الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صباح الخير يا أمريكا... من أتلانتا الغارقة في ديون الفساد، أحييكم
ماركوس عياد جورجى
طبيب بشرى وطالب دراسات عليا فى الفيزياء والهندسة الطبية
(Markos Georgy)
2025 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية
تنويه: " أتلانتا الغارقة " لا تشير إلى المدينة المعاصرة في ولاية جورجيا، بل هي استعارة رمزية تُحاكي أسطورة "أتلانتس" الحضارة القديمة التي غرقت، للدلالة على سقوط حضارة الحلم الأمريكي تحت وطأة الفساد والديون.
________________________________________
هنا، حيث لا تُشرق الشمس إلا على واجهات البنوك، ولا تهب الريح إلا لتبعثر فواتير الكهرباء غير المدفوعة.
هنا، في قلب الجنوب الذي كان يومًا ما مهدًا للحلم الأمريكي، لم يبقَ من الحلم سوى ديون متراكمة، وابتسامات زائفة على وجوه الساسة.
في "أتلانتا الغارقة"، المدينة التي حلمت أن تكون بوابة العالم الجديد، تتهاوى المكاتب العقارية، وتئنُّ المستشفيات من نقص التمويل، بينما تتكاثر سيارات الرفاهية أمام قصور المسؤولين.
أيها السادة، لم نعد نصغي لـ"نغمة الحرية"... بل لصدى الفساد وهو يقتحم الموازنات، ويبتلع ما تبقّى من أمل.
يتقمص الثنائي المرح، ماسك وترامب، دور القديس الذي يتتبع آثار أقدام القراصنة، ليلتقط ما سقط منهم سهواً على الطريق.
يتظاهران بالبحث عن حلول، وهما يعلمان يقينًا أن الحل لا يكمن في جمع الفتات، بل في فتح كروش القراصنة وانتزاع الذهب المفقود لسداد ديوننا واستعادة مجد أمة تتآكل.
لكن لا، لن يفعلا شيئًا من هذا.
ففي داخل كلٍّ منهما قرصان، يحتضن جزءًا من كنز أمريكا الضائع، ويتمسك به كما يتمسك الغريق بخشبة نجاة، ولو كانت مكسوّة بدماء المساكين.
في تلك البلاد الموحلة، حيث تختلط أوراق الدولار بالطين، نجد ما لا يقل عن ٦٠ مليار دولار تُنزف سنويًا من جيوب دافعي الضرائب نحو جامعات احترفت فن التهام الأموال تحت لافتة "البحث العلمي"، بينما تمارس البحث عن منافذ فساد أكثر مما تمارس أي علم.
لا يغرنكم ما تفخر به الجامعات من إنجازات، فكل ما ترونه سوف ينهار في لحظة واحدة، حين تمتنع أتلانتا عن سداد ديونها، أو حين يتوقف الدائنون عن إقراض المدينة الغارقة، خوفًا على أموالهم من أن تبتلعها الحيتان ساعة تقذفهم الأمواج على شواطئ الدول المهلهلة.
وفي النهاية، تُفاجئنا أوروبا "الاشتراكية" التي طالما سخرنا من نموذجها، بأنها تصدّر لنا ما قيمته ١٢٠ مليار دولار من الأدوية، بينما نكتفي نحن بتصدير البترول والغاز...
عذرًا، سيدي الرئيس، لقد فشلت في حلّ المشكلة، بل فشلت حتى في الاعتراف بأنك جزء منها.
سيدي الرئيس، لن تستطيع محاربة التنين الصيني، ولن تقدر على التفاهم مع أصدقائك الأوروبيين، فالشعب غارق في الفساد، والكل يتكسب منه على حساب مستقبل هذا البلد.
كل من له نفوذ لن يتخلى عنه من أجل وطن لا يعنيه مستقبله.
عليك بالشجاعة... وأن تبدأ بالجامعات.
فالمليون دولار التي اقتطعتها من المعونات المقدمة لدولة إفريقية لن تسدد ديوننا، بل ستخسرنا أصدقاءنا.
أما المليون دولار التي ستنقذها من كروش قراصنة الجامعات، فهي الخميرة التي تفيض بينبوع ماء لا ينضب.
فأنت لم تدخل المعركة، بل جلست على حافة الخندق تُصفّق لمن سرق البنادق، ثم قلت لنا: "العدو أقوى منا".
أي حلم هذا الذي نعيشه؟
حلم أمريكي؟ أم كابوس صنعته أيدينا وسوّقناه للعالم على أنه "الحرية"؟
ثم نأتي إلى السؤال الجوهري:
هل يُقدّم رؤساء الجامعات إقرارات ذمة مالية علنية، كما يفعل نواب الكونغرس؟
سؤال بسيط، لكنه كفيل بأن يُسقط ورقة التوت عن مؤسسات تتغذى على خزائن الدولة باسم "البحث"، بينما تحيط نفسها بجدران الصمت.
كيف لجامعة تلتهم أكثر من 200 مليون دولار سنويًا من أموال الشعب، أن تُحصّن نفسها ضد أي محاسبة؟
كيف تمنع موظفيها من البوح بأي شبهة فساد أو تمييز أو ظلم داخل جدرانها؟
كيف يتسنّى لها أن تنسج علاقات عامة وثيقة مع المدعي العام وأعضاء الكونغرس والقضاة؟
كيف يصبح الحكم، في قضايا الفساد الجامعي، هو ذاته من يتلقى دعوات العشاء ودرع "التكريم" على منصات قاعات المحاضرات؟
لقد تحولت الجامعة — هذا الهيكل المقدس الذي كنا نظنه ينبوعًا للمعرفة — إلى حصن منيع للفساد، وإلى ساحة صامتة تعجّ بالطمع، تلتهم الموارد كما يلتهم السراب عطش الصحراء.
لا منٌّ يفيض، ولا سلوى تُمنح.
بل أصبحت الجامعة صحراء مقحلة، تنهش كل ما هو حي، وتبتلع الأمل قبل أن يولد.
طبيب بشرى وطالب دراسات عليا فى الفيزياء والهندسة الطبية
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. كيف اندلعت الحرب في السودان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. المغرب: رصد أطفال ينامون في شوارع الرباط! • فرانس 24
.. ماذا كان الرسام فان غوغ قبل أن يصبح فنانًا؟ • فرانس 24
.. جنوب أفريقيا: زهرة -البروتيا-.. رمز وطني يهدده التغيّر المنا
.. وكالات أممية تطلق حملة لتطعيم الأطفال في ظل وقف إطلاق النار