الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صراخ باحميد وصمت الجبناء للقاص عبد النور إدريس
عبد النور إدريس
كاتب
(Abdennour Driss)
2025 / 1 / 29
الادب والفن
صراخ باحميد وصمت الجبناء
الحلقة رقم3
قصص قصيرة للقاص: ادريس عبد النور
1. لقاء على عتبات الضوء
في زاوية أحد "الباركينات" المفتوحة، حيث تلتقي أضواء السيارات المتراقصة مع صدى المدينة المتثاقل، جلس باحميد في سيارته الصغيرة، كعادته، يثبت هاتفه على حامل بلاستيكي، ويبدأ بثه المسائي-الليلي. بوجه مكفهر، وعينين موقدتين، راح يصرخ كعادته:
— "لا لإضافات المتابعة! لا للمجاملات الرقمية! إما أن تتابعني لأنك مقتنع، أو لا تفعل أبدًا!"
كان صوته يقطع الهواء مثل نصل حاد، يقتحم التيارات الرقمية كما لو أنه يثور ضد نظام أزلي غير مرئي. جاءه التعليق الأول سريعًا: "خفف علينا يا باحميد، نحن هنا للمتعة، لا للفلسفة!" لكن باحميد لا يهتم، فهو مقتنع أن الصراخ هو أسلوب حياة، وأن منصات التواصل ليست سوى امتداد لحناجرنا المكبوتة ولعقولنا المهشمة.
على بعد أمتار، عند إحدى طاولات مقهى أمستردام، كان يجلس نوري 19، أستاذ الفلسفة، يتابع بث باحميد وهو يحتسي قهوته ببطء. رفع حاجبه قليلًا، ثم أرسل تعليقًا مستفزًا: "باحميد، أليس انسحابك من المنصة بلا صراخ أشبه بميتافيزيقا الجبناء؟"
2. جدل في الهواء الطلق
لم تمضِ سوى ثوانٍ حتى انفجر باحميد في وجه الكاميرا، كمن تلقى تحديًا وجوديًا:
— "نوري 19! هل تعتقد أن الصراخ ليس فلسفة؟! أنا لا أنسحب؟ لا لا، أنا أقاوم!"
نقر نوري على زر الانضمام للحديث، فظهر وجهه الهادئ، بنظارته المستديرة ولمعان عينيه المتقدتين، وقال بصوت متزن:
— "باحميد، أليس الانسحاب من الضجيج نوعًا من التعبير؟ أليس الصمت شكلًا من أشكال الاحتجاج أيضًا؟"
ضحك باحميد ساخرًا، ثم هز رأسه وقال:
— "الصمت؟ الاحتجاج الصامت؟ تلك رومانسية الجبناء! الحياة ضوضاء، وإن لم تصرخ فأنت غير موجود!"
ابتسم نوري وقال:
— "أنت تقر بأن منصة تيك توك صورة مصغرة للحياة، أليس كذلك؟"
— "نعم، بكل تأكيد!"
— "إذن، إذا كانت الحياة متنوعة، فلماذا تحصرها في الصراخ؟ أليس من حق الآخرين أن يعبروا بأساليبهم؟ ألا يحتوي نظام التفاهة على المنسحبين مع الضجيج"
توقف باحميد لحظة، نظر إلى عدد المشاهدين الذين بدأ يزداد، ثم قال بصوت خافت، لكنه محتد:
— "يا نوري، أليس فيلسوفك نيتشه هو من قال إن الحياة إرادة قوة؟!"
— "بلى، لكنه لم يقل إن القوة هي الصراخ فقط! القوة قد تكون في القدرة على الصمت أيضًا، في معرفة متى تتحدث ومتى تسكت!"
صمت باحميد للحظة، لكنه لم يستطع أن يستسلم، فقال:
— "نوري، تيك توك ليس مكانًا للحكمة، إنه مكان للصراخ، للضجيج، للحياة بكل جنونها!"
رد نوري بابتسامة هادئة:
— "إذن، يا صديقي، نحن متفقان في النهاية… تيك توك، مثله مثل الحياة، يتسع للصراخ والصمت معًا!"
3. النهاية بلا نهاية
انتهى البث، لكن الفكرة لم تنتهِ… جلس نوري يتأمل شاشة هاتفه، ثم أغلق التطبيق بتروٍّ. في الجهة المقابلة، أطفأ باحميد المحرك، لكنه لم يقاوم الرغبة في إعادة البث مجددًا. فالحياة، كما يراها، ليست سوى سلسلة من الصرخات المتكررة، حتى يُسمع صوتك… أو يبتلعك الصمت.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رانيا يوسف وزوجها في العرض الخاص لفيلم السلم والتعبان لعب
.. عمرو يوسف وأسماء جلال يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم السلم والثع
.. عمرو يوسف فيلم السلم والتعبان 2 بيناقش أزمة منتصف العمر بين
.. أول تعليق من الفنان ياسر جلال بعد اعتذاره عن تصريحاته خلال م
.. الفنان المصري ياسر جلال يعتذر عن تصريحاته بشأن دور الجزائر ب