الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العلويُّون مرَّة أخرى.. بين الرَّحمن والشَّيطان
عقيل الخضري
باحث، روائي، كاتب، ناشط في مجال حقوق الإنسان
(Aqeel Alkhudhari)
2025 / 4 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني

الله هو القوة الكونيّة العظمى، "خلق كل شيء على أكمل شيء لخدمة احتياجات البشر" .. منذ نشأت فكرة وجود كائن مسؤول عن تشكيل الكون، حيث قدَم أفلاطون وأرسطو حججا لإثبات وجود الله.. مدبِّر الكون، عادل، رءوف، رحيم وله الأسماء الحسنى.. حلم العدالة للمظلومين والمضطهدين والمعدمين في الأرض، حيث وعد بإنصافهم فيكون مثواهم الجنة" بستان" يتمتّعون بالأمان وبما يشتهون.
الشيطان كائن افترضي، ولد في الديانة السومرية والبابلية ليكون رمزًا للشر، يتمتّع بقدرة هائلة بالتأثير على البشر، فيوسوس لهم لارتكاب الجرائم والخطايا والمحرمات، وتمزيق حقوق الناس ببشاعة رافقت اسمه.. وقد ذكر في كل المعتقدات الدينية القديمة، ثم في اليهودية والمسيحية والإسلام.
الشيطان في داخل الإنسان نفسه، يولد معه بريئا ويترعرع معه في بيئة واحدة، وبقانون الجذب، يجذب العقل البشري نوازع إجرامية وشريرة، كما يجذب الخير والصفات الحميدة.
منذ بدء الخلق لم يتدخَّل الله بشكلٍ معلن في حياة البشر وفي إنقاذ الأبرياء من الذبح ومن الكوارث، كما لم يتدخّل الشيطان! فالرحمة والعدالة كانت بيد الإنسان، والسيف والجريمة بيد الإنسان، وبقى الشيطان داخل الإنسان نفسه..
العلويون..
المجازر المرتكبة بحق المدنيين في الساحل السوري، والتي أسفرت لحد الآن عن مقتل نحو 1700 مدني من أبناء الطائفة العلوية في عمليات ممنهجة..
مجزرة الرصافة في مصياف.. أخرجوا قلبه وهو حي..
حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على شهادات مصورة توثق الفظائع المرتكبة في قرية الرصافة بريف حماة يومي 7 و8 آذار 2025، وتضمنت شهادات مباشرة من الناجين الذين تعرضوا لاعتداءات على يد عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية وقوات رديفة، مما يعكس حجم الرعب الذي يعيشه الأهالي والتخوّف من تكرار المجازر في مناطق أخرى.
في أحد الأشرطة، يظهر رجلٌ يروي تفاصيل المجزرة التي أودت بحياة عائلته، حيث تم إعدام 4 أطفال، بينهم ابن جيرانهم، وسيدتين من العائلة. ويكشف الرجل عن وحشية العناصر المنفذة للجريمة، مستشهداً بعبارة قالوها أثناء ارتكابهم المجزرة: “معنا أمر بقتل الأطفال حتى”.
في شريط آخر، توثق سيدةٌ حجم الفاجعة التي عاشتها عندما وجدت 7 من أفراد عائلتها مقتولين أمامها، لم يكتفِ المسلحون بذلك، بل قاموا بابتزازها وطلب المال والمصاغ الذهبية، وحين أكدت عدم امتلاكها لأي شيء، سألوها: “كيف تفضلين الموت”. ثم أطلقوا النار داخل منزلها دون أي اكتراث لحجم المأساة التي تعيشها، ما أدى إلى إصابتها بشظية وسط صدمة أهل المنزل.
في شهادة أخرى، يظهر أبٌ مفجوع يروي تفاصيل الجريمة التي طالت ابنه، اقتاد المسلحون الشاب إلى جهة مجهولة، ثم استخدموا هاتفه للاتصال بوالده وإبلاغه قائلين: “اقتلعنا قلب ابنك”، وحين ذهب الأب لاستعادة جثمانه، واجه مشهدًا يفوق الوصف، حيث بدا ابنه ضحية تعذيب وحشي، وقد انتزع قلبه، مما دفع الأب إلى الانهيار.
تأتي شهادات أهالي الضحايا لتؤكد أن مجزرة الرصافة ليست حدثًا معزولًا، بل جزء من سلسلة جرائم ممنهجة شملت، القتل الجماعي بطرق وحشية، استهدف الرجال وحتى والنساء والأطفال في عدة حالات، إلى جانب السرقة والنهب لممتلكات المدنيين، تحت التهديد بالقتل في حال لم يتم الدفع.
وقد أُجبر الأهالي على تقديم المال والمجوهرات مقابل حياتهم، بالإضافة إلى إهانات طائفية والتهديد بالقتل، مما يكشف نية واضحة لخلق حالة من الرعب والإذلال.
ليكون بذلك نموذجًا مصغرًا عن المجازر الأخرى التي ارتكبت بحق المدنيين في الساحل السوري
بدوره يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن لجنة تقصي الحقائق الحالية أثبتت فشلها، إذ لم تصدر حتى الآن أي إدانة رسمية للمجازر المرتكبة في الساحل السوري، مما يعيد إلى الأذهان تجربة نظام بشار الأسد في طمس الحقائق، كما حدث في مجازر البيضا ورأس النبع.
القاتل والمقتول كلاهما يصيح يا الله.. الروح طاقة لا تفنى ولا أُمن أنها ستذهب سدى..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي