الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولويات الصراع

نسيب عادل حطاب

2025 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


كثير ممن يكره أيران أو يمقت سياسة نظام الولي الفقيه في طهران يكاد يطير فرحا بالحرب التي شنتها اسرائيل مستهدفة تدمير البرنامج النووي الايراني ومنع ايران من امتلاك سلاح نووي ..بعض هؤلاء ينتظر بفارغ الصبر نصرا اسرائيليا يسقط النظام الايراني ويزيله من الوجود متذرعا بالدور السيء الذي يقوم به النظام في المنطقة
كونه المحور الرئيسي في الصراع الذي عم المنطقة وساهم الى حد بعيد في وقوع المنطقه برمتها في أتون صراع ديني طائفي وأضفى مفهوما مختلفا ومتخلفا للصراع مع امريكا واسرائيل وكان عاملا مساعدا في اضعاف حركات التحرر العربية

العراقيون من هؤلاء مثلا يتوقون من خلال هذه الحرب للتخلص من سيطرة الميليشيات الطائفية المدعومة والمسلحة ايرانيا والتحرر من النفوذ الايراني والتبعية السياسية والاقتصادية والتخلص من نظام المحاصصه واللصوصية والفساد ... طبعا علينا ان لانغفل ان أخرين من عرب السنه والسلفيين والوهابيين الذين ينتظرون ويصلون لهزيمة ايران مدفوعين بنفس ديني طائفي متخلف يرى في الخطر الشيعي اولوية تسبق الخطر الصهيوني !!!على ان الامر الاكثر مدعاة للاستغراب ان ترى بعض المثقفين العرب من اليساريين والقوميين والليراليين المتنوريين المتقاطعين ايديولوجيا مع النظام الايراني يشاركون هؤلاء تطلعاتهم وانتظارهم لنصر اسرائيلي يحقق طموحهم بالقضاء على النظام الديني الايراني وازالته من الوجود. .
مايهمني هنا هو هذا الرهط الاخير من اليسارين الذين يرون في امريكا واسرائيل منقذا ومخلصا ويعتبرون هذه الحرب خطوة لصالح شعوب المنطقة ويبررون ذلك بالدور السيء لايران وتدخلها السافر في الشؤؤون الداخلية لبعض الاقطار العربية ودعمها وتسليحها لميليشيات طائفية مسلحة لها في هذه البلدان مثل العراق .سوريا . لبنان . اليمن لتكون اذرع مسلحة لها تفرض من خلالها سياستها ومواقفها على هذه البلدان منتقصه من سيادتها الوطنية

لاخلاف مع كل هؤلاء الذين يرون في النظام الايراني نظام ديكتاتوري ثيوقراطي متخلف ورجعي ومعاد لكل القوى اليسارية والوطنية في ايران وعموم المنطقة وانه يخدم في كثير من سياسته ومواقفه وسلوكياته الامبريالية الامريكية ويسهل عليها اهدافها في تمزيق النسيج الوطني والاجتماعي الداخلي للاقطار العربية و تشويه الصراع الذي تخوضه الشعوب العربية مع امريكا واسرائيل باضفاء الصبغة الدينية على هذا الصراع ولكن هل هذا كله يبرر الاصطفاف مع اسرائيل او الوقوف على مسافة واحدة من الطرفين المتحاربين .




العارف بالسياسة والمطلع على الديالكتيك يعرف جيد ان الصراع – اي صراع - محكوم بقوانينه فهي التي تحدد صيرورته وخط سيره وتطوره بناء على عوامل عديدة منهأ ...طبيعة القوى المتصارعة واهدافها... حدة التناقضات وتراكمها ..حسابات الضعف والقوة لدى الاطراف المتصارعه والظروف الخارجية المحيطة بهذا الصراع بما فيها عوامل الجغرافية ... الخ وغالبا ما يأخذ هذا الصراع في بداياته طابع الاستقرار وعدم المواجهة الى ان تتراكم التوترات وتتفاقم حدة التناقضات فينفجر الصراع بشكل دامي ويتم الاحتكام للسلاح لحسم الصراع اما بانتصار احد الاطراف واملاء شروطه على الطرف الاخر او القضاء عليه نهائيا أو
العودة الى حالة التوازن القلق بانتظار جولة مجابهة أخرى ..على ان الصراع يبقى محكوم دائما بدرجات متفاوته من التناقض ومايمكن ان نطلق عليه اولويات الصراع والتناقض ( هناك تناقضات ريئيسية واخرى ثانوية ) وهذه التناقضات متغيرة وغير ثابته فان مايبدو صراعا ثانويا الان قد يصبح صراعا رئيسيا بعد حين ... أظن ان هذه المقدمة تساعدنا للوصول الى موقف سليم من ايران اولا ومن الحرب الدائرة بين ايران والكيان الصهيون ثانيا ... فنحن في تناقض واضح وصريح مع النظام الايراني ولكن كلانا نحن وايران في تناقض وصراع رئيسي كبير مع امريكا و أسرائيل ... النظام الحاكم الذي يقود السلطة السياسية في ايران هو نظام سياسي اي بناء فوقي يمكن يمكن تغييره داخليا في مرحلة ما كما يمكن مجابهة نفوذه واطماعه عربيا لكن الحال يختلف مع اسرائيل فاسرائيل كيان مجتمعي عنصري الغائي قائم على الاحلال وسياسة الفصل العنصري بعبارة اخرى فان تنقاقضنا هنا مع المجتمع الصهيوني الاستيطاني كله وليس مع السلطة السياسية فقط ... صراعنا مع اسرائيل صراع وجود وبقاء اما صراعنا مع النظام الايراني فهو صراع نفوذ باختصار فان تناقضنا وصراعنا الرئيسي هو مع اسرائيل وامريكا وعند المواجهة مع هذا العدو المشترك تتراجع كل التناقضات الاخرى لتصبح ثانوية ويتحتم علينا الوقوف معا لمجابهة العدو المشترك
لاأدري كيف يعول المراهنين على اسرائيل وهم يرونها تقوم بهذه المجازر البشرية في غزة والضفة الغربية ...هل مثل هذا الكيان قادر على منح الحرية والحياة للاخرين.. رغم ديكتاتورية النظام الايراني وبطشه بالمعارضين والناشطين السياسين من الشعوب الايرانية المختلفه لم نره يقوم بمجازر بشرية للقوميات غير الفارسية كالعرب والاكراد وغيرهم ... ثم الم نتعلم نحن العراقيون ونتعظ من احداث وتجربة سقوط بغداد عام 2003 فقد هللنا للامريكان مستنجدين بهم للتخلص من صدام حسين فاذا بنا نكتشف ان الامريكان أسوء منه بكثير



ثمة امر اخير أود ان الفت اليه انتباه احبتي العراقيين التواقيين للتغيير والتحرر من النفوذ الايراني والمراهنين على هذا الامر من خلال انتصار اسرائيل في هذه الحرب ان نظام المحاصصه السياسي الطائفي القومي الحاكم في العراق ونفوذ الميليشيات المدعومة ايرانيا ومافيات الفساد المرتبطه بمراكز المال الاقليمي والدولي وغياب السيادة وبقاء العراق ضعيفا مستباحا كان ومايزال وراءه ارادة ورغبة امريكية واسرائيلية كجزء من متطلبات الصراع العربي – الصهيوني والصراع الامريكي - الايراني والسعي الامريكي الصهيوني المشترك للاستحواذ على ثروات دول الخليج وفقط حين تقرر امريكا رفع يدها عن هذا النظام البائس في بغداد أو ترغم عليه فان الشعب العراقي وقواه الخيرة قادر على القضاء على نفوذ هذه الميليشيات العميلة والفساد معا و هزيمة المشروع الطائفي الايراني واعادة الحياة للدولة العراقية وتحقيق استقلالها السياسي والاقتصادي وان هزيمة ايران امام اسرائل لن تحقق ماتصبو اليه شعوب المنطقة بل ستصبح المعاناة ثقيلة ويصبح النضال حينها باهض التكاليف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي