الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لن يُفلح قوم يفكرون على هذا النحو !
عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
2025 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني

بمنطق إيمان العجائز والدروشة الدينية المتفشيين في مجتمعاتنا، فإن أهل غزة "ملعونين والدين"، وبالتالي، يستحقون ما يجري لهم. من هنا نفهم ظهور "شوالات تخلف" ناطقة على الفضائيات، في دول عربية عدة، يقولون في حركة حماس ما لم يقل مكتب مجرم الحرب النتن.
"الله لنا وحدنا"، بحسب هذا المنطق البائس البئيس ذي الأصل الوهابي، والسماء يفترض أن تهب لنجدتنا "بجنود لا أحد يراها". وبما أن هذا لم يحدث، إذن "نحن ابتعدنا عن الدين ونستحق عقوبة السماء".
نكاد نجزم أن أجهزة استخبارية، تتوفر على إمكانات هائلة، عملت منذ زمن بعيد على زرع هذه الأوهام وبذور هذا التفكير الغيبي المأساوي في رؤوسنا. أما الهدف المتغيَّا، فلا نظنه محط جدل أو خلاف، أو هكذا نفترض. فلا بد من تغييب العقل والركون إلى الأساطير والخرافات لتبرير تخلفنا وضعفنا وهواننا بين الأمم، بغضب السماء علينا، لأننا ابتعدنا عن الدين، وكأن الدول القوية المتقدمة غارقة في التبتل والعبادات على مدار الساعة!!!
ولا بد أيضًا من توظيف الهوس الديني، لصرف الأنظار عن تواطؤ المتواطئين مع العدو وحصر المسؤولية في دائرة الكفر والإيمان.
على المستوى العربي الأعم، نستحضر حشود أميركا لإخراج العراق من الكويت. حينها أكد لي شخصيا معارف كانوا في الكويت، الاستخدام الواسع هناك للآية(سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين). هذا يعني أن أميركا لم تحشد لاستغلال ما حدث لتدمير العراق أولًا كدولة عربية رئيسة، والسيطرة على منابع النفط، وإلحاق هزيمة مدوية بالعرب لصالح عدوهم التاريخي، بل السماء سخرت أميركا لضرب العراق وإخراجه من الكويت. هنا، في هذا التفكير الرجعي المتخلف يثوي معنى خبيء أيضًا، مفاده أن العراق من أهل الكفر والكويت طاهرة مُطهرة سائرة على طريق الإيمان وأهل الحق!
في الجانب الآخر، انتشرت شائعات ظهور صور صدام حسين على القمر. وتفشت مزاعم نقلًا عن سائقي شاحنات قدموا من دول خليجية أن بعضهم صدف وتكلم إلى رجال طوال القامات أشداء يرتدون اللباس الأبيض(لماذا الأبيض تحديدًا؟!!!) تبين أنهم ملائكة أرسلتهم السماء لنصرة العراق ضد معسكر الكفر والضلال!!!
هل اتعظ الغارقون منا، وما أكثرهم للأسى والأسف، في التفكير الغيبي المستمد من إيمان العجائز ذي الأصل الوهابي؟!
الإجابة بلا تردد، لا النافية
الدليل، ما نقرأ في وسائل الإعلام المحلية والعربية وفي وسائل التواصل الاجتماعي من آراء ينز من حروفها التشفي بإيران وانتظار تدميرها على أيدي الصهاينة والأميركان.
الأسباب معروفة طبعًا، أولها ثنائية سنة- شيعة ذات الأصل العشائري القروسطي. وثانيها، وأخطرها منبعث من حسابات سياسية في مقدمها الإلتزام بشروط "صداقة" الصهيوأميركي و"التحالف معه"، لحماية كراسي الحكم وتوريثها.
مقصود القول، أمة تتفشى في أوساطها أنماط تفكير كالتي أضأنا عليها فوق، وتتصرف أنظمتها بناء على حسابات كراسي الحكم، هي بلا أدنى شك غير مؤهلة إلا لإنتاج الهزائم.
لن يفلح قوم هذا حالهم !
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي