الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسكندر المقدوني في بابل عرض وتحليل

محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث

2025 / 2 / 23
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر عن دار الفرات للثقافة والاعلام كتاب الدكتور نصير الحسيني عن الإسكندر المقدوني في بابل وهو كتاب قيم ضم دراسات ماتعة عن قصة الاسكندر وحروبه وتكوين إمبراطورتيه، ومقدمة وافية عن بابل وتكوينها وتقدمها، وكيفية سقوطها، واستعرض حالها بعد الاحتلال الفارسي لها وأحوالها العامة في ظل الحكم الاخميني، وحال اليهود في الدولة البابلية الحديثة، وتآمرهم عليها في فترة حكم الأخمينيين، ودخوله الى بابل سلميا، ومعاملته الحسنة لهم بعد فترة طويلة من الاحتلال الفارسي الذي اذاقهم الويلات، وكان دخول الاسكندر منقذا لهم من ذلك الاحتلال البغيض، ثم يتحدث عن شخصية الاسكندر وعن معلمه أرسطو وأمه ورسائله لهما، ثم يعقد فصلا للحديث عن ديوجين وـاثيره على توجهاته.
وملخص تاريخ الإسكندر المقدوني، المعروف أيضًا بالإسكندر الأكبر، فهو واحد من أعظم القادة العسكريين في التاريخ. وُلد عام 356 قبل الميلاد في بيلا، عاصمة مملكة مقدونيا القديمة، وهو ابن الملك فيليب الثاني والملكة أوليمبياس. ورث الإسكندر عن والده مملكة قوية وجيشًا مدربًا، لكن طموحه تجاوز حدود مقدونيا بكثير.
لقد نشأ الإسكندر في بيئة أرستقراطية وتلقّى تعليمًا راقيًا على يد الفيلسوف الشهير أرسطو، الذي غرس فيه حبّ العلم والفلسفة والأدب. بالإضافة إلى ذلك، تعلّم الإسكندر الفروسية وفنون الحرب منذ صغره، مما ساعده على تطوير مهارات قيادية استثنائية. أظهر منذ شبابه شجاعة وذكاءً حادًا، مما لفت انتباه والده وملوك المنطقة.
وتولى الإسكندر العرش في عام 336 قبل الميلاد بعد اغتيال والده فيليب الثاني. ورغم صغر سنه، أظهر قدرة هائلة على فرض سلطته وتوحيد مقدونيا. قام بسحق الثورات الداخلية وضمان ولاء الجيش. وبعد ذلك، اتجه لتحقيق حلم والده بغزو الإمبراطورية الفارسية.
وبدأ الإسكندر حملته الكبرى ضد الإمبراطورية الفارسية عام 334 قبل الميلاد. عبر مضيق الدردنيل بجيش قوامه حوالي 40 ألف جندي وحقق انتصارات مذهلة في معارك مثل معركة غرانيكوس ومعركة إيسوس. استمر في زحفه حتى وصل إلى قلب الإمبراطورية الفارسية واستولى على مدينة بابل، عاصمة الإمبراطورية.
ويعد وصول الإسكندر إلى بابل حدثًا محوريًا في مسيرته. اختار بابل لتكون مركزًا لإدارته بسبب موقعها الاستراتيجي وثروتها الهائلة. كانت بابل في ذلك الوقت رمزًا للحضارة والتقدم، مما جعلها الخيار المثالي للإسكندر لتحقيق رؤيته لإمبراطورية متعددة الثقافات. في بابل، بدأ الإسكندر بتنظيم شؤون إمبراطورتيه الشاسعة والعمل على دمج الشعوب والثقافات المختلفة تحت سلطته.
وكان الغرض من وجوده في بابل كان سياسيًا وثقافيًا. أراد أن يجعلها عاصمة لإمبراطورتيه الجديدة ويعزز التفاعل بين الثقافات اليونانية والشرقية. كما استخدم المدينة كمركز للعمليات اللوجستية والعسكرية، ولتنظيم موارد الإمبراطورية.
لكن وجوده في بابل لم يقتصر على الأمور السياسية والعسكرية، فمن المعتقد أن الإسكندر كان يخطط لحملات جديدة، وربما كانت الهند أو شبه الجزيرة العربية هدفه التالي. ومع ذلك، لم تتحقق هذه الخطط بسبب وفاته المفاجئة.
كان الإسكندر يسعى ليس فقط للغزو، بل أيضًا لنشر الثقافة الهيلينية (اليونانية) في الأراضي التي سيطر عليها. أسس العديد من المدن التي حملت اسمه، مثل الإسكندرية في مصر، والتي أصبحت مراكز للعلم والثقافة. كما شجّع التزاوج بين الثقافات المختلفة ودمج الشعوب في إمبراطورتيه.
وتوفي الإسكندر عام 323 قبل الميلاد في بابل، وهو في سن الثانية والثلاثين فقط. ورغم قصر عمره، ترك وراءه إمبراطورية شاسعة امتدت من اليونان إلى الهند. لكن وفاته المفاجئة أدت إلى انهيار إمبراطوريته، حيث تقاسمها قادته المعروفون باسم "الديادوشي".
والإسكندر الأكبر شخصية فريدة في التاريخ، حيث جمع بين العبقرية العسكرية والطموح الثقافي. ترك إرثًا دائمًا يتمثل في نشر الثقافة اليونانية وتأثيره على التاريخ العالمي. وما زالت سيرته تُدرَّس بوصفها نموذجًا للقيادة والطموح.
ولتحليل قصة الإسكندر المقدوني، يمكن تقسيم المحاور كما يلي:
صفات الإسكندر وشخصيته وإظهاره موهبة القيادة منذ صغره، وقدرته على توحيد المملكة والقضاء على الثورات، وطموحه لم يكن محدودًا بمقدونيا، بل تجاوز إلى إنشاء إمبراطورية عالمية، وتأثير أرسطو عليه في تطوير فكره وفلسفته، ما يظهر ارتباطه بالعلم والثقافة إلى جانب مهاراته العسكرية.
اما الإسكندر من الناحية العسكرية، فهو يمتلك العبقرية التكتيكية في تحليل معاركه مثل معركة إيسوس وهايداسبس، وكيفية استخدام مهاراته في المناورة وتكتيكات الجيوش، وتماسك جيشه رغم الظروف القاسية والطويلة، أثر طول الحملات العسكرية على جيشه وقراره بالتراجع.
وفي الجانب الثقافي نشر الثقافة الهيلينية، واستراتيجيته في التزاوج بين الثقافات ونشر اللغة اليونانية، وفي جانب الحضري تأسيس المدن، مثل الإسكندرية، لتكون مراكز إشعاع ثقافي وعلمي، وأثره الإمبراطورية المقدونية على الأمد الطويل في نشر الثقافة والتجارة بين الشرق والغرب.
أما في تحليل السياسي في الإدارة والسلطة، فهو توحيد الشعوب، ومحاولته دمج مختلف الثقافات تحت حكم واحد، ولم تستمر هذه الأمور بعد وفاته فقد كان لغيابه المفاجئ تأثيره على تماسك إمبراطورتيه وتقاسمها بين القادة.
والدروس المستفادة بيان كيف اسهام الإسكندر في تشكيل العالم القديم ونشر الحضارة الهيلينية، والاستفادة من توازن القوة العسكرية والحنكة السياسية لتحقيق أهداف كبيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضرب منشآت إيران النووية.. هل يدفع نتنياهو نحو وقف الحرب؟


.. نضال أبو زيد: أمريكا نجحت بتأخير البرنامج النووي لإيران ولكن




.. فوضى داخل ملاجئ إسرائيل وسط استمرار القصف


.. القاذفة -الشبح- تعود إلى قواعدها الأميركية




.. جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة القصف الأمريكي لمنشآت