الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أدب بلا أسوار
علي دريوسي
2025 / 1 / 10الادب والفن

في عالم غريب يتداخل فيه الأدب بالسياسة والانتماءات، كانت لكل طائفة، ولكل مذهب، ولكل مدينة، ولكل حزب، ولكل تجمع قومي أو أممي كاتب أو روائي يُرفع إلى القمة. ليس بسبب موهبته الفذة أو أعماله الخالدة، بل بالقوة والغيرة والانحياز الأعمى.
في هذا العالم، كانت المدن تعج بمنافسات محتدمة حول "كاتبنا الأفضل".
في العاصمة، كان الكاتب فريد الناصري يُعتبر أيقونة الأدب الوطني. لم يكن أحد يجرؤ على التشكيك في عظمته، ليس لأنه كان الأعظم فعلاً، ولكن لأن كل كلمة تكتب ضد فريد تعني مواجهة مع عشيرته المتعصبة، وحزبه الذي جعل منه رمزًا مقدسًا.
في الأحياء الجنوبية، كانت الروايات مختلفة. هناك، كانت زهراء المنصوري، الكاتبة البارعة التي لم تكتب سوى ثلاث روايات، تُعتبر أعظم من تولستوي، في نظر أبناء منطقتها. لم تكن الروايات الثلاث مشهورة خارج تلك الأحياء، لكن سكانها كانوا يملأون وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية بإشادة لا تنتهي بأعمالها، معتبرين أن أي انتقاد لها هو اعتداء على هويتهم.
أما في الشمال، فقد كان لكاتب آخر قصة مشابهة. في مدينة الجبال الهادئة، كان يوسف الكاظمي يحتل القمة. لم يكن قارئوه كثيرين، لكن عشيرته الغيورة والمتحمسة استطاعت أن تفرضه كواحد من أعظم كتّاب العصر. كانت حفلات توقيع كتبه تتحول إلى مهرجانات قومية، وكانت مقاهي المدينة تزدان بصوره، رغم أن بعض سكانها بالكاد قرأوا أعماله.
بمرور الوقت، أصبحت كل طائفة ومذهب ومدينة وحزب تمتلك كاتبها الخاص. كان الأدب يتحول من فن للتعبير الإنساني إلى ساحة للتنافس والانتصار الرمزي. إذا كتب أحدهم نقدًا لكاتب ما، تقوم العاصفة. كانت المواقع الإخبارية تعج بالمقالات الغاضبة، والجماهير الغيورة تملأ الساحات بالشعارات التي تدافع عن "أديبنا العظيم".
لكن وسط هذا الجنون، كان هناك شاب يُدعى سامر. لم يكن سامر يتبع أي حزب أو طائفة، ولم يكن لديه "كاتب مفضل". كان قارئًا نهمًا يبحث عن الجمال والصدق في الكلمات، بغض النظر عن اسم الكاتب أو انتمائه. وجد نفسه منبوذًا لأنه رفض المشاركة في هذا الصراع.
في أحد الأيام، قرر سامر أن يكتب مقالاً بعنوان "أدب بلا أسوار"، يدعو فيه إلى تجاوز هذه العصبيات، ويحث الناس على قراءة الأدب لذاته، لا لأن كاتبه ينتمي إلى هذه الطائفة أو تلك. نُشر المقال في إحدى الصحف الصغيرة، لكنه أثار زوبعة كبيرة.
تلقى سامر تهديدات من الجميع تقريبًا. اتهمه البعض بأنه يحاول هدم رموزهم الثقافية، ورأى آخرون في مقاله إهانة لكتّابهم المفضلين. لكن وسط هذه العاصفة، وجد سامر دعمًا من قرّاء عاديين، أشخاص يبحثون عن أدب يعبر عن الإنسانية جمعاء.
بدأت حركة صغيرة تنمو حول سامر، حركة تدعو إلى قراءة الأدب بحرية، بعيدًا عن العصبيات والانتماءات. في البداية، كانت هذه الحركة تُقابل بالسخرية، لكنها مع مرور الوقت بدأت تكسب المزيد من المؤيدين.
وهكذا، في عالم انقسمت فيه الأدب والثقافة بفعل العصبيات، كان هناك بصيص أمل ينبثق من حركة صغيرة تقودها فكرة واحدة: الأدب ملك للجميع، ولا يجب أن يكون أداة للفرقة أو التعصب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شجون الهاجري نجمة كبيرة في الخليج.. المخرج محمد سلامة يتحدث

.. الكلاسيكو - الناقد أحمد عثمان : الوداد قدم أداء عالي أمام

.. الكلاسيكو - الناقد أحمد عثمان : الهلال أفضل ..ويمكن هزيمة ا

.. الكلاسيكو - الناقد الرياضي أحمد عثمان يحلل أداء ريال مدريد

.. الكلاسيكو - توقعات مباراة الأهلي وبورتو ؟ أحمد السيد والناقد
