الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نترقب إيران جائزتنا الكبرى!

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2024 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لم ينتظر محمد جواد ظريف أكثر من أيام قليلة قبل أن تتبدد الأفكار التي عرضها في مقال مفرط بالثقة أكثر مما ينبغي في “فورين أفيرز” عندما هرب الرئيس السوري بشار الأسد وانكسر المشروع الإيراني في المنطقة.
عرض ظريف قبل أسبوع واحد فقط من هروب الأسد وميليشيات إيران من سوريا، سجادة إيرانية لامعة للمنطقة بوصف “اللحظة الراهنة لحظة تاريخية للاستقرار لا ينبغي أن يفلتها العالم”.
وقال ظريف كمعبّر سياسي “نيّر” للرئيس مسعود بزشكيان، أثبتت إيران أخيرا بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي أنها قادرة على الدفاع عن نفسها ضد أي عدوان خارجي. وللمضي بهذا الإنجاز إلى المستوى التالي، تخطط إيران، في ظل إدارتها الجديدة، لتحسين العلاقات مع الدول المجاورة للمساعدة في إيجاد نظام إقليمي يعزز الاستقرار والثروة والأمن.
ما الذي حصل بعدها؟
جاءت الإجابة من محمد شريعتي دهقان ممثل إيران السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي عندما هاجم حكومة بلاده.
وكتب في مقال رأي على الصفحة الأولى في صحيفة “هام ميهان” وكأنه يرد على ظريف، أن هزيمة بشار الأسد كشفت عن استراتيجية إيران المضللة والمبنية على أسس ضعيفة.
وطالب شريعتي دهقان باتباع نهج جديد يعطي الأولوية لبناء التحالفات مع الدول بدلاً من دعم الجماعات المسلحة، وإعادة توجيه الأموال والموارد إلى الشعب الإيراني.
لا ينتهي الأمر هنا لأن سجادة ظريف اللامعة التي حاكها للمنطقة لن يمر عليها أحد بعد هروب أتباع إيران وانكسار المشروع الممتد من طهران عبر بغداد حتى البحر المتوسط وقطع أي تواصل مع حزب الله في لبنان.
الكاتب الأمريكي توماس فريدمان وهو يعد الجوائز التي تنتظرها المنطقة من انهيار نظام بشار الأسد، يفضل أن تكون إيران أفضل تلك الجوائز وليس هروب الأسد إلى موسكو، والواقع الحالي أكبر مصلحة أمريكية “لا يفكر فريدمان بالمصلحة العراقية”! هذا الأمر أيضا بديهي. فهذه الثورة في سوريا سوف تثير في المدى البعيد انتفاضة موالية للديمقراطية في إيران. وسوف تثير بالتأكيد في المدى القريب صراعا على السلطة بين المعتدلين هناك -أي الرئيس مسعود بزشكيان ونائبه وزير الخارجية السابق جواد ظريف- وبين المتشددين من الحرس الثوري وفق فريدمان الذي يطالبنا أن نصوغ هذا الصراع. فالأحداث في سوريا، فضلا عن هزيمة إيران العسكرية قد تركت طهران عارية. وهذا يعني أنه سوف يتعين على قادة إيران أن يختاروا -بسرعة- بين المسارعة بالقنبلة النووية إنقاذا لنظامهم الحاكم أو التخلص من القنبلة في صفقة مع دونالد ترامب إذا ما استبعد تغيير النظام من الخيارات المتاحة على الطاولة.
سيكون العراق أكبر الرابحين في هذه الوجهة التي نمضي إليها. فاستعادة العراق المخطوف من ميليشيات إيران يعني أن السنوات الأربع المقبلة قد تشهد الدراما النفسية السامة اللانهائية فيما يبدو بين الولايات المتحدة ودول المنطقة وإيران من جهة ثانية.
وكما يبدو أن إيران تمر بأخطر لحظة من عدم اليقين في تاريخها الحديث. فقد سُحِقَت ميليشياتها بالوكالة في سوريا وهربت صوب العراق، فيما يعيش حزب الله اللبناني العصر الأكثر كآبة سياسية في تاريخه، ويبقى الحوثيون مجرد ظاهرة صوتية سيتوقف صراخها عاجلا أم آجلا.
وأصبحت إيران شبه عارية أمام أي هجوم، لكنها أذكى وأجبن في أن واحد من انتظار هذا الهجوم، لأنها ستنصاع في النهاية كما رسمت لنا المصائر السابقة فيما بعد الهجمات الإسرائيلية على طهران، عندما فقد خامنئي والحرس الثوري الإيراني رجولتهم السياسية للرد على إسرائيل أو إنقاذ حزب الله.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لميليشيات الحشد الشعبي في العراق؟ تأتي الإجابة على لسان مسؤول أمريكي رافق وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى بغداد عندما فاجأ حكومة محمد شياع السوداني وهو يحط بطائرة خاصة في مطار بغداد. ثم يستخدم طائرة هليكوبتر تابعة للسفارة الأمريكية للوصول إلى المنطقة الخضراء.
قال هذا المسؤول لوكالة “بلومبيرغ” إن بلينكن منح السوداني فرصة لنجاة العراق من إيران وهي في أضعف حالاتها.
وتبدأ تلك الفرصة حسب بلينكن الذي لم يستخدم طرقات بغداد في التنقل وفضل عليها الأجواء! بالقضاء على تلك الميليشيات وتجريدها من أسلحتها. من دون أن ينسى أن سياسة “العصا والجزرة” مفيدة هنا عندما حذر السوداني بأن الوضع السياسي الهش في سوريا لا يعني أن الولايات المتحدة ستسمح لإيران وميليشياتها في العراق بتمرير قطعة سلاح واحدة نحو سوريا وحزب الله في لبنان.
كانت إيران تمني نفسها بالكثير كما أخبرنا مقال ظريف قبل أيام قليلة من هروب الأسد إلى موسكو، وفق التقسيم السائد منذ احتلال العراق عام 2003، لكنها تعاني اليوم من الإذلال السياسي الخارجي والوهن الاقتصادي الداخلي وفق تعبير مجلة “تايم” الأميركية، فتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ يمنح مثل هذه الأنظمة القوة التي لا مبرر لها على الإطلاق. وكانت قوة نفوذ إيران قد بدأت من العراق حتى سوريا ولبنان.
لكن أن تكون إيران في موقف دفاعي، فهذا هو الوقت المناسب للضغط على ميزة ما كان يسمى منطقة النفوذ. فقد حصلنا على نصف الجائزة بانهيار أحد أتباع طهران، لكننا نترقب الجائزة كاملة وأن تأتي من إيران هذه المرة، ليكون العراق وحده الرابح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف منشآت إيران النووية.. ما الأهداف الخفية لأميركا؟


.. ساري عرابي: السيناريو الأسوأ لإسرائيل أن تستمر إيران في الهج




.. صور لمسيّرة إسرائيلية من طراز هيرمس أسقطتها الدفاعات الجوية


.. الجيش الإيراني يسقط مسيّرة إسرائيلية من طراز هيرمس في مدينة




.. ضربات إسرائيلية مفاجئة.. أهداف عسكرية غرب إيران