الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيرس مورغان مدير على نفسه

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2025 / 2 / 19
الادب والفن


بينما كان الصخب المغلف بذرائع بالية يرتفع ضد مونديال قطر 2022 في وسائل الإعلام الغربية، كان لدى الصحافي والمحاور البريطاني البارع بيرس مورغان ما يقوله بشكل تساؤل مفيد للغاية، مستشهدا بجريمة احتلال العراق من قبل الغرب نفسه الذي يتذرع بحقوق الإنسان في قطر.
قال مورغان وهو يرد في مناظرة تلفزيونية على زميلته إميلي مايتليس في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” إذا كنتم تستخدمون كل ذلك كعصا لضرب قطر، وإذا بدأنا بتحكيم تلك المبادئ بشكل سطحي، فأين سيتوقف ذلك، وأي منا في الغرب نظيف أخلاقيا بما فيه الكفاية.
وتساءل، “هل نحن أخلاقيون بدرجة كافية، الدول التي غزت العراق ودمرت البلاد، وبعد عشرين عاما تركنا حكمه للإرهاب، هل نحن نتحلى بالنظافة الأخلاقية الكافية لاستضافة كأس العالم كي ننتقد قطر، أعتقد أن ذلك مليء بالنفاق.”
لم ينته الأمر بعد، فمورغان بقي أهم الأصوات الإعلامية التي ينظر إليها في مواجهة استحواذ إسرائيل على السردية الإخبارية في حرب الإبادة بغزة، كان يطلق الأسئلة الأكثر طلبا عن أسطورة “أخلاقية” الجيش الإسرائيلي بينما الملايين من متابعيه ينتظرون الإجابة المخاتلة التي لن تأتي من ضيوفه من المسؤولين الإسرائيليين.
خذ مثلا عندما سأل مورغان المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية آفي هايمان “في اعتقادك كم مدنيا قتلتم في غزة؟” فأجاب هايمان “لا نملك أرقاما دقيقة. إنها ضبابية الحرب كما تعلم.”
وعندما أعاد السؤال بذكاء الصحافي “لكن لديكم العدد الدقيق لمن قتلتم من إرهابيي حماس؟ لماذا لا تعلمون عدد من قتلتم من المدنيين؟” فأجاب هايمان “لأنه من الواضح أن تركيزنا ينصب على ملاحقة إرهابيي حماس.”
وذلك لعمري جوهر الإخلاص لقيمة السؤال، فالصحافي لا يقول فعلت، بل بكل تواضع يقول سمعت وشاهدت.
اليوم لدينا مورغان يغرد من دون أي رقابة من قبل المؤسسات التي عمل فيها أو مداراة مموليها، عندما يضع رهانا كاملا على مستقبل وسائل الإعلام الرقمية، تاركا وراءه مسيرته المهنية التي استمرت عقودا من الزمن في الصحافة المكتوبة والبث التلفزيوني.
اشترى مورغان قناته غير الخاضعة للرقابة على موقع يوتيوب من روبرت مردوخ، أحد أول أرباب عمله وحليفه المقرب، منهيا صفقة مدتها ثلاث سنوات مع مجموعة “نيوز يو كي” التي تنضوي تحتها مجموعة من الصحف والقنوات الإخبارية، بقيمة عشرات الملايين من الدولارات على الرغم مما يقول إنه عرض “سخي للغاية” للبقاء مع مردوخ.
في اليوم التالي لإعلان الخبر، كان مورغان جالسا في مقهى بكنسينغتون وسط لندن بالقرب من منزله، واعترف بأن الأمر كان بمثابة مخاطرة، لكنه كان واثقا من أنها ستؤتي ثمارها.
وعبر مورغان الذي سبق أن ترأس تحرير صحف وأدار أشهر البرامج التلفزيونية الحوارية عن رغبته بأن يكون المنتدى العالمي للنقاش، واضعا خططا طموحة لإنشاء بودكاست جديد وعروض حية وامتياز أوسع نطاقا غير خاضع للرقابة من شأنه أن يجلب مقدمين آخرين إلى جانب الملايين من جمهوره الحالي على يوتيوب.
ليس مهما كم من الأموال التي ستغدق على مورغان من منصته الشخصية الجديدة، بمجرد أن نعرف أنه ترك عقدا مليونيا مع إمبراطور الإعلام مردوخ، لكن علينا أن ندرس بعناية رهانه الجريء على قيمة علامته التجارية الشخصية وما يراه هيمنة حتمية وشيكة للمنصات الرقمية مع تخلي الجمهور، وخاصة الأجيال الأصغر سنا، عن وسائل الإعلام التقليدية.
مع ذلك لم يتخل مورغان الذي أصبح مديرا على نفسه! عن كتابة عموده الأسبوعي في صحف مردوخ، ولديه كتاب سيصدر قريبا.
وبينما أكتب تلك السطور كان مورغان في الرياض لحوار وزير الرياضة السعودي الأمير عبدالعزيز الفيصل، للحصول على الإجابات الأهم التي ينتظرها العالم عن مونديال السعودية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع اقتراب مهرجان الزمن الجميل بدورته الثامنة... الممثلة ميرن


.. -انتصرنا على أمريكا وإسرائيل-.. مراسل الجزيرة يرصد الرواية ا




.. تشييع جثمان الكاتب الكبير محمد عبد المنعم والد الفنان تامر


.. الموسيقى والغذاء في مواجهة المجاعة في السودان




.. ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟ • فرانس 24