الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اتاك حديث (نعثل)

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2025 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت الثورة التي اندلعت ضد حكم عثمان ابن عفان مرحلة مفصلية في التاريخ العربي والإسلامي فكانت اول محاولة للخروج على الاطار الكهنوتي التي حاولت الماكنة الكهنوتية المتاسلمة فرضه على الناس . وتنبع أهمية هذه الحركة ان قيادتها كانت من داخل الطبقة التي عاشت حول الرسول محمد وكانت مساعدة له في نشر الدعوة خارج الجزيرة العربية . وكانت بداية الثورة بالاستهانة بالحاكم وافراد حكومته من اقاربه المباشرين وخصوصا من الذين لم تكن لهم سابقة في الإسلام وكانت الشرارة انطلقت من بيت النبي . وقد ذكر عمر فروخ في كتابه ، تاريخ صدر الاسلام والدولة الأموية ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1970 ، الصفحة 118 " اما موقف الناس من عثمان فكان كما يلي : جميع المهاجرين كانوا خصوما لعثمان (عدا حاشيته ) كذلك جميع الأنصار كانوا له أعداء (ماعدا بضعة نفر منهم زيد بن ثابت وحسان بن ثابت وكعب بن مالك وأبو اسيد الانصاري ) كما ان معظم اهل الامصار كانوا في خصوم عثمان وخصوصا في مصر والبصرة والكوفة ".
وقد شارك في التمهيد للثورة المئات من الذين عاشوا مع الرسول ممن اطلق عليهم اسم (صحابة ) يقول ابن شبه النمري تاريخ المدينة لابن شبة ، حققه: فهيم محمد شلتوت [ت 1428 هـ] ، طبع على نفقة: السيد حبيب محمود أحمد – جدة ، عام النشر: 1399 هـ ، الجزء الرابع ، الصفحة 1174-1175 "عن غياث البكري قال: سألت أبا سعيد الخدري عن قتل عثمان؛ هل شهده أحد من أصحاب رسول الله ؟ قال: نعم؛ لقد شهده ثمانمائة". أما السيدة عائشة فكانت تطعن فى عثمان وتُحرّض على لقتله، ومشهور قولها : ( أقتلوا نعثلا ، فإن نعثلا قد كفر ). و ( نعثل ) هو لقب عثمان فى الجاهلية . هذا مع أن عثمان كان كريما معها ومع ابن عمها طلحة بن عبيد الله . كانت السيدة عائشة تعمل من أجل أن يتولى ابن عمها طلحة الخلافة ، وأن يتصدر بنو تيم قومها زعامة قريش والعرب دون بنى هاشم وبنى أمية ، وهما معا يتمتعان بكراهية السيدة عائشة ، وهذا يفسر خروج طلحة والزبير على خلافة ( علي) بعد ان بايعاه ، وما حدث فى موقعة الجمل بزعامة السيدة عائشة . فيقول ابن الاثير، النهاية في غريب الحديث والأثر ، الناشر: المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م ، الجزء الخامس ، الصفحة 80 . " أَعْدَاءُ عُثْمَانَ يُسَمُّونَهُ نَعْثَلا، تَشْبِيهًا بِرَجُلٍ مِنْ مِصر كَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ اسمُه نَعْثَل. وَقِيلَ: النَّعْثَلُ: الشَّيْخُ الأحْمَقُ، وذَكَرُ الضِباع. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «اقتُلوا نَعْثَلا، قَتَل اللَّه نَعْثَلًا» تَعْني عُثْمَانَ. وَهَذَا كَانَ مِنْهَا لمَّا غاضَبَتَهْ وذَهَبَتْ إِلَى مَكَّةَ ".
لم تكن عائشة الوحيدة التي تسمي عثمان بنعثل فهذا اخوها محمد ابن ابي بكر كما يروي ابن شبه في تاريخ المدينة الجزء الرابع ، الصفحة 1288 ." فدخل محمد بن أبي بكر بعد ذلك وهو يرى أنّه قد قتل. فلما رآه قاعدا قال: ألا أراكم قياما حول نعثل!! وأخذ بلحيته فجرّه من البيت إلى باب الدّار وهو يقول: بدّلت كتاب الله وغيّرته يا نعثل. فقال عثمان ﵁: لست بنعثل ولكني أمير المؤمنين، وما كان أبوك ليأخذ بلحيتي فقال محمد لا يقبل منّا يوم القيامة أن نقول: «رَبَّنا إِنّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا» (١) ودخل رجل من كندة تجوبي من أهل مصر مخترطا السيف فقال: اخرجوا اخرجوا، فأخرج الناس فطعن في بطنه فجاءته امرأته بنت الفرافصة الكلبية تمسك السيف فقطع أصابعها ".
كذلك شاركتهما حفصة بنت عمر في ذلك كما يذكر الحافظ الفخر الرازي في كتابة المحصول في علم اصول الفقه الجزء الرابع ، تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني الصفحة 343 ( أن عثمان رضي الله عنه أخر عن عائشة رضي الله عنها بعض أرزاقها فغضبت ثم قالت يا عثمان أكلت أمانتك وضيعت الرعية وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجمل فقال عثمان رضى الله عنه ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط الآية فكانت عائشة ر تحرض عليه جهدها وطاقتها وتقول أيها الناس هذا قميص رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يبل وقد بليت سنته اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ". وقد وصلت شتائم عثمان الى زوجات الرسول عائشة وحفصة وعلي ابن ابي طالب وسعد ابن ابي وقاص كما في هذه الرواية التي وردت في كتاب الجامع لمعمر بن راشد الأزدي تأليف معمر بن راشد الأزدي منشورات المجلس العلمي – جنوب أفريقيا ، نحقيق حبيب الرحمن الأعظمي سنة 1970 الصفحة 354-356 باب الفتن الحديث 20732 " أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جِيلٍ ، عَنْ أَبِي كَعْبٍ الْحَارِثِيِّ - وَهُوَ ذُو الْإِدَاوَةِ - قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ نَفَرٌ ، فَقَالُوا : أَبَى أَنْ يَجِيءَ ، قَالَ : فَغَضِبَ وَقَالَ : أَبَى أَنْ يَجِيءَ ؟ اذْهَبُوا فَجِيئُوا بِهِ ، فَإِنْ أَبَى فَجُرُّوهُ جَرًّا ، فَمَكَثْتُ قَلِيلًا ، فَجَاءُوا فَجَاءَ مَعَهُمْ رَجُلٌ أُدَمٌ طُوَالٌ ، أَصْلَعُ فِي مُقَدَّمِ رَأْسِهِ شَعَرَاتٌ ، وَفِي قَفَائِهِ شَعَرَاتٌ ، فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، فَقَالَ : أَنْتَ الَّذِي يَأْتِيكَ رُسُلُنَا فَتَأْبَى أَنْ تَأْتِيَنِي ؟ قَالَ : فَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ ، قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ فَمَا زَالُوا يُنْقَضُّونَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي ، قَالَ : فَقَامَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُ عَنْ هَذَا أَحَدًا ، أَقُولُ : حَدَّثَنِي فُلَانٌ حَتَّى أَرَى مَا يَصْنَعُ ، قَالَ : فَتَبِعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ جَالِسٌ إِلَى سَارِيَةٍ وَحَوْلَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكُونَ ، قَالَ : فَقَالَ عُثْمَانُ : يَا وَثَّابُ عَلَيَّ بِالشُّرَطِ ، قَالَ : فَجَاءَ الشُّرَطُ ، فَقَالَ : فَرِّقُوا بَيْنَ هَؤُلَاءِ ، قَالَ : فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ ، قَالَ : ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، فَتَقَدَّمَ عُثْمَانُ فَصَلَّى ، فَلَمَّا كَبَّرَ قَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حُجْرَتِهَا فَقَالَتْ : أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا ، قَالَ : ثُمَّ تَكَلَّمَتْ فَذَكَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ ، ثُمَّ قَالَتْ : تَرَكْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ وَخَالَفْتُمْ رَسُولَهُ - أَوْ نَحْوَ هَذَا - ثُمَّ صَمَتَتْ فَتَكَلَّمَتْ أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، فَإِذَا هِيَ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ قَالَ : فَلَمَّا سَلَّمَ عُثْمَانُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : إِنَّ هَاتَانِ الْفَتَّانَتَانِ فَتَنَتَا النَّاسَ فِي صَلَاتِهِمْ ، وَإِلَّا تَنْتَهِيَا أَوْ لَأَسُبَّنَّكُمَا مَا حَلَّ لِيَ السِّبَابُ ، وَإِنِّي لَأَصْلِكُمَا لَعَالِمٌ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ : أَتَقُولُ هَذَا لِحَبَائِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : وَفِيمَا أَنْتَ وَمَا هَاهُنَا ، قَالَ : ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى سَعْدٍ عَامِدًا إِلَيْهِ ، قَالَ : وَانْسَلَّ سَعْدٌ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَلَقِيَ عَلِيًّا بِبَابِ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : أُرِيدُ هَذَا الَّذِي كَذَا وَكَذَا - يَعْنِي سَعْدًا - فَشَتَمَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : أَيُّهَا الرَّجُلُ دَعْ هَذَا عَنْكَ ، قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ بِهِمَا الْكَلَامُ حَتَّى غَضِبَ عُثْمَانُ فَقَالَ : أَلَسْتَ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ تَبُوكَ ؟ قَالَ : فَقَالَ عَلِيٌّ : أَلَسْتَ الْفَارَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ ؟ قَالَ : ثُمَّ حَجَزَ النَّاسُ ، قَالَ : ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَتَيْتُ الْكُوفَةَ ، فَوَجَدْتُهُمْ أَيْضًا قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ وَنَشَبُوا فِي الْفِتْنَةِ ، وَرَدُّوا سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَلَمْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ إِلَيْهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ رَجَعْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بِلَادَ قَوْمِي".
وحتى عندما حاولت عائشة بنت ابي بكر التظاهر بالمطالبة بثأرعثمان كان من حولها يذكروها بموقفها منه وانها اول من (امال حرفه ) فهي كانت تتوقع ان يؤول الحكم لاخيها او ابن عمها طلحة لذلك كانت تتمنى ان يكون في احد غرائرها فترميه في البحر وتكفره على رووس الاشهاد كما في تاريخ المدينة " حدثنا زهير بن حرب قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا جويرية قال، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال، حدثني عمي - أو عم لي - قال: بينما أنا عند عائشة وعثمان محصور، والناس مجهّزون للحجّ إذ جاء مروان فقال: يا أمّ المؤمنين، إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ورحمة الله ويقول: ردّي عني الناس فإني فاعل وفاعل، فلم تجبه، فانصرف وهو يتمثل ببيت الربيع بن زياد العبسي.
وحرّق قيس عليّ البلا … د حتّى إذا اشتعلت أجذما
فقالت: ردّوا عليّ هذا المتمثل، فرددناه، فقالت - وفي يدها غرارة لها تعالجها: والله لوددت أنّ صاحبك الذي جئت من عنده في غرارتي هذه فأوكيت عليها فألقيتها في البحر". كذلك " حدثنا علي بن محمد، عن سعيد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه، عن سعيد بن عبد الرحمن بن حسان، عن النعمان بن بشير قال: دخلت على عائشة وعندها قوم من المهاجرين يذكرون عثمان أوّل ما حصر فقالت: أنا أمّكم، تريدون أمرا إن عمل به رأيتم ما تكرهون، فنظرت إليّ عائشة فقالت: نعمان؟ قلت: نعم. قالت: تعلمني بك أي عدوّ الله، والله لوددت أن قريشا ردتك تكرّها - اضربوه. قال: فضربوني. فقلت: لاجرم، والله لا آتي هذا المكان أبدا" . وكان اهل الشام يتناولونها في احاديثهم بسبب موقفها ذاك ""حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عمر بن عثمان، عن أبيه، عن ابن شهاب قال، حدثني أبو إدريس الخولاني: أن أبا مسلم الخولاني قال لأهل الشام - وهم ينالون من عائشة في شأن عثمان يا أهل الشام، أضرب لكم مثلكم ومثل أمّكم هذه، مثلكم ومثلها كمثل العين في الرأس تؤذي صاحبها ولا تستطيع أن تعاقبها إلاّ بالذي هو خير لها". كذلك كانت تطلب من المقربين منها التخذيل على عثمان كما يروي الطبري في تاريخ الرسل والملوك ، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم ، الناشر: دار المعارف بمصر ، الطبعة: الثانية 1387هـ - 1967 م ، الجزء الرابع ، الصفحة 407.، "يقول ابن عباس عن لقائه مع عائشة " خَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فمر بعائشة في الصلصل، فقالت: يا بن عَبَّاسٍ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ- فَإِنَّكَ قَدْ أُعْطِيتَ لِسَانًا إِزْعِيلا- أَنْ تُخَذِّلَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، وَأَنْ تُشَكِّكَ فِيهِ النَّاسَ، فَقَدْ بَانَتْ لَهُمْ بَصَائِرُهُمْ وَأَنْهَجَتْ، وَرَفَعَتْ لَهُمُ الْمَنَارَ، وَتَحَلَّبُوا مِنَ الْبِلْدَانِ لامر قد حم، وَقَدْ رَأَيْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ قَدِ اتَّخَذَ عَلَى بُيُوتِ الأَمْوَالِ وَالْخَزَائِنِ مَفَاتِيحَ، فَإِنْ يَلِ يَسِرْ بِسِيرَةِ ابْنِ عَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قُلْتُ يَا أُمَّهْ لَوْ حَدَثَ بِالرَّجُلِ حَدَثٌ مَا فَزِعَ النَّاسُ إِلا إِلَى صَاحِبِنَا.". فلما علمت بان الي تولى الحكم هو علي ابن ابي طالب انقلب موقفها يروي الطبري تاريخ الرسل والملوك، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم [ت 1401 هـ] ، الناشر: دار المعارف بمصر ، الطبعة: الثانية 1387 هـ - 1967 م ، الجزء الرابع ، الصفحة 458 - 459 " إِنَّ عَائِشَةَ لَمَّا انْتَهَتْ إِلَى سَرِفَ رَاجِعَةً فِي طَرِيقِهَا الى مكة، لقيها عبد بن أُمِّ كِلابٍ- وَهُوَعَبْدُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ- فَقَالَتْ لَهُ: مَهْيَمْ؟ قَالَ: قَتَلُوا عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَكَثُوا ثَمَانِيًا، قَالَتْ: ثُمَّ صَنَعُوا مَاذَا؟ قَالَ: أَخَذَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِالاجْتِمَاعِ، فَجَازَتْ بِهِمُ الأُمُورُ إِلَى خَيْرِ مُجَازٍ، اجْتَمَعُوا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَيْتَ أَنَّ هَذِهِ انْطَبَقَتْ عَلَى هَذِهِ إِنْ تَمَّ الأَمْرُ لِصَاحِبِكَ! رُدُّونِي رُدُّونِي، فَانْصَرَفَتْ إِلَى مَكَّةَ وَهِيَ تَقُولُ: قُتِلَ وَاللَّهِ عُثْمَانُ مَظْلُومًا، وَاللَّهِ لأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ كِلابٍ: ولم؟ فو الله إِنَّ أَوَّلُ مَنْ أَمَالَ حَرْفَهُ لأَنْتِ! وَلَقَدْ كُنْتِ تَقُولِينَ: اقْتُلُوا نَعْثَلا فَقَدْ كَفَرَ، قَالَتْ: إِنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ ثُمَّ قَتَلُوهُ، وَقَدْ قُلْتُ وَقَالُوا، وَقَوْلِي الأَخِيرُ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِي الأَوَّلِ، فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ كِلابٍ:
فَمِنْكِ الْبَدَاءُ وَمِنْكِ الْغِيَرْ ... وَمِنْكِ الرِّيَاحُ وَمِنْكِ الْمَطَرْ
وَأَنْتِ أَمَرْتِ بِقَتْلِ الإِمَامِ ... وَقُلْتِ لَنَا إِنَّهُ قَدْ كَفَرْ
فَهَبْنَا أَطَعْنَاكِ فِي قَتْلِهِ ... وَقَاتِلُهُ عِنْدَنَا مَنْ أَمَرْ
وَلَمْ يَسْقُطِ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِنَا ... وَلَمْ تنكف شَمْسُنَا وَالْقَمَرْ
وَقَدْ بَايَعَ النَّاسُ ذَا تَدَرّإٍ ... يُزِيلُ الشَّبَا وَيُقِيمُ الصَّعَرْ
وَيَلْبَسُ لِلْحَرْبِ أَثْوَابَهَا ... وَمَا مَنْ وَفَى مِثْلَ مَنْ قَدْ غَدَرْ
فَانْصَرَفَتْ إِلَى مَكَّةَ فَنَزَلَتْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَصَدَتْ لِلْحِجْرِ، فَسُتِرَتْ وَاجْتَمَعَ إِلَيْهَا النَّاسُ، فَقَالَتْ: يا ايها الناس، ان عثمان قتل مظلوما، وو الله لأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ". وفي معنى (نعثل ) يقول الزبيدي صاحب تاج العروس الجزء 31 الصفحة 14 "نعثل كجعفر الذِّيْخُ، وَهُوَ (الذَّكَرُ من الضِّباعِ) . (و) قَالَ اللَّيْثُ: النَّعْثَلُ: (الشَّيْخُ الأَحْمَقُ) . (و) نَعْثَلٌ: (يَهُودِيٌّ كَانَ بِالمَدِينَة) ، قِيلَ: بِهِ شُبِّهَ عُثْمانُ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، كَمَا فِي التَّبْصِير. (و) قيل: نَعْثَلٌ (رَجُلٌ لِحْيانِيٌّ) ، أَي: طَوِيلُ اللِّحْيَةِ مِن أَهْلِ مِصر، (كانَ يُشَبَّهُ بِه عُثْمانُ، رَضِي اللهُ تَعَالى عَنْهُ، إِذا نِيْلَ مِنْهُ) ، لِطُولِ لِحْيَتِهِ، وَلَم يَكُونُوا يَجِدُون فِيهِ عَيْبًا غيرَ هَذَا؛ هَذَا قولُ أَبي عُبَيْدٍ. وَفِي حَدِيث عَائِشَة: " اقْتُلُوا نَعْثَلاً، قَتَلَ اللهُ نَعْثَلاً " يَعْنِي عُثْمانَ، وَكانَ هَذَا مِنْها لَمَّا غاضَبَتْه وَذَهَبَتْ إِلى مَكَّةَ". لما ابن منظور صاحب لسان العرب فيقول في الجزء 11 الصفحة 670 " ونَعْثَل: رَجُلٌ مِنْ أَهل مِصْر كَانَ طَوِيلَ اللِّحْية، قِيلَ: إِنه كَانَ يُشْبِه عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ، وشاتِمُو عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُسَمُّونَهُ نَعْثَلًا. وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: أَنه كَانَ يَخْطُبُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَنَالَ مِنْهُ، فَوَذَأَهُ ابنُ سَلام فاتَّذَأَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا يَمْنَعَنَّك مَكَانُ ابْنِ سَلَامٍ أَن تَسُبَّ نَعْثَلًا فإِنه مِنْ شِيعته ، وَكَانَ أَعداءُ عُثْمَانَ يُسَمُّونَهُ نَعْثَلًا تَشْبِيهًا بِالرَّجُلِ المِصْريّ الْمَذْكُورِ آنِفًا. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَل اللهُ نَعْثَلًا تَعْنِي عُثْمَانَ، وَكَانَ هَذَا مِنْهَا لَمَّا غاضَبَتْه وذهبتْ إِلى مَكَّةَ، وكان عثمان إِذا نِيلَ مِنْهُ وَعِيبَ شبِّه بِهَذَا الرَّجُلِ المِصْريّ لِطُولِ لِحْيَتِهِ".
يروي البلاذري في الجزء السادس الصفحة 212 -213 " وقد كانت عائشة وأم سلمة حجتا ذلك العام، وكانت عائشة تؤلب على عثمان، فلما بلغها أمره، وهي بمكة، أمرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام وقالت: إني أرى عثمان سيشوم قومه كما شأم أبو سفيان قومه يوم بدر"ٍكانت عائشة تأمل ان يبايع الناس ابن عمها طلحة " وخرجت عائشة من مكة حتى نزلت بسرف، فمر راكب فقالت: ما وراءك؟ قال: قتل عثمان، فقالت: كأني أنظر إلى الناس يبايعون طلحة وإصبعه تحس أيديهم، ثم جاء راكب آخر فقال: قتل عثمان وبايع الناس علياً فقالت: واعثماناه، ورجعت إلى مكة فضربت لها قبتها في المسجد الحرام وقالت: يا معشر قريش إن عثمان قد قتل، قتله عليّ بن أبي طالب، والله لأنملةٌ - أو قالت لليلةٌ - من عثمان خير من عليّ الدهر كله، وخرجت أم سلمة إلى المدينة وأقامت عائشة بمكة ".
كما يروي البلاذري الجزء الثالث الصفحة18 "حدثني عباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن أبي مخنف قال: حدثني أبو يوسف الانصاري: أنه سمع أهل المدينة يتحدثون ان الناس لما بايعوا عليا بالمدينة بلغ عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن الناس بايعوا لطلحة؛ فقالت: إيه ذا الإصبع لله أنت، لقد وجدوك لها محشا ، وأقبلت جذلة مسرورة حتى إذا انتهت إلى سرف) استقبلها عبيد بن مسلمة الليثي الذي يدعى ابن أم كلاب فسألته عن الخبر، قال: قتل الناس عثمان. قالت: نعم ثم صنعوا ماذا؟ قال: خيرا، حارت بهم الأمور إلى خير محار بايعوا ابن عم نبيهم عليا. فقالت: أو فعلوها؟ وددت أن هذه أطبقت على هذه إن تمت الأمور لصاحبك ".
ومن بعدها اخذ كل من يريد ان يشتم عثمان يسميه نعثلا نذكر بعض الأمثلة " حدثنا علي بن محمد، عن عبد الله بن مصعب، عن هشام ابن عروة، عن أبيه قال: خرج عثمان من داره يوم جمعة، عليه حلّة حبرة، ومعه ناس من مواليه، قد صفّر لحيته، فدخل المسجد فجذب الناس ثيابه يمينا وشمالا، وناداه بعضهم يا نعثل ، وكان حليما حييّا فلم يكلمهم حتى صعد المنبر، فشتموه فسكت حتى سكتوا، ثم قال: أيّها الناس اسمعوا وأطيعوا؛ فإنّ السامع المطيع لا حجّة عليه، والسامع العاصي لا حجة له. فناداه بعضهم: أنت السامع العاصي. وقام جهجاه بن سعد الغفاري – وكان مّن بايع تحت الشجرة - فقال: هلمّ إلى ما ندعوك إليه. قال: وما هو؟ قال: نحملك على شارف جرباء ونلحقك بجبل الدخان.لست هناك لا أمّ لك. وتناول جهجاه عصا كانت في يد عثمان ، وهي عصا رسول الله فكسرها على ركبته، ودخل عثمان داره، وصلّى بالناس يوم الجمعة سهل بن حنيف" ( بن شبة النمري : تاريخ المدينة لابن شبة ، الجزء الثالث ، الصفحة 1111 - 1112.)
"بينما أمير المؤمنين عثمان يخطب ذات يوم ، فقام رجل ، فنال منه فوذأته فاتذأ لي ، فقال رجل : لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسبّ نعثلا فإنه من شيعته ، فقلت له : لقد قلت القول العظيم في يوم القيامة في الخليفة من بعد نوح" ( ابن عساكر ، أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي (499هـ - 571 هـ) ، تاريخ مدينة دمشق، وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها ، دراسة وتحقيق: علي شيري، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، عام النشر: 1415 هـ - 1995 م ، الجزء 39 ، ص 335.)
" أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني عبد الرّحمن بن عبد العزيز عن عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد أن محمّد بن أبي بكر تَسَوّر على عثمان من دار عمرو بن حزم ومعه كنانة بن بِشْر بن عتّاب وسودان بن حُمران وعمرو بن الحَمِق فوجدوا عثمان عند امرأته نائلة وهو يقرأ في المُصْحَف سورة البقرة، فتَقَدّمهم محمّد بن أبي بكر فأخذ بلحية عثمان فقال: قد أخْزاك الله يا نَعْثَلُ، فقال عثمان: لستُ بنعثل ولكن عبدُ الله وأمير المؤمنين، فقال محمّد: ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان، فقال عثمان: يابن أخى دع عنك لحيتى فما كان أبوك لِيَقْبِضَ على ما قبضتَ عليه. فقال محمّد: ما أريد بك أشَدّ من قبضى على لحيتك، فقال عثمان: أسْتَنْصِرُ الله عليك وأستعين به. ثمّ طعن جبينه بمِشْقَصٍ في يده، ورفع كنانة بن بشر بن عتّاب مَشاقصَ كانت في يده فوجأ بها في أصل أُذُن عثمان فمضت حتَّى دخلت في حلقه، ثمّ علاه بالسيف حتى قتله" ( ابن سعد : ، الطبقات الكبير ، الجزء 3 الصفحة 70 .)
" قال : ونا جدي ، قال : قرئ على أبي عبيد ، وأنا أسمع في حديث عثمان : إنما هو بينما يخطب ذات يوم فنال رجل منه فوذأه ابن سلام ، فاتذأ له فقال له رجل : لا يمنعك مكان بن سلام أن يسبّ نعثلا فإنه من شيعته. قال ابن سلام : فقلت له القول العظيم في يوم القيامة في الخليفة من بعد نوح" ( ابن عساكر ، تاريخ مدينة دمشق الجزء 39 ، ص 335).
وعندما منعوا دفنه في مقابر المسلمين كانواينادوه بنفس الاسم يروي الطبري " وَكَانَ أَبُو كرب عاملا عَلَى بيت مال عُثْمَان- قَالَ: دفن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بين المغرب والعتمة، ولم يشهد جنازته إلا مَرْوَان بن الحكم وثلاثة من مواليه وابنته الخامسة، فناحت ابنته ورفعت صوتها تندبه، وأخذ الناس الحجارة وَقَالُوا: [نعثل نعثل!] وكادت ترجم، فَقَالُوا: الحائط الحائط، فدفن فِي حائط خارجا " .
وكل الذين قتلوه كانوا ينادونه بنعثل " ثم دخل رومان بن سودان رجل أزرق قصير محدد عداده من مراد معه حرف من حديد فاستقبله فقال: على أي ملة أنت يا نعثل؟ فقال عثمان: لست بنعثل ولكني عثمان بن عفان، وأنا على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين فقال: كذبت، وضربه بالحرف على صدغه الأيسر فقتله فخر فأدخلته نائلة بينها وبين ثيابها -وكانت جسيمة ضليعة- فألقت نفسها عليه وألقت بنت شيبة نفسها على ما بقى من جسده ودخل رجل من أهل مصر بالسيف مصلتا فقال: والله لأقطعن أنفه فعالج المرأة عنه فغلبته فكشف عنها درعها من خلفها حتى نظر إلى متنها فلما لم يصل إليه أدخل السيف بين قرطها ومنكبها فقبضت على السيف فقطع أناملها " . ( ابن كثير : عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي الدمشقي المعروف بـ (ابن كثير) (ت 774 هـ) ، البداية والنهاية ، طبع: مطبعة السعادة – القاهرة ، الطبعة: الأولى، 1348 - 1358 هـ ، الجزء السابع ، الصفحة367 .) . " فقال له أعين ابن امرأة الفرزدق : يا نعثل قد بدّلت فقال : من هذا؟ فقالوا : أعين قال : بل أنت أيها العبد ، قال : فوثب الناس إلى أعين ، قال : وجعل رجل من بني ليث يزعهم عنه حتى أدخله الدار" (.نعثل كجعفر ، اسم رجل من أهل مصر كان طويل اللحية ، فكان عثمان إذا نيل منه وعبب وشتم شبهوه بهذا الرجل ، وقيل غير ذلك.) . ابن عساكر الجزء 39 الصفحة 262 . " وانتدب له ابن أبي بكر، فلما دخل على عثمان قال له: أنت خليق؛ كان الرجل من أصحاب رسول الله ﷺ إذا ولد له ولد عقّ عنه اليوم السابع وحلق رأسه ثم حمله إلى رسول الله ليدعو له ويحنّكه، وإنّ أبا بكر حملك ليأتي بك رسول الله فملأت خرقك فاستحى أبو بكر أن يقرّبك إليه ﷺ على ذلك الحال، فردّك كما أتى بك فأنت صاحبي. فتناول لحيته وقال: يا نعثل. فقال: بئس الوضع وضعت يدك، ولو كان أبوك مكانك لأكرمني أن يضع يده مكان يدك. فأهوى بمشاقص كانت معه إلى وجهه، وهو يريد بها عينيه، فزلّت فأصابت أوداجه - وهو يتلو القرآن ومصحف في حجره - فجعل يتكفّف (١) الدم فإذا راحته منه نفحه وقال: اللهم ليس لهذا طالب .......... ( في شراسيف (٣) عثمان حتى خالط جوفه، ودخل عمرو بن الحمق، وكنانة بن بشر، وابن رومان، وعبد الرحمن بن عديس فمالوا عليه بأسيافهم حتى قتلوه. وخرج خارج إلى المسجد فأخبر بقتله، فقال قائل: ما أظنكم فعلتم، فعودوا. فعادوا - وقد حسرت نائلة بنت الفرافصة عن رأسها لتكفّهم - فاقتحموا، فقالت: يا أعداء الله، وكيف لا تدخلون عليّ وقد ركبتم الذّنب العظيم!! وتناولت سيف أحدهم فاجتذبه فقطع إصبعين من أصابعها "ابن شبه 1302 -1303 .
هذا هو خبر (نعثل ) اليهودي الذي حكم المسلمين 12 عاما وقتلته سيوف المسلمين وصرخات ام (المؤمنين )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري؟


.. أبو عبيدة: رقاب قادة الأمة الإسلامية والعربية ونخبها وعلمائه




.. الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة تتعرض لقصف إسرائيلي


.. هل يتحمل نبونائيد (آخرملك بابلي) سقوط بابل ووادي الرافدين وت




.. بنيامين نتنياهو أقر للرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن استهداف