية، يمكن أن نصل إلى تقييم موضعي لمواقع النجاح والإخفاق في أهداف الحروب السياسية والعسكرية، وتقدير طبيعة الموقف السياسي الوطني تجاهها.
أوّلا،
ما هي حقيقة أهداف الحرب الإسرائيلية؟
تقاتل حكومة الحرب الإسرائيلية اليمينية بكل ما أوتيت من قوّة عسكرية وأمنية، وتخطيط ودهاء سياسي، منذ الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣، لتحقيق هدفين استراتيجيين، باتا مترابطين بفعل سياسات التدخّل الإيراني:
يرتبط الأول بأجندات اليمين الصهيوني المعادية لحقوق الفلسطينيين السياسية في إقامة دولة على مناطق ٦٧، وسعي قواه لتقويض شروط تحوّل السلطة الفلسطينية التي نتجت عن اتفاقيات أوسلو بين ١٩٩٣ ٩٦ إلى كيان سياسي مستقل، وفقا لأهداف اتفاقيات أوسلو النهائية، بينما يهدف الثاني إلى تفكيك قواعد القوّة الإيرانية في فلسطين ولبنان وسوريا...التي باتت في منظور مصالح الأمن الإقليمي الإسرائيلي تشكّل تهديدا مباشرا.(١).
ثانيا ،
ما هي طبيعة التقييم الموضوعي الشامل لنتائج الحروب الإسرائيلية ؟
في التقييم الاوّلي يمكن الاعتقاد بقدرة الحرب الإسرائيلية على تحقيق نجاحات مهمّة، دون أن تصل إلى مرحلة النصر التاريخي الذي حققته العصابات الصهيونية خلال ١٩٤٨، والحكومة الإسرائيلية عام ١٩٦٧..
١ على صعيد إنجازات الحرب الإسرائيلية العدوانية المدمّرة على قطاع غزة والضفة، يبدو واضحا قدرة الحرب على إنهاء دور حماس السياسي والعسكري، وتدمير شروط التسوية السياسية مع الفلسطينيين، و تقويض السلطة الوطنية الفلسطينية.
على صعيد الحرب العدوانية الأسرع والأكثر تدميرا ضد حزب الله، باتت حكومة الحرب على وشك تحقيق أهدافها في تفكيك قواعد ارتكاز الحزب العسكرية وتقويض قيادته السياسية.
٢على صعيد فشل سياسات الحرب الإسرائيلية، يبدو جليا عدم استطاعتها حتى الآن إنهاء وظيفة الحزب السياسية اللبنانية ودوره الإقليمي، رغم أنّه من غير المرجح أن توقف الحرب دون تحقيقه، بغض النظر عن طبيعة الموقف الأمريكي(٢) !
على صعيد الفشل أيضا، عجزت السياسات الإسرائيلية أن تفرض رؤيتها ومصالحها على واشنطن، وذلك عندما سعت إلى توريط النظام الإيراني في حرب إقليمية شاملة، تضعه في مواجهة تحالف إقليمي، وتفقده مظلّة الحماية الأمريكية!
في نفس السياق، عجزت الهجمات العدوانية الإسرائيلية على سوريا حتى الآن عن إجبار سلطة النظام الإيراني على إحداث تغيير نوعي في استراتيجية "الإقامة الدائمة" !
ثالثا ،
في تناقضات مواقف السوريين تجاه
أهداف و ونتائج الحرب .
التساؤل الرئيسي الذي يطرح نفسه :
إذا كان من مصلحتنا وواجبنا كنخب وشعوب وطنية ديمقراطية أن نقف ضدّ أهداف تدمير مقوّمات التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية ،خاصة على مستويات وسائل حرب التهجير والقتل الجماعي، وتدمير شروط الحياة الإنسانية، وإذا كنا نرفض الحرب على لبنان والهجمات في سوريا، بغض النظر عن مبرراتها الإيرانية، فإنّ التساؤلات الجوهرية التي يجب على الوعي السياسي والثقافي النخبوي طرحها:
كيف نفصل بين تناقض مصالحنا وقيمنا مع سياسات الحرب الإسرائيلية تجاه قضايا الفلسطينيين العادلة، وتوافقها مع سياساتها الساعية إلى تقويض مرتكزات مشروع السيطرة الإقليميّة الإيرانية وكسر مظلّته الأمريكية، وفي ذلك مصلحة شعبية ووطنية عليا لجميع شعوب ودول المنطقة التي وصلت إلى أعلى درجات التفشيل ومخاطر التقسيم مع تقدّم أدوات ونهج مشروع السيطرة الإقليمية التشاركية بين الولايات المتّحدة والنظام الايراني منذ مطلع ١٩٨٠.؟
بمعنى ،
أليست من مصلحة السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، وحكوماتهم، رفع يد النظام الإيراني، ووقف سياسات تجييره لقضايا الشعوب، ودفعه لإنهاء وجوده الميليشاوي، ووقف ما أدّى إليه من عواقب مدمّرة على صعيد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وعلى مستوى الامن القومي، السوري واللبناني ؟
--------------------------------------------
(١)-يعتقد الصديق العزيز، الأستاذ فخر زيدان،Fakher Zaidan أنّه، بالإضافة إلى هذين الهدفين، ثمّة هدف ثالث، وهو الأخطر، يرتبط بمشروع "السيطرة الشرق أوسطية، أكانت عبر توسعها في بعض الجغر افيا.. أو عبر السيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية." ، مؤكّدا على موضوعية استنتاجه في ما "ماتعبر عنه الأدبيات السياسية لإسرائيلية والعقائدية"، وما يأتي في "تصريحات علنية لسياسيين اسرائيليين ومنظرين".
يتجاهل الصديق المحترم أنّ الوقائع أصدق مما تقوله الأدبيات والعقائد والتصريحات!
١ أين تعبيرات و أشكال "السيطرة السياسية والثقافية الإسرائيلية" حتى في الدول التي وصلت مع إسرائيل إلى علاقات تطبيع دبلوماسية ؟ والأهمّ من ذلك، أين تلك الأشكال في "دول الطوق"، حيث تدور المعارك الطاحنة بين أدوات وأهداف مشروعي السيطرة الإقليميّة، الإيرانية والإسرائيلية-
في لبنان ...سوريا ...غزة ....مناطق السلطة الفلسطينية...؟ هل تجد لها أيّة آثار بالمقارنة مع هيمنة شبكة السيطرة الإيرانية، السياسية والثقافية والطائفية ؟.
٢ أين مواقع مشروع السيطرة الشرق أوسطية الإسرائيلية الجغرافية ؟
الوقائع تقول:
١ موافقة مجموعة من حكومات إسرائيل على توقيع اتفاقيات أوسلو ١٩٩٣لتأسيس سلطة فلسطينية، ( مقابل السلام مع الفلسطينيين)على الضفة والقطاع، وقد انسحبت تباعا، مما أتاح تقدّم خطوات بناء مؤسسات سلطة وطنية فلسطينية موحَدة، قبل أن تعمل "بندقية المقاومة" الحمساوية على تقسيمها إلى كيانيين متصارعين ٢٠٠٧!!
٢ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام ٢٠٠٠ ، واستعدادها لترسيم الحدود، باتفاق تسوية مع الدولة اللبنانية.
٣ انسحابها من سيناء في نهاية سبعينات القرن الماضي .
٥ قبول الانسحاب من الجولان السوري كاملا، وقد رفض تسويته السياسية الرئيس الراحل حافظ الأسد لأسبابه الخاصة، الغير مرتبطة ب "سياسات السيطرة الشرق اوسطية" الإسرائيلية !!
مقابل هذا النهج الإسرائيلي الذي يبيّن وجود سياسات استراتيجية تعمل على التنازل عن الجغرافيا مقابل "السلام"، هل حصلت حكومات الاحتلال الإسرائيلي على "السلام" المأمول ؟
١
عندما انسحبت من جنوب لبنان، حوّلته إيران، وبعده ،كامل لبنان، إلى قاعدة لقتال إسرائيل، وفقا لأجنداتها الخاصة !.
٢ عندما انسحبت من غزة، تحوّلت بجهد إيراني إلى قاعدة لقتال إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
٣ مقابل عرض إسرائيلي لمبادلة الجولان بسلام شكلي، استغلّت إيران حراك السوريين عام ٢٠١١، وساهمت في تقسيم سوريا، وحوّلتها الى قواعد لدعم الحرب الإقليمية ضد إسرائيل.
أليس من مصلحة شعوب المنطقة رؤية الوقائع ، وصناعة ثقافة سياسية موضوعية، عوضا عن التحليق في أوهام الإيدولوجيا؟

(٢)-
ربطا بما أكّد عليه وزير الحرب الإسرائيلي الجديد في قوله، خلال اجتماع له مع ضباط هيئة الاركان في الجيش الاسرائيلي، "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في لبنان ولن تكون هناك تهدئة، وسنواصل ضرب الحزب بكل قوة حتى تتحقق جميع أهداف الحرب"،
فقد تضمّنت " رسالة ترامب إلى اللبنانيين " مع يوضّح طبيعة أ هداف الحرب السياسية ، والموقف الترامبي منها :
أ- حديثه عن "سلام حقيقي كي لا تكون هناك حروب كل خمس أو عشر سنوات"، وهذا يعني أن وقف إطلاق النار اليوم لن يكون إلا من ضمن تسوية طويلة الأمد، لا كما كان يحصل سابقًا، و يتوافق مع ما يُعلن إسرائيلياً حول " إجراء المفاوضات السياسية تحت النار "!

ب- تركيزه على "الشراكة المتساوية بين كل الفئات اللبنانية"، يعني بوضوح أنّ واشنطن تسعى للحفاظ على وظيفة حزب الله الداخلية ، في إطار " حياة سياسية ديمقراطية " ، وفي ظل الأعتقاد بواقعية التمييز بين جناحيه السياسي والعسكري؛ وهذا يتناقض مع سياسات الحرب الإسرائيلية ، ورؤيتها لليوم التالي!

3- اعتباره أنه يتعين أن" يعيش اللبنانيون بسلام وازدهار وانسجام مع جيرانهم"، يتوافق مع تطلّعات الإسرائيليين الدائمة للوصول إلى صفقات تسوية سياسية مع الجميع ، دون استثناء!

4- تأكيده على أن "واشنطن ستضمن سلامة وأمن الشعب اللبناني"، يتوافق مع مصلحة اللبنانيين في الخروج من بين دوائر الصراع الإيراني الإسرائيلي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء الفرنسي يدعو النواب لـ-التحلي بالمسؤولية- وحكوم


.. الدعم الجوي الروسي لسوريا.. ما المكاسب التي يسعى بوتين لتحقي




.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح يفوز بجائزة الشجاعة لع


.. رئيس كوريا الجنوبية يلغي الأحكام العرفية بعد تصويت البرلمان




.. تدريبات روسية بفرقاطات وصواريخ فرط صوتية شرق البحر المتوسط