الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-خرابٌ بلا تأشيرات-

محمد هادي لطيف

2024 / 12 / 13
الادب والفن


سوقٌ يبيع الحناجر في وضح النهار
والصمت أرخص البضائع
حبيبتي،
لا تسأليني عن هذه المدينة،
فأبوابها موصدة
حتى بوجه الخرافات التي تنبت على جدرانها.
كل الجباهِ مُغطاةٌ بوشم الذل،
وكل الخطواتِ تقودُ إلى الساحات التي تلتهمُ الأنفاس.

حبيبتي،
الذين ينامون على الأرصفة
يحلمون بالسماء،
لكن السماء هنا تُباعُ أيضًا
مقايضةً ببرميلِ نفط
أو كيسِ قمحٍ مسرطن.

لا تعودي لتسألي عن الوجوه التي قُتلت
بصمتٍ في زوايا الأزقة
أو عن الأرواح التي تبتاعها الجدران
بدراهمٍ مغسولة بالدم.
هنا،
الخراب لا يَحتاجُ إلى تأشيرات دخول
إذ يكفي أن تُولد لتراه أمامكَ
كالضوء الذي يُعمي عيونَ الذاكرة

في زواياها،
تُسطر القصائدُ بأحرفٍ من دم،
وفي أعيننا،
لا يوجد سوى انعكاسُ شمسٍ لا تشرق.
هنا،
نُعلَّقُ على أبوابِ المنازل كخرافاتٍ جديدة
يتبادلها العابرون
كما يتبادل الزناة مفاتيح جهنم.

حبيبتي،
لا تُطري حديث المدينة،
فقد خُنَّا فيها كل شيء،
حتى الله
تحت أقدامنا يصبحُ مجرد شعار.
هنا، نبيع الأرواح
في وضح النهار،
ونأخذ أحلامنا كأثقالٍ إضافية
على ظهورنا المثقلة.

أتعلمين؟
هذه المدينة ليست سوى قفصٍ من صمتٍ،
لا تفتح أبوابها إلا على جثثٍ تئنّ.
في كل زاويةٍ هناك قتيلٌ

وقد تركَ قلبي ليموت أولًا
قبل أن يتدفق الدم.

لكن حبيبتي،
لا تسأليني عن النجاة،
فالسبيلُ إلى العدم أقرب من الحلم.
إني أسيرُ في هذه الأزقة
كما يسير السكارى نحو الكارثة،
لكنني،
وفي كل خطوة، أتمسكُ بكِ
كخيطٍ من ضوءٍ ينقض على ضياءٍ بعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع اقتراب مهرجان الزمن الجميل بدورته الثامنة... الممثلة ميرن


.. -انتصرنا على أمريكا وإسرائيل-.. مراسل الجزيرة يرصد الرواية ا




.. تشييع جثمان الكاتب الكبير محمد عبد المنعم والد الفنان تامر


.. الموسيقى والغذاء في مواجهة المجاعة في السودان




.. ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟ • فرانس 24