الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمبراطورية الصهيونية الأمريکية

محمد الأزرقي

2007 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


(الحلقة الثانية)

يمكن القول بكثير من الاطمئنان إن الإستراتيجية الغربية تجاه العالمين العربي والإسلامي منذ منتصف القرن التاسع عشر تنطلق من الإيمان بضرورة تقسيم هذين العالمين إلى دويلات إثنية ودينية مختلفة، حتى يسهل التحكم فيهما. لقد غُرست إسرائيل في قلب هذه المنطقة لتحقيق هذا الهدف. فعالم عربي يتسم بقدر من الترابط وبشكل من أشكال الوحدة يعني أنه سيشكل ثقلا إستراتيجيا واقتصاديا وعسكريا، ويشكل عائقا أمام الأطماع الاستعمارية الغربية. وفي إطار الوحدة والتماسك تشكل إسرائيل جسما غريبا تلفظه المنطقة مما يعوق قيامها بدورها الوظيفي، كقاعدة للمصالح الغربية. اما في إطار عالم عربي مقسم إلى دويلات إثنية ودينية، تعود المنطقة إلى ما قبل الفتح الإسلامي، أي منطقة مقسمة إلى دويلة فرعونية في مصر وأخرى أشورية بابلية في العراق وثالثة آرامية في سوريا ورابعة فينيقية في لبنان. وعلى القمة تقف دولة عبرية متماسكة مدعومة عسكريا من الولايات المتحدة في فلسطين.
وفي إطار هذا التقسيم تصبح الدولة الصهيونية الاستيطانية، المغروسة غرسا في الجسد العربي، دولة طبيعية بل وقائدة. فالتقسيم هو في واقع الأمر عملية تطبيع للدولة الصهيونية التي تعاني من شذوذها البنيوي، باعتبارها جسداً غريباً غرس غرساً بالمنطقة العربية. وكما قال شمعون بيريز "لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة مدة نصف قرن، فليجربوا قيادة إسرائيل إذن." وهذه هي الرؤية التي طرحها الصهيوني برنارد لويس الأستاذ في جامعة پرنستون، منذ السبعينيات وتقوم علی أطروحة صهيوني آخر قبله اسمه ليونارد شتراوس الأستاذ في جامعة شيکاگو، والذي توفي عام 1968. وتبنی هذه الرؤية المحافظون الجدد، فأصبحت السياسة الأميركية تدور في إطارها.

ثمَّ جاءت جرائم إرهاب القاعدة في 11 سبتمبر عام 2001 لتفتح الباب علی مصراعيه لاستکمال المشروع الصهيوني من خلال تکريس الوجود العسکري في منطقة الخليج وغزو افغانستان واحتلال العراق وتقسيمه. وتحت سمع وبصر جورج بوش تخلخل كل شيء. وافلتت يد رامسفلد، بتوجيه من الصهاينة، في اطلاق الصواريخ والبوارج في كل مكان. واخذت امريكا حلفاءها الى حرب في حجم حرب عالمية محصورة ولكن غير محدودة. حرب تجري طبقاً لمخطط الفريق الصهيوني في الأدارة الأمريکية الذي يمثله مستشارو البيت الأبيض من امثال هنري کيسنجر وبرنارد لويس ورچارد پيرل وكينيث آدلمان وبل کرستل وجونا گولدبرگ وديفد فرم، وهو کندي کان عمله کتابة خطب الرنيس بوش، وهو الذي جاء بمقولة "دول محور الشر"،. أما نائب الرئيس دك چَيني فهو الآخر قد ازدحم مکتبه بشلة من الصهاينة المتشددين کاستشاريين وعاملين بينهم أضافة الی برنارد لويس، کلٌّ من أرون فردبرگ، الأستاذ في جامعة کولومبيا وألن ديرتوچ الأستاذ بجامعة هارفارد، وسکوتر لفي مدير المکتب ومايکل لـَدين، المستشار الأعلامي. وفي مکتب وزير الدفاع رامسفيلد، الذي تخرج في جامعة پرنستون ودرس علی يد برنارد لويس، عشعشت هناك نخبة من الصهاينة المتعجرفين هم نائبه پول وولفووتز، تلميذ شترواس في شيکاگو، ودوگلاس فايث وديفد شنکر وجوزف ستگليتز وإليوت إبرامز ودانيال پايپ والعقيد جاك جيکوب، الذي أصرَّ ان تتمرکز قواته التي قادها في احتلال العراق في منطقة آثار بابل، لأسباب لا تغيب عن بال من قرأ التاريخ! وفي وزارة الخارجية کان هناك جون بولتون علی رأس قائمة طويلة من الصهاينة الشارونيين، قبل انتقاله الی تمثيل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، رغم ان الکونگرس لم يمنحه الثقة لتمثيل البلد في المنظمة العالمية. أما وکالة المخابرات المرکزية فقد ترکز فيها کلٌّ من پيتر زمرمان وپول پولارد وروبرت سپنسر وبراد ماينر.

هذا وکانت قد جرت بتاريخ 16/10/06 ندوة رائعة ادارها الصحفي التقدمي المعروف سيمور هرش وحاور فيها سکوت رتر مفتش الأسلحة النووية في العراق، ونقلتها محطة التلفزيون العامة (سي سپان). تحدث الأثنان عن دور اللوبي الصهيوني ونفوذه في الأدارة الأمريکية. وتجدر الأشارة الی ان النفوذ الصهيوني في مواقع السلطة العليا ما کان قط حکراً علی الحزب الجمهوري. اذ ازدحمت ادارة الرئيس الديمقراطي بل کلنتون قبلها، کعادة الرؤساء الأمريکيين، بوجوه صهيونية معروفة هدفها السياسي والأيديولوجي "إسرائيل أولاً"، مثل وزيرة خارجيته الکريهة مادلين أولبرايت ووزير دفاعه وليام کوهين ومستشارَيه للأمن القومي انتوني ليك وساندي برگر ومستشاره الشخصي سدني بلومنثول وکبير مفاوضيه في القضية الفلسطينية (!) دنيس روس وسفيره في اسرائيل مورن أندك، وهو صهيوني استرالي، وديدي مائير، المتحدثة الأولی للبيت الأبيض، والمستشار الأعلامي ستيوارت روثنبرگ، وآخرين کثرٌ لا تحضرني اسماؤهم.

ومن المؤلم حقاً انه في الوقت الذي تواصل فيه الصهيونية العالمية استکمال سيطرتها الشاملة وتحقيق مشاريعها العدوانية وخططها في الأستحواذ علی ثروات شعوب المعمورة وقدرها، ما زال العرب والمسلمون يتقاتلون حول من کان أجدر بخلافة الأسلام والمسلمين بعد وفاة النبي محمد! لکنه برغم کل ذلك أجد من المناسب التذکير بان سياسة الحرب على الارهاب قد انتهت بالفشل لأنها غطاء لفرض هيمنة أميركية واسرائيلية على المنطقة، کما فشلت السياسة الخارجية الأميركية التي خطفها متطرفون صهاينة اسرائيليون في الادارة وحولها. يستطيعون أن يقولوا ما يشاؤون، إلا أن الأقوال لن تغير حقيقة أن الولايات المتحدة خسرت الحرب في العراق، وأن هذه الحرب دفنت نهائياً أحلام الأمبراطورية الصهيونية الأميركية التي سعى إليها المحافظون الجدد. وليس أدل علی هذا الفشل الذريع من اعتراف مخططي الحروب والغزو في الأدارة الأمريکية ذاتهم، وفي المقدمة منهم البغيض رچارد پيرل. فقبل أيام قليلة من بدء التصويت في انتخابات الكونگرس الأخيرة‏، تعرض الحزب الجمهوري الأمريكي‏ وزعيمه جورج بُش‏، لضربات موجعة اثرت علی فرص الحزب في الاحتفاظ بالأغلبية في مجلسي الكونگرس‏.‏ فقد ذكرت مجلة "فانيتي فير" الأمريكية أن رچارد پيرل مخطط الحرب علي العراق‏‏ وغيره من صقور المحافظين الجدد‏ تراجعوا عن تأييدهم للحرب علی العراق‏‏ وانتقدوا سوء تعامل الإدارة الأمريكية مع الوضع هناك حاليا‏.‏ وقال پيرل إنه "كان سيقترح دراسة استراتيجيات أخری للتعامل مع الوضع‏ لو كان يعلم أن الأمور ستصل إلي هذا الحد‏."‏ وذهب پيرل الی حد المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الفشل بالإدارة الأميركية، بمن فيهم الرئيس جورج بُش، قائلا "في نهاية الأمر يجب محاسبة الرئيس. فلا أعتقد أنه أدرك حجم المعارضة داخل إدارته ولا حجم عدم إخلاص بعض مسؤوليها"، موجها اتهاما خاصا إلى مجلس الأمن القومي الذي كانت تديره كوندوليزا رايس. واكتفى الناطق باسم البيت الأبيض گوردن جوندرو بتعليق مقتضب، مذكرا بأن "للرئيس الأميركي خطة للنجاح في العراق ونحن ماضون قدما فيها".

غير أن پيرل ليس الصهيوني الوحيد الذي راجع آراءه وتراجع عنها. فهناك أيضا كينيث آدلمان الذي كان مستشاراً لريگن ولبُش الأب ومن ثم لبُش الأبن. لقد حمل آدلمان على وزير الدفاع المستقيل دونالد رامسفيلد ومسؤولين آخرين قائلا إنه "تبين أنهم من أسوأ من خدم في مرحلة ما بعد الحرب". ثم أضاف آدلمان إن إحدى أشد اللحظات بغضا إلى قلبه كانت "عندما قلد بُش ميدالية الحرية لجورج تينيت (مدير المخابرات السابق) وللجنرال تومي فرانكس وپول بريمر (الحاكم الأميركي للعراق)"، وهو ثلاثي وصفه بـ "أسوأ من خدم في مناصب رئيسية على الإطلاق". وتعدى السخط على سياسة الإدارة الأميركية بالعراق إلى نشرات موجهة للجيش أشارت إلى أن القادة العسكريين بدأوا يجهرون بسخطهم على الطريقة التي أعدت بها الحرب على العراق وخيضت. وقالت افتتاحية نشرت الاثنين 6/11/2006 بأربع نشرات عسكرية إن "رامسفيلد فقد مصداقية قيادة الجيش ومصداقية الجنود والكونگرس والرأي العام"، داعية الرئيس بُش إلى "مواجهة الحقيقة المدمرة"، بغض النظر عن الحزب الذي سيفوز بانتخابات الكونگرس النصفية التي جرت في اليوم السابع من شهر تشرين الثاني.

ولقد انضم الی جوقة المعارضين الجديدة داعية الحرب الصهيوني توماس فريدمان نفسه. ففي مقالة بعنوان "هل اصبحت بلادنا جمهورية موز!"، نشرتها النيويورك تايمز بتاريخ 4/11/2006، يقول فريدمان مايلي: "ما هو الامر الاكثر اهانة لرجالنا ونسائنا العسكريين من ارسالهم الى حرب بدون معدات مناسبة، مما دفع عددا من الجنود في الميدان الى شراء الدروع الشخصية، وتجهيز سيارات الجيب بدروع معدنية من الحديد الخردة، بحيث لا تؤدي قنابل الطريق في العراق الا الى تشويههم مدى الحياة وليس الى مقتلهم؟ وما هو الامر الاكثر اهانة من رد فعل دون رامسفلد للانتقادات بأنه ارسل قواتنا بسرعة وبلا استعداد؟ والجميع يتذکر ردَّه علی سؤال لأحد الجنود "انتبه، تذهب للحرب مع الجيش الذي لديك ـ انس الموضوع!" ما هو الامر الذي يمكن ان يصبح اكثر اهانة لرجالنا ونسائنا اكثر من ارسالهم للحرب في العراق، بدون اية خطة شاملة لمرحلة ما بعد الحرب لاعادة التنظيم السياسي هناك، بحيث اصبحت القوات الاميركية، لا تتحمل المسؤوليات الامنية للعراق كله فقط، بل اعادة تشكيل البنية السياسية ايضا؟"

ثم يمضي فريدمان الی القول "وما هو الامر الاكثر اهانة لرجالنا ونسائنا في العراق من ارسالهم لحرب ثم نمول نفس الاشخاص الذين يقاتلون ضدهم عن طريق استهلاكنا النهم للنفط؟ لقد ابلغنا جورج دبليو بُش اننا مدمنون على النفط، ولكنه لم يبذل أي شيء مهم، مثل المطالبة بتقليل استهلاك السيارات للپترول من ديترويت، وفرض ضريبة بنزين او استغلال ضغوط البيت الابيض لمزيد من الحفاظ على البيئة، لانهاء هذا الادمان. ولذا نستمر في تمويل المؤسسة العسكرية الامريكية بدولارات دافعي الضرائب، بينما نمول ايران وسورية (!!!) والجوامع الأصولية ومدارس القاعدة بمشترياتنا من الطاقة." ولا أدري متی کانت سوريا تنتج النفط وتبيعه في الأسواق العالمية!

لقد جاءت الأشارة الی فشل المشروع الصهيوني في العراق خاصة، وفي الشرق الأوسط عامة وقت تصدی الصحفي المخضرم بوب وودورد لتقييم المغامرة الصهيونية في العراق في کتاب عنونه بـ "حالة أنکار". وودورد هو احد الصحفيين اللذين فضحا قضية "ووتر گيت" التي اطاحت بحکم الرئيس نکسون. کتب وودورد في تقديم الکتاب ان أمريکا "دخلت العراق بدون تخطيط كاف لفترة ما بعد الحرب، واستمرت مشكلات العراق تتفاقم بدون حلول في ظل انشغال رامسفيلد وإصراره على هدف واحد، وهو سرعة سحب القوات وتقليل وجودهم في العراق بأي ثمن." التدقيق في مضمون الكتاب وقراءة أكبر عدد من فصوله تعطي انطباعا بأن المشكلة أكبر بكثير من رامسفيلد، حيث يرسم وودورد على صفحات متفرقة من كتابه صورة متكررة ومقلقة لأسلوب صنع القرار في إدارة جورج بُش الأبن. فهو يصوره بشكل منتظم على أنه رئيس لا يمتلك الخبرة الكافية، ويفوض صلاحيات كبيرة لوزرائه. يشير وودورد بشكل متكرر إلى أن المسؤولين عن عراق ما بعد صدام ، مثل گاي گارنر، صُدموا عندما التقوا بُش لأنه ببساطة لم يسألهم عن شيء، فهو في العادة يستمع لهم ويبتسم ويساندهم ويسألهم أسئلة شخصية بسيطة لا تمت لموضوع النقاش بصلة، ثم يمضي دون أن يسألهم في التفاصيل الحقيقية أو يشجعهم على الحديث في القضايا المهمة المثيرة للجدل.

كما يتحدث وودورد عن سلوك غريب يشبه سلوك الطاعة أو الخوف أو الولاء أو الهيبة في مجلس الرئيس، الذي ينتاب كثيرا من مساعدي بُش عند الحديث معه ويمنعهم من مناقشة القضايا الكبرى والخلافية. وهو سلوك يشعر القارئ بأن ثقافة النظام السياسي في أميركا لا تشجع النقاش الحر كما هو مفترض. فعندما أنهى رامسفيلد وچيني خدمات گاي گارنر، وعاد الأخير إلى واشنطن، وطلب بُش اللقاء معه، لم يخبر گارنر بُش إلا بكل ما هو جميل عن العراق على الرغم من معرفة گارنر بالعكس. كما يذکر وودورد كولن پاول وزير الخارجية القوي الذي ذهب إلى الأمم المتحدة لإقناع العالم بوجود أسلحة دمار شامل بالعراق بناء على استخبارات ضعيفة جدا. کما يذکر أن جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، كان على علم بمبالغة بُش وچيني في استخدام قضية أسلحة الدمار الشامل لتبرير الحرب على العراق وفكر في الاستقالة، ولكنه تراجع خوفا من أن يوصف بأنه تخلى عن المسؤولية وبلده على أبواب الحرب.

وما دمنا بصدد "الأنکار" فقد نشر صحفي آخر مقالة في الموضوع العراقي أيضا إنما في إطار آخر، إذ وجّه روبرت فيسك انتقادا لاذعا ‏للرئيس الأمريكي جورج بُش متهما إياه في مقال في صحيفة الـ"اندپندنت" بأنه "مثل ‏هتلر وبريجنيف، يعيش حالة نكران".‏ ويصف فيسك في بداية مقاله المشهد التالي، "أكثر من نصف مليون قتيل، جيش يتخبط في ‏أكبر هزيمة له منذ حرب فيتنام، سياسة للشرق الأوسط دُفنت في رمال بلاد الرافدين، ولا ‏يزال جورج بُش ينكر! كيف يمكنه فعل ذلك؟"‏ ويستعيد كاتب المقال "المتنكرين" الذين مروا عبر التاريخ "والذين تجمعهم الحماقة ذاتها ‏عندما تواجههم الكوارث بإثباتات دامغة، يلتجئون إلى الخيال، مقتنعين أنه طالما يعدهم ‏جنرالاتهم بالنصر، فإن القدر سيلين لصالحهم".‏ ويذكر فيسك في مقاله الرئيس المصري جمال عبد الناصر "الذي أصر أن بلاده تربح حرب ‏‏الستة أيام في عام 1967" بعد ساعات على تدمير الإسرائيليين سلاح الجو المصري بالكامل. ثم يذکركذلك الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر الذي كان يمتدح إيران الشاه على ‏أنها واحة استقرار في المنطقة، وذلك قبل أيام من قيام الثورة الإسلامية التي أتت بالخميني الی السلطة. أما الرئيس الروسي ‏ليونيد بريجنيف،" فقد أعلن انتصار الاتحاد السوفياتي في أفغانستان بينما كان أسامة بن لادن ‏ومقاتلوه يحتلون قواعد القوات الروسية".‏
وبينما يشبّه فيسك ولاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لبُش بوفاء وزير الإعلام ‏العراقي السابق محمد سعيد الصحاف لصدام حسين، يعتبر أن المالكي "يتلقى إطراء خاطئا من ‏الرئيس الأمريكي شبيها بالإطراء الذي كان ناصر وبريجنيف يفيضان به على جنرالاتهما".‏ ‏ويتطرق صحافي الـ"اندپندنت" إلى موضوع الانسحاب الأمريكي من العراق معتبرا أنه لن ‏يكون بأي حال "انسحابا لبقاً بل أنه سيكون مجرد انهيار دموي ورهيب للقوة العسكرية."‏ وقابل فيسك بين انسحاب وزراء شيعة من حكومة المالكي وانسحاب الوزراء الشيعة من ‏حكومة أخرى مدعومة من امريكا وهي الحكومة في بيروت "حيث يخشى اللبنانيون أيضا ‏صراعا مروّعا ليس لواشنطن فيه أي سيطرة سياسية أو عسكرية".‏ أما الجملة الأخيرة التي يختتم فيها روبرت فيسك مقاله فهي "إنما الخيال لا يعرف حدودا".‏

ودائما ما تسمع كبار المسؤولين في الإدارة، بما في ذلك دونالد رامسفيلد نفسه، يقولون إن "القرار قادم من أعلى"، وإنهم لا يستطيعون تغيير القرار حتى مع شعورهم بأنه قرار غير سليم. فصناعة القرار هي نهاية النقاش والنقاش محدود، والهدف هو تنفيذ القرار حتى لو كان غير صحيح. وعندما تحدث الأخطاء وهي عديدة يجب التكتم عليها. أما أكبر المتكتمين على الأخطاء فهو الرئيس بُش نفسه، الذي يصر على التفاؤل والحديث الإيجابي دائما حتى أمام كبار مساعديه، وكأنه يدير حملة انتخابية طوال الوقت. الحلقة المتبقية والمهمة في دائرة صنع القرار بإدارة بُش تخص نائب الرئيس دك چيني، الذي يشارك صامتا في اجتماعات بُش المهمة، فلا يسأل ولا يشارك ما دام بُش يتحدث. وبُش في العادة يتحدث عن أشياء سطحية. وبعد الاجتماع يستدعي چيني الخبراء ويسألهم الأسئلة الدقيقة والصعبة التي كان من المفترض أن يسألها بُش، ويطلب منهم أن يساعدوه على البرهنة على نظريات عديدة يؤمن بها بناء على مصادر غير معروفة، مثل نظرية أن صدام على علاقة بالقاعدة، وأن صدام هرَّب أسلحة الدمار الشامل خارج العراق، علی الأرجح الی سوريا، کما يروج لذلك لاعبو الشطرنج الصهيوني في البيت الأبيض والکونگرس وإعلامهم.

وفي حين ان الکثير من الكتاب والمعلقين العرب قد قالوا مثل هذا الكلام مرة بعد مرة، فإننا رأينا إثنين من الأكاديميينِ الأميركيينِ البارزينِ هما جون ميرزهايمر وستيفن والت يكتبان دراسة جريئة عن "لوبي اسرائيل" وسيطرته على القرار الأميركي في الشرق الأوسط. تتألفّ الدراسة من 83 صفحة وتمّ نشرها عبر جامعة هارفرد في منتصف شهر آذار 2006 . وحين مورس الضغط الصهيوني علی هارفارد أعلنت الجامعة برائتها من مسؤلية االنشر، فتمت اعادة نشر نسخة معدّلة عن الدراسة فيما بعد في مجلة لندن ريفيو اوف بوكس في العدد 23/6/2006. الدراسة تنقسم نظريا الي ثلاثة أقسام. القسم الاوّل تحدّث عن دعم الولايات المتّحدة لاسرائيل وعن كونها عبئا استراتيجيا عليها. امّا القسم الثاني فتحدّث عن قوّة اللوبي الاسرائيلي ومناصريه داخل الولايات المتّحدة وعن استراتيجياته للتأثير علي مراكز صنع القرار. القسم الثالث تناول انعكاسات قوّة هذا اللوبي علی سياسة امريكا الخارجية والدور الذي لعبه في الحرب علی العراق واحتلاله، والضغوط الأمريكية علي سورية وايران.

الدراسة قائمة علي مصادر مهمّة عدة من بينها علماء وصحافيون إسرائيليون، ومنظمات دولية معنية بحقوق الإنسان، وشهادة من اللوبي نفسه وتأييد من دبلوماسيين لهذه الشهادة. ويتساءل معدّاها لماذا تتخلی الولايات المتّحدة عن امنها القومي ومصالحها في العالم وتعطي الأولوية لاسرائيل دائما؟ ويجيبان علي هذا السؤال بالقول انّ السر يكمن في قوّة اللوبي الاسرائيلي في واشنطن ومناصريه. تقول الدراسة ان الولايات المتحدة قامت منذ الحرب العالمية الثانية بمنح 140 مليار دولار دعما لإسرائيل. وتعترض الدراسة علی الفكرة القائلة بأن إسرائيل تمثل حليفا حيويا لأمريكا في الحرب علی الإرهاب، بل يُرجع المؤلفان المشاكل التي تعاني منها امريكا الي اسرائيل فيقولان "فمشكلة الولايات المتحدة مع الإرهاب ترجع في جزء كبير منها إلي كونها متحالفة بقوة مع إسرائيل، وليس العكس." وتشير الدراسة أيضا إلی دعم واشنطن الثابت لإسرائيل في الأمم المتحدة، حيث تقول إنه منذ عام 1992 استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو ضد 32 قرارا لمجلس الأمن ينتقد إسرائيل. وهذا عدد يفوق مجموع مرات استخدام الفيتو من جميع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن. كما أعاقت الولايات المتحدة جهود الدول العربية لوضع الترسانة النووية الإسرائيلية علی أجندة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. تتحدث الدراسة عن مصادر قوة ونفوذ لوبي إسرائيل داخل أمريكا وتعزو ذلك الی وجود بعض ممثليه بالكونگرس الأمريكي وامتلاكهم منظمات لوبي قوية وعلی رأسها الـ أيباك . كما تتحدث عن وجود ممثلي اللوبي داخل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وعن قدرتهم علي معاقبة معارضيهم ومنتقدي إسرائيل وحرمان بعضهم من الحصول علی الترشيحات والمناصب السياسية أو إسقاطهم من عضوية الكونگرس، کما حصل للبعض منهم ممن تجرأ علی نقد سياسة الأحتلال الأسرائيلي وسياساتها التعسفية.

کما وجدنا ان مهاجمة رأي الأستاذين، والتهديدات التي استقبلا بها والنباح الذي يلاحقهما حتى اليوم، والأسماء المعارضة المعترضة، كلها دليل قاطع على صحة كلامهما. نقول ذلك في وقت يستعد فيه فريق صهيوني مناوب لتولي قيادة الکونگرس بمجلسيه من النواب والشيوخ. ويضم هذا الفريق نانسي پُلوسي وچالز شومر وجو لبرمان وهيلاري کلنتون وجو بايدن وکارل لفين وتوم لانتوس ودايان فاينشتاين ودنگل واکسمان وهاري ريد وجين هرمان ورام إمانيول وباربرا بوکسر وکرس دَود ورَس فاينگولد ومايکل روبن وفرانك روز وجون کايل، وغيرهم. فلا تخالوا الديمقراطيين أكثر عطفا علينا، فإبادتنا هدف لا يختلف عليه الجمهوري والديمقراطي في الإدارة الصهيونية الفاشستية للولايات المتحدة الأمريكية. الخلاف بينهما ليس حول مبدأ السيطرة على منطقتنا، لكنه حول التوقيت والكيفية، حتی وإن انفجر رامسفيلد من الداخل وتناثر غير مأسوف عليه من أصدقائه قبل أعدائه، كأنه قد نال مع صديقه صدام، حكما بالإعدام "استقالة حتى الموت"، کما کتبت الأستاذة المصرية صافي ناز کاظم في مقالة لها بتاريخ 12/11/2006! صحيح أن بُش انتهى يوم دخل العراق بتخطيط صهيوني، ولم يعثر على مسدس نووي او سكين اشعاعي او بيضة ذرية مهترئة. دخل الحرب بذريعة أسلحة الدمار الشامل التي قد تهدد أوروبا وربما أميركا وخصوصاً اسرائيل. ولم يقبل تقرير المفتشين الدوليين الذي يقول انه لا سلاح ولا بيض ذري فاسد. ولم يترك المفتشون ورقة في سجن او معتقل او حقل او مطعم مسقوف إلا وفتشوها. ومع ذلك قال للناس انه ذاهب لتدمير التدمير على طريقة الغارات الاسرائيلية الوقائية. لقد أصغى الى برنارد لويس، ذلك المحرض الصهيوني التاريخي الحاقد والساحر في طريقة إعداد السم لآكله ولضحاياه معاً. وعندما ذهب الامريكيون للاقتراع الأخير رفضوا ان يقترعوا لرجل سمح لنفسه بأن يُخدع ثم بأن يخدعهم.

ومن حسن الحظ أن العدوى العربية لم تصل الى الناخب الاميركي بعد، وإلا لكان نزل في شوارع واشنطن ونيويورك يهتف للجثث العائدة لجنوده القتلی في العراق "بالروح بالدم نفديك يا شهيد!" فشکراً لسمير عطا الله الذي يذکرنا ان العروبة ترقص في بغداد على إيقاع فرح إيراني، ولم نعرف ماذا بقي من ارواح بعد كل تلك الهزائم. لقد احتلت صور صدام مهزوما (رمزيا عندما سقط تمثاله في بغداد، وشخصيا عندما اخرج من الحفرة، وقانونيا عندما حكم عليه بالأعدام لجرائمه ضد الأنسانية، رغم تحفظنا الشديد علی إجراءات المحکمة واسلوب تنفيذ قرارتها وتوقيت الأعدام)، أقول احتلت هذه الصورمكانها بين تشكيلة أكبر من صور هذه الحرب. ولكن ما زال يتعين علی الأدارة الأمريکية أن تقدِّم ما يريده كثير من الناس، صورة أخيرة تلخص الصراع بطريقة يمكن أن يتعايش معها الجميع. وفي حرب مسيسة ومثيرة للجدل ويصعب التكهن بها، قد لا تأتي تلك الصورة أبدا.

واذا كان العناد خطة، فجورج بُش عنده خطة، وقد سمعناه يتحدث عن "المضي في الطريق"، حتى
وهو يرى العراق يُدمر ويُقتل مئات الألوف من ابنائه، مع نحو ثلاثة آلاف جندي أميركي وحليف حتى الآن. خطة الرئيس أدت الى شنّ حرب غير مبررة على العراق، مع عدم وجود أسلحة دمار شامل أو علاقة مع القاعدة. ويقتبس الکاتب جهاد الخازن الرئيس بُش الذي قال صراحة "نحاربهم هناك حتى لا نحاربهم في شوارع المدن الأمريكية". أي انه اختار کاذباً تدمير العراق وقتل أهله، من دون أي علاقة لهم بارهاب 11/9/2001 أو إبعاد شبح الارهاب عن بلاده، ولکن لأن اسرائيل وحماتها علی الأرض الأمريکية أرادوا ذلك.

إن لم يكن هذا الموقف كافياً لتحويل صاحبه الى محكمة جرائم الحرب الدولية، فإن البقية تضمن الإدانة، لأن الحرب الأميركية على الارهاب زادت الارهاب حول العالم، وجعلت من العراق مركز تجنيد للارهابيين، وتركت العالم، وخصوصاً الولايات المتحدة، يواجه أخطاراً لم تكن موجودة قبل ان يبدأ جورج بُش الغبي حربه. ومع سيطرة الديموقراطيين الآن على مجلس النواب، فمن المتوقع أن تقوم لجان تحقيق باستدعاء أركان الإدارة لمحاسبتهم. غير ان الديموقراطيين لم يعلنوا فعلاً خطة واحدة إزاء العراق، الا ان كل خططهم تشمل خفض القوات الأميركية هناك والانسحاب تدريجاً. ونجاح هذه الخطة أو فشلها يجب ان يترك للمستقبل. فالرئيس بُش آخر من يقرأ الغيب، مع كل فشل منيت به ادارته. ويتبع هذا انه اذا كان الديموقراطيون ضعيفين في مواجهة الارهاب فهم لن يزيدوه كما فعل الجمهوريون.

وأجد نفسي متفقاً مع الخازن بأنه شخصياً لا يتهم جورج بُش الابن بشيء، الا إذا كان الجهل تهمة. وأنا لا أتهمه مع اننا دفعنا ثمن جهله في العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وكل مكان. غير ان الناخب الأميركي وجد، مع العراق، أسباباً أمريكية للابتعاد عن الجمهوريين وما عندهم من "قيم" لا علاقة لنا بها أو لا تهمنا. في السنوات الست الماضية من ادارة بُش، وتحديداً في السنتين الأخيرتين، حيث تراكمت الفضائح، بما قصر عنه بيل كلينتون والديموقراطيون. لقد اعترف عميل اللوبي الصهيوني جاك ابراموف بالتآمر والاحتيال والتهرب من الضرائب، وسقط معه توم ديلاي، الرئيس السابق للكونگرس، لتعامل اثنين من مساعديه مع ابراموف، ولمخالفته هو قوانين تمويل الحملات الانتخابية في تكساس. ثم سقط النائب الجمهوري بوب ناي في فضيحة ابراموف نفسها. وأَعتبر فضائح شركة هاليبرتون شركة دك چيني، أهم وأكبر، الا انها لم تبرز في الانتخابات على رغم تقارير رسمية أميركية عن السرقة والفساد والرشوة في أعمالها في العراق.

ثم كانت فضيحة النائب المنحرف جنسياً مارك فولي، وهو جمهوري من فلوريدا، استقال بعد ان ثبت تحرّشه بسعاة من الاولاد الذين يرسلهم أهلهم للتدرب في الكونگرس. كانت فضيحة مدوية انفجرت قبل أسابيع قليلة من الانتخابات، الا ان دويها هبط تدريجاً. وتنفس الجمهوريون الصعداء، ثم فوجئوا عشية الانتخابات بفضيحة المبشر تيد هاگاراد، وهو رئيس مجموعة مسيحية محافظة تمثل جزءاً مهماً من القاعدة الانتخابية لبُش. لقد تبين ان هذا القس مارس الجنس مع ذكور مقابل أجر معلوم، وتبيّن ان هاگاراد هذا كان وثيق الصلة بالرئيس، وبينهما اتصالات أسبوعية للتشاور. طبعاً الرئيس بُش بعيد عن مثل هذه الامور منذ ترك الخمر والمخدرات عندما بلغ الأربعين، أي قبل حوالى 20 سنة. إنَّ عيبه هو الجهل، الى درجة تسليم القيادة الى متطرفين صهاينة قادوا الولايات المتحدة نحو الخراب. وهو قال يوماً ان أجمل ذكرى له في الحكم كانت عندما اصطاد سمكة كبيرة في مزرعته في تكساس!

غير ان بُش ليس "كاوبوي" حقيقياً، فهو أصلاً من منطقة الولايات الراقية في شمال شرقي البلاد. وتكساسيون كثر ينكرون ان يكون منهم، فهم يرونه كاوبوي "يلبس قبعة من دون قطيع من البقر!" وسواء لبس الرئيس قبعة أو قلنسوة فأمر لايهمنا. ما يهمنا حقيقة هنا هو الدم الجارف لأکثر من 650 ألف قتيل عراقي، بالغارات الجوية، بالنسف، بالسيارات المفخخة، بالكمائن الطائفية والمذهبية، بعمليات الدهم والمطاردة اليومية. أكثريتهم الساحقة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و40 سنة، والذين كانوا سيشكلون بعضاً من أمل العراق في غده. وكل ذلك بفضل الاحتلال الأميركي وبإشرافه المباشر وبرعاية أكاذيب الرئيس الأميركي عن مسيرة العراق إلى الاستقرار!

الموضوع باختصار أن الوطن العراقي برمته بأرضه وشعبه وسيادته وحرمته ومقوماته وتراثه وحضارته وراهنه ومستقبله يتعرض إلى أوسع وأقذر وأبشع مجزرة عبر التاريخ. إنها المحارق العراقية تتدحرج وتتضخم بأبشع صورة أمام العرب والعالم. والقضية انه ليس ما يزعم الرئيس، أو يُزعم له، أن العرب والمسلمين "يكرهون حريتنا" أو "إنهم يكرهون قيمنا"، فهم في الحقيقة لا يكرهون ما تـُمثل أمريکا وإنما يكرهون ما تعمل أمريکا بأمر صهاينتها المتمترسين في واشنطن أو في تل أبيب. ومأساة أمريکا، بل الأحری مأساة العالم أجمع، ان أمريکا اختارت في بداية القرن الحادي والعشرين رجلا لا يقرأ التاريخ ولا يعرف الجغرافيا. ويريد ان يغير عالماً لا يعرف عنه شيئا، الا ان الصهاينة المحيطين به، من الذين يعانون من شبق التسلط علی العالم، أوحوا له بأحلام الأمبراطورية.

(للمقال بقية)
المصادر التي ورد ذکرها في المقالة:
1. جانيس ج. تيري، السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، دور جماعات الضغط ذات الاهتمامات الخاصة، ترجمة حسان البستاني، الدار العربية للعلوم، بيروت، الطبعة الأولى 2006، مراجعة ابراهيم غرايبة.
2. نعوم چومسكي، طموحات إمبريالية، ترجمة عمر الأيوبي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى 2006، مراجعة ابراهيم غرايبة.
3. جهاد الخازن، "تخلوا عن بوش"، الحياة 9/11/2006.
4. هاشم صالح، "المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي، تقسيم المنطقة إلى طوائف وأعراق"، الشرق الأوسط 11/11/2006.
5. سمير عطا الله، " لأنه خدعهم"، الشرق الأوسط 12/11/2006.
6. . توماس فريدمان، هل اصبحت بلادنا جمهورية موز، نيويورك تايمز، 4/11/2006.
7. روبرت فسك، "الإنكار واللجوء إلى الخيال"، الأندپندنت، 7/12/2006
8 . نيل فيرگسون، الصرح: ارتقاء الإمبراطورية الأميركية، ألن لين، بريطانيا العظمى، الطبعة الأولى 2004، مراجعة مکتب کمبرج.
9 . صافي ناز کاظم، "اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"، الشرق الأوسط 12/11/2006.87. روبرت موري، رمال الإمبراطورية، سيمون آند شيستر، نيويورك، الطبعة الأولى 2005، مراجعة علاء بيومي.
10. بوب وودورد، حالة إنكار: بوش في حرب: الجزء الثالث، الطبعة الأولى، سبتمبر 2006، سيمون آند شيستر، مراجعة علاء بيومي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي