الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2024 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يصف “كبار المحللين العراقيين” موقف حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني من الإدارة السورية الجديدة بـ “الحذر” في تعبير مثقل باللغة الواهنة، فأنهم في ذلك يشوهون الحقائق الحالية على الأرض والتاريخية القريبة جدا.
ولسوء حظ العلوم السياسية هناك ما يكفي من المحللين المدافعين عن الخطاب الحكومي بوظيفة “ملفقين” يطلقون العبارات الواهنة ويدركون بأنهم غير قادرين على الدفاع عنها أمام التساؤلات الطبيعية من الجمهور.
حكومة محمد شياع السوداني مهزومة بلا أدنى شك في سوريا، تماما مثل هزيمة إيران وميليشياتها ومثل انكسار حزب الله اللبناني، وهي وفق الخطاب المعلن لزعماء تلك الحكومة كانت تدعم نظام الرئيس بشار الأسد حتى آخر ساعة قبل سقوطه.
بسام الصباغ كان في بغداد في آخر مهمة وظيفية له كوزير للخارجية السورية، قبل هروب الرئيس بشار الأسد. بل إن من بين آخر الاتصالات الهاتفية للأسد وقبل ثلاثة أيام من سقوطه كانت مع رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني!
الأكثر من ذلك أن مسؤولا أمنيا عراقيا في حكومة الإطار التنسيقي أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ ماهر الأسد وصل بطائرة في السابع من كانون الأول إلى بغداد حيث مكث لنحو خمسة أيام قبل أن يتوجه إلى روسيا ويلتحق بشقيقه بشار.
فعن أي “حذر” يمكن أن يتحدث محللو الزمن السياسي العراقي الرث. بينما المعادل الموضوعي لما يسمونه “الحذر” هو “الهزيمة” تماما كالهزيمة التي يشعر بها المرشد الإيراني علي خامنئي وفق صحيفة “كيهان” المعبرة عن آرائه التي اعترفت بأن الشعور العميق بالألم الذي ينتاب الإيراني لفقدان إمبراطورية قاسم سليماني في سوريا ولبنان والعراق يشبه ما شعر به العالم الإسلامي بعد خسارة الأندلس!!
وذلك ما بدأ بالفعل في إيقاف كل من إيران والعراق بتصدير النفط إلى سوريا بعد اليوم الأول للإطاحة بالأسد، الأمر الذي دفع السعودية إلى سد النقص مباشرة.
السوداني كخامنئي يأمل ويعمل ويترقب ويتوقّع “ظهور مجموعة من الشرفاء الأقوياء” في سوريا، وفق تعبير خامنئي فـ “ليس لدى الشباب السوري ما يخسره”.
فمن هم هؤلاء المجموعة التي يتوق لها خامنئي؟ أنهم نوع آخر من الميليشيات الطائفية تعمل على إرباك المرور السلس والمتسامح للثورة السورية التي تحظى بدعم دولي متصاعد من أجل استمرار نجاحها وفق منهج سوريا لكل السوريين.
كل ما يحصل في إيران وفي داخل أروقة حكومة الإطار التنسيقي يختصره تعبير رئيس المخابرات البريطانية السابق MI6 جون ساورز، بقوله “إن ما يحصل اليوم بداية الفصل الأخير لمحور إيران في المنطقة”.
وكتب ساورز في مقال بصحيفة “فايننشيال تايمز” “يبدو أن إيران أصبحت مذعورة، وتفتقر إلى الإرادة والقدرة العسكرية اللازمة للرد، وغير مستعدة للمجازفة بعدم الاستقرار في الداخل بينما تدخل مرحلة انتقالية غير مؤكدة”.
فهل يمكن ألا يكون السوداني وحكومة الإطار التنسيقي إلا في لولب هذا المحور؟
يجيب الكاتب الأمريكي العارف بشؤون الشرق الأوسط توماس فريدمان على هذا السؤال بالقول “إن عواقب نجاح سوريا على العراق وخيمة جدا لأنه يعيش ديمقراطية هشة ومعيبة إلى حد كبير. ومخترق بعمق من قِبَل إيران التي تهيمن على اقتصاده وكانت أكبر الخاسرين بسقوط بشار الأسد”.
يمكن أن نجد بوضوح تام مواصفات تلك هزيمة في مسارعة السوداني للتأثير على الإدارة السورية الجديدة عبر زيارته إلى الأردن ثم إلى السعودية والتأكيد أمام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أن أحمد الشرع يشكل خطرا على السعودية مثلما كان ومازال خطره مستمرا على العراق.
ثم الاتصال المتسارع مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد في محاولة للحصول على دعم لموقف حكومة الإطار من الثورة السورية.
ما الذي حصل بعدها؟
ببساطة متناهية هزيمة “سياسة التحريض” التي لجأ إليها السوداني مع الدول العربية، عندما أرسلت الرياض وفدا سعوديا برئاسة مستشار في الديوان الملكي، للقاء أحمد الشرع في قصر الشعب بالعاصمة دمشق. فيما بادر وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد للاتصال بنظيره السوري الجديد أسعد حسن الشيباني ناقشا خلاله تعزيز العلاقات الثنائية.
وقبلها كان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أول وزير خارجية عربي يلتقي الشرع في دمشق.
لماذا يحصل ذلك؟
ليس لأن إيران وحكومة السوداني فشلت في سياسة التحريض على الثورة السورية، وإنما لأن أحمد الشرع الذي حقق نجاحا مبكرا في الإطاحة بنظام الأسد أعاد اختراع نفسه للحصول على الدعم الدولي من أجل بناء سوريا الجديدة، وفق افتتاحية صحيفة الغارديان البريطانية.
وذلك ما عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بتأكيده أن بلاده على اتصال مع هيئة تحرير الشام وأن “رسالتها للشعب السوري هي: نريد لهم النجاح ونحن مستعدون لمساعدتهم في القيام بذلك”.
بعد كل ذلك دعونا نترقب ما ينتظر الجمهور العراقي من ابتذال محللي الزمن الرث في تعبيرات عن الحذر والنجاح الزائف عندما يتعلق الأمر بمستقبل استراتيجية هيمنة إيران على العراق، بعد أن كسرت في الجنوب اللبناني وتم لفظها في سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفكر إيران في الرد على الاستهدافات الأمريكية للمنشآت الن


.. طفل غزي يودع أسرته: لم يتبقَّ أحد




.. كيف يمكن قراءة الحديث الأمريكي عن الدبلوماسية بعد قصف المفاع


.. ضرب منشآت إيران النووية.. هل يدفع نتنياهو نحو وقف الحرب؟




.. نضال أبو زيد: أمريكا نجحت بتأخير البرنامج النووي لإيران ولكن