الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الديمقراطية والوطنية في العراق – شعارات معلقة على واقع مغاير
أكرم بوتاني
2025 / 4 / 30مواضيع وابحاث سياسية

رغم تكرار الخطابات السياسية التي تمجد الديمقراطية وتتباهى بالوطنية ، يبقى واقع العراق السياسي والاجتماعي بعيداً عن هذه الشعارات ، فالكثير من العراقيين يعتبرون هذه المصطلحات مجرد مفاهيم جوفاء تتردد على افواه بعض المنتفعين والانتهازيين الذين يطلق عليهم مجازا "حيتان الفساد" .
النظام السياسي العراقي حسب الكثير من المحللين والمراقبين مرتهن لإرادة خارجية وعلى وجه الخصوص للنفوذ الايراني ، هذه التبعية ينظر اليها على انها واحدة من ابرز ادوات إضعاف السيادة الوطنية ونهب ثروات البلاد عبر فئات سياسية ارتضت لنفسها ان تكون اداةً طيعةً في ايادي اطراف اقليمية مقابل البقاء في السلطة .
قد يكون الحديث عن الديمقراطية والتوسع في تعريفاتها مملا للقارئ ،عليه لانرغب بأن يصاب القارئ العزيز بالملل ، لكن ومن الضروري جدا ان نشير الى بعدين جوهريين لمفهوم الديمقراطية:
الأول: هو ان الديمقراطية تكتب نظريا في النصوص الدستورية ويعلن عنها في البرامج السياسية ، لكنها لاتجد طريقها الى التطبيق دون وجود ثقافة مجتمعية داعمة لها ومؤمنة بها .
الثاني: ان المشاركة الشعبية الفعالة ومراقبة اداء عمل الحكومة والبرلمان هي التي تعطي الانظمة السياسية طابعها الديمقراطي الحقيقي .
هل يؤمن المجتمع العراقي حقاً بالديمقراطية؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة ، ولاضرر في تعدد وجهات النظر .
نظرياً ستكون الاجابة بنعم ، فالدستور العراقي وفي مادته الأولى ينص على ان (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة نظام الحكم فيها جمهوري نيابي"برلماني" ديمقراطي) وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق . لكن من يقرأ هذه المادة دون ان يعرف الواقع العراقي قد يظن ان البلاد واحة ديمقراطية ، اما العراقي الذي يعيش في ذلك الواقع خصوصاً شريحة المثقفين والمتعلمين يدركون التناقض الكبير بين النصوص والتطبيق ، فالواقع يؤكد على عدم وجود فعلي للسيادة ولااستقلالية في القرار الوطني ، ولاينفرد كاتب المقال بوجهة النظر هذه وإنما يتفق مع وجة النظر هذه غالبية العراقيين ، وأكاد ان اجزم بأن ابناء الطائفة الشيعية والتي تشكل الغالبية السكانية في العراق تتفق مع وجهة نظرنا ، وهم اكثر الذين يلمسون ذلك التناقض بين النصوص والتطبيق ويعيشونه يوميا ، لكنهم واقعون تحت سيطرة قوى سياسية موالية لطهران وتمتلك النفوذ المالي والعسكري لذلك لاتقع على عاهل هذه الشريحة اية مسؤولية وطنية واخلاقية ، وكثيرا ما وقفوا ضد النفوذ الايراني في العراق ، من جهة أخرى فإن بقية مكونات المجتمع العراقي لاتقل تأثرا ببنى غير ديمقراطية فالعرب السنة لايزالون يقدمون الانتماء العشائري على الانتماء الوطني ، فيما يعتمد غالبية السياسيين الكُرد على خطاب يتحدث عن الديمقراطية دون ان يترجمها واقعاً في الاقليم .
اما بخصوص الانتخابات التي يفترض ان تكون مظهراً من مظاهر الديمقراطية فقد فقدت مصداقيتها في نظر قطاع واسع من الشعب حيث تتهم بالتزوير وتعكس فيها النتائج لصالح من يملك القوة لامن يمتلك الدعم الشعبي ، اما فيما يتعلق بالوطنية فقد اصبحت هي الاخرى عرضة للإبتذال فالكثير من الأصوات التي ترفع شعار الوطن هي إما مغتربة لاتأثير لها على الساحة العراقية ، أو انها منتفعة من السلطة القائمة وبسهولة تتراجع عن مبادئها الوطنية وحب الوطن إذا ما جف نبع الامتيازات ، أما الوطنيين الحقيقيين فتراهم بين معتقل أو متواري عن الانظار يفضلون الصمت حفاظاً على حياتهم وحياة عوائلهم ، وللإنصاف نقول لايخلو العراق من الوطنيين الحقيقيين .
في الخاتمة نقول ، لايمكن للديمقراطية ان تبنى بمجرد نصوص دستورية أو شعارات وطنية وإنما بثقافة مجتمعية حية ترفض التبعية وتحاسب الفاسدين والمفسدين وتشارك فعلياً في بناء مستقبل حر مستقل .
اكرم بوتاني
دهوك
29/4/2025م
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هل تتحول المواجهة بين إيران وإسرائيل إلى حرب شاملة؟

.. قتيلان وأكثر من 80 مصابا جراء الصواريخ الإيرانية على إسرائيل

.. الطاقة الذرية الإيرانية تكشف عن تلوث داخل منشأة نطنز النووية

.. إيران تقول إنها أطلقت موجة جديدة من الصواريخ تجاه إسرائيل

.. كلمة للرئيس الفرنسي ماكرون بعد الضربة الإسرائيلية على إيران
